الحفي
كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...
العربية
المؤلف | ملتقى الخطباء - الفريق العلمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحياة الآخرة |
كل ما في الدنيا مما رأيناه وما لم نره، وما سمعناه وما لم نسمعه، ما وصف لنا وما لم يوصف لنا، لا يساوي موضع سوط في الجنة، وخمار قصير على رأس الحور العين خير من الدنيا وما عليها، ولو...
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:1]؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب:70-71]، أما بعد:
أيها الناس: إذا أذن الله تعالى بنزول الغيث، فارتوت الأرض بالماء، فأنبتت عشبها، واكتست بخضرتها، وطاب ريحها؛ فإن كل حي لا يمل النظر إليها، والاستمتاع بها، وإذا قُدِّر للعبد أن يرى بلادًا قد اخضرَّت أرضها، وجرت أنهارها، وأزهرت أشجارها، وأينعت ثمارها، وطاب هواؤها؛ فإنه يأنس فيها، ويتمنى عدم مفارقتها.
وإذا دخل الإنسان بستانًا كثرت أشجاره، وتوفر ماؤه، ورتب بنيانه، ودنت ثماره؛ فإنه يطيل المكث فيه، ويُقَلِّبُ بصره في نواحيه.
وإذا دخل قصراً منيفًا قد أحاطت به حدائق غناء، يختلط فيها خرير الماء بحفيف الأشجار، وبداخله من التحف والنوادر، والأثاث والمتاع، والزينة والزخارف ما لا يوصف؛ فإنه يتمنى ملكه وسكناه.
كل هذا نرى شيئًا يسيرًا منه في الدنيا، وما خفي علينا من بساتين الأرض وبحارها، وأنهارها وقصورها أكثر مما نعلمه، وما لم نره منها أكثر مما رأيناه! هذا عدا ما فيها من المآكل والمشارب، والملابس والمراكب، وأنواع الزينة والمتاع، مما لا يوصف من كثرته وتنوعه، والله تعالى قد وعد المتقين جنة عرضها السموات والأرض، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
عباد الله: كل ما في الدنيا مما رأيناه وما لم نره، وما سمعناه وما لم نسمعه، ما وصف لنا وما لم يوصف لنا، لا يساوي موضع سوط في الجنة، وخمار قصير على رأس الحور العين خير من الدنيا وما عليها، ولو اطلعت واحدة منهن على الأرض لملأتها ريحاً وجمالاً، (تِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا)[مريم:63].
لقد استحقت الجنة هذا الاسم حتى صار علمًا عليها؛ لأنها مكسوّة بالخضرة، مستورة بالأشجار، ولا يستحق اسم الجنة إلا بستان كثرت أشجاره، وتنوعت ثماره، وجرى ماؤه، وطاب المقام فيه.
وإن أعظم جنة في الأرض لا تساوي عودًا بالنسبة لجنة الخلد، (قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا * لهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولاً)[الفرقان: 15-16].
لما كانت الجنة فيها من النعيم ما لا يوصف كثرة وتنوعًا ولذة فقد أضيف النعيم إليها فقيل: جنات النعيم؛ لأنها امتازت به، وكثر فيها، (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ)[لقمان:8]، وسألها إبراهيم -عليه السلام- ربه -عز وجل- فقال (وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ)[الشعراء:85].
وهي التي يأوي إليها المؤمنون، فيتبوؤون منها منزلاً، وتكون لهم مقامًا ونزلاً (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى)[النَّازعات: 40-41] (خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا)[الفرقان:76].
وهي دار الخلد، فأهلها لا يظعنون عنها، ولا يرتحلون إلى غيرها أبدًا (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)[هود:108]، فلا ينقطع نعيمها، ولا يزول ترفها، بل هو دائم مستمر مستقر،(لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ)[الحجر:48]، وما فيها من النعيم والمتاع مما يتنعم به أهلها دائم غير منقطع، كامل غير منقوص: (مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا)[الرعد:35] (مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الحِسَابِ * إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ)[ص: 50-53].
ويفرح أهلها بخلودهم فيها، ويلهجون بحمد ربهم قائلين: (الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ المُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)[فاطر:34-35].
عباد الله: الجنة هي دار السلام التي دعا إليها الرحمن: (وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[يونس: 25]، فمن استجاب لدعوة الله تعالى، واتبع رسله، وسلك صراطه المستقيم؛ فهو المستحق لها: (وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * لهَمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الأنعام: 126- 127].
وهل دارٌ تستحق اسم السلام غير دار الرحمن؟! فهو السلام، ومنه السلام، (هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلَامُ)[الحشر:23]، وقد سلمها الله -عزّ وجل- من كل الآفات والمكروهات، فخزنتها من الملائكة يبشرون أهلها بأنهم سالمون، ويستقبلونهم بالسلام: (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)[الزُّمر:73]، ويدخلون عليهم من كل باب قائلين: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)[الرعد: 24].
وهي الدار السالمة من اللغو والتأثيم، ومن كل كلام قبيح، ويسلم أهلها من سماع ما لا يسرهم: (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا)[الواقعة:26]. ويحيي بعضهم بعضًا بالسلام؛ لأن السلامة قد كتبت لهم: (تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ)[إبراهيم:23].
