الحفيظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...
العربية
المؤلف | خالد بن سعود الحليبي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أهل السنة والجماعة |
في هذه السنوات العجاف التي تمر بأمة الإسلام، وتتتابع الفتن على المسلمين، يرقّق بعضها بعضًا، ما أحوج الناس إلى ضوابط وقواعد تكون العواصم من القواصم، وحبال النجاة من الضلال بعد الهدى!.
الخطبة الأولى:
الحمد لله يعصم من يشاء من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-؛ امتثالاً لأمره: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].
أيها الأحبة في الله: في هذه السنوات العجاف التي تمر بأمة الإسلام، وتتتابع الفتن على المسلمين، يرقّق بعضها بعضًا، ما أحوج الناس إلى ضوابط وقواعد تكون العواصم من القواصم، وحبال النجاة من الضلال بعد الهدى!.
وقد أوردت أربع قواعد فيما سبق؛ أجملها هنا: الأولى: إذا ظهرت الفتن، أو تغيرت الأحوال؛ فعليك بالرفق والتأنِّي والحلم. والثانية: ألا تحكم على شيء من تلك الفتن أو من تغير الحال إلا بعد تصوُّره. والثالثة: يلزم المسلم الإنصاف والعدل في أمره كله. والرابعة: الالتزام بجماعة المسلمين، وعدم التفرق.
واليوم أدلف إلى القاعدة الخامسة من تلك الضوابط والقواعد: الرايات التي تُرفع في الفتنة -سواء رايات الدول أو رايات الدعاة- لا بدَّ للمسلم أن يَزِنَهَا بالميزان الشرعي الصحيح، موازين أهل السنة والجماعة.
وتنقسم قسمين: القسم الأول: موازين يوزن بها الإسلام من عدمه؛ يعني: يوزن بها صحة دعوى الإسلام من عدم صحة تلك الدعوى. القسم الثاني: موازين نعرف بها كمال الإسلام من عدمه، والاستقامة الحقة على الإسلام من عدم الاستقامة. فإذا تبين ذلك؛ فإنه تترتب الأحكام الشرعية على ذلك الميزان.
أما القسم الأول الذي يوزن به الإيمان من الكفر؛ فثلاثة موازين:
الأول: أن تنظر: هل هناك إحقاقٌ لعبادة الله وحده لا شريك له أم لا؟ لأن أصل دين الأنبياء والمرسلين هو أنهم بُعثوا لكي يُعبَد الله وحده لا شريك له، والتوحيد أساس الأمر، وأول الأمر، وآخر الأمر، فمَن رفع راية التوحيد، وأقرَّ عبادة الله وحده لا شريك له، ولم يقرَّ عبادة غير الله -جل وعلا- فالميزان هذا ينتج أنه مسلم، وأن تلك الراية مسلمة، مع توفر الميزانين التاليين:
الأول: أن ننظر: هل الراية التي ترفعُ الإسلام يطبّق أهلُها التوحيد أم لا؟ هل هناك عبادة لغير الله -جل وعلا-، أم أنه لا يُعبَد تحت تلك الراية إلا الله وحده لا شريك له، فتتوجه القلوب إلى الله -جل وعلا- وحده. قال -سبحانه وتعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل:36]. وقال -جل وعلا-: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج:41].
قال بعض المفسرين: (وأمروا بالمعروف)؛ يعني: بالتوحيد، و(نهوا عن المنكر)؛ يعني: عن الشرك؛ لأن أعلى المعروف هو التوحيد، وأبشع المنكر هو الشرك. فهذا هو الميزان الأول.
الميزان الثاني: أن تنظر إلى تحقيق شهادة أن محمدًا رسولُ الله، وهذه الشهادة من مقتضاها أن يُحْكَم بالشريعة التي جاء بها المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؛ قال -سبحانه وتعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيما) [النساء:65]، وقال -جل وعلا-: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50]، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة:44].
