المحيط
كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «ما من نبي بعثه الله في أُمَّةٍ قبلي إلا كان له من أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وأَصْحَابٌ يأخذون بسُنته ويَقْتَدُونَ بأَمره، ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم خُلُوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يُؤْمَرُونَ، فمن جَاهَدَهُمْ بيده فهو مؤمن، ومن جَاهَدَهُمْ بقلبه فهو مؤمن، ومن جَاهَدَهُمْ بلسانه فهو مؤمن، وليس وَرَاءَ ذلك من الإيمان حَبّةُ خَرْدَلٍ».
[صحيح.] - [رواه مسلم.]
ما من نبي بعثه الله -تعالى- في أمة قبل النبي ﷺ إلا كان له من أمته خلصاء وأصفياء يصلحون للخلافة بعده، وأصحاب يأخذون بطريقه وشريعته، ويتأسون بأمره، ثم إنها تحدث من بعدهم خُلُوف يتشبعون بما لم يعطوا أي يظهرون أنهم بصفة من الصفات الحميدة وليسوا كذلك، ويفعلون خلاف المأمور به من المنكرات التي لم يأت بها الشرع، فمن جاهدهم بيده؛ إذا توقف إزالة المنكر عليه ولم يترتب عليه مفسدة أقوى منه فهو كامل الإيمان، ومن جاهدهم بلسانه بأن أنكر به واستعان بمن يدفعه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه، واستعان على إزالته بالله -سبحانه- فهو مؤمن، وليس وراء كراهة المنكر بالقلب من الإيمان شيء.
حَوَارِيُّون | هم أصحاب الأنبياء وأصفياؤهم. |
تَخْلُفُ | تحدث. |
خُلُوفٌ | جمع خَلْف، بسكون اللام، وهو الخالف بشَرٍّ، أما الخلَف بفتحتين فهو الخالف بخير. |
حَبَّةُ خَرْدلٍ | أي زِنَة حبَّة الخردل، وهو نبات بري يساوي وزن حبته سدس وزن حبة الشعير، والمراد: ليس وراء ذلك من الإيمان شيء. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".