الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
العربية
المؤلف | أحمد عبدالرحمن الزومان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أركان الإيمان - الحياة الآخرة |
ومما ينبه عليه أن كون الشيء من علامات الساعة غالباً يرد مورد الذم والتحريم؛ فلا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق لكن ليس هذا مطلقاً في علامات الساعة فلا تلازم في كون الشيء من علامات الساعة والنهي عنه، فرسالة النبي التي هي رحمة للعالمين من علامات الساعة الصغرى ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
أَمَّا بَعْدُ: لهذا الكون الذي نعيش فيه نهاية فتنتهي الحياة الدنيوية وتبدأ حياة الآخرة بقيام الساعة، لكن يسبق قيام الساعة علامات تدل على قربها وعلامات الساعة منها ما مامضى كفتح القسطنطينية ومنها ما ظهر ولا يزال ينتشر كالتطاول بالبنيان ومنها مالم يظهر بعد كنزول عيس بن مريم عليه السلام وسأتطرق في هذه الخطبة وخطب قادمة -إن شاء الله- عن يوم القيامة ومقدماته، وأكتفي في هذه الخطبة عن علامات الساعة الصغرى وهي العلامات التي يدل ظهورها على قرب قيام الساعة (وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) [الحـج:47] وهي من الكثرة بحيث يطول المقام بتعدادها فأكتفي بالتنبيه على بعضها مما أرى مسيس الحاجة إليه.
فمن علامات الساعة الصغرى زخرفة المساجد وتزينها وتباهي الناس بذلك وتفاخرهم فعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد"رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أمرت بتشييد المساجد قال ابن عباس لَتُزَخْرِفُنَّهَا كما زخرفت اليهود والنصارى" رواه أبو داود ورواته ثقات.
قال الخطابي في معالم السنن (1/121) : "معنى قوله لَتُزَخْرِفُنَّهَا لتزيننها وأصل الزخرف الذهب يريد تمويه المساجد بالذهب ونحوه".أ هـ .
وقال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (2/271): "تزخرف المساجد أي تنقش وتموه بالذهب".
فاليهود والنصارى عندما حرفوا وبدلوا كتبهم وتركوا العمل بما فيها اكتفوا في المظاهر وذلك بزخرفة بيعهم وكنائسهم وكذلك هذه الأمة حينما تبتعد عن عمارة المساجد بالعبادة من صلاة وذكر و تعليم تلجأ إلى عمارة المساجد بالمظاهر المخالفة للسنة بنقش هذه المساجد وتزويقها ورفع مبانيها قدراً زائداً عن الحاجة مباهاة ومفاخرة؛ فالسنة في بنيان المساجد القصد وترك الغلو في تحسينها وهذا يختلف من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان فإذا بنيت المساجد كسائر بيوت عامة الناس فليس هذا من تشييد المساجد المنهي عنه والله أعلم.
ومن علامات الساعة الصغرى: ظهور الربا وانتشاره في معاملات الناس فعن ابن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين يدي الساعة يظهر الربا والزنا والخمر" رواه الطبراني في الأوسط قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح.
ففي آخر الزمان تستولي الدنيا على القلوب فيكون الهم جمع المال بغض النظر عن حله و حرمته و يعد من أفضل الناس من يبحث عن قول قائل من أهل العلم ليوافق هواه؛ فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلال أم من حرام" رواه البخاري.
فإذا فشا الربا في معاملات الناس أصيبوا بالأزمات الاقتصادية وكساد الأموال فربما ربح عاجل لكنَّ هذا الربحَ العاجلَ يمحق بركة المال ويهلك رأس المال والربح كما قال ربنا عز وجل: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) [ البقرة:276].
ومن علامات الساعة الصغرى: فشو التجارة واشتغال الكثير فيها حتى النساء اللاتي الأصل فيهن عدم الاشتغال بها يزاولنها؛ فعن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة وقطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان شهادة الحق وظهور القلم" رواه أحمد بإسناد صحيح.
وعمل المرأة في التجارة أو في غيرها إذا لم يكن فيه محذور شرعي - فالأصل فيه الجواز، وعلماء هذه البلاد وطلاب العلم فيها لا يمنعون المرأة من العمل؛ فمن يعلم بناتنا ومن يطبب نساءنا.. إنما يتحفظون على إقحام المرأة في أعمال تتعارض مع طبيعتها أو تعرضها للأذى بمخالطة الرجال والعمالة الوافدة وكذلك الاجتماعات النسائية التي تنتفع بها المرأة في دينها أو دنياها إذا خلت من محاذير شرعية فالنقل والعقل يدلان على عدم منعها.
