الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
العربية
المؤلف | سعد بن عبد الله السبر |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين |
اعلَمُوا أنَّ يَومَكُم هذا, يومٌ عظيم, وعيدٌ كرَيم، يومٌ تبسَّمت لكم فيه الدِّنيا, أرضُها وسَمَاؤهَا, شمسُها وضِيَاؤهَا، في هذا اليومَ الذي تَوَّج الله به شهرَ الصِّيام, هَذا يَومُ يُفْطِر المسلِمُون, هَذا يومٌ يفرُحُ المؤمنون بقدُومِه, هذا يومٌ تُكَبِّرون الله فيه على ما هدَاكم ولعلكم تشكرون...
الخطبة الأولى:
الحمد لله بَعثَ السَّعادَة في قُلوبِ خَلقِه, وبسَطَ إلى العِبادِ خزائنَ رزقِه, أقْبَلَت سَحَائبَ فَضْلِه, وَتتَابَعَت أَنوارُ رَحْمَته.
الله أكبرُ الله أكبرُ الله أكبرُ الله أكبرُ الله أكبرُ الله أكبرُ الله أكبرُ عددَ ما هلَّ هلال وأنورْ , الله أكبرُ عددَ ما تأمَّل مُتَأمِّل في الكَونِ وَفكَّر, الله أكبرُ عددَ ما حجَّ حَاجُّ وكَبَّر، الله أكبرُ كُلَّما صَامَ صَائمٌ وأفْطَر، الله أكبرُ الله أكبر الله أكبرُ، لا إله إلا الله، الله أكبرُ، الله أكبرُ ولله الحمْد.
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحْده لا شريكَ له, تَنَزَّهَت عن الشَّبيه والظَّهِير ذَاتُه, وَجلَّت عن المَثِيل والنَّظير صِفَاتُه, لَيس كمثلهِ شيءٌ وهوَ السَّميعُ البَصِير, وَأشهدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدَهُ ورسُولَه, بَشيرُ الهُدَى, ونذيرُ الورَى, صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه مصابيح الدُّجَى, الله أكبرُ, الله أكبرُ, الله أكبر , لا إله إلا الله, الله أكبرُ, الله أكبرُ ولله الحمد.
أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله فهي البريد إلى دار السعادة, وهي الوريد لكمال العبادة (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102], (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].
أيها المسلمون: اعلَمُوا أنَّ يَومَكُم هذا, يومٌ عظيم, وعيدٌ كرَيم، يومٌ تبسَّمت لكم فيه الدِّنيا, أرضُها وسَمَاؤهَا, شمسُها وضِيَاؤهَا، في هذا اليومَ الذي تَوَّج الله به شهرَ الصِّيام, هَذا يَومُ يُفْطِر المسلِمُون, هَذا يومٌ يفرُحُ المؤمنون بقدُومِه, هذا يومٌ تُكَبِّرون الله فيه على ما هدَاكم ولعلكم تشكرون (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58].
الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله، الله أكبرُ، الله أكبرُ ولله الحمْد.
يا أتباع السنة: يومكم يوم الفرح والبِشْر والسعادة, يومٌ كُلُّه فَرَحٌ وسُرُور, فَرَحٌ بالصِّيام والقِيَام, فَرَحٌ بطاعَةِ العَلَّام, فرحٌ بالتوْبَة والأوْبَة وتركُ طَرِيقِ المعصِيَة والحَوبَة, فَرحٌ بِجَمْعِ الشَّمْل, وَكشْفِ اللِّئَام, فَرحٌ بِظُهور الحقِّ وَكشفِ البَاطِل, فَرحٌ بِفَضحِ الأعدَاء وَانكِشَافُ مُخَطَّطَاتِهِم, أَرَاد الخوارج أَن يَجْعَلُوا أَبنَائِنا خَنَاجِرَ في صُدُورِنا فَفَضَحَهُم اللهُ وأخْرَجَ حِقدَهُم وَكيدَهُم ومَكْرَهُم, وَأَرَادوا قَلْبَ فَرَحِنَا تَرَحَا, وَجَعل عِيدِنا جُرْحَا, وَلَكن يأبى الله إلا أن يُتِمَّ نُورَه, وَيَجمعَ شَملَنا, وَيُكبِت خِزي تنظيم القَاعِدة ويُمزِّق أوراقَها, وَيهتُكَ سِترَهَا, وَيأبَى اللهُ إلا أنْ نفرَحُ بالعِيدِ وَإتمامِ الصِّيام وَمُنَاجَاة الدِّيان.
أيها الموحدون: احذروا من الشركَ بالله فإنه محبطٌ للأعمال، والجنةُ حرامٌ على صاحِبِه، قال الله تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: 72], وهو نوعان: أكبٌر وأصغرٌ. فالأكبرُ أن تُشركَ مع اللهِ في عبادَتِه غيَره، ويَدخُلُ فيه الذبحُ والنذرُ لغيِر اللهِ والاستعاذةُ بغير اللهِ والتبركُ بشجرٍ أو حجرٍ، ومنه صرفُ الدعاءِ لغير اللهِ فيما لا يقدر عليه إلا الله (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ) [يونس: 106], وأما الأصغر: فالحلف بغير الله والرياء وإرادة الإنسان بعمله الدنيا قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الزمر: 65].
وإياكم وعقوق الوالدين فإنه من كبائر الذنوب قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [الإسراء: 23], وفي الصحيحين قال رسول الله: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله وعقوق الوالدين...". الحديث. [متفق عليه].
الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله، الله أكبرُ، الله أكبرُ ولله الحمْد.
أيها المؤمنون: الصلاةَ، الصلاة، فمن حَفِظَها فقد حَفِظَ دينَه، ومَنْ ضيعها فهو لما سِواها أضيعُ (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) [التوبة: 11].
عليكم بصلاة الجماعة والمحافظةِ عليها في المساجد، فمَنْ صلاها بلا عذرٍ في بيته فإنها لا تُقبل منه فان من موجباتِ قَبُولِها صلاتُها في جماعةٍ.
وأدوا زكاة أموالِكم، طيبةً بها نُفُوسُكم، للفقير والمسكين، لا لقوي مكتسبٍ، ولا من تلزمُك نفقُته، لا تدفع بها المذمةَ، ولا تجلب بها الصداقةَ، وما اشتكى فقيٌر إلا بقدر ما قَصر غنيٌ.
الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله، الله أكبرُ، الله أكبرُ ولله الحمْد.
معاشر الموحدين: أوصيكم بالحفاظ على مهمتكم العظمى، ووظيفتكم الكبرى، الأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر، مهمةِ الجهادِ في سبيلِ اللهِ، المُهمةِ التي لها أُخرجتم، والتي هي مصدرُ خيريتِكم واستمرارُ عِزِكم وأمرُكم قائماً منصوراً -بإذن الله- (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: 110]. وكونوا عباد الله إخواناً وعلى الحق أعوانًا، لا ظلم ولا عدوان.
إخوة العقيدة: اعلموا أن من أسس هذا الدين، وجوب لزوم الجماعة، والسمع لولاة الأمر والطاعة في غير معصية لله تعالى. ففي حديث حذيفة -رضي الله عنه-: في حديث الفتن، حتى قال: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".
وإن الجماعة هم من وافق الحق ولو كان واحداً. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي أنه قال: "من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة ثم مات، مات ميتة جاهلية" [رواه مسلم].
الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله، الله أكبرُ، الله أكبرُ ولله الحمْد.
يا حماة التوحيد: غضوا أبصاركم عن محارم الله، فإن النظرة سهم من سهام إبليس، ولا تقربوا الزنا فإن فيه خصالاً قبيحة ماحقة ومهلكة في الدنيا والآخرة، وقد نهى الله تعالى من الاقتراب منه فكيف بالوقوع فيه: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) [الإسراء: 32].
وحذار حذار من جماع الإثم ومفتاح الشر، الخمر، فإنها تذهب العقل والغيرة على الدين والمحارم، وتورث الخزي والندم والفضيحة, وإياكم ثم إياكم والربا أكلاً وتعاملاً فإنه حرام، حرام بنص كلام ربنا (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [البقرة: 275].
واجتنبوا الغيبة والنميمة وقول الزور والعمل به، وإياكم والوقوع في أعراض الناس، فإن القصاص سيكون يوم القيامة من الحسنات.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي...
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله -أيها المسلمون- الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله، الله أكبرُ، الله أكبرُ ولله الحمْد.
أيها المؤمنون: أوفوا الكيل إذا كلتم، وزنوا بالقسطاس المستقيم. ولا تبخسوا الناس أشياءهم, وأحذركم ا الغناء والموسيقى وقوموا بحق الجوار لمن جاوركم، قال: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله كبر ولله الحمد.
أيها الأحبة: تابعوا الصالحات وكونوا عليها حريصون, فمن المقبول فنهنيه ومن المردود فنعزيه, من عمل صالحا طوال العامة فهو المقبول, ومن نكث فإنما ينكث على نفسه, عَن عَمْرو بن ميمون قَالَ: "اعملوا في الصحة قبل المرض, وفي الحياة قبل الموت, وفي الشباب قبل الكبر, وفي الفراغ قبل الشغل", وعَنِ الْحَسَنِ في قول الله -عز وجل-: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا) قَالَ: يعطون ما أعطوا (وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) قَالَ: يعملون ما عملوا من أعمال البر وهم يخشون أن لاَ ينجيهم ذلك من عذاب ربهم -عز وجل-". فعمل رمضان معلق فلا نعلم قبل أم لا؟ فلنحاول معرفة الجواب.
أيتها الأخوات والأمهات: اتقين الله تعالى وكن خير خلف لخير سلف من نساء المؤمنين، واعلمنا أن عليكن أن تتقين الله في أنفسكن وأن تحفظن حدوده، وترعين حقوق الأزواج والأولاد، (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) [النساء: 34].
أيتها النساء: لا يغرنكن ما يوجه للمرأة في هذا الزمان من شتى أبواب المغريات؛ لإفسادهن باسم الموضة وباسم الأزياء, ثم المحاولات المتتابعة في إخراج المرأة من مكان صونها وكرامتها, فلقد قال النبي: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، وذكر نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها".
وإذا مشيتن في الأسواق فعليكن بالسكينة في أطراف الطريق, ولا تزاحمن الرجال, ولا ترفعن أصواتكن, ولا تلبسن أولادكن ألبسة محرمة أو مكروهة.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل المشركين الله آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ووفقك إمامنا وولينا لما تحبه وترضاه.