الباطن
هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...
العربية
المؤلف | صالح بن فوزان الفوزان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المهلكات - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
ومنها ما يفعله بعض الجشعين الذين يلهثون وراء جمع المادة بحيث يؤجرون بيوتهم أو شققهم للعزاب الذين يضايقون الجيران، ويؤذونهم بالإطلاع على بيوتهم من السطوح أو من خلل النوافذ، وكثير منهم لا يصلون مع المسلمين ولا يعرفون المساجد وهم قريبون منها أو بجوارها فيشكلون خطراً على المسلمين المجاورين لهم بحيث يقتدي بهم غيرهم من الكسالى والأولاد الصغار، والسبب في ذلك هو المؤجر وهو الذي يتحمل كثيراً من إثمهم وتصيبه دعوات المسلمين الذين تضرروا من هؤلاء المستأجرين ..
الحمد لله رب العالمين، حرم أذية المسلمين والتعدي على حرماتهم، وتوعد من فعل ذلك بأشد الوعيد –أحمده على نعمه وقد وعد الشاكر بالمزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم الرسل وأشرف العبيد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى واحذروا من أذية المسلمين فإن عقوبتها أليمة، وعاقبتها وخيمة، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [الأحزاب:58] قال المفسرون في معنى هذه الآية الكريمة: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) أي بأي وجه من وجوه الأذى من قول أو فعل (بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) أي: لم يكن ذلك لسبب فعلوه يوجب عليهم الأذية ويستحقونها به؛ فأما الأذية للمؤمن والمؤمنة بما كسبه مما يوجب عليه حداً أو تعزيراً فذلك بغير حق فقد احتمل بهتاناً وإثماً يعاقب عليهما أشد العقوبة، وفي الحديث: "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه" وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله: إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار، وتؤذي جيرانها بلسانها: فقال: "لا خير فيها هي في النار" صححه الحاكم وابن حبان وغيرهما.
عباد الله: إن أذية المسلمين تكون بالقول وبالفعل فالقول:كالغيبة والنميمة والسب والشتم، قال الله تعالى: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور:15] (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) [الحجرات:12]
وأذية الناس بالفعل لها أنواع كثيرة خطيرة منها: أذية الجيران كأصوات الأغاني والمعازف والمزامير التي كثرت في هذا الزمان بواسطة الأجهزة الحديثة في البيوت والدكاكين وصار أصحابها لا يبالون بقلق جيرانهم منها وتأذيهم بها.
ومنها ما يفعله بعض الجشعين الذين يلهثون وراء جمع المادة بحيث يؤجرون بيوتهم أو شققهم للعزاب الذين يضايقون الجيران، ويؤذونهم بالإطلاع على بيوتهم من السطوح أو من خلل النوافذ، وكثير منهم لا يصلون مع المسلمين ولا يعرفون المساجد وهم قريبون منها أو بجوارها فيشكلون خطراً على المسلمين المجاورين لهم بحيث يقتدي بهم غيرهم من الكسالى والأولاد الصغار، والسبب في ذلك هو المؤجر وهو الذي يتحمل كثيراً من إثمهم وتصيبه دعوات المسلمين الذين تضرروا من هؤلاء المستأجرين، ودعوة المظلوم مستجابة.. فاتقوا الله يا من تؤجرون أمثال هؤلاء الفسقة أو الكفرة، إنكم محاسبون على ذلك وآثمون ومستحقون ويتقيه ويحترم حقوق المسلمين وحقوق المساجد.
ومن أذية المسلمين: مضايقتهم في طرقاتهم وشوارعهم بإلقاء الأذى فيها من النفايات والأوساخ والنجاسات، وبعض الناس لا يبالي بوضع هذه الأشياء في طرقات المسلمين، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة وأنها من شعب الإيمان مما يدل على أنه مطلوب من المسلم أن يزيل الأذى عن طريق المسلمين، فكيف يلقيه هو فيه.
ومن أذية المسلمين في طرقاتهم ما يفعله كثير من البنائين من وضع الحجارة والطوب والحديد أو حفر الحفر في الطريق ويترك ذلك مدة طويلة يحتج به الطريق من غير مبالاة بحق المسلمين، وفي ذلك إثم عظيم وظلم كبير.
ومن أذية المسلمين في طرقاتهم إيقاف السيارات فيها أو مضايقة الناس أثناء السير أو ترويعهم بالسرعة الجنونية أو إزعاجهم بأصوات الأبواق من غير حاجة، كل ذلك يدخل في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً).
ومن أذية المسلمين: قضاء الحاجة بالتبول أو التغوط في طريقهم أو مواردهم أو الظل الذي يجلسون فيه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا اللعّانَين: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم" رواه مسلم، وزاد أبو داود عن معاذ رضي الله عنه: "والموارد" ولفظه: "اتقوا الملاعن في الحديثين: الأمور التي تجلب اللعن، وذلك أن من فعل شيئاً منها لعنه الناس وشتموه، وقد أخرج الطبراني بإسناد حسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أذى المسلمين في طريقهم وجبت عليه لعنتهم" وهذه الأحاديث تدل على استحقاقه اللعنة.
ومن أذية المسلمين: إفساد محلات الوضوء التي تجعل عند المساجد وتوسيخها وتعطيل منفعتها أو تلويثها بالنجاسة مما يتسبب عنه تنجيس ثياب المسلم الذي يدخلها للوضوء؛ فيجب على المسلم أن يحترم إخوانه المسلمين، ويحترم مرافقهم ويكف أذاه عنهم، وينكر على من صدر منه أذى للمسلمين.
فاتقوا الله -عباد الله- (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [المائدة:2]