المنان
المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...
العربية
المؤلف | زيد بن مسفر البحري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
ولذا؛ فإن الزوج العاقل الحصيف هو الذي يجعل مكانة وقدرا وهيبة في نفوس أبنائه تجاه أمهم؛ لم؟ لأنه إذا خرج سيقدرونها وسيحترمونها، إذا وجهت بتوجيه ينصاعون لها، إذا نهت عن شيء انتهوا عنه؛ أما أن يتكلم فيها أو أن يعيبها، حتى لو كانت هذه العيوب فيها، فإنه لا ينبغي له مثل هذا.
الخطبة الأولى:
... من بين الأخطاء، وهو خطأ شنيع، تلفظ الكثير من الناس بقوله: عليّ الحرام! عليّ الحرام أن أفعل كذا! عليّ الحرام أن تأكل ذبيحتي! عليّ الحرام أن تجلس! عليّ الحرام ألا تذهبي! إن ذهبت فأنت عليّ حرام! وما شابه ذلك من هذه الألفاظ، ومثل هذا تحريم لما أحل الله -عز وجل-.
ولا يظن ظان أن البعض إذا قال هذه الكلمة أنها يمين عند جميع العلماء، بعض العلماء يرون أن مثل هذا اللفظ متى ما صدر من الزوج لزوجته فإنها تعد لفظة ظهار، ومن ثم فإنه يلزمه ما يلزم المظاهر، بل إن بعض العلماء يفصل في هذا ويقول: إن أراد بها طلاقا فإنه يقع طلاقا؛ ومن ثم فإن على المسلم أن يتقي الله -عز وجل- فيما يقول.
ولذا؛ بعض الناشئة ممن يكون في المرحلة الابتدائية أو دون ذلك إذا أراد أن يمنع نفسه أو أن يحث على شيء أو أن يؤكد شيئا قال: عليّ الحرام! من أين أتى بها؟ أتى بها من جاره، من بيته، من أبيه، من أخيه الأكبر؛ ومن ثم فإن على المسلم أن يتقي الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) [التحريم:1].
ولذا تأتي لفظة أخرى في سياق هذه اللفظة، يقول: عليّ الطلاق! علي الطلاق أن تأكل ذبيحتي! عليّ الطلاق إن لم تأكلها...! وما شابه ذلك من هذه الألفاظ، ويظن البعض أن هذا الأمر مجمع عليه عند العلماء من أن عليه كفارة يمين، وليس محل إجماع، بل إن بعض العلماء يقول: متى ما تلفظ بالطلاق فإن الطلاق يقع سواء أراد امتناعا، أو أراد ترهيبا، أو أراد حثا، أو أراد تصديقا، أو أراد تكذيبا؛ فإن الطلاق يقع.
ومن ثم؛ فإن البعض إذا صدرت منه هذه اللفظة أتى إلى المفتين يستفتي عن هذه الواقعة وهو في سعة من أمره في أوله، فيجب على المسلم أن يكون أبعد ما يكون عن لسانه لفظ الطلاق.
ومن الأخطاء، فيما يتعلق بالطلاق، أن البعض يطلق زوجته فيقول: أنا في حالة غضب، قد يكون الغضب يسيرا! وبعض العلماء يرى أن الغضب يقع فيه الطلاق، اللهم إلا إذا وصل بالإنسان الغضب إلى حد يوصله إلى الجنون، يعني: تكون تصرفاته تصرفات المجنون، هذا خارج عن هذا، أما إذا كان لديه شيء من التروي ومن العقل فإن طلاقه يقع.
ومن ثم فإن على المسلم أن يتقي الله -عز وجل-، ولذا يقول لزوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو أن يقول: أنت طالق بالثلاثة. ولتعلم: لو كنت في حالة سعة وأردت بعدما أغلقت عليك الأبواب في الصلح بينك وبين زوجتك، وأردت أن يكون الطلاق هو الحل الفاصل وأنت في سعة من أمرك، لا يجوز لك أن تصدر كلمة الطلاق بالثلاث؛ ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟"، قال -جل وعلا-: (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ) [البقرة:229]، يعني: مرة بعد مرة، لا يجوز بالثلاث بأي حال من الأحوال، حتى ولو كنت في حال السعة.
