المجيد
كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...
العربية
المؤلف | إبراهيم بن محمد الحقيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
إنَّ الْبَشَرَ فِيْ حَيَاتِهِمُ الْدُّنْيَا ضِعَافٌ مَسَاكِيْنٌ، لَا حَوْلَ لَهُمْ وَلَا قُوَّةَ إِلَا بِالله تَعَالَىْ؛ قَدْ أُسَرَهُمْ رَبُهُمْ سُبْحَانَهُ فَأَحْكَمَ أَسْرَهُمْ، وَشَدَّ وِثَاقَهُمُ، وَجَعَلَ حَاجَتَهُمْ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ دَائِمَةً؛ فَآجَالَهُمْ بِيَدِهِ تَعَالَىْ، وَأَرْزَاقُهُمْ عِنْدَهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يَنْفَكُّ الْعِبَادُ عَنِ الْحَاجَةِ لِلْرِّزْقِ؛ إِذْ لَا حَيَاةَ لِلْإِنْسَانِ بِلَا غِذَاءٍ، وَلَا غِذَاءَ بِلَا مَاءٍ، وَلَا مَاءَ إِلَّا بِأَمْرِ الله تَعَالَىْ..
الحمد لله الرزاق ذي القوة المتين؛ أفاض على عباده من خيره، وفتح لهم أبواب رزقه، فهم في نعمه يتقلبون، ومن رزقه يأكلون ويشربون ويلبسون ويركبون؛ نحمده على نعمه الوافرة، ونشكره على عطائه المتتابع (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل:18]وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الحليم الرحيم الجواد الكريم؛ يؤذيه عباده بالليل والنهار فيصبر على أذاهم، يرزقهم فيعصونه، ويعافيهم فيكفرونه (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ:13]
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ غفر الله تعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه؛ شكراً لله تعالى على نعمه، وإقراراً بفضله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أن أرزاقكم بيده سبحانه، ورزقه ينال بطاعته (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3]
أيها الناس: حين خلقنا ربنا جل في علاه فإنه سبحانه أحسن خلقنا، وأمرنا ونهانا، ويجزينا يوم القيامة بأعمالنا.
إن البشر في حياتهم الدنيا ضعاف مساكين، لا حول لهم ولا قوة إلا بالله تعالى؛ قد أسرهم ربهم سبحانه فأحكم أسرهم، وشد وثاقهم، وجعل حاجتهم إليه سبحانه دائمةً؛ فآجالهم بيده تعالى، وأرزاقهم عنده عز وجل، ولا ينفك العباد عن الحاجة للرزق؛ إذ لا حياة للإنسان بلا غذاءٍ، ولا غذاء بلا ماءٍ، ولا ماء إلا بأمر الله تعالى (وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) [الأنبياء:30]( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا) [الفرقان:48-49] فالماء أعظم الرزق وأهمه، ولا حياة للبشر بفقده، والأرزاق الأخرى سببها الماء؛ وفي القرآن جاء إطلاق الرزق على الماء (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا) [غافر:13] وتخرج الأرض أرزاقها بسبب الماء (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ) [البقرة:22]وفي آياتٍ أخرى (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ) [ق:9-11] فطعام البشر وطعام دوابهم مما تخرج الأرض بعد الغيث المبارك (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ) [السجدة:27]
وذكر الله تعالى ما نأكل من طعامٍ؛ ففصل سبحانه لنا دورة هذا الطعام التي مر بها حتى وصل إلينا، وختم ذلك ببيان أنه متاع لنا (فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) [عبس:24-32]
ولما كانت حياة البشر لا بقاء لها إلا بماءٍ وطعامٍ؛ كان حبس الماء عن الناس سبباً للجوع والموت الذريع، وفناء البشر ونفوق أنعامهم، وكان هذا الحبس عقوبةً يعاقب بها ربنا من شاء من عباده على عصيانهم، أو بلاءً يبلوهم به ليزيد في عبوديتهم وخضوعهم له سبحانه؛ وليستخرج دعاءهم وذلهم وانطراحهم عليه عز وجل، وقد أصاب بالقحط والجدب أمماً قبلنا؛ عقوبةً لهم على ما قارفوا من العصيان، وفي قصة يوسف -عليه السلام- رأى الملك (سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ) [يوسف:43] فعبرها يوسف -عليه السلام- بسبع سنوات زرعٍ يخزن فيها الطعام لسبعٍ جدباء تأكل ما خزنوا، يعقبها فرج بغيثٍ عظيم (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) [يوسف:47-49]
ولما طغى فرعون واستكبر أنذره الله تعالى بجملةٍ من الآيات التخويفية دل السياق القرآني على أن القحط والجدب كان أولها (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) [الأعراف:130] لكنهم لم يتذكروا فتابع عليهم نذره حتى أغرقهم.
