القريب
كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...
عن عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله ﷺ بعث رجلا على سَرِيَّةٍ فكان يَقْرَأ لأصحابه في صلاتهم، فَيَخْتِمُ بـ«قل هو الله أحد» فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فقال: سَلُوهُ لأَيِّ شيء صَنَع ذلك؟ فسألُوه، فقال: لِأنَّها صِفَةُ الرحمن عز وجل، فأنا أُحِب أَنْ أَقْرَأ بها، فقال رسول الله ﷺ: أَخْبِرُوه: أنَّ الله -تعالى- يُحِبُّه».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
أمَّرَ النبي ﷺ بعض أصحابه على سَرِيَّة؛ لتدبيرهم والحكم بينهم، وحتى لا تكون الأمور فوضى، ويختار أقومهم دينًا وعلمًا وتدبيرًا، ولذا كان الأمراء هم الأئمة في الصلاة والمفتون؛ لفضل علمهم ودينهم، فكان يقرأ "قل هو الله أحد" في الركعة الثانية من كل صلاة؛ لمحبته لله وأسمائه وصفاته، ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره. فلمَّا رجعوا من غزوتهم إلى النبي ﷺ، ذكروا له ذلك، فقال: سلُوه لأيِّ شيء يصنع ذلك، أهو لمحض المصادفة أم لشيء من الدواعي؟ فقال الأمير: صنعت ذلك لاشتمالها على صفة الرحمن عز وجل، فأنا أحب تكريرها لذلك. فقال رسول الله ﷺ: أخبروه، أنه كما كرر هذه السورة لمحبته لها؛ وهذا لما تضمنته من صفات الله العظيمة التي دلت عليها أسماؤه المذكورة فيها: فإن الله يحبه.
بعث رجلًا | أرسله أميرًا. |
سرية | من السرى أي المشي بالليل، وهي القطعة من الجيش يرسلها القائد، أقلها خمسة رجال وأكثرها أربعمائة؛ سُميت بذلك لأنَّ غالب سيرهم يكون بالليل؛ للإرفاق بهم أو بقصد التخفي لقلتهم؛ إلا أنَّ أهل المغازي يجعلون وجود النبي -صلى الله عليه وسلم- هو المُميِّز للسرية عن الغزوة. |
فيختم بـ«قل هو الله أحد» | ينهي القراءة بقراءة سورة (قل هو الله أحد)، إما في قراءة كل ركعة، وإما في قراءة الركعة الأخيرة. |
يصنع ذلك | ينهي بقراءة سورة (قل هو الله أحد). |
لأنها | أي السورة. |
صفة الرحمن | تحتوي على صفة الرحمن -سبحانه وتعالى- بما فيها من الأسماء الدالة على الصفات، وليس فيها ذكر لغير صفات الله -عز وجل-. |
يحبه | المحبة في اللغة الوداد, ومحبة الله للعبد صفة من صفاته تحمل على ما تقتضيه في اللغة من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تأويل ولا تعطيل. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".