المبين
كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إِنَّ الله -تَعَالى- يَغَارُ، وغَيرَةُ الله -تَعَالَى-، أَنْ يَأْتِيَ المَرء ما حرَّم الله عليه».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
جاء الحديث ليبين أن الله يغار على محارمه، يبغض ويكره انتهاك حدوده، ومن ذلك فاحشة الزنا، فهو طريق سافل سيِّئ، ومِن ثَمَّ حرَّم الله على عباده الزنا وجميع وسائله، فإذا زنى العبد، فإنَّ الله يغار غيرة أشد وأعظم من غيرته على ما دونه من المحارم، وكذلك أيضا اللِّوَاط، وهو إتيان الذَكَر، فإِنَّ هذا أعظم وأعظم؛ ولهذا جعله الله تعالى أشدَّ في الفُحش من الزنا. وكذلك أيضا السرقة وشرب الخمر وكل المحارم يغار الله منها، لكن بعض المحارم تكون أشد غيرة من بعض، حسب الجُرم، وحسب المضَّار التي تترتَّب على ذلك.
الغيرة | الأنفة هذا في اللغة، وأما في حق الله فهي صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ تليق بجلاله وعظمته، لا تشبه غَيْرَةَ المخلوق، ومن لازمها كراهيته سبحانه للشيء وبغضه. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".