الجميل
كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...
عائشة رضي الله عنها قالت: «فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رسولِ الله ﷺ، ثم أَشْعَرْتُها وَقَلَّدَهَا -أو قَلَّدْتُها-، ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة، فما حَرُمَ عليه شيءٌ كان له حِلًّا».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
كان النبي ﷺ يعظم البيت العتيق ويقدسه، فكان إذا لم يصل إليه بنفسه بعث إليه الهدي؛ تعظيما له، وتوسعة على جيرانه، وكان إذا بعث الهدي أشعرها وقلدها؛ ليعلم الناس أنها هدي إلى البيت الحرام؛ فيحترموها، ولا يتعرضوا لها بسوء، فذكرت عائشة رضي الله عنها -تأكيدا للخبر-: أنها كانت تفتل قلائدها. وكان إذا بعث بها -وهو مقيم في المدينة- لا يجتنب الأشياء التي يجتنبها المحرم من النساء، والطيب، ولبس المخيط ونحو ذلك، بل يبقى محلا لنفسه كل شيء كان حلالا له.
فَتَلتُ | لويت. |
قَلائِد | جمع قلادة، وهي: ما يحاط به العنق، والمراد هنا: قلائد الهدي، وتوضع على خلاف العادة، وكانوا يجعلونها من القِرب، والنِّعال، وخيوط الصوف؛ ليعلم أنها هدي فتحترم. |
أَشْعَرْتُهَا | الإشعار لغة: الإعلام، والمراد وضع علامة على ما يهدى إلى البيت من بهيمة الأنعام، فتعلم، وذلك بإزالة شعر أحد جانبي سنام البدنة أو البقرة، وكشطه حتى يسيل منه الدم؛ ليَعلَم الناس أنها مهداة إلى البيت؛ فلا يتعرضوا لها. |
بعث بها | أرسل بها. |
إلى البيت | الكعبة. |
حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ | أي من محظورات الإحرام. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".