فإذا رأيت الراية المرفوعة يحكم أهلها بشرعة الله، وتفصل الشريعة في أقضية الناس إذا اختلف الناس في أمورهم: مَن الذي يحكم بينهم؟ يحكم بينهم القاضي الشرعي فيما يختلفون فيه؛ فعند ذلك تعلم أن الراية مسلمة؛ لأنه قد حَكَّمَ أهلُها شرعَ الله -جل وعلا-، وأقاموا المحاكم الشرعية التي تحكم بما أنزل الله، ولا ينبغي لأحد أن يحكم بغير ما أنزل الله، أو أن يرضى بحكم غير حكم الله -جل وعلا- ورسوله.
الميزان الثالث: أن تنظر: هل هناك استحلال للمحرمات؟ أم أن هناك -إذا فعلت المحرَّمات- بُغضًا لها وكراهيةً لها وإنكارًا لها؟ فإن المحرَّم المُجتمع على تحريمه إذا ظهر له حالان:
إما أن يكون مستحَلاًّ: فهذا كفر، والعياذ بالله؛ وأما إذا كان لا يُستباح، ولكن يوجد، ويقر رافعو الراية بأن ذلك منكر، وأنه محرّم؛ فتعلم بهذا أن الراية شرعية، وأن الراية مسلمة.
هذه ثلاثة موازين، بيَّنها أئمتنا -رحمهم الله تعالى-. هذا هو القسم الأول من الموازين.
أما القسم الثاني؛ فهي موازين يُعرف بها كمال الإسلام من عدمه. والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخذ بالإسلام كله، كما جاء من عند الله -جل وعلا-، فهو المقتدِي الذي يُقتدَى به، وأخذ به الخلفاء الراشدون -عليهم رضوان الله-، ولم يزل الأمر ينقص شيئًا بعد شيء في تحقيق كمال الإسلام إلى وقتنا هذا، قال أنس: "اصبِروا، فإنَّه لا يأتي عليكم يومٌ أو زمانٌ إلَّا والَّذي بعدَه شرٌّ منه حتَّى تلقَوْا ربَّكم، سمِعْتُه مِن نبيِّكم -صلى الله عليه وسلم-" رواه البخاري.
الميزان هذا تنظر به: كيف هو في تحقيق الأمور الشرعية؟ كيف هو في الأمر بالصلوات؟ كيف هو في النهي عن المنكرات؟ كيف هو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما يتعلَّق بالفرائض، وفيما يتعلَّق بالنهي عن المحرمات؟ إذا كان ذلك كاملاً؛ دلَّ على الكمال، وإن كان ذلك ناقصًا دلَّ على النقص بحسب ذلك.
وهذه الموازين مهمة لا بدَّ أن تكون في قلبك وعقلك، لا تفارقه أبدًا، حتى لا تضل وقت حدوث الضلال، ولا تلتبس عليك الأمور وقت حدوث الالتباس.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) [سورة البقرة: 208].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآي والذكر الحكيم، أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
اللهم لك الحمد على الإسلام، ولك الحمد على الإيمان، ولك الحمد على المعافاة، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واستقيموا على هديه.
واعلموا بأنه إذا تبينت الراية المسلمة، وتميزت عن غيرها، وأنها على الهدى والحق، فقد وجب شرعا أن تُوالَى في الحق والهدى وتُنْصَر؛ لأن الله -جل وعلا- أمر بموالاة المؤمنين، وحثَّ على الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق، فإذا ثبت لها الإسلام؛ ترتَّبت الأحكام الشرعية على ذلك، فلا يحل لمسلم أن يجعل المعصية التي تقع منها مبيحة لئلا يلتزم بما أمره الله -جل وعلا- من أن يلتزم به من نصرة المؤمنين الذين يقاتلون في سبيل الله.
كما يجب أن تنصح لتلك الراية نصحًا يعلمه الله -جل وعلا- من قلبك، وأهل السنة والجماعة فارقوا أهل البدعة الذين يحبون الفُرْقَة، في أنهم ينصحون مَن ولاَّه الله -جل وعلا- عليهم، ويُكثرون الدعاء له، ولو رأوا ما يكرهون؛ دعاء ونصحًا يعلمه الله -جل وعلا- من أنفسهم، وأنهم ما أرادوا بذلك جزاءً ولا شكورًا إلا من عند الله -جل وعلا- لا من عند غيره، وهذا إذا ثبت في القلب كنا حقًّا من أهل السنة والجماعة.
وفي كتاب السنة للإمام البربهاري: "إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان، فاعلم أنه صاحب هوًى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح، فاعلم أنه صاحب سُنة، إن شاء الله تعالى".
وهذا الفضيل بن عياض -رحمه الله تعالى- يقول: "لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان". قيل له: يا أبا علي! فسِّر لنا هذا، قال: "إذا جعلتها في نفسي لم تَعْدُنِي، وإذا جعلتها في السلطان صلُح فصلح بصلاحه العباد والبلاد".
ولهذا؛ مَن أراد صلاحًا عامًّا في المسلمين فليعلم الله مِن قلبه أنه يدعو مخلصًا أن يُصلح الله -جل وعلا- مَن ولاَّه الله على المسلمين، وأن يوفِّقه إلى العمل بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فإننا لا نرجو ولا نطمع في أكثر من أن يكونوا على الهدى والعمل بالكتاب والسنة، والقلوب بيد الله -جل وعلا-، هو الذي يقلّبها.
طالعوا كتب عقائد أهل السنة والجماعة؛ تروا أن فيها أبوابًا مختصَّة بحقوق الإمام على الرعيَّة، وبحق الرعية على الإمام؛ لأن ذلك به تحصل الجماعة، ويحصل به الالتفاف حول السنة والجماعة.
وهذا كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد حثَّ على النصح لأئمة المسلمين ولعامتهم في حديث الدين النصيحة، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ". قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" رواه مسلم.
وإذا ثبت أن النصح واجب، وأنه لا بدَّ للمسلم أن ينصح؛ فكيف تكون تلك النصيحة؟ وكيف يكون ذلك البيان على ما جاء في السنة لا من عند أنفسنا؟.
عن عياض بن غنم أنه قال لهشام بن حكيم -رضي الله عنهما وأرضاهما-: ألم تسمع قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أرادَ أن يَنصَحَ لِذي سُلطانٍ فلا يُبدِهِ عَلانيةً، ولَكِن يأخذُ بيدِهِ فيخلو بهِ؛ فإن قبلَ منهُ فذاكَ، وإلَّا كانَ قد أدَّى الَّذي عليهِ" رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة، وقال الألباني: إسناده صحيح ورجاله ثقات.
وتلك الموازين، إذا التبس على المسلم أو على طالب العلم: كيف يزن بها؟ فالمرجع العلماء؛ فإنهم هم الذين يَزِنُون بالموازين الصحيحة، وهم الذين يقيِّمون بالتقييم الصحيح، وهم الذين يحكمون بالحكم الشرعي الصحيح.
ولهذا؛ فإن الحكم بالإسلام من عدمه، الحكم بالإيمان أو الكفر، مرجعه إلى علماء أهل السنة والجماعة، لا إلى غيرهم من بعض المتعالمين الذين ربما علموا بعضًا، وجهلوا بعضًا آخر، أو ربما عمَّموا أشياء لا يجوز تعميمها، كيف وقد ابتُليت الأمة بمن يحكم بردّة مسلمين موحدين، ويرتب على ذلك قتلهم صبرًا، ونحرهم كما تنحر الدواب، بل استحلال حرماتهم، وسبي نسائهم وأطفالهم كما تفعل داعش اليوم في العراق وسوريا، قاتلهم الله أنى يؤفكون!.
ومما يترتَّب على تلك الموازين -كما قرر أهل السنة والجماعة- أن الجهاد ماضٍ مع كل إمام أو سلطان، بارّ أو فاجر، لا يجوز لأحد أن يتخلف عن راية الجهاد لأجل أن السلطان عنده مخالفات شرعية، في أي وقت، وفي أي زمان.
السادس من تلك الضوابط والقواعد: أن للقول والعمل في الفتن ضوابط؛ فليس كل مقال يبدو لك حسنًا تُظهره، وليس كل فعل يبدو لك حسنًا تَفعله؛ ففي الفتنة قد يترتب على قولك وعملك أمور وتبعات. فلا غرو أن سمعنا ابن مسعود فيما رواه مسلم في صحيحه يقول: "ما أنتَ بمحدثٍ قومًا حديثًا لا تبلُغُه عقولُهم، إلا كان لبعضِهم فتنةً".
