الحفيظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...
العربية
المؤلف | عبد الرحمن بن ناصر السعدي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أركان الإيمان |
حقُّهُ الأصيلُ أن نؤمن به, ونعترف بصدقه, وأنَّ كلَّ ما جاء به حقٌ لا ريب فيه، وأن نتبعه في أصول الدين وفروعه، ونقدَّم قوله وطاعته على طاعة كل أحدٍ، ونعلم أنَّه لا يأمرُ إلا بالمعروف, الذي هو الخير والهدى والبرُّ والصلاحُ، ولا ينهى إلاّ عنِ ...
الحمد لله الذي أوجب لرسوله حقوقاً، هي من لوازم الإيمان، وفضله وخصَّه بخصائص لا يشاركه فيها ملكٌ ولا إنسانٌ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, المتفرد بالوحدانية, والكبرياء والسلطان، الذي له كل اسم حسنٍ, ووصف جميلٍ, وهو الرَّحيم الرحمن.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث إلى الإنس والجان, اللهُمَّ صلِّ وبارك على محمدٍ, وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.
أما بعد:
أيها الناس, اتقَّوا الله تعالى؛ فإنَّ الله كتب الرحمة الكاملة للمؤمنين، فقال: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف:157].
فهذه الآيات الكريمةُ, قد تضمنَّت ما يجب لهذا النبي الكريم, من الحقوق التي لا يحصلُ, ولا يتم الإيمانُ إلا بها.
حقُّهُ الأصيلُ أن نؤمن به, ونعترف بصدقه, وأنَّ كلَّ ما جاء به حقٌ لا ريب فيه، وأن نتبعه في أصول الدين وفروعه، ونقدَّم قوله وطاعته على طاعة كل أحدٍ، ونعلم أنَّه لا يأمرُ إلا بالمعروف, الذي هو الخير والهدى والبرُّ والصلاحُ، ولا ينهى إلاّ عنِ المنكر الذي هو كلُّ شرٍ وأعمالٍ قباح، وأنَّه أحلَّ لنا جميع الطيبات من المآكل, والمشارب, والملابس, والمناكح, وجميع التصرفات, وحرم كل خبيث من هذه الأشياء، فرسالته احتوت على كل الكمالات.
وكان دينهُ مبنياً على اليسر والسُّهولة, ورفع الأغلال، قرةُ العيون حياةُ القلوب, ووسيلةٌ إلى كلِّ خيرٍ وكمالٍ، وعليْنا أن نُعَزِّرهُ بنصرهِ, ونصر شريعته في حياته, وبعد مماته.
فهو أولى بنا من أنفسنا في أمور العبد وحالاته، وعلينا أن نخضع لهديه, ونقتدي به في جميع حركاته وسكناته، وعلينا أن نوقره بالإجلال والإكرام، والتوقير التَّام والاحترام، وأن يكون أحب إلينا من والدينا وأولادنا, ونفوسنا, والنَّاس أجمعين، وأن نكثر من الصلاة, والتَّسليم عليه في كل وقت وحين، وأن لا ندعوه باسمه, بل إذا خاطبناه فعلى وجه الإجلال والتكريم.
وقد رفع الله له ذكره, فلا يُذكر الله, إلا ذكر معه الرسول, كما في الخطب, والشهادتين اللتين هي عماد الدين؛ لما له من الحقِّ الأكبر على النَّاس أجمعين.
وكما أنَّهُ صلى الله عليه وسلم تميَّز عن الخَلق بكل أوصاف الكمال المُمْكِن, الذي لا يساويه فيه مخلوقٌ, فكانَ حقُّهُ بعد حقِّ الله، أوكد الحقوق.
منَّ الله عليَّ, وعليكُمْ بمعرفَةِ نبيٍّنا, والقيام بحقِّه, والاقتداء به في كل حالٍ، وثبَّتنا بالقولِ الثابت على سنَّته, في الحال والمآل، وحشرنا في زمرته, وأدخلنا في شفاعته، وأوردنا حوضه العذب الشَّهي الزُّلال، إنَّهُ جوادٌ كريمٌ, واسعُ النوال.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.