ويكفيهم سلامًا بشرى ربهم لهم بالسلام: (لهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ)[يس:57-58].
وهي دارٌ زينها الرحمن -جلّ جلاله-، وجعلها موئلاً لعباده، ومستقرًا لأحبابه؛ فاستحقت أن تسمى بالحسنى (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)[يونس:26]، وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يفيد أن: الحسنى هي الجنة، والزيادة هي النظر إلى وجه الرحمن.
فمن دخلها فهو آمن من كل مكروه، ولا يناله أيُّ سوء: (إِنَّ المُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)[الدُخان:52]، فأهلها آمنون من الخروج منها، آمنون من نقص النعيم فيها، آمنون من أيِّ كَدَرٍ أو تنغيص، آمنون من الموت: (يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إِلَّا المَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الجَحِيمِ)[الدُخان:56]، (إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ)[الحجر: 45-48].
وقد وُصِفَ إدخالهم للجنة بالإكرام؛ لأنه كذلك؛ بل هو من أعظم الإكرام: (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا)[النساء:31]، قال السمعاني -رحمه الله-: "فالمدخل: الْجنَّة، والمدخل -بِضَم الْمِيم- الإدخال، يَعْنِي: إدخالا كَرِيمًا"؛ وذلك إرضاءً لهم على أعمالهم الصالحة في الدنيا؛ كما قال سبحانه: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ)[الحج: 58-59].
أسأل الله تعالى بمنه وكرمه، وفضله وإحسانه، وعفوه ورحمته أن يجعلنا ووالدينا وإخواننا المسلمين من أهلها، وإن يجعلها لنا مستقرًا ومقامًا، إنه سميع مجيب.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه..
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
فاتقوا الله -عباد الله- ونافسوا في الأعمال الصالحة، وسابقوا إلى المغفرة والجنة؛ فإن الجنة أعدت لأهل التقوى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)[آلعمران: 133]؛ فهي دارهم ومَحِلَّتُهُم، ومكانُ إقامتِهم: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ المُتَّقِينَ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللهُ المُتَّقِينَ)[النحل: 30-31].
أيها المسلمون: الجنة اسم شامل لجميع ما حوته من البساتين والمساكن والقصور، وهي جنات كثيرة جدًّا، لا يعلم عددها إلا الله تعالى؛ فقد ورد أن أم الرُّبيَع بنت البراء أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: "يا نبي الله! ألا تحدثني عن حارثة، -وكان قتل يوم بدر- فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، فقال -عليه الصلاة والسلام-: يا أم حارثة! إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى"(رواه البخاري).
ولكل واحد يدخل الجنة من المؤمنين جنتان، والمؤمن إما أن يكون من السابقين المقربين فله جنتان عاليتان، (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)[الرَّحمن:46]، وإما أن يكون من أصحاب اليمين، فله جنتان دون الأولتين: (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ)[الرَّحمن:62]، قال العلماء: "وإنما استحق المؤمن جنتين؛ لأنه امتثل أوامر الله تعالى، واجتنب نواهيه؛ فجنةٌ جزاء أداء الأوامر، وجنة جزاء اجتناب المحارم".
فمن ابتغى ذلك، وأراد ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ فعليه بالإيمان والعمل الصالح، واكتساب الحسنات، والبعد عن المحرمات.
فينبغي للمسلم إذا رأى منظرًا أعجبه من متاع الدنيا أن يتذكر مناظر الجنة، وبساتينها وأشجارها وأنهارها، وليتذكرْ قصورها وأثاثها وحورها، وليتذكر طيب طعامها وشرابها وريحها، وأن فيها قصورًا مشيدة من الذهب والفضة؛ فلبنة من ذهب، ولبنة من فضة.
فإذا شرب ماءً عذبًا، أو رأى نهرًا يجري، أو سيلاً يتدفق، أو سماءً تمطر؛ فليتذكرْ أن في الجنة أنهارًا من ماء غير آسن، وأن فيها قصورًا تجري من تحتها الأنهار.
وصف نعيم الجنة مقابل ما في الدنيا.
أيها الناس: إن كل نعيم يتنعمه الإنسان في الدنيا ففي الجنة ما هو أطيب منه وأبقى، وأكمل لذة ونعيمًا؛ فأعدوا لها عدتها، واعملوا بعمل أهلها، وسارعوا إليها، وسابقوا الناس عليها، ونافسوهم في أعلى درجاتها بالإقبال على الله تعالى، والمحافظة على الفرائض، والإكثار من النوافل؛ فإن الفوز والسعادة في ذلك، ولا فوز يعدلُه، ولا سعادة مثله؛ فمن غلب عليها فهو المغلوب، ومن حرمها فهو المحروم.
نسأل الله تعالى من فضله، ونعوذ بالله أن نُغلب عليها، أو نحجب عنها، أو نحرم نعيمها.
اللهم اجعلنا من ورثة جنة النعيم، واجعلنا من أهل الفردوس الأعلى من الجنة، ومتعنا بما فيها من نعيم، ولا تحرمنا فضل ما عندك بسوء ما عندنا، إنك أنت السميع العليم.
ألا صلوا وسلموا على نبيكم كما أمركم بذلك ربكم...
المصدر: جنة الخلد (1) الأسماء والأوصاف؛ للشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل