المقيت
كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...
العربية
المؤلف | إبراهيم بن محمد الحقيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب |
وفي حديث عظيم نحتاج إلى استذكاره وتدارسه، ومعرفة ما حواه من العلم والهدى في زمن انتُهكت فيه الحرمات، واتُبعت الأهواء وحُرفت أحكام الشريعة ومعاني النصوص، وتسابق أهل الجهل والهوى إلى إرضاء الناس من دون الله عز وجل، نعوذ بالله تعالى من الضلال والخذلان. هذا الحديث الذي نحتاج إلى العلم به في هذا الزمن هو حديث الإخبار عن الأمانة في نزولها واستقرارها ..
الحمد لله العليم الخبير؛ هدانا لدينه، وفصَّل لنا شريعته، وعلمنا محاسن الأخلاق لنتمثلها وسفاسفها لنجتنبها، فله الحمد كله، وله الملك كله، وبيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، علانيته وسره، أهلٌ أن يحمدَ وهو على كل شيء قدير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جهل الناس عظمته ولم يعرفوا حقه عليهم، فلم يقدروه حق قدره، ولم يعبدوه حق عبادته، ولو أدركوا عظمته وعلموا حقه للهجت ألسنتهم بذكره وشكره، ولنصبت أركانهم في طاعته وعبادته (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) [الأنبياء:24]
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأمينه على دينه، أخبرنا عن الله تعالى بما كان من أمر الخليقة، وما يكون من مصيرهم، فمنا طائع معتبر متبع، ومنا معرض غافل مستكبر، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) [البقرة:48]
أيها الناس: حين يعزف الناس عن الوحي الرباني وهُداه، ويستبدلون به غيره من أقاويل أهل الجهل والهوى؛ فإنهم يُحرمون النور الذي أنزله الله تعالى، فتعمى بصائرهم عن الحق، وتقع الفرقة والاختلاف بينهم.
وفي حديث عظيم نحتاج إلى استذكاره وتدارسه، ومعرفة ما حواه من العلم والهدى في زمن انتُهكت فيه الحرمات، واتُبعت الأهواء وحُرفت أحكام الشريعة ومعاني النصوص، وتسابق أهل الجهل والهوى إلى إرضاء الناس من دون الله عز وجل، نعوذ بالله تعالى من الضلال والخذلان.
هذا الحديث الذي نحتاج إلى العلم به في هذا الزمن هو حديث الإخبار عن الأمانة في نزولها واستقرارها ثم زوالها ورفعها، يرويه حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- وهو أعلم الصحابة -رضي الله عنهم- بأحاديث الفتن، وله اختصاص في جمعها وفقهها؛ يقول -رضي الله عنه-: "حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثَيْنِ رأيت أَحَدَهُمَا وأنا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ: أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ في جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ثُمَّ عَلِمُوا من الْقُرْآنِ ثُمَّ عَلِمُوا من السُّنَّةِ".
وَحَدَّثَنَا عن رَفْعِهَا قال: "يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ من قَلْبِهِ؛ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ؛ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ على رِجْلِكَ فَنَفِطَ؛ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فيه شَيْءٌ".
فَيُصْبِحُ الناس يَتَبَايَعُونَ؛ فلا يَكَادُ أحدهم يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ فَيُقَالُ: إِنَّ في بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: ما أَعْقَلَهُ! وما أَظْرَفَهُ! وما أَجْلَدَهُ! وما في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ من إِيمَانٍ، وَلَقَدْ أتى عَلَيَّ زَمَانٌ وما أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ لَئِنْ كان مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامُ، وَإِنْ كان نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ ساعية؛ فَأَمَّا الْيَوْمَ فما كنت أُبَايِعُ إلا فُلَانًا وَفُلَانًا" رواه الشيخان.
إنه حديث عظيم يدل على أهمية الأمانة في الناس، وحين ننظر إلى واقع المسلمين؛ نعلم أن كل مشاكلهم يعود سببها إلى تضييع الأمانة بمفهومها العام.
والحديث الذي رواه حذيفة -رضي الله عنه- هو نزول الأمانة؛ لأنه -رضي الله عنه- عاش في زمن الأمناءِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وصحبه -رضي الله عنهما-.
وأما الحديث الذي كان ينتظره؛ فهو رفع الأمانة من الناس، وقد وقع ذلك في أواخر عهد الصحابة -رضي الله عنهم-، وازداد بعدهم ولا يزال يزداد إلى يومنا هذا.
وكثير من الناس يحصرون الأمانة في الوديعة، والوديعة جزء منها وليست كلها؛ إذ الأمانة بمعناها العام؛ تشمل الدين كله، وهي المذكورة في قول الله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) [الأحزاب:72].
فدين الله تعالى الذي ندين به، وشريعته التي أنزلها علينا بكافة تفصيلاتها، والعبادات التي نقوم بها، والمعاملات التي نعامل بها غيرنا، سواء قرب منا أو بعد عنا، كل أولئك من الأمانة التي حُملنا إياها ويجب أن نؤديها، وسنسأل عنها يوم القيامة (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر:93].
ورعية الإنسان أمانة عنده؛ ابتداء بجسده، فولده وأسرته، وكل من تحت ولايته صغرت ولايته أم كبرت، وكلما كانت الولاية أكبر كانت الأمانة أثقل، وكان حملها أشق، ومِن ضعف دين الناس وجهلهم؛ أنهم يبحثون عن الولايات والمناصب، ولا يدرون تبعة ما يحملون، ولا عِظم ما يطلبون!!
والأصل أن الله تعالى قد فطر الناس على أداء الأمانات؛ لأنهم مفطورون على العبودية له سبحانه، ثم تنزلت الشرائع الربانية بتأكيد ما فطر الناس عليه، وهو ما جاء في الحديث: "أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ في جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ثُمَّ عَلِمُوا من الْقُرْآنِ ثُمَّ عَلِمُوا من السُّنَّةِ" فالفطرة هي خلق القلوب على أداء الأمانة، ثم أكدها وزادها علمهم بالقرآن والسنة.
وأما رفعها وزوالها من القلوب؛ فبسبب ما يرد عليها من أدواء الشهوات والشبهات، وفي هذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ من قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ-أي: مثل أثر لذعة النار على الجلد- ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ على رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فيه شَيْءٌ".
أي: مثل فقاعة الماء التي تكون على الجلد بعد لذعة النار، والمعنى: أن الأمانة تُقبض من قوم ثم من غيرهم، شيئاً بعد شيء، في وقت بعد وقت على قدر فساد الدين، واضمحلاله من الناس، فيكون زوال الأمانة من قلوبهم بقدر تخليهم عن دينهم.
فإذا زال أولُ جزء من الأمانة؛ زال نورُها وخلفته ظلمة كالوكت، فإذا زال شيء آخر منها؛ صار كالمجل، وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة، وهذه الظلمة فوق التي قبلها.
والأمانة تُرفع من القلوب؛ عقوبةً لأصحابها على ما اجترحوا من الذنوب حتى إذا استيقظوا من منامهم؛ وجدوا تغيراً في قلوبهم.
والرجل إذا أضاع أمانة دينه؛ فتساهل بالواجبات الشرعية، وأَلِف الخيانة في حقوق العباد - عُوقب بقبض الأمانة من قلبه، والله تعالى منزهٌ أن يقبض الأمانة من قلب أحد دون سبب (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) [الصَّف:5].
فتضييعهم لبعض أمانات الشريعة، وتماديهم في ذلك - أدى إلى رفع الأمانة من قلوبهم، وامتلائها بالخيانة.
وإذا عمّ تضييعُ الأمانة في المجتمعات؛ بنشر المعاصي فيها، وفتح أبواب المنكرات على مصارعها، واستهان الناس بحرمات الله تعالى فانتهكوها - زال عنهم الأمن بزوال الأمانة، وحلَّ الخوف بانتشار الخيانة؛ فلا يثق بعضهم ببعض، ولا يأمن بعضهم بعضاً، فيكون حالهم على الوصف الذي جاء في الحديث: "فَيُصْبِحُ الناس يَتَبَايَعُونَ فلا يَكَادُ أحدهم يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ فَيُقَالُ: إِنَّ في بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا" فعوقبوا على معاصيهم برفع الأمانة من قلوبهم حتى يكون الأمين غريباً فيهم.
فيذكر الجمعُ من الناس قبيلةً كانت أم عشيرة أم فصيلاً من الناس، فيقال: "إنه لا يزال فيهم أمين"!! وذلك لندرة الأمناء وضعف الأمانة، وكثرة الخونة، وسيادة الخيانة.
وينتج عن هذه الحال الرديئة انقلاب المفاهيم، وانتكاس الموازين، وذم ما يمدح، ومدح ما يذم؛ فيتمدح الناس بالأخلاق المرذولة، ويثنون على أصحابها، وينتقدون الأخلاق المحمودة، ويذمون أصحابها، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: "ما أَعْقَلَهُ! وما أَظْرَفَهُ! وما أَجْلَدَهُ! وما في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ من إِيمَانٍ".
ومن أراد معرفة انتكاس المفاهيم وانقلاب الموازين عند ضياع الأمانة وسيادة الخيانة - فلينظر إلى حال الإعلام العربي، وهو يمتدح العُري والسفور والاختلاط، وكل أنواع الفساد، ويثني على الزنادقة والمفسدين، ويذم العفاف والحجاب ويقدح في الدين وعلمائه ودعاته، وينتقد كل من يتمسك بالفضيلة، ويدعو إليها أو يحذر من الرذيلة وينهى عنها!!
وكم من شخص أبرزه الإعلام الفاسد، وقال فيه: "ما أظرفه وما أعقله"!! وقدمه للناس نموذجاً يحتذى، ورمزاً يُقلَد، وهو فاسد مفسد ليس في قلبه حبة خردل من إيمان، وهذا يدل على ضياع الأمانة، وانتشار الخيانة في الأزمنة المتأخرة.
يقول حذيفة -رضي الله عنه-: "وَلَقَدْ أتى عَلَيَّ زَمَانٌ وما أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ؛ لَئِنْ كان مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامُ، وَإِنْ كان نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ ساعية -أي: واليه أو المسئول عنه-؛ وذلك لانتشار الأمانة في ذلك الوقت، واضمحلال الخيانة- فَأَمَّا الْيَوْمَ فما كنت أُبَايِعُ إلا فُلَانًا وَفُلَانًا".
والظاهر أن حذيفة -رضي الله عنه-، قال ذلك في أواخر حياته حين فُتحت الدنيا على الناس فأفسدت قلوبهم، وأثرت في أماناتهم، وحذيفة -رضي الله عنه- مات بعد مقتل عثمان -رضي الله عنه- بأيام؛ فأدرك زمن الفتنة، وظهور رؤوسها.
نعوذ بالله تعالى من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومن الخيانة والخونة، ونسأله سبحانه أن يجعلنا من الأمناء على دينه، وأن يوفقنا لأداء ما حُمِّلنا من أمانات، إنه سميع قريب.
وأقول ما تسمعون وأستغفر الله تعالى لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد الله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله وسلم وبارك عليه-، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [الأنفال:27-28]
أيها الناس: يحتاج المسلم إلى مدارسة هذا الحديث وفهمه، وإطالة النظر فيه في زمن اشتعلت فيه الفتن، وانتشر فيه القول على الله تعالى بلا علم، وساد أصحاب الشح المطاع، والهوى المتبع، والدنيا المؤثرة، وأصبح إعجاب كل ذي رأي برأيه ظاهرة مشاهدة؛ إذ يحاكِم كثيرٌ من الناس دينَ الله تعالى المحكم، وشريعتَه المنزلة إلى رأيهم الأعوج، وهواهم المائل.
وهذا الحديث من أعلام النبوة؛ لأن فيه الإخبار عن فساد أديان الناس، وقلة أمانتهم في آخر الزمان، ولا سبيل إلى معرفة ذلك قبل كونه إلا من طريق الوحي، فأخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- بما علمه الله تعالى من الغيب، وبما أنزل عليه من الوحي.
إن حذيفة -رضي الله عنه- يُخبر أنه أدرك زمنَ حفظِ الأمانة وكثرة الأمناء؛ وذلك في صدر الإسلام، وسببه أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يتعلمون الإيمان كما يتعلمون القرآن، ويتعاهدون زيادته بالأعمال الصالحة.
قال جندب بن عبد الله -رضي الله عنهما-: "كنا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- غلماناً حزاورة -أي مراهقين- تعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً".
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: "حدثنا من كان يُقْرِئُنَا من أَصْحَابِ النبي -صلى الله عليه وسلم- إنهم كَانُوا يَقْتَرِئُونَ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عَشَرَ آيَاتٍ فَلاَ يَأْخُذُونَ في الْعَشْرِ الأُخْرَى؛ حتى يَعْلَمُوا ما في هذه مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، قالوا: فَعَلِمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ".
وبهذه الموازنة نمى الإيمان والعلم سوياً، فعلمُهم يزيد في إيمانهم، وإيمانُهم يهذب علمَهم ويوجهه الوجهة الصحيحة؛ ذلك أن العلم بلا إيمان يؤدي إلى الافتيات على الشريعة، والتحايل لإسقاطها، وإيجاد المخارج الشيطانية لأهواء الناس ورغباتهم، فتكون مهمةُ صاحبه حينئذ القضاءَ على الإيمان، وتبديل أحكام الشريعة، وإسقاط الواجبات بالرخص، وإباحة المحرمات بالحيل، وهو ما انتشر في هذا الزمن من بعض المضلين الذين خانوا ربهم ودينهم وأمانتهم، وغشوا الناس ولم ينصحوا لهم.
وما أجدرنا -ونحن نقرأ هذا الحديث- أن نخاف أشد الخوف من رفع الأمانة من قلوبنا، وأن نتعاهد بقاءها وقوتها فينا بالعلم النافع، والعمل الصالح، واجتناب المحرمات، وكثرة الدعاء بالثبات على الحق، ولاسيما مع رؤية كثير من الناكصين على أعقابهم، المبدلين لدينهم، المتبعين لأهوائهم.
(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ) [آل عمران:8].
وصلوا وسلموا على نبيكم...