أيضا، البعض من الناس قد يطلق في حال الحيض، قد تكون زوجته حائضا ويطلقها حال الحيض، وهذا الطلاق البدعي والذي أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على ابن عمر، كما جاء في الصحيحين، لما طلق زوجته وهي حائض، فقال -عليه الصلاة والسلام- لعمر آمرا ابنه عبد الله أن يقول: "مُرْهُ فليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إذا شاء أن يطلقها فليطلقها، فتلك العدة التي أمر الله -جل وعلا- أن يطلق لها النساء".
وكذلك في المقابل: لو أنها لما طهرت من الحيض وجامعها بعد أن طهرت لا يجوز له أن يطلقها، الطهر الذي جامع فيه الزوج زوجته لا يجوز له أن يطلقها فيه، فإذا جامعها حال الطهر وأراد أن يطلقها فلينتظر حتى تحيض ثم إذا حاضت فطهرت لا يمسها ثم يطلقها في هذا الطهر، إلا في حالة واحدة: إذا استبان حملها.
يعني: لو أنه جامعها بعد الحيض، بعدما طهرت من الحيض جامعها في هذا الطهر ثم بهذا الجماع حملت، يجوز له أن يطلقها.
ومن ثم؛ فإنها تأتينا مسألة أخرى هي مسألة طلاق الحامل: البعض من الناس يظن أن طلاق الحامل لا يقع، وهذا ليس بصحيح، بل إن طلاق الحامل هو الطلاق السني، ومن ثم فإذا طلقت زوجتك وهي حامل يقع الطلاق؛ ولذا في رواية مسلم: قال -عليه الصلاة والسلام-: "فليطلقها طاهرا أو حاملا"، ومن ثم فإن المرأة إذا كانت حاملا فإن الطلاق يجوز عليها ويقع عليها.
ومن بين الأخطاء التي يقع فيها البعض أو يظنها البعض بأنها لا يمكن أن تكون وهي واقعة: قضية طلاقه لامرأته وهي لا تعلم، والطلاق متى ما صدر منه سواء كانت تعلم المرأة أم لم تعلم فإنه يقع، لو طلقت زوجتك عن طريق الهاتف كأن تكون في بلدة وهي في بلدة أخرى فإن الطلاق يقع، لو طلقتها عند أناس، عند زملائك مثلا، وهي لا تعلم، فإن الطلاق يقع.
كذلك في المقابل: لو أردت أن تراجع زوجتك لا يلزم أن تكون الزوجة عالمة أو راضية، وهناك قاعدة فقهية: "من لا يُشترط علمه لا يُشترط رضاه"، ومن ثم؛ فإنك لو طلقت زوجتك طلقة واحدة وأحببت أن تراجعها يجوز لك أن تراجعها: تأتي باثنين وتشهدهما على الرجعة حتى لو لم تكن المرأة تعلم، حتى ولو لم يكن أبواها يعلمان، فإنك متى ما قلت: يا فلان ويا فلان اشهدا أني قد راجعت زوجتي، فإن زوجتك ترجع إليك، حتى لو ادَّعت المرأة وقالت: إنك لم تراجعني، أو: لن أذهب معك فقد طلقتني؛ فإنها تكون زوجتك، ولا يحق لها شيء من هذا. إذاً؛ رضا الزوجة في الرجعة لا يُشترط؛ لأن من لا يشترط رضاه لا يشترط علمه.
ومن بين الأخطاء التي يقع فيها البعض من الآباء: أن يجبر ابنه على أن يتزوج امرأة يريدها الأب، يقول: تزوج ابنة عمك أو ابنة عمتك أو ابنة خالك أو ابنة خالتك؛ ومن ثم، فإنه لا طاعة إذا كان الابن لا يرغب في هذه المرأة، لا طاعة لهذا الوالد في هذا الأمر، يقول شيخ الإسلام -رحمه الله-: "كما أنه لا يحق للأب أو للأم أن يكرها وأن يجبرا ابنهما على أن يأكل طعاما معينا أو أن يشرب شرابا معينا، كذلك لا يحق لهما في هذا الأمر الذي هو أعظم؛ لأن هذا الأمر، وهو الزواج، به قوام الدين، أما الأكل والشرب فإن بهما قوام الدنيا".
ومن ثم؛ فإن على الآباء أن يتقوا الله -عز وجل-، وأن لا يحرجوا أبناءهم، وألا يلجئوا أبناءهم إلى أن يتصرفوا تصرفا لا يريدونه.
لكن؛ إذا كانت هذه المرأة، وهي ابنة العم أو ابنة الخال أو ابنة العمة، إذا كانت مناسبة، فما على الابن أن يمتنع من ذلك، وذلك حتى يحظى بهذه الزوجة، ويحظى -أيضا- بطاعة والديه.
وكذلك الشأن في الطلاق: قد لا تتناسب هذه المرأة مع الأب، أو لا تتناسب هذه المرأة مع الأم، ويقولان: طلقها، لا نريد هذه المرأة أن تكون زوجتك؛ ومن ثم، فإن الإمام أحمد -رحمه الله- لما جاءه رجل فقال: يا إمام، إن والدي يُكرهني على أن أطلق زوجتي. فقال الإمام أحمد -رحمه الله-: لا تطعه. فقال رجل: يا إمام، ألم يأت عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي، فقال -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمر: "أطع أباك"؟! فقال الإمام أحمد -رحمه الله-: إذا بلغ أبوه مثل ما بلغ إليه عمر فطلق زوجتك!.
وذلك لأن البعض من الوالدين قد يأمران الابن بتطليق زوجته من غير حاجة أو من غير مصلحة؛ لكن، إذا كانت هناك مصلحة شرعية دينية يراها الأبوان فإن على الابن أن يطيعهما، أما إذا لم تكن هناك مصلحة، وإنما هو التشهي أو نزاع يسير بينهما، فإنه لا حق للوالدين في هذا الأمر.
كذلك من بين الأخطاء: أن البعض يريد أن يملك ابنه، من منطلق حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنت ومالك لأبيك"، يعني يأمره بأن يطلق زوجته، يأمره بأن يتزوج فلانة، يأمره بأن يستولي على كل ماله من منطلق حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنت ومالك لأبيك".
ولذا، العلماء -رحمهم الله- جعلوا لهذا الحديث شروطا، وأنا في هذا المقام، وليتنبه الأبناء، لا أدعو إلى أن تكون هناك مساومة، أو أن يكون هناك ما يشابه البيع أو ما يشابه الخصام بين الابن وأبيه، لا، أو بين الابن ووالدته، لا؛ بل يجب على الأبناء أن يطيعوا آباءهم، لكني أنبه الآباء من هذه الحيثية؛ لأن بعض الآباء يرى أن هذا الحديث على سبيل الإطلاق، وأن الابن وما ملك إنما هو له، وليس للابن أي حرية لا في قول ولا في عمل، وهذا خطأ، ويعارضه النصوص الأخرى، فليتنبه إلى مثل هذا الأمر.
ومن بين الأخطاء التي يظنها البعض أن الهدية -فيما يقولون- لا تُهدى، يقولون: الهدية لا تهدى؛ ولذا، لو أهديت هدية لشخص فأراد شخص أن يأخذها منه قال: لا، هذه هدية، لو لم تكن هدية لأعطيتك، لأن الهدية لا تُهدى، وهذا لا أصل له من الشرع؛ وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة أهدي إليه أشياء ومع ذلك أهداها -عليه الصلاة والسلام- لبعض أصحابه. فمتى ما ملكت الهدية فلك أن تتصرف فيها بما تشاء.
ومن الأخطاء التي يقع فيها البعض من الناس أنه لا ينبه، ولاسيما الأم، لا تنبه ابنتها على قضية البلوغ، كثير من الناس يظن أن البلوغ إنما هو يحصل بتمام خمس عشرة سنة، ولا شك أن وصول الإنسان إلى هذا السن يدل على بلوغه؛ لكن لا يُحصر البلوغ في هذا، ولذلك، إذا نبت الشعر الخشن حول ذكر الذكر أو حول قُبل المرأة فإن هذا بلوغ، وهو بالغ إذا أنزل المني أو أنزلت المني باحتلام أو بغيره، إذا حاضت البنت ولو لم يكن عمرها إلا عشر سنوات فإنها تعد بالغة، ومن ثم يجري عليها قلم التكليف، ما تعمله من أعمال صالحة تكتب لها، وما تعمله من أعمال سيئة يكتب عليها.
وأيضا، من بين الأشياء التي ينبغي أن يُنبه إليها زوجة الأب، وكذلك أم الزوجة، لنحصر الأذهان في زوجة الأب: زوجة الأب متى ما عقد أبوك عليها فإنها تحرم عليك، ومن ثم فإن زوجة أبيك إذا توفي عنها أبوك أو إذا طلقها أبوك حتى لو تزوجت بعد الطلاق أو بعد هذه الوفاة برجل آخر فإنها من محارمك، يجوز لها أن تكشف لك، ويجوز لك أن تسلم عليها وما شابه ذلك مما يتعلق بالمحرمية، ويجوز لك أن تسافر بها كأن تكون محرما لها؛ فإذاً، زوجة الأب، متى ما عقد عليها الأب، فإنها تعد من محارمك. كذلك أم الزوجة: أم زوجتك لو طلقت ابنتها فإن هذه الأم تكون من محارمك أيضا.
أيضا، من بين الأشياء التي أحب أن أنبه إليها، أن البعض يظن أن الدم يحرم مثل الرضاع، الرضاع يحرم وهذا معروف، بعض الناس إذا أحقن دما من امرأة ظن أن هناك صلة بينهما، وهذا غير صحيح، فإن الدم لا يُحرم إنما الذي يحرم هو الرضاع.
وكذلك من بين الأخطاء التي يقع فيها البعض من الناس، وهو خطأ عظيم يجب أن يتنبه له: تربية اللقيط. لا شك أن أخذ اللقيط الذي تُرك إحسان وبر وخير وأجر وعمل صالح، لكن البعض من الناس قد يأخذ هذا اللقيط ويربيه ثم إذا به يجعله كأبنائه، ثم يكبر هذا اللقيط، وتكون هناك أمور تتعلق بهذا الالتقاط: بنات هذه المرأة لسن أخوات لهذا اللقيط إلا إذا أرضعته، كذلك لو توفيت هذه الملتقطة أو الملتقط توفي فإنه لا يجري بينهم إرث؛ ومن ثم فإن من التقط لقيطا عليه أن يربيه، ثم إذا بلغ سنا معينا يعيده إلى الملجأ أو يفقهه ويوعيه بحقيقة أمره حتى يعلم الجميع بأن هذا ليس منهم؛ حتى لا تترتب عليه أحكام شرعية.
ومن بين الأخطاء التي يقع فيها البعض من الناس مشاهدة العروض المسماة بالعروض السحرية، ولا شك أنها سحرية، ومن ثم؛ فإنه لا يجوز مشاهدتها، ولا يجوز عرضها؛ وذلك كأن يخرج شخص ناراً من رأسه أو حمامة من فمه فهذا -لاشك- من السحر الذي يُخيل على عيون الناس.
ولذا، جندب -رضي الله عنه- لما قدم رجل ومعه حمار وفيل وربط حبلا في سوار المسجد ثم إذا به يجعل الحمار يركض فيدخل في فم الفيل ويخرج من دبره، والناس ينظرون إليه، وقد انسجموا معه، فلما أتى (جندب) أخذ السيف وضربه، وكان هذا الرجل الذي يلعب هذه الألعاب السحرية كان يميت الرجل ثم يحييه، فأخذ جندب -رضي الله عنه- السيف ثم قتله به، وقال: "أحْيِ نفسك إن كنت صادقا. (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ)؟"، وهو الذي روى الحديث الذي اختلف العلماء: هل هو موقوف عليه أم أنه مرفوع؟ قال: "حد الساحر ضربة بالسيف". فلا يجوز أن ترى هذه العروض السحرية، ولا يجوز أن تعرض.
ومن بين هذه الأخطاء التي يقع فيها بعض الأزواج أن يعيب زوجته عند أولاده، ومن ثم فإن نار البغضاء قد تتأجج في نفوس هؤلاء الأبناء، إما على أبيهم لأنهم يرون أنه قد ظلم أمهم، وإما على أمهم لأنهم قد يرون أنها مقصرة، ومن ثم فإن على الزوج أن يكون حكيما في تصرفه وفي أقواله مع زوجته، فإن الزوجة قد تكفيك مؤونة عظيمة في البيت.
ولذا؛ فإن الزوج العاقل الحصيف هو الذي يجعل مكانة وقدرا وهيبة في نفوس أبنائه تجاه أمهم؛ لم؟ لأنه إذا خرج سيقدرونها وسيحترمونها، إذا وجهت بتوجيه ينصاعون لها، إذا نهت عن شيء انتهوا عنه؛ أما أن يتكلم فيها أو أن يعيبها، حتى لو كانت هذه العيوب فيها، فإنه لا ينبغي له مثل هذا.
ثم -أيضا- هناك نقطة أخرى قد يفعلها بعض الأزواج: قد يتكلم من باب المزاح يقول: سأتزوج عليك، سأتزوج عما قريب، فكلما جلس في مجلس معها أو مع أولاده قال هذه الكلمة، ومثل هذا -كما أسلفت- قد يؤجج شيئا من البغضاء والشحناء، إذا كنت عازما فلتعزم، أما إذا كنت تقولها على سبيل المزاح فلا وجه لهذا المزاح ولا فائدة منه، وذلك قد يقلل -بل أجزم- من قدرك ومكانتك عند زوجتك وعند أبنائك بهذا الكلام. ولذا؛ على الزوج أن يكون واعيا فيما يتعلق بهذا الأمر.
أيضا: من بين الأخطاء الفظيعة أن البعض من الناس إذا كره زوجته عضلها وضيَّق عليها من أجل أن تفتدي منه وأن تعيد إليه مهره، ومن ثم؛ فإنه لا يجوز لك أن تأخذ شيئا من مهرك إلا في حالة واحدة: إذا كرهت هذه المرأة البقاء معك من تلقاء نفسها، فهنا يجوز لك أن تأخذ هذا المهر، وهذا ما يسمى بالخلع، أما إذا كرهتها فلا يجوز لك أن تعضلها حتى تسترد مهرك، أو إذا كانت الكراهية منكما كليكما: أنت تكرهها وهي تكرهك، فكذلك: إما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فلا يجوز لك أن تأخذ من مهرك شيئا إلا إذا كرهت المرأة وحدها أن تبقى معك، فهذا ما يسمى بـ "الخلع".
ومن بين الأخطاء ويقع فيها البعض من الأزواج في حال التعدد: أنه يميل مع الزوجة الثانية وهذا في الغالب، يميل مع الزوجة الثانية ولا يعدل، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن من كانت له زوجتان فلم يعدل بينهما أتى يوم القيامة وشقه مائل"، ثم إن البعض من الأزواج ممن عدد لا يقصر الظلم على الزوجة الأولى، بل يتعدى ذلك إلى أبنائه من الزوجة الأولى، إذا أتاه أولاد من الزوجة الثانية أحبهم وأكرمهم أكثر من أبنائه من الزوجة الأولى، لم؟ لأنه يكره أمهم الأولى، ومثل هذا لا يجوز؛ وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين -: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"؛ فيجب على المسلم: أن يتنبه لمثل هذا الأمر.
أيضا، من بين الأخطاء: أن البعض من الناس قد يضرب الوجه، إما أن يضرب زوجته أو يضرب أبناءه، فلا يجوز أن تضرب الوجه: لا وجه آدمي، ولا وجه بهيمة، لا يجوز أن يضرب الوجه بأي حال من الأحوال؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ولا تضرب الوجه، ولا تُقبِّح".
ومن بين الأخطاء التي يقع فيها البعض من الناس: الرقية؛ يظن أن الرقية لا تنفع إلا إذا رقى فلان أو ذُهب بهذا المريض إلى فلان الراقي، وهذا ليس بصحيح؛ ومن ثم فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن هناك سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ذكر منهم -عليه الصلاة والسلام-: "الذين لا يسترقون"، يعني: الذين لا يطلبون الرقية، لو طلبتها فلا حرج في ذلك، قد فاتك الكمال، لكن نقول لك: إذا أحسست بشيء من الأوجاع عليك أن تهرع إلى الله -عز وجل- وأن تقرأ على نفسك، لأنه ليس هناك أرحم بنفسك منك؛ لأن الآيات القرآنية والأذكار الشرعية لا تحصل فائدتها إلا إذا استحضرت معانيها، وقد تذهب إلى هذا الراقي ويكون ذهنه مشغولا بأمر من الأمور ثم لا يستحضر هذه الآيات، ومن ثم لا يكون هناك نفع نتيجة انصراف قلب هذا الراقي عن قراءة القرآن، لكنك إذا قرأت على نفسك تستحضر هذه المعاني؛ لأنك في حالة اضطرار، بل متى ما وجدت قريبا لك قد أعياه التعب والمرض فعليك أن تقرأ عليه فإن هذا انفع ما يكون، ويكفيك أن هذا الأمر هو سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.
هناك أخطاء أخرى، لكن لعلنا نتحدث عنها في جمع غير الجمع الآتية، وذلك من باب التنويع والتجديد.