الأول
(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
عن عبد الله بن عَبَّاس رضي الله عنهما قال: أقبلْتُ راكبا على حِمار أَتَانٍ، وأنا يومئذ قد نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ، ورسول الله ﷺ يصلِّي بالناس بِمِنًى إلى غير جِدار، مررتُ بين يدي بعض الصفّ، فنزلت، فأرسلتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، ودخلتُ في الصفّ، فلم يُنْكِرْ ذلك عليَّ أحد.
[صحيح.] - [متفق عليه.]
أخبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه لما كان مع النبي ﷺ في مِنى في حجة الوداع، أقبل راكباً على أَتَان -حمار أنثى- فمرّ على بعض الصف، والنبي ﷺ يصلى بأصحابه ليس بين يديه جِدار، فنزل عن الأَتَان وتركها ترعى، ودخل هو في الصف. وأخبر -رضى الله عنه- أنه في ذلك الوقت قد قارب البلوغ، يعنى في السن التي ينكر عليه فيها لو كان قد أتى مُنكراً يفسد على المصلين صلاتهم، ومع هذا فلم ينكر عليه أحد، لا النبي ﷺ، ولا أحد من أصحابه.
أقبلتُ | أي من مكان رحله إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. |
الأَتَان | أنثى الحمير، وهى نعت للحمار. |
نَاهَزْتُ | قاربت. |
الاحْتِلامَ | أي سن الاحتلام، وهو الخامسة عشر تقريبا والمراد بهذه الجملة بيان أنه أهل للإنكار لو أخطأ. |
مِنى | اسم مكان من مشاعر الحج. |
إلى غير جِدار | إلى غير سُتْرة، وقيل إلى سُتْرة غير جِدار. |
بين يدي بعض الصفّ | أمامه قريبا منه، والمراد به الصفّ الأول. |
تَرْتَعُ | ترعى وتأكل ما شاءت. |
فلم يُنْكِرْ ذلك | أي مروري بين يدي بعض الصفّ، وإرسالي الأتان. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".