البارئ
(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...
العربية
المؤلف | صالح بن فوزان الفوزان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أركان الإيمان - الحياة الآخرة |
إن الله أخبر عن قرب هذا اليوم ليستعد له العباد، قال تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ) بل إن هناك قيامة قريبة لكل شخص بخاصته وهي الموت، فالموت هو القيامة الصغرى وهو أقرب إلى أحدنا من شراك نعله (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) وحين يجيء الموت لا يستطيع الإنسان أن يتخلص منه ولا يستطيع أن يغير من عمله إذا كان غير صالح ولا أن يزيد فيه إذا كان صالحاً
الحمد لله رب العالمين، خلق الجن والإنس لعبادته، وأمرهم بتوحيده وطاعته، وأخبرهم أن لهم موعداً يجتمعون فيه عنده لمجازاتهم الظاهرة والباطنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً. وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس اتقوا الله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
عباد الله: إن الإيمان بالبعث والنشور، وقيام الناس من القبور هو أحد أركان الإيمان الستة، وقد تكرر ذكر ذلك اليوم في القرآن الكريم، وعلى لسان النبي صلى الله عليه وسلم تحذيراً لنا وإنذاراً، ولنستعد لذلك اليوم بالأعمال الصالحة لأنه لا نجاة من أخطار ذلك اليوم إلا بالأعمال الصالحة (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
لقد توعد الله المكذبين بهذا اليوم العظيم فقال تعالى: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) وقال تعالى: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ) وأخبر أنهم سيدركون خطأهم ويندمون حين لا ينفعهم الندم فقال تعالى: (فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)
وأخبر سبحانه أن من نسي هذا اليوم ولم يستعد له سيلقى العذاب الشديد فقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) وقال تعالى: (فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
ولقد سمى الله هذا اليوم بأسماء كثيرة مروعة فسماه يوم القيامة ليقام الناس من قبورهم، ووقوفهم على أقدامهم في المحشر، وسماه بيوم الدين، والدين هو الجزاء والحساب، لأن الناس يحاسبون ويجازون بأعمالهم في هذا اليوم وسماه بيوم الحساب، لأن الناس يحاسبون ويجازون بأعمالهم في هذا اليوم وسماه بيوم الحساب، وسماه باليوم الآخر –لأنه يأتي بعد الدنيا ويستمر- أهل الجنة يخلدون في الجنة وأهل النار يخلدون في النار فيقال: (يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت) وسمى سبحانه قيام الساعة بأسماء مروعة، فسماه الحاقة والقارعة والطامة الكبرى والصاخة والنبأ العظيم والفزع الأكبر، وذلك لشدة هوله كما صوره في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ).
لقد تجرأ بعض البشر فأنكروا هذا اليوم واستبعدوه ونفوا قدرة الله على إحياء الموتى بعد أن صاروا تراباً وعظاماً نخرة، فرد الله تعالى عليهم وأقام البراهين القاطعة على وقوع ذلك –منها: أن الذي خلقهم أول مرة وأنشأهم من العدم قادر من باب أولى على إعادتهم: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
ومنها قيام دليل حسي يشاهدونه بأعينهم وهو إحياء الأرض بالنبات الأخضر بعد موتها وجدتها،(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
ومنها تنزيه الله عن العبث؛ لأنه لو لم يكن هناك بعث ليجازي فيه المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته فتظهر نتائج الأعمال التي قدمت في دار الدنيا لكان خلق الناس عبثاً ليس له نتيجة والله منزه عن العبث، قال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ).
ومنها تنزيه الله عن الظلم واتصافه بالعدل، وهذا يقتضي أن يجازي كل عاقل بعمله ولا يستوي بين المؤمن والفاسق ولا يكون هذا إلا بالبعث والحساب، قال تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)
لذلك نرى كثيراً من المفسدين يموتون ولا يجازون بصلاحهم، لأن هناك يوماً ينتظر الجميع (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ).
عباد الله: إن الله أخبر عن قرب هذا اليوم ليستعد له العباد، قال تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ) بل إن هناك قيامة قريبة لكل شخص بخاصته وهي الموت، فالموت هو القيامة الصغرى وهو أقرب إلى أحدنا من شراك نعله (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) وحين يجيء الموت لا يستطيع الإنسان أن يتخلص منه ولا يستطيع أن يغير من عمله إذا كان غير صالح ولا أن يزيد فيه إذا كان صالحاً.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) الآيات من آخر سورة المنافقون.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.