الخالق
كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
أيها الإخوة: لولا قرب هذا الرجل من ربه تبارك -تعالى-، لولا حبه لله، لولا شعوره وإحساسه العميق بأنه وهو في المسجد إنما في بيت محبوبه الأعظم -تبارك وتعالى-، ومن خرج من بيت محبوبه تاق إلى العودة إليه، منذ اللحظة التي يخرج فيها منه، فلا يكاد قلبه يهدأ ويطمئن ويسكن حتى يدخل ذلك البيت...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سبعة يظلهم الله -تعالى- في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه".
أيها المسلمون: هذا الحديث العظيم يبين فيه نبينا -صلى الله عليه وسلم- منقبة عالية، حازها سبعة أصناف من الناس، بخصال تميزوا بها، المنقبة: هي استظلالهم بظل الرحمن -تبارك وتعالى- يوم القيامة، ذلك اليوم الذي يكون جميع الخلق فيه أحوج إلى الظل البارد من أي يوم آخر، ذلك اليوم الذي تدنو فيه الشمس الحارة الملتهبة من الخلائق، فيبدأ العرق ينساب منهم بشكل عجيب.
فعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تدنو الشمس من الأرض فيعرق الناس، فمن الناس من يبلغ عرقه عقبيه، ومنهم من يبلغ نصف الساق، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ إلى العجز، ومنهم من يبلغ الخاصرة، ومنهم من يبلغ منكبيه، ومنهم من يبلغ عنقه، ومنهم من يبلغ وسطه، وأشار بيده -صلى الله عليه وسلم- ألجمها فاه، رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشير هكذا يقول، ومنهم من يغطيه عرقه، وضرب بيده، وأشار وأمر يده فوق رأسه، من غير أن يصيب الرأس بين راحتيه يمينا وشمالا" [رواه الإمام أحمد بسند صحيح].
وجاء عند مسلم في صحيحه من حديث المقداد بلفظ: تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق، حتى تكون منهم كمقدار ميل، قال سليم بن عامر: " فو الله ما أدري ما يعني بالميل: أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين".
قال أبو عمر: "من كان في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، نجا من هول ذلك الموقف إن شاء الله، والله أعلم، جعلنا منهم برحمته، آمين".
وبينما الناس يتلظون بعرقهم من شدة حرارة اللهيب فوق رؤوسهم، في ذلك اليوم العصيب؛ ينعم الله برحمته على أولئك الأصناف من الناس بأن يظلهم بظله، ظل لا يدرك حجمه ولا هيئته، فيقيهم بذلك الظل من الشمس المحرقة.
يا عباد الرحمن: إنها خصلة واحدة فقط من تلك الخصال المذكورة في الحديث، ترفع العبد إلى ذلك المقام الرفيع، ونخصها بحديثنا اليوم، وهي خصلة: تعلق القلب بالمساجد -أسأل الله أن يرزقنا هذه الخصلة الحميدة-.
أيها المسلمون: إن مدار العبادة على القلب، فالدين يعتنى بالقلب عناية فائقة، ويقصد صلاح القلب من كل جانب؛ لأن القلب إذا صلح صلح كيان الإنسان كله، صلحت أقواله، صلحت أفعاله، صلحت أخلاقه وقيمه ومبادئه، ولذلك كان نور الله وهدايته في قلب المؤمن، فالمصباح في زجاجة مضيئة كأنها كوكب دري، قال تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[النــور: 35].
قال أبي بن كعب -رضي الله عنه-: "فهو يتقلب في خمسة من النور، فكلامه نور، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى النور يوم القيامة، في الجنة".
وصح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إلا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، إلا وهي القلب".
فهذا الرجل الذي ورد في الحديث له مع المسجد علاقة فريدة، ليست لغيره من المصلين، فغالب المصلين يأتون إلى المسجد لأداء الصلاة فحسب، وهذا خير، ولا تكاد قلوبهم تكون معهم في المسجد أثناء أداء تلك الصلاة، وقد تكون خارج المسجد، فالذي يحملهم إلى المجيء إلى المسجد إنما أداء التكليف، وإبراء الذمة بإقامة الصلاة، لكن هذا الرجل له مع المسجد شأن آخر، له مع المسجد علاقة تجاوزت حدود حركة الجسد، تجاوزت حدود أداء الفرائض، إنها علاقة حميمة، إنها علاقة أنس قلبي، وانشراح وسرور يجده في بيت الله، ولا يجد مثيله في غيره من الأماكن.
وهذه اللذة التي يجدها في المسجد جعلت قلبه معلقا فيه باستمرار، وقد جاء في الحديث في صحيح مسلم: "ورجل معلق بالمسجد، إذا خرج منه حتى يعود إليه".
هل لكم أن تتصوروا قلبا كهذا القلب، يظل معلقا بالمسجد، حتى يعود إليه، إنه ما كان لهذه العلاقة الحميمة أن تتشكل.
أيها الإخوة: لولا قرب هذا الرجل من ربه تبارك -تعالى-، لولا حبه لله، لولا شعوره وإحساسه العميق بأنه وهو في المسجد إنما في بيت محبوبه الأعظم -تبارك وتعالى-، ومن خرج من بيت محبوبه تاق إلى العودة إليه، منذ اللحظة التي يخرج فيها منه، فلا يكاد قلبه يهدأ ويطمئن ويسكن حتى يدخل ذلك البيت مرة أخرى.
فهناك يجد سروره وأنسه وسعادته، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كما أخبرت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فصلى فيه" دليل على تعلق قلبه صلى الله عليه وسلم بالمسