الباطن
هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...
العربية
المؤلف | خالد القرعاوي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحج - الهدي والأضاحي والعقيقة |
كَذَلِكَ؛ فقد شَرَعَ لَنا ربُّنا ما نُشارِكُ به حُجَّاجَ بيتِ اللهِ الحَرَامِ من ذَبحِ الأَضَاحي, فَهي من أَعظَمِ شَعَائِرِ الدِّينِ، وهي سُنَّةُ أَبِينَا إبراهيمَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وقد أمَرَ اللهُ المُرسلينَ والمُؤمِنينَ فقالَ: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163].
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله أتمَّ علينا النِّعمَةَ وأكملَ لنا الدِّين, نشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ رَبُّ العالَمِينَ, ونَشهَدُ أنَّ مُحمَّدَا عبدُهُ وَرَسُولُهُ الأَمِينُ, صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ والتَّابِعِينَ.
أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ حَقَّ التَّقوى، واستَمسِكُوا من الإسلام بالعُروة الوُثقُى, واشكروا اللهَ على نِعَمٍ تَترَاً: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) [البقرة:197].
بِالأمْسِ واليَوْمَ نُودِّعُ حُجَّاجَنا, وَقُلُوبُنا معهم تَرْقُبُهم وتَدعو لهم, فَتَقُولُ: زوَّدكم اللهُ التَّقوى، وغَفَرَ ذَنُوبَكُم، ويَسَّرَ لَكمُ الخَيرَ, وَنَستَودِعُ اللهَ دِينَكم وَأَمَانَاتِكم وَخَوَاتِيمَ أَعمَالِكم.
وإنَّا نُبَشِّرُهُم ببشارةِ رَسُولِ الله-صلى الله عليه وسلم- "أنَّ الحَجَّ المَبْرُورَ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةَ".
فاحرص أيُّها الحاجُّ أنْ يكونَ حَجُّكَ كذلكَ بأنْ تَبتغِيَ به وجهَ اللهِ -تعالى- والدَّارَ الآخرةَ، قُل: "اللَّهُمَّ حَجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَة"، واحرص على اتباع سُنَّةِ نَبِيِّكَ -صلى الله عليه وسلم- في كلِّ المَنَاسِكِ، فقد كانَ -صلى الله عليه وسلم- يُؤدِّيَ مَنَاسِكَه ويقولُ: "خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ".
وأكثروا من ذكرِ الله، ومن التَّكبيرِ والتَّلبِيَةِ، "فأَفْضَلُ الحَجِّ العَجُّ والثَجُّ". والعَجُّ رَفْعُ الصَّوتِ بِالتَّلبِيَةِ, وَالثَّجُّ إرَاقَةُ دَم الهَدي والنُّسُكِ.
وَتَعلَّموا أَحكَامَ الحَجِّ حتى تَعبُدُوا اللهَ على عِلمٍ وبصيرةٍ، وَابْتَعِدُوا عن الآثامِ، فاللهُ يقولُ: (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة:197].
وتَحلَّوا بالصَّبرِ الجميلِ، وأَحسِنُوا إلى عبادِ اللهِ بكلِّ ما تستطيعونَ؛ تَعلِيمَاً وإرشادَاً وإطعَامَاً وإيواءً, فقد سُئلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ما برُّ الحجِّ؟ فَقالَ: "إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وإفشاءُ السَّلام، وَطِيبُ الْكَلاَمِ".
تقبَّل الله منَّا ومنكم صالح القول والعمل، ولا تَنسوا إخوَانَكُم من صالِحِ دُعائِكم.
عبادَ الله: ولئن مَضى الحُجَّاجُ بالأجرِ والغَنِيمَةِ فَفَضْلُ الله وَاسِعٌ, وجُودُهُ ليس له حدٌّ, فقد شرعَ لنا رَبُّنا صيامَ يومِ عَرَفَةَ، وجَعَلَهُ مُكفِّراً لذنوبِ سَنَتَينِ كَامِلَتَينِ، كما قَالَ ذلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ".
