الغفار
كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...
العربية
المؤلف | بدر بن نادر المشاري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
أتحدث هذا اليوم عن سلاح عظيم، هذا السلاح يفتك بالأسلحة النووية، والقنابل الذرية، هذا السلاح له ميزة كبيرة، أنه لا تكشفه أجهزة المخابرات، ولا يصنع في مصانع القنابل والأسلحة، إنه سلاح يستخدم في الحرب وفي السلم، وخاصة في وقت الخطوب والآلام. هذا...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم، وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أيها المسلمون المباركون، يا من تسمعون هذا الكلام:
الدار جنة عدن إن عملت بما | يرضي الإله وإن فرطت فالنار |
هما محلان ما للمرء غيرهما | فانظر لنفسك ماذا أنت تختار |
أتحدث هذا اليوم عن سلاح عظيم، هذا السلاح يفتك بالأسلحة النووية، والقنابل الذرية، هذا السلاح له ميزة كبيرة، أنه لا تكشفه أجهزة المخابرات، ولا يصنع في مصانع القنابل والأسلحة، إنه سلاح يستخدم في الحرب وفي السلم، وخاصة في وقت الخطوب والآلام.
هذا السلاح العظيم يستخدم من غير إذن، ولا يحتاج قائدًا ولا رئيسًا ولا حاكمًا ولا أميرًا، إن هذا السلاح لا يحتاج إلى تدرب عليه، إنه سلاح يستطيع عليه الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والقريب والبعيد؛ إنه سلاح: "الدعاء" الذي غفل عنه كثير من المسلمين.
هذا السلاح تحتاجه أمة الإسلام في كل زمان ومكان، وأحوج ما تحتاجه الأمة في وقت الخطوب والآلام، ونحن اليوم عالم هذه الأمة وجسد أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- جسد مثخن بالجراح والآلام، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا: أننا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
وهذا الجسد اليوم لم يتداعَى منه عضو واحد -والله المستعان-، بل أعضاء وآلام، وجراح ودماء تنزف، فلماذا لا نستخدم هذا السلاح؟
كثير منا يترقب حال سوريا وعينه تذرف دمعًا، وينظر إلى حال بورما، وقلبه يعتصر ألما، وينظر إلى حال المسلمين شرقا وغربا، ويتألم ويتحسر، وربما تساءل، وقال: ماذا عساي أن أفعل؟ وماذا عساي أن أقدم؟
فنقول له ولكل مسلم: إن الأمور كثيرة التي يستطيع أن يقدمها المسلمون، ولكن أقل أمر أن تقدم: دعوات صادقة، ولأن أعداء الإسلام أيضًا يخافون من الدعاء خوفًا مريرًا، ولذلك عتبة بن ربيعة؛ كما في الصحيح: أقبل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والرسول حول الكعبة، فأقبل على رسول الله يساومه ويفاوضه، يتصور أن الأمر بهذه السهولة: يا محمد تريد مالًا خذ ما شئت من الأموال؟ تريد زواجًا زوجناك بأجمل فتاة؟ تريد حكمًا أعطيناك ذاك؟ مجنون، مسحور، مريض عالجناك، المهم لا تدعنا إلى ما تدعو إليه.
فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم ثم نظر إليه، فقال: "يا عتبة أسمعتني ما لديك فاستمع ما لدي؟" اسمع مني الآن، ثم تلا قول الله -تعالى- من سورة فصلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (حم) حتى قوله: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) [فصلت:13].
ثم التفت صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، ورفع أكفه، يريد أن يدعو عليه، فخاف عتبة؛ لأنه يعرف تبعات هذا الدعاء، فالتفت إلى وجه رسول الله مباشرة، ووضع كفه على فم رسول الله، يريد أن يمسك فم رسول الله، ويمنعه من الدعاء، فقال: "يا محمد، ناشدتك الله والرحم ألا تدعو علي".
لأنهم يخافون من الدعاء، فتأتي الإجابة إلى أبي طالب حينما اشتكاه واشتكاه قريش: إن ابن أخيك سفه أحلامنا، شتم أجدادنا، ماذا يريد؟ ملكًا؟ ملكناه، مالًا؟ أعطيناه، المهم لا يدعنا إلى ما يدعو إليه، ولا يدعو علينا.
فقال أبو طالب لرسول الله: "يا محمد إن القوم يشتكون إلي منك" فقال: "يا عم والله لو وضعوا الشمس على يميني -على ضعف الرواية- والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر والله ما تركته".