انظر إلى الحسن البصري -رحمه الله تعالى- حيث أنكر على أنس بن مالك -رضي الله عنه- حين حدَّث الحجاج بن يوسف بحديث قتل النبي -صلى الله عليه وسلم- للعُرَنيين؛ قال لأنس وأنكر عليه: لِمَ تُحَدِّث الحجاج بهذا الحديث؟! قال له: لأن الحجاج أسرف في الدماء، وسيأخذ هذا الحديث يتأول به صنيعه، فكان واجبًا أن يُكتم هذا الحديث وهذا العلم عن الحجاج؛ لكي لا يكون في فهمه وعقله -الذي ليس على السواء وليس على الصحة- أن هذا الحديث يؤيده، أو أن هذا الحديث دليل معه، فيفهمه على غير فهمه.
فالحسن -رحمه الله- أنكر على أنس -رضي الله عنه، وهو الصحابي- تحديثه، وندم أنس -رضي الله عنه- بعد ذلك على تحديثه الحجاج بحديث العُرَنيين.
والإمام أحمد كره أيضًا التحدث بالأحاديث التي فيها الخروج على السلطان، وأمر أن تُشطَب من مسنده؛ لأنه قال: "لا خير في الفتنة، ولا خير في الخروج". وأبو يوسف كره التحدث بأحاديث الغرائب. ومالك -رحمه الله- كره التحديث بأحاديث فيها ذكر لبعض الصفات. وحذيفة -قبل أبي هريرة- كتم أحاديث من أحاديث الفتن, لأنه رأى أن الناس لا يحتاجونها.
المقصود من هذا: في الفتن ليس كل ما يُعلم يُقال، ولا كل ما يُقال يُقال في كل الأحوال. لا بدَّ من ضبط الأقوال؛ لأنك لا تدري: ما الذي سيُحدثه قولك؟ وما الذي سيحدثه رأيك؟ وما الذي سيحدثه فهمك؟ والسلف -رحمهم الله- أحبوا السلامة في الفتن، فسكتوا عن أشياء كثيرة؛ طلباً للسلامة في دينهم، كي يلقوا الله -جل وعلا- سالمين.
وقد ثبت أن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال لابنه حين حدَّثه في القيام ببعض الأمر في الفتنة؛ قال لابنه: "يا هذا! أتريد أن تكون رأسًا في الفتنة؟! لا، لا والله".
فنهى سعد بن أبي وقاص ابنه عن أن يكون سعد أو أن يكون ابنه رأسًا في الفتنة، ولو بمقال أو بفعال، ولو رآها حسنة صائبة، فإنه لا يأمن أن تكون عاقبتها غير حميدة.
ولذلك كله فلا بدَّ أن يزن المؤمنون الأمور بميزان شرعي صحيح، حتى يَسْلَموا، وحتى لا يقعوا في الخطأ، أو أن يكونوا وقودًا أو حطبًا لأية فتنة.
نسأل الله -تعالى- أن يُعيذنا وإياكم من كل شر وفتنة، وللقواعد بقية، أستكملها معكم بإذن الله -تعالى- في الأسبوع المقبل، والله المستعان، وعليه التكلان.
اللهم احفظنا وبلادنا وأهلينا وأولادنا من كل سوء يراد بنا، إنك سميع الدعاء.
اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر إخواننا المجاهدين، وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم.
اللهم استر علينا وعلى أعراضنا وعلى ذرارينا وذوينا، وأعراض المسلمين؛ إنك سميع الدعاء.
اللهم وفقنا لصالح الأعمال واجعلها خالصة لوجهك الكريم، وتقبلها منا يا كريم.
اللهم فك أسرى المسلمين، واقض الدين عن المدينين، واهد ضالهم، وهيئ لأمة الإسلام أمرًا رشدًا يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، وأغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطاهرين، وصحبه أجمعين، وعنا معهم برحمتك وفضلك ومنك يا أكرم الأكرمين.