ألم تعلموا -يا مسلمينَ- أنَّ يومَ عَرفةَ هُو يَومُ إكمالِ الدِّينِ وإتمامِ النِّعمةِ؟! فما أعظَمَهُ من يومٍ أقسمَ اللهُ فيه فَقَالَ: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) [البروج:3]! قَالَ-صلى الله عليه وسلم-: "الشَّاهِدُ يَومُ الجُمُعَةِ، وَاليَومُ المَشهُودُ يَومُ عَرَفَةَ". وما أجلَّه من يومٍ يُباهي الله فيه! وما أشرَفَهُ من يومٍ يَستَجِيبُ الله فيه, ويغفرُ فيه! فمَا رُئِيَ إِبلِيسُ أَحقَرَ وَلا أَغيَظَ مِنهُ فِيهِ؛ وَذَلِكَ لِمَا يَرَى مِن تَنَزُّلِ الرَّحماتِ، وَتَجَاوُزِ اللهِ عَنِ السَّيئاتِ, عن عَائِشَةَ -رضي اللهُ عنها- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا مِن يَومٍ أَكثَرُ مِن أَن يُعتِقَ اللهُ فِيهِ عَبدًا مِنَ النَّارِ مِن يَومِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدنُو ثُمَّ يُبَاهِي بهم الملائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ؟!". قال ابنُ رجبٍ -رحمهُ اللهُ-: "العتقُ من النَّارِ عامٌّ لِجميعِ المسلمينَ بحمدِ اللهِ".
اللهُ أكبرُ يا مؤمنينَ! كَمْ فِي يومِ عَرَفَةَ من مُتَضَرِّعٍ للهِ وَمُنكَسِرٍ! كم منْ خائِفٍ وَجِلٍ! كَم مِن رَجُلٍ بَادَرَ بِالتَّوبَةِ فَبَادَرَهُ اللهُ بِالغُفرَانِ! ملايينُ البَشرِ تجأَرُ إلى اللهِ بِمُختَلِفِ اللُّغَاتِ بِجميعِ الحاجاتِ, وَاللهُ -سُبحَانَهُ- سميعٌ بصيرٌ، لا تختَلِفُ عَلَيهِ الأَلسِنَةُ وَلا يَشغَلُهُ سُؤَالٌ عَن سُؤَالٍ.
فِيهِ أَفضَلُ الدُّعَاءِ وَأَرجَى المَسأَلَةِ، قالَ-صلى الله عليه وسلم-: "خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، له المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ".
فَعَظِّموا ذَلِكَ اليومَ، وصُومُوهُ، وَحُثُّوا أولادَكم عليه, وادعُوا اللهَ وَأَنْتُم مُوقِنُونَ بِالإجَابَةِ، وأبشروا يا مؤمنينَ!.
كَذَلِكَ؛ فقد شَرَعَ لَنا ربُّنا ما نُشارِكُ به حُجَّاجَ بيتِ اللهِ الحَرَامِ من ذَبحِ الأَضَاحي, فَهي من أَعظَمِ شَعَائِرِ الدِّينِ، وهي سُنَّةُ أَبِينَا إبراهيمَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وقد أمَرَ اللهُ المُرسلينَ والمُؤمِنينَ فقالَ: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163].
فالأضاحي من أَجَلِّ العِبَادَاتِ وأَحبِّها إلى اللهِ -تعالى-، ولَمَّا سُئِلَ رَسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عنها قالَ: "سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ".
وقالَ بوجوبِها جَمْعٌ من العلماءِ؛ لقولِ الرَّسولِ-صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ, فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا". قال ابنُ عمرَ -رضي الله عنهما-: "أقامَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالمدينةِ عشرَ سنينَ يُضحي"، وقال ابنُ القَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-: "ولم يَكنْ -صلى الله عليه وسلم- يَدَعُ الأُضحِيَةَ".
قَالَ ابنُ العُثيمينَ -رحمَهُ الله-: والقولُ بِالوجوبِ أَظهَرُ بِشرطِ القُدرَةِ، أمَّا الْمَدِينُ فإنَّه لا تَلزَمُهُ الأُضحِيَةُ، بل إنْ كان عليه دَينٌ فَينبَغي أنْ يَبدَأَ بالدَّين قبلَ الأضحيةِ. اهـ.
أيُّها الكرامُ: وبعضُ إخوانِنا قد يتذمَّرُ من ارتفاعِ أَسعَارِ الأَضاحي فلا يُضَحِي! والعَجِيبُ أنَّنا قد نُنفِقُ أَضعَافَ هذه المَبَالِغِ في قِطعةِ أثاثِ منزليَّةٍ أو في نزهةٍ عائليةٍ! ونَتَكاثرُ سِعرَ أُضحيةٍ سنويَّةٍ! فَدَعْ عنكَ كَيدَ الشَّيطانِ؛ فَإنَّهُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ، وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ المَغْفِرَة وَالفَضْل.
وبَعضُنا قد يُفَاخِرُ بالأسعارِ فَيَقولُ: اشتَريتُ بِأغلى الأثمانِ! أو أَطيب ما في السُّوقِ! وَكأَنَّنا بِذَلِكَ نَمُنُّ على اللهِ بالنَّفَقَةِ والأضحِيَةِ، واللهُ يقولُ: (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [الحجرات:17].
فاللهمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أنتَ السميعُ العلِيمُ، وتُبْ علينا إنَّكَ أنت التَّوَّابُ الرَّحيمُ, واغفِر لَنا ولِوالِديناَ ولِجَميعِ المسلِمين، واستَغفِروا رَبَّكُم إنَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، تفرَّدَ عزًّا وكَمَالاً، نَشهدُ ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تَقَدَّسَ وَتَعَاظَمَ وَتَعَالى، أَمَرَنَا بِعبادَتِهِ وطَاعَتِهِ غُدُوًّا وآصالاً، وَنَشهَدُ أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُهُ أزكى الورَى خِصالاً، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبَاركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحَابِهِ والتَّابعينَ لهم وَمَن تَبِعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يَومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله في كلِّ وقتٍ ومَكانَ، فاحفَظُوا أوامِرَ ربِّكم تُحفَظوا، وعظـِّموا شَعَائِرَهُ تَتَّقُوا! (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج:32].
عبادَ اللهِ: وإنَّ لِلأضاحِي أَحكَاما وحِكَما، فَمِنْ أَحكَامِها أنَّ الأصلَ أنَّها تَكُونَ عن الأحياءِ، ويجوزُ أن يُشركَ معه في الأجرِ والثَّوابِ من أرادَ، أحياءً وَمَيِّتِينَ؛ لذا أنصحُ إخوانِي أنْ يُشرِكوا معهم والِديِهم في كُلِّ عملٍ صالِحٍ، فَفَضلُ اللهِ واسِعٌ, وجُودُهُ ليسَ لهُ حدٌّ.
وَيُشتَرَطُ في الأَضاحي أنْ تكونَ من بَهيمةِ الأَنعامِ، وهي الإبلُ والبقرُ والغنمُ، وأنْ تَبلُغَ السِّنَّ المُعتَبَرَ شَرعَاً, وأنْ تكونَ سالِمَةً من العُيوبِ، فقد سُئل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ماذا يُتَّقَى من الأَضاحِي؟ فَأَشَارَ بِيدِه فَقَالَ: "أَرْبَعَاً: الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلعُهَا، وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لاَ تُنْقِي".
ويشترطُ في الأضحيةِ -كذلكَ- أنْ تكونَ ملكا لِلمُضحي أو مَأذُونَاً لَهُ فيها، وبعضُ الناسِ يتأخَّر في تَسديدِ المَبلغِ أو يماطلُ فيه، وهذا لا يجوز أصلا، فكيفَ إذا تَعلَّق بنسكٍ؟!.
وآخرُ الشُّروطِ أن يكونَ الذَّبحُ في الوَقتِ الْمُحدَّدِ شَرعاً: مِنْ بعدِ صلاةِ العيدِ إلى آخر أَيَّامِ التَّشريقِ, قال رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكَ فِي شيءٍ".
فَطِيبُوا بِها نَفْسَاً، واستَسمِنُوها، وأَخلِصُوا بِها لله -تعالى-: "فإنَّ الله طيّبٌ لا يَقْبَلُ إلا طيّباً". تَقَبَّلَ اللهُ منَّا ومنكم صالِحَ القولِ والعمَلِ.
أيُّها المؤمنون: عيدُ الأَضحى شِعَارُنا، فحضورُهُ عبادَةٌ, والتَّخَلُّفُ عنهُ خَسَارَةٌ ونَدَامَةٌ, وقد أمَرَ رَسُولُنا -صلى الله عليه وسلم- العَواتِقَ، وهُنَّ البَنَاتُ البَالِغَاتُ، وذوات الخُدُور، وهنَّ الصَّغيراتُ، حتى الحيَّض، أمرهُنَّ أنْ يَخْرُجنَ لِصَلاةِ العِيدِ وأنْ يَشهدنَ الخَيرَ ودَعوةَ المؤمنينَ؛ فكيف بالشَّبابِ والرِّجالِ الأَقوياءِ؟.
ويسنُّ لنا -مَعاشِرَ الرِّجَالِ- الاغتِسَالُ والتَّطيُّبُ ولُبسُ أحسنِ ما نَجِدُ, فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يَغتَسِلُ يومَ الفِطْرِ ويومَ الأَضحى ويَلبَسُ أحسنَ ثيابِه، ويتَطَيَّبُ بأحسنِ ما يجدُ.
أمَّا النِّساءُ فَيَخرُجنَ مُحتَشِمَات غيرَ مُتَطَيِّبَاتٍ, والسُّنةُ أن نَذهبَ مَشْيَاً على الأَقدَامِ، ولا نَأكُلَ شَيئَاً قَبلَ الصَلاة حتى نَأكُلَ من الأُضحيةِ، وأنْ نَذهبَ من طَريقِ ونَعودَ من آخرَ.
وإنَّهُ -يا كرامُ- ستُقَامُ صلاةِ العيدِ في هذا الجامعِ بِإذنِ اللهِ في تمامِ السَّاعةِ السَّادِسَةِ وَخَمسِ دَقَائِقَ.
عبادَ اللهِ: أَكثروا من ذِكرِ اللهِ -تعالى-, فهو شِعَارُ هذهِ الأيامِ المَعلُوماتِ, ومن أفضَلِ أعمالِها، وارفعوا أصواتَكم بِذلِكَ، خاصَّةً عند الخُروجِ لصلاةِ العيدِ؛ فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يَخرَجُ في العيدِ رَافِعَا صوتَهُ, واعمُروا قُلُوبَكم وألسِنَتكم وأوقاتَكم بذكرِ اللهِ -تعالى-.
رَدِّدوا: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا اللهُ, واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ, فَهُو شِعَارُ هذهِ الأيَّامِ وَدِثَارُها؛ في صَحيحِ مُسلِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عنهُما- قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنِ الْقَائِلُ؟"، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "عَجِبْتُ لَهَا! فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ".
وفي رِوَايَةٍ: "لَقَدِ ابْتَدَرَهَا اثْنَا عَشَرَ مَلَكًا". قَالَ ابْنُ عُمَرَ: "فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ ذَلِكَ".
فاللهم تقبَّل منَّا صالح القول والعمل. اللهم اختم لنا عشرنا بغفرانِكَ والعتقِ من نيرانِكَ، واجعل مُستقبلنا خيراً من ماضينا.
اللهمَّ أصلح أحوال المسلمينَ، واحقن دماءهم، ووحِّد صفُوفَهم، وهيئ لهم قادةً صالحين مُصلحينَ يا ربَّ العالمين.
اللهم سهل على الحجاج حجهم، وفقهم ويسر لهم أمورهم, ورُدَّهُم غانمين سالمينَ، وبرضوانكَ فائزينَ.
اللهم ارزُقنا تَوبَةً صادِقَةً نَصُوحا, استعمِلنا يارَبَّنا في طاعِتِكَ, وَجَنِّبنا مَعصِيَتكَ.
اللهم إنا نَعُوذُ بِكَ مِن الغَلاءِ والوَبَاءِ والرِّبا والزِّنا والزَّلازلِ والفِتَنِ والمِحَنِ مَا ظَهَرَ منها وما بَطَنَ، عَنْ بَلَدِنا هذا خاصَّةً وعن بِلادِ المُسلِمينَ عامَّةً.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهاب.
(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت:45].