الشمس والبدر في كفيك لو نزلت | ما أطفأت فيك ضوء النور والنار |
أنت اليتيم ولكن فيك ملحمة | يذوب في ساحها مليون جبار |
الدعاء سلاح المؤمن، يخافون من الدعاء حتى وإن حاربوا الله ورسوله، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كما في حديث ابن مسعود والحديث في الصحيحين يصلي عند الكعبة، فمر أبو جهل، فقال: "من يأتيني بسلا جازو آل فلان" أوساخ الناقة -أكرمكم الله- بعد الولادة، فقام أشقاهم عقبة بن أبي معيض وعددهم كان ستة أو سبعة: أبو جهل، وأمية، والوليد، وشيبة، وربيعة كلهم كانوا يقفون في هذا الموطن، فقال عقبة: أنا أتيكم به.
وهذا بالمناسبة ديدن من يحارب أهل الدين والحق في كل زمان ومكان، نعم تختلف الأساليب، تختلف الأدوات، لكن المراد والهدف واحد، يقول ابن مسعود: "والله كنت خلفهم -يعني أشوف المنظر- ولكن كنا في بداية الإسلام، ولا أستطيع أن أقدم شيئًا، فتقدم عقبة بن أبي معيض، ووضع سلا الجزور على رأسه صلى الله عليه وسلم وعلى ظهره، وإذا بهم يتمايلون".
يضحكون، استهزاء، استهتار، قمة البغي والظلم والاستبداد، ومع ذلك يرون أن هذا الفعل أمراً محبوبًا إلى قلوبهم، فلم يتحرك أحد، الإسلام في بدايته والدعوة في لحظات انطلاقتها، والمسلمون قلة، وإذا بفاطمة -رضي الله عنها وأرضاها- البتول، تمر حول البيت، وإذا برسول الله ساجد، وسلا الجزور على ظهره، وعلى رأسه، ويتم صلاته، لم يقطع الصلاة، ومرت فاطمة -رضي الله عنها- وأزالت الأوساخ عن ظهره ورأسه الشريفين -عليه الصلاة والسلام-.
ثم انتهى من صلاته صلى الله عليه وسلم ويمسح البواقي من سلا الجزور من على وجهه، فنظرت فاطمة إلى رسول الله، الرسول يقف أمام الكعبة، والسبعة يقفون على اليمين يضحكون على ما فعلوا، فنظرت فاطمة هناك، ونظرت إلى أبيها، فقالت: يا رسول الله.
وفي لفظ عند أحمد في المسند قالت: "يا أبي ادع على هؤلاء" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ينظر، يعلق النووي وغيره، قالوا: كانت نظرة الأب الحاني لعلهم يرجعون، لعلهم يستحون، لعلهم يتوبون، يستغفرون، لكن ديدنهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش" تقول فاطمة: فالتفت فإذا بالسبعة لا زالوا لم يتحركوا، فقالت: "يا رسول الله ادع على هؤلاء"، كأنها تقصد أن يدعو عليهم بأسمائهم.
فالتفت الرسول، وقال: "اللهم عليك بأبي جهل، اللهم عليك بعقبة، اللهم عليك بأمية بن خلف، اللهم عليك بالوليد، اللهم عليك بربيعة، اللهم عليك بشيبة" فعدهم بأسمائهم، يقول ابن مسعود: "والذي نفسي بيده لقد رأيتهم -يعني هؤلاء الذين فعلوا هذا الفعل- صرعى يوم بدر في قليب بدر" استجاب الله دعوة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
الدعاء سلاح إذا استشعرنا قيمة هذا الدعاء، وعرفنا قدر من ندعو سبحانه وتعالى، إذا تذكرنا قوله: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) [النمل: 62].
وإذا تذكرنا قول الله -عز وجل-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) [البقرة: 186].
الصحابة يسألون رسول الله عن كل أمر يشكل عليهم، فتأتي الإجابة: "قل": (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) [البقرة: 189].
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ) [البقرة: 222].
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ) [الأنفال: 1].
إلا في مسألة الدعاء: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي) لم يقل: "قل" لقربه جل في علاه بعلمه وإحاطته وإجابته: (فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186].
ويقف النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة غزوة بدر مهمومًا في أول غزوة في غزوة بين المؤمنين والكفار الانتصار فيها مهم، العدد ثلاثمائة مقابل ألف لكنه صلى الله عليه وسلم موقن أن الله -تبارك وتعالى- سيقلل العدو في أعين المؤمنين، ويكثر المؤمنين في أعين الأعداء، ومؤمن بأن الله سيستجيب له.
وقف ليلة بدر يرفع يديه: يا رب أنجز ما وعدتني، إن تهزم هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدًا"، فيقول أبو بكر: "يا رسول الله كفاك مناشدة ربك، فإن الله منجز ما وعدك".
ويأتي المدد من السماء بعد الاستغاثة والإلحاح في الدعاء: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال: 9]، فينزل جبريل وعدد من الملائكة يقاتلون في صف محمد -صلى الله عليه وسلم- استجابة لذلك الدعاء.
ولا تحتقر نفسك، فإن الله -جل وعلا- استجاب من ذلك الغلام الذي سطر الله قصته في سورة نقرأها سورة: "البروج" في قصة أصحاب الأخدود، غلام حاول الملك أن يقتله، ومع ذلك ما استطاع؛ لأنه كان يقول: "اللهم اكفنيه بما شئت" فيغرق الجنود وتأتي الريح من على الجبل فتقتلعهم، حتى قال له: "إذا قلت: بسم الله رب هذا الغلام، استجاب الله، وفعلت ما تريد" هذه الدعوات إذا خرجت من القلوب المؤمنة، أثرت ونفعت، وكان لها أثر واقع.
ولذلك نوح -عليه السلام- 950 عامًا دعوة، لكن القوم ما أمن منهم إلا قليل، ومع ذلك كان يدعوهم ليلًا ونهارًا وسرًا وجهارًا، ما ترك وسيلة، حتى لما دعاهم وأكثر عليهم جعلوا أصابعهم في آذانهم، لا يريدون سماع الحق، ونوح ينظر الأصابع في الآذان، وهو لا يريدون سماع الحق، فأخذ يشير إليهم بيده، فاستغثوا ثيابهم، وأغلقوا على أعينهم، كما أغلقت قلوبهم.
ثم لما وصل الأمر ما وصل إليه، دعا ربه: (رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا) [نوح: 26 - 27].
ثم التفت إلى ربه ودعا بدعوة صادقة: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) [القمر:10].
فجاءت "الفاء" للتابع، وسرعة الإجابة، قال الله -جل وعلا-: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ) [القمر:11 - 14].
هذه الدعوات إذا خرجت من القلوب الصادقة حققها الله -جل وعلا-، واستجابها، والسنة والتاريخ مليء بالشواهد الكثيرة التي تثبت أن الله -تبارك وتعالى- قريب من عباده، سميع مجيب من أوليائه؛ فإني أناشدكم الله، وأدعو المسلمين في كل مكان: يا أهل الأسرار يا من بينكم وبين الله أسرار، يا أصحاب قيام الليل، أيها الصائمون، أيها الحفاظ والمتصدقون، أيها المؤمنون الأخيار الأتقياء: ارفعوا أكفكم، وادعوا رب الأرض والسماء، فإن الله سميع قريب مجيب، فإن الله -جل وعلا- يحب الداعيين اللحاحين، واقرعوا باب سمائه، ما فتحت أبواب السماء بمثل مفاتيح الدعاء، ألحوا على الله، قولوا: يا الله، يا حي، يا قيوم، يا سميع الدعاء، يا كريم العطاء، يا من يستحي من عبده إذا رفع أكفه إلى السماء أن يردهما صفرًا خائبتين.
ألحوا على الله، فإن لكم إخوان يعانون من اللأواء والشدة والبلاء، انتهكت الأعراض، وقتل الأطفال، وهدمت المساجد، وشرد الملايين، أما رأيتم عجوزًا تبكي؟ أما رأيتم فتاة تجر لتغتصب؟ أما رأيتم طفلًا يناشدكم لقمة الجوع؟
يا الله! إننا ندعوك فلا تردنا خائبين، اللهم استجب دعاء الداعين، واستجب يا ربنا دعاء كل من دعا من المسلمين، يا ذا الجلال والإكرام.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه.
أيها المسلمون -أيها المؤمنون-: أليس منا من له حاجة؟ أليس من بيننا من أرهقته الديون؟ أليس فينا المغموم والمهموم؟ أليس منا من له قريب مسجون؟ أليس من بيننا مرضى على الأسرة طرحى؟ ألسنا أصحاب حاجات؟ ألسنا الضعفاء والله هو القوي؟ ألسنا المساكين والله هو الغني؟ ألسنا الذين نحتاج دائمًا وأبداً إلى أن نرفع أكفنا إلى الله؟
نحن كلنا فقراء له: "يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك في ملكي شَيْئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقص ذلك من ملكي شَيْئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، سأل كل واحد مسألته، وأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكي شَيْئًا إلا كما ينقص المخيط إذا أخرج من البحر".
لا إله إلا الله، اللهم يا غني، اللهم يا قوي، اللهم يا رحمن، اللهم يا رحيم، اللهم يا ملك، اللهم يا قدوس، اللهم يا سلام، اللهم يا مؤمن، اللهم يا عزيز، اللهم يا جبار يا أول ويا آخر، ويا ظاهر يا باطن، يا سميع الدعاء، يا بصير، اللهم انزل رحمتك على المسلمين المستضعفين، إلهنا ضاقت بهم السبل، وانقطعت بهم الحبال، فليس لهم ناصر إلا أنت، اللهم انصر المستضعفين في كل مكان.