ومما ينبه عليه أن كون الشيء من علامات الساعة غالباً يرد مورد الذم والتحريم؛ فلا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق لكن ليس هذا مطلقاً في علامات الساعة فلا تلازم في كون الشيء من علامات الساعة والنهي عنه، فرسالة النبي التي هي رحمة للعالمين من علامات الساعة الصغرى؛ فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بإصبعيه هكذا بالوسطى والتي تلي الإبهام بعثت والساعةُ كهاتين" رواه البخاري ومسلم.
ومن علامات الساعة ما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال فيفيضَ حتى يُهِمَّ رَبَّ المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه عليه فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لَا أَرَبَ لي به وحتى يتطاول الناس في البنيان وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقولُ يا ليتني مكانه وحتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس يعني آمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبَهُما بينهما فلا يَتَبَايَعَانِهِ ولا يطويانه ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لِقْحَتِهِ فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يُلِيطُ حوضه فلا يسقي فيه ولتقومن الساعة وقد رفع أُكْلَتَهُ إلى فيه فلا يطعمها" رواه البخاري.
وعنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قيل كيف إضاعتها قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة" رواه البخاري.
وعن أنس بن مالك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهرَ الجهل ويظهرَ الزنا وتكثرَ النساء ويقلَّ الرجال حتى يكون لخمسين امرأة القيمُ الواحد" رواه البخاري ومسلم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين.
وبعد: من علامات الساعة الصغرى: شيوع الآلات الموسيقية والغناء؛ فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ قيل ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال إذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمر" رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني في صحيح الجامع.
والمعازف هي آلات اللهو كلُها ولو كانت حلالاً لما ذمهم على استحلالها ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر فالغناء محرم بنص النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى البخاري عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب عَلَم يَرُوحُ عليهم بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولون ارجع إلينا غدا فيُبَيِّتُهم الله وَيَضَعُ العلَمَ ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة" وقد أعل الحديث ابن حزم رحمه الله تعالى بالانقطاع و تعقبه الحفاظ وخطئوه. منهم ابن القيم حيث قال في إغاثة اللهفان: "لم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئاً كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي وزعم أنه منقطع؛ لأن البخاري لم يصل سنده به وجواب هذا الوهم من وجوه … فالحديث صحيح متصل عند غيره" أ.هـ .
وقال خاتمة الحفاظ ابن حجر في فتح الباري: "البخاري أورده قائلاً قال هشام بن عمار وساقه بإسناده فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام وجعله جواباً عن الاحتجاج به على تحريم المعازف وأخطأ في ذلك من وجوه والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح والبخاري". أ.هـ
فابن حزم على جلالة قدره في العلم إلا أن له أشياء لا يوافق عليها ويدركها صغار طلاب العلم. وليست العمدة في تحريم الآلات الموسيقية و الغناء هذا الحديث بل هناك أحاديث أخرى وأثار عن الصحابة. وعمدة من أباح الغناء من المتأخرين كلام ابن حزم. وتبين خطؤه.
وهناك شبهة قد ترد عند البعض وذلك بأنه سمع الفقيه الفلاني يفتي عبر إحدى الفضائيات بحل الغناء. فعمدتهم -كما أسلفت- كلام ابن حزم، وتبين خطؤه، ووجود الخلاف في مسألة من مسائل العلم ليس مسوغاً للحل، بل لم يقل أحد من علماء المسلمين أنه إذا وجد خلاف في مسألة فقهية فللشخص أن يختار ما شاء من الأقوال. فمن كان لديه القدر على البحث والترجيح فليبحث وليعمل بما يؤدي إليه اجتهاده، ومن ليس له قدرة على ذلك فليقلد من يثق بدينه وعلمه. فإن كانت المسألة مسألة رجال من المعاصرين؛ فالشيخان ابن باز وابن عثيمين يريان تحريم الغناء فهما أولى من غيرهما بالتقليد لمن تجرد عن الهوى.
لا تَعْرِضَنَّ لذكرنا في ذكرهم