الوتر
كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...
العربية
المؤلف | الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بالإمارات |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
من الأسس التربوية التي يجب أن نسلكها في تربية أطفالنا أن نتابع شؤونهم بأنفسنا ولا نعتمد اعتمادا كاملاً على الآخرين في ذلك، وأن نحرص على زرع القيم الجميلة، والأخلاق الحميدة، والأعراف النبيلة، والعادات والتقاليد الأصيلة، فنربيهم على البذل والعطاء، وحسن إكرام الضيف، وتوقير الكبير، والتعبير بالكلام الجميل، ومساعدة المحتاج، والرحمة والتسامح، ومحبة الوطن وقيادته، فإنها من أعظم القيم الإسلامية التي ورثها مجتمعنا عن آبائنا وأجدادنا، وتقوي أواصر المحبة بيننا..
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمدا طيبا مباركا فيه كما يحب ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله جل وعلا، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].
أيها المسلمون: لقد أرسى الإسلام أسسًا متينة تكفل السعادة للبشرية كلها، فأمر بالعدل والإحسان، وإعطاء كل ذي حق حقه، وأولى عناية كبرى بالأسرة والأطفال، وجعل رعاية الطفل أمانة عظيمة في عنق الوالدين منذ ولادته، فأمر بإرضاعه والعناية بمأكله ومشربه وكسوته ودفع الضرر عنه، فقال عز وجل: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) [البقرة: 233].
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم رحيما بالأطفال، حتى قال عنه أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
ولهذا بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تربية الأطفال مسؤولية الوالدين، وحضهم على القيام بذلك، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها».
وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعدل بين الأولاد جميعًا وعدم التمييز بينهم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم».
وأنكر على من أخل بالعدالة في قبلة خص بها ابنه دون ابنته، فقد كان أحد الآباء جالسا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فجاء بني له، فأخذه فقبله وأجلسه في حجره، ثم جاءت بنية له، فأخذها وأجلسها إلى جنبه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «فما عدلت بينهما».
وأكد على العناية الفائقة بالأطفال اليتامى مبينًا فضيلتها وعظيم ثوابها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا». وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى.
أيها الآباء والأمهات: إن حسن رعاية الأطفال مسؤولية عظيمة ، وخير طريق للنجاح فيها أن نبنيها على الأسس التربوية التي أصلها لنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- والتي منها :
الرفق واللين مع الأطفال، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسخًا هذا المعنى العظيم: «ما كان الرفق في شيء قط إلا زانه، ولا عزل عن شيء إلا شانه».
ومنها: ملازمة العطف والرحمة، ومجانبة القسوة والجفوة، فقد جاء أعرابي إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- فقال: تقبِّلون الصبيان؟ فما نقبلهم. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة».
ومنها: تعليمهم وحسن توجيههم برفق ولين، فإنه أدعى للتأثير ولو بعد حين، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم حبر الأمة عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-ما في صغره قائلا له: «يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ...».
ومنها: تفقد أحوالهم، ومتابعة سلوكهم، والنظر في أصدقائهم، وحثهم على اختيار الصحبة الصالحة، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل».
فعلى الآباء والأمهات متابعة الأبناء والبنات، وتفقدهم والتعرف على ما يطالعون -في ظل عالم متسارع في التقنية- عبر وسائل الإعلام، ومواقع الإنترنت، والتواصل الاجتماعي خاصة مع انتشار الهواتف الذكية.
ومنها: اجتناب العنف معهم، وترك إيذائهم بالقول الفاحش أو الضرب ونحوه، فلم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- فاحشا ولا متفحشًا وكان يقول: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا».
وإننا لنحمد الله -عز وجل- أن وفق قيادتنا الرشيدة لوضع الأنظمة واللوائح التي تحفظ للأطفال حقوقهم وتكفل لهم حسن الرعاية، من خلال قانون الطفل الذي اشتهر بقانون وديمة، فقد ضم القانون الحقوق الأسرية والصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية للطفل، إضافة إلى حق الطفل في الحماية، وتوفير الطرق اللازمة لذلك، وحظر أشكال العنف كافة.
اللهم أعنا على حسن رعاية أطفالنا وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء: 59].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم-،
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنه من الأسس التربوية التي يجب أن نسلكها في تربية أطفالنا أن نتابع شؤونهم بأنفسنا ولا نعتمد اعتمادا كاملاً على الآخرين في ذلك، وأن نحرص على زرع القيم الجميلة، والأخلاق الحميدة، والأعراف النبيلة، والعادات والتقاليد الأصيلة، فنربيهم على البذل والعطاء، وحسن إكرام الضيف، وتوقير الكبير، والتعبير بالكلام الجميل، ومساعدة المحتاج، والرحمة والتسامح، ومحبة الوطن وقيادته، فإنها من أعظم القيم الإسلامية التي ورثها مجتمعنا عن آبائنا وأجدادنا، وتقوي أواصر المحبة بيننا، وصدقت السيدة خديجة -رضي الله عنها- إذ تقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق".
عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنَّى فيه بملائكته فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا»
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم إنا نسألك علما نافعا، وقلبا خاشعا، ولسانا ذاكرا، ورزقا طيبا واسعا، وعملا صالحا متقبلا، وعافية في البدن، وبركة في العمر والذرية، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأصلح لنا نياتنا، وبارك لنا في أزواجنا وذرياتنا واجعلهم قرة أعين لنا، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.