وأهل مكة قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أنعم الله تعالى عليهم بالشبع والعطاء، وصرف عنهم الخوف، فكانت العرب لا تغزوهم؛ لمكانهم من البيت الحرام، وفي منة الله تعالى عليهم بذلك قال سبحانه: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش:3-4]
لكنهم كذبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وحاربوا دعوته، وآذوا أتباعه؛ فأصابهم ما أصاب غيرهم من القلة والجوع، وجعلهم الله تعالى مثلاً مضروباً لقراء القرآن حتى لا يسيروا سيرتهم في العصيان (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل:112]
وسبب ذلك دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم، ولم يرفع القحط والجوع عنهم إلا باستسقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم كما روى ابن مسعودٍ -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رأى قريشًا استعصوا عليه قال: "اللهم أعني عليهم بسبعٍ كسبع يوسف، فأخذتهم السنة حتى حصت كل شيءٍ حتى أكلوا العظام والجلود وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان فأتاه أبو سفيان فقال: أي محمد، إن قومك قد هلكوا فادع الله أن يكشف عنهم فدعا" رواه الشيخان.
ومن رحمة الله تعالى بهذه الأمة أنه لا يهلكها جميعاً بالقحط والجوع، لا أمة الدعوة ولا أمة الإجابة؛ وذلك ببركة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه قال: "وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنةٍ عامةٍ، فقال الله تعالى: "يا محمد، إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنةٍ عامةٍ" رواه مسلم.
لكنه سبحانه يعاقب بعضها بالقحط والجوع، ويخوف بعضها به، ويبتلي به بعضها، والقحط والجفاف الذي نتج عنه مجاعات كثيرة في تاريخ هذه الأمة، وأصيب به المسلمون والكفار هو من قبيل العقوبات على المعاصي، أو التخويف بالآيات، أو الابتلاء للعباد، والابتلاء يحتاج إلى صبرٍ ومزيد عبوديةٍ، وحسن ظنٍ بالله تعالى مع سوء ظنٍ في النفس الأمارة بالسوء، وفي البلاء بالقحط قال الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) [البقرة:155]
ومن سمات العقوبة بالقحط والجفاف أنه يصيب الناس الشيء بعد الشيء فليس عذاباً يهلك بغتةً؛ ولذا أصيب به قوم يوسف سبع سنين فضاقوا لكن عاشوا، وأصيب به فرعون وقومه فلم يهلكهم، ولم يكن سبباً في رجوعهم حتى أصابهم الله تعالى بالرجز وهو الوباء المفني فتابوا فرفع عنهم، ثم نكثوا فأغرقوا.وأصاب القحط قريشاً فضاقت أحوالهم، وخارت قواهم، لكنهم عاشوا إلى أن سقوا بدعوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي عقوبتهم بالقحط والجوع فسر ابن عباسٍ -رضي الله عنه- ما هذه الآية (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) [المؤمنون:76]
ولذا كان القحط عذاباً أدنى وليس عذاباً أكبر؛ كما مثل به بعض السلف في قول الله تعالى: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأَدْنَى دُونَ العَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [السجدة:21] قال ابن مسعودٍ -رضي الله عنه- في تفسير العذاب الأدنى: "سنون أصابتهم".
وخطورة العقوبة بالقحط أن كثيراً من الناس لا يتعظون به، ولا يخافون أن يكون عقوبةً، فلا يردعهم عن عصيانهم؛ كما لم يرتدع به السابقون، وهذا من أمن العقوبات، والغفلة عن تذكر الآيات، وإلا فإن الواجب على العباد إذا رأوا أي تغيرٍ في أحوالهم ومعايشهم حرك ذلك قلوبهم، فحاسبوا أنفسهم، وأقلعوا عن ذنوبهم، وتابوا إلى ربهم، وراجعوا دينهم؛ خوفاً من عذابٍ أعظم وأكبر، ومن قرأ تاريخ البشر ورأى ما أصابهم من المجاعات خشي في كل موسمٍ يحبس فيه القطر أن يكون عذاباً من الله تعالى.وربنا سبحانه قد خوفنا من غور المياه وقلتها، ومن علينا بتوافرها وعذوبتها (أَفَرَأَيْتُمُ المَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أَمْ نَحْنُ المُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ) [الواقعة:68-70] (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ) [الملك:21] (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) [الملك:30]
نعوذ بالله تعالى من زوال نعمته وتحول عافيته وفجاءة نقمته وجميع سخطه.أقول ما تسمعون.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة:281]
أيها المسلمون: يجب على أهل الإيمان إذا أغيثوا أن يشكروا الله تعالى على رزقه، ويقروا بفضله؛ فإن الغيث من رحمة الله تعالى يسد به حاجة العباد (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ) [الشورى:28]
كما يجب عليهم إن حبس القطر عنهم مدداً متتاليةً أن يخافوا ويتوبوا؛ خشية أن يكون عقوبةً تتبعها عقوبات أعظم؛ كما وقع لفرعون وقومه؛ فإنهم عوقبوا بعد الجدب بأنواعٍ من العقوبات فلم يتعظوا فختم الله تعالى عقوبتهم بالغرق فأهلكهم، وعوقب صناديد الشرك في مكة بالقتل في غزوة بدرٍ بعد أن عوقبوا بالسنين فلم يتعظوا.وإبطاء الغيث عنا مع شدة حاجتنا إليه وكثرة استسقاءنا يوجب المراجعة والاتعاظ؛ فإن سنن الله تعالى ماضية في عباده، وعقوباته لا تدفع إلا بطاعته، وعسى أن لا نسلك مسلك الذين عذبوا بأنواع العقوبات بعد أن لم يتعظوا بآية القحط والجدب، ولا سيما أن أهل المنكرات ماضون في إفسادهم ومجاهرتهم بالحرب على الله تعالى وعلى شريعته وعلى عباده الصالحين، والإنكار عليهم قليل، وهذا من البلاء العظيم الذي يكون سبباً في رفع الرزق والأمن، وحلول الخوف والجوع؛ لأن الله تعالى يغار على حرماته أن تنتهك.
إن لزوم الإيمان والتقوى، والاستقامة على الدين، وتعظيم جناب الشريعة، والعمل بأحكامها سبب للغيث والزرع والبركة، قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف:96]وقال سبحانه في أهل الكتاب: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) [المائدة:66] وقال عز وجل في أهل مكة: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) [الجن:16]
فكل أولئك عوقبوا بالقحط والمحق والجوع والقلة؛ لأنهم لم يستقيموا على دين الله تعالى، واستهانوا بشرعه، وفرطوا في أمره ونهيه، ولم يخافوا عقوبته؛ فلنحذر أن نكون كما كانوا؛ فإن عذاب الله تعالى شديد: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود:102]
وصلوا وسلموا على نبيكم..