البحث

عبارات مقترحة:

الحق

كلمة (الحَقِّ) في اللغة تعني: الشيءَ الموجود حقيقةً.و(الحَقُّ)...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

الهموم والغموم ووسائل دفعها

العربية

المؤلف حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. لا تدوم الدنيا على حال .
  2. تنوع الابتلاء بالعافية والبلاء .
  3. من أعظم أسباب الفرَج .
  4. صمامُ الأمان عند الكُروب والمصائِب .
  5. السبل الشرعية لكشف الغمة والنجاة من الفتن. .

اقتباس

تمرُّ أمَّتُكم بكُروبٍ شديدة، ومصائِب عظيمة، ألا وإنه لا كاشِفَ لها ولا دافِع، مهما ظنَّ الخلقُ غيرَ ذلك، لا كاشِفَ إلا الرجوعُ إلى الصراط المُستقيم، وإصلاحُ الوضع بالإسلام وتعاليمِه، إصلاحُ حياة المُسلمين، إصلاحُ مُجتمعات المُسلمين بما يرجُونَه ويصبُونَ إليه، الإسلامُ وهديُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فإذا لم تُعالِجِ الأمةُ وضعَها المُزرِيَ من مُنطلَق أًصُولِها على ضوء هديِ دُستورِها. فمتى الرُّجوع والإصلاحُ يا تُرى؟! فأحدِثُوا - يا أمة الإسلام - توبةً ومُراجعةً صادقةً تنسِفُون بها بكل صدقٍ كلَّ المُخالفات العقائِديَّة، التي تُزاوَلُ في حياتِكم. طهِّرُوا واقِعَكم من كل ما لا يتَّفِقُ مع شرعِ ربِّكم، استَجيبُوا لربِّكم فيما يُنادِيكم به...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي إليه وحده المفزَعُ عند الشدائِد والمُلِمَّات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بيده مقاليدُ الأرض والسماوات، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه أفضلُ المخلوقات، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه إلى يوم الممات.

أما بعد .. فيا أيها المسلمون: أُوصِيكم ونفسي بتقوى الله - جل وعلا -؛ فبتقواه يجعلُ الله لكم من كل ضيقٍ مخرجًا، ومن كل همٍّ فرَجًا.

أيها المسلمون:

يمرُّ الأفرادُ بكروبٍ وهموم، وتنزلُ بالأمة مِحنٌ وغُموم، وهكذا هي الحياةُ الدنيا تمتزِجُ بالشدَّة والرخاء، والسرَّاء والضرَّاء، ولكن من الحقائِق اليقينية: أن المُسلم في كل أحواله عل خيرٍ عظيمٍ وأجرٍ جَسيم، يقولُ ربُّنا - جل وعلا -: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155- 157].

ويقولُ سيِّدنا ونبيُّنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - مُسلِّيًا لأمَّته: «عجَبًا لأمر المُؤمن، إن أمرَه كلَّه خير، وليس لأحدٍ إلا للمُؤمن، إن أصابتْه سرَّاءُ شكَرَ فكان خيرًا له، وإن أصابَته ضرَّاءُ صبرَ فكان خيرًا له» (رواه مسلم).

وإن من الأُصول الإيمانية، والحقائق القرنية، والبشائِر النبوية: أن العاقبةَ الحسنةَ لأهل الإيمان، لأهل التوحيد والطاعة والإحسان، يقولُ ربُّنا - جل وعلا -: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح: 5، 6].

ولن يغلِبَ عُسرٌ يُسرَين، وما من عبدٍ مُوحِّدٍ يُصيبُه همٌّ إلا أعقبَه الله بفرَجٍ وتخفيفٍ، وتدارَكَه برحمته بصُنعٍ جليلٍ لطيف، يقول - جل وعلا -: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 87، 88].

فيا أيها المؤمن:

اعلَم أن بعد الضيقِ تيسير، وأن بعد الكرْبِ فرَج، فرسولُنا - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطِقُ عن الهوى يقول: «واعلَم أن النصرَ مع الصبر، وأن الفرَجَ مع الكرْبِ، وأن مع العُسر يُسرًا».

وقال عُمرُ الفاروقُ - رضي الله عنه -: "مهما ينزلُ بامرئٍ من شدَّة يجعلُ الله بعدها فرَجًا، وإنه لن يغلِبَ عُسرٌ يُسرَين".

بل هي عقيدةٌ راسِخةٌ عند المُؤمنين المُتوكِّلين، المُنقطِعين إلى ربِّهم، المُنكَسِرين الخاضِعين لخالقِهم.

في الحديث: «اسأَلوا اللهَ من فضلِه؛ فإن الله يحبُّ أن يُسأل، وأفضلُ العبادة انتظارُ الفرَجِ من الله» (رواه الترمذي).

وبهذا المنهج زاوَلَ تلاميذُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، صحابتُه - رضي الله عنهم -، زاوَلوا هذه الحياةَ الدنيا بمنطلقٍ من هذا المنهَج.

وإن أعظمَ أسباب الفرَج، وأمتَنَ مُقوِّمات اليُسر: اللُّجوءُ إلى الله - سبحانه - بالتوبة النَّصُوح، والرُّجوع الصادقِ إليه - سبحانه - بالتضرُّع والتذلُّل، والطاعة والتقرُّب.

يقولُ ربُّنا - جل وعلا -: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) [الأعراف: 94].

فالإقبالُ على الله - جل وعلا - وعلى مرضاتِه وتحقيق طاعته، والبُعد عن مساخِطه ومناهِيه، هو الأساسُ المَكين للخُروج من الأزمات والخلاصُ من الشدائِد في هذه الحياة الدنيا وبعد الممات.

يقول ربُّنا - جل وعلا -: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) [الطلاق: 2]، ويقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق: 4].

فعلى الأفراد والجماعات، على الأمة الإسلامية جميعًا أن يُحسِنوا الظنَّ بربِّهم في السرَّاء والضرَّاء، وعند المصائِب والبلواء؛ فمن فرَّ إليه واه، ومن التجَأَ إليه واستجارَ به أجارَه، وكشفَ ضرَّه وبلوَاه.

قال بعضُ الصالحين: "استعمِل في كل بلِيَّةٍ تطرُقُك حُسن الظنِّ بالله - عز وجل - في كشفِها، فإن ذلك أقربُ بك إلى الفرَج".

فصمامُ الأمان عند الكُروب والمصائِب، وحبلُ النجاة عند المخاوِف والخُطوب ليس هو الشأنُ البشريُّ فيما يقومون به من أسباب؛ بل هو تحقيقُ التعبُّد لله - جل وعلا -، والتمسُّك بالعقيدة الصحيحة وحقائِقِها، وبالوحيَيْن وتوجيهِهما، فمن سُنَّة الله أنه يسُوقُ للعباد الشدائِدَ لتحمِلَهم عل التوبة والإنابة، (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) [التوبة: 118].

يقول ابنُ عباسٍ - رضي الله عنهما - في تأويلِ قوله تعال: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [السجدة: 21].

قال: "العذابُ الأدنى: مصائِبُ الدنيا وأسقامُها، وفاتُها وما يحلُّ بأهلها مما يبتلِي الله به عبادَه ليتُوبوا إليه".

ولو أنَّنا نقرأُ كتابَ ربِّنا كما كان صحابةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤونَه، لجعلَ الله في حياتنا عجائِب.

فيا أهل الإسلام:

تمرُّ أمَّتُكم بكُروبٍ شديدة، ومصائِب عظيمة، ألا وإنه لا كاشِفَ لها ولا دافِع، مهما ظنَّ الخلقُ غيرَ ذلك، لا كاشِفَ إلا الرجوعُ إلى الصراط المُستقيم، وإصلاحُ الوضع بالإسلام وتعاليمِه، إصلاحُ حياة المُسلمين، إصلاحُ مُجتمعات المُسلمين بما يرجُونَه ويصبُونَ إليه، الإسلامُ وهديُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.

قال - جل وعلا -: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف: 168].

فإذا لم تُعالِجِ الأمةُ وضعَها المُزرِيَ من مُنطلَق أًصُولِها على ضوء هديِ دُستورِها. فمتى الرُّجوع والإصلاحُ يا تُرى؟!

فأحدِثُوا - يا أمة الإسلام - توبةً ومُراجعةً صادقةً تنسِفُون بها بكل صدقٍ كلَّ المُخالفات العقائِديَّة، التي تُزاوَلُ في حياتِكم.

طهِّرُوا واقِعَكم من كل ما لا يتَّفِقُ مع شرعِ ربِّكم، استَجيبُوا لربِّكم فيما يُنادِيكم به، (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) [الحديد: 16].

ومتى حقَّق المُسلمون ذلك على مُستوى حُكَّامهم ومحكُوميهم، وعلى شتَّى مناحِي حياتهم، تبدَّلَت أحوالُهم رخاءً وعزًّا وصلاحًا.

لما عايَنَ قومُ يُونس أسبابَ العذابِ تُحيطُ بهم، عندها جأَرُوا إلى الله واستغاثُوا به، وتضرَّعوا واستكانُوا إليه، فقال الله فيهم: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) [يونس: 98].

فيا معاشر المُسلمين:

يعيشُ المُسلمون في كثيرٍ من البُلدان التي لا تخفَ عليكم، يعيشُون في شدَّةٍ وكربٍ من العيش، يُقاسُون ويلاتٍ من المصائِب والإِحَن، ولا مخرَج للمُسلمين جميعًا وهم تُنذُِر بهم أسبابُ الخطر، لا مخرجَ لهم ولا مدفَع إلا بالخُضوع إلى الله وحدَه، والانقِياد لأمره، والإنابةِ الصادقةِ إلى دينِه، (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) [المؤمنون: 76].

يقول ابنُ دقيق العيد مُعلِّقًا على أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء والتكبير والصلاةِ والصدقةِ عند الكُسوف: "الحديثُ دليلٌ على استِحباب الصدقةِ عند المخاوِفِ لاستِدفاع البلاءِ والمحذُور".

كان - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبَهُ أمرٌ فزِعَ إلى الصلاة، قال الله - جل وعلا -: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) [البقرة: 45].

وهي سُنَّةٌ لا تتبدَّلُ، ووعدٌ لا يتخلَّف من القوي القادر، اقتِرانُ الفرَجِ بالكَربِ، إذا اشتدَّ وعظُمَ وتناهَى، متى أحدثَ العبادُ تعلُّقًا بالله - جل وعلا -، وانقِطاعًا وتضرُّعًا إليه، والوقائِعُ في حياة المُسلمين قديمًا وحديثًا على مُستوى الأفراد والمُجتمعات والدُّول أشهرُ من أن تُحصَر، وأعظمُ من أن تُحصَى، (قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) [الأنعام: 64].

إخوة الإسلام:

إن من أعظم ما يُزيلُ الهمَّ، ويُفرِّجُ الكربَ: لُزومُ ذكر الله - جل وعلا - بلسانٍ يُواطِئُه القلبُ، (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 97- 99]، (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].

أعظمُ الذكرِ: تلاوةُ كتاب الله - جل وعلا - بتدبُّرٍ وتمعُّنٍ وتعقُّل، وإن مما يجلِبُ الخيرات ويدفعُ البلِيَّات: كثرةُ الاستِغفار بلسانِ المقال ولسانِ الحال، والآياتُ والأحاديثُ في هذا المعنى كثيرة، (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال: 33].

ومن لزِمَ الصلاةَ والسلامَ عل النبي المُختار - عليه أفضلُ الصلاة والتسليم -، جعلَ الله له من كل همٍّ فرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا، وفتحَ عليه من الخيرات ما لم يكُن عل بالٍ، فكيف إذا لزِمَ سُنَّته وهديَه وسيرتَه؟!

يا من وقعَ في غمٍّ وكربٍ، وأصابَه عظيمُ الخَطْب! تضرَّع إلى ربِّك، استسلِم وانقطِع إليه، وفوِّضِ الأمرَ إليه - سبحانه -، فهو الذي يُحوِّلُ الحالَ، بيدِه أزِمَّةُ الأمور، وهو القويُّ الكبيرُ المُتعال، وهو الذي يجعلُ العدوَّ صديقًا، والصديقَ عدوًّا، ويجعلُ الرخاءَ سخاءً، ويجعلُ الشدَّة رخاءً.

في "الصحيحين": عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عبدَ الله! ألا أدلُّك عل كنزٍ من كُنوز الجنة؟». فقلتُ: بلى يا رسول الله، قال: «قُل: لا حولَ ولا قوة إلا بالله، فإنها من كُنوز الجنة»؛ متفق عليه.

قال شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "هذه الكلمة بها تُحملُ الأثقال، وتُكابَدُ الأهوال، ويُنالُ رفيعُ الأحوال".

ويقول تلميذُه ابن القيم - رحمه الله -: "هذه الكلمةُ لها تأثيرٌ عجيبٌ في مُعاناة الأشغال الصعبة وتحمُّل المشاقِّ، والدخولِ عل المُلُوك، ورُكوبِ الأهوال".

فقولوها وأكثِروا من قولِها بألسِنتِكم وقلوبِكم، وصدِّقُوا ذلك بواقِع حياتِكم.

فرَّج الله همَّنا وهمومَ المُسلمين، ونفَّس الله كربَنا وكروبَ المُؤمنين.

أقول هذا القول، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المُسلمين، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أحمدُ ربي وأشكرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه.

أيها المسلمون:

أعظمُ ما يدفعُ الله به الهُموم، ويكشِفُ به الغُموم: التضرُّعُ إليه بخالِصِ الدعاء باللِّسانِ والقلبِ، مع اليقين بالاستِجابة، (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ) [الأنبياء: 83، 84].

وفي الحديث: «لا يرُدُّ القدَرَ إلا الدعاءُ» (رواه أحمد والترمذي).

فالله - جل وعلا - يقضِي بشيءٍ ويجعلُ له موانِع بأن يدعُو العبدُ فيكشِفَ عنه القدَرَ المُعلَّقَ على الدعاء.

وفي صحيح السنة أدعيةٌ خاصَّةٌ بإزالة الكربِ، ورفعِ الهمِّ، وتيسير الأمور، ندعُو بها في مقامِنا هذا، عسى الله - جل وعلا - أن يمُنَّ علينا وعليكم وعلى أمَّتنا بالاستِجابة.

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى ل محمدٍ، كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميدٌ مجيد.

لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.

اللهم اكشِف همومَنا وهمومَ المُسلمين في كل مكان، اللهم أنت حسبُنا ونعمَ الوكيل، اللهم أنت حسبُنا ونعمَ الوكيل، اللهم أنت حسبُنا ونعمَ الوكيل، اللهم أنت حسبُنا ونعمَ الوكيل على من تسلَّط علينا وعلى المُسلمين.

اللهم إنا نعوذُ بك من الهمِّ والحزَن، ومن العجز والكسل، ومن غلبَة الدَّين وقهر الرِّجال.

اللهم اكفِنا بحلالِك عن حرامِك، وبفضلِك عمَّن سِواك.

اللهم يا مالِك المُلك، تُؤتي المُلك من تشاء، وتنزِعُ المُلك ممن تشاء، وتُعزُّ من تشاء، وتُذلُّ من تشاء، أنت رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، اللهم ارحَمنا وارحَم أمة الإسلام رحمةً تُغنينا بها عمن سِواك، اللهم ارحَمنا وارحَم المُسلمين في كل مكان رحمةً تُغنينا بها عمَّن سِواك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم إنا عبيدُك، بني عبيدِك، بنُو إمائِك، نواصِينا بيدِك، ماضٍ فينا حُكمُك، عدلٌ فينا قضاؤُك، نسألُك اللهم بكل اسمٍ سمَّيتَ به نفسَك، أو أنزلتَه في كتابِك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندك، أن تجعلَ القرآن العظيمَ ربيعَ قلوبِنا، ونورَ صُدورِا، وجلاءَ أحزاننا، وذهابَ هُمومنا وغُمومنا والمُسلمين جميعًا يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم رحمتَك نرجُو، اللهم رحمتَك نرجُو، فلا تكِلنا إلى أنفُسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأنَنا كلَّه، لا إله إلا أنت.

الله ربي لا أُشرِكُ به شيئًا، الله ربي لا نُشرِكُ به شيئًا، اللهم فأعزَّ الإسلام والمُسلمين، اللهم بدِّل أحوالَ المُسلمين إلى الرخاء والصلاح، اللهم بدِّل أحوالَهم من الهمِّ إلى الفرَج، اللهم نفِّس كُرُباتهم، اللهم يسِّر أمورَهم، اللهم أنزِل عليهم الأمنَ والأمانَ يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اجمَع كلمةَ المُسلمين، اللهم اجمَع كلمةَ المُسلمين في كل مكانٍ عل الحقِّ والهُدى، اللهم اكبِت أعداءَنا وأعداءَ المُسلمين، اللهم عليك بهم، اللهم عليك بهم يا قوي يا كبير يا مُتعال، اللهم عليك بكل عدوٍّ للمُسلمين، اللهم عليك بل عدوٍّ مُتربِّصٍ بالمُسلمين يا ذا جلال والإكرام.

اللهم احفَظ بلادَنا وبلادَ المُسلمين، اللهم احفَظ بلادَنا وبلادَ المُسلمين من كل سُوءٍ ومكروه.

اللهم احفَظ خادمَ الحرمين، اللهم اجعَل له من كل همٍّ فرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا، اللهم اجمَع به كلمةَ المُسلمين، اللهم اجمَع به كلمةَ المُسلمين، اللهم أصلِح به أحوالَهم، اللهم أصلِح به أحوالَهم.

اللهم احفَظ جنودَنا في كل مكان، اللهم احفَظ جنودَنا في كل مكان، اللهم احفَظهم بحفظِك، واكلأهم برعايتِك وعنايتِك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر للمُسلمين والمُسلمات، والمُؤمنين والمُؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

اللهم آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا ورسولِنا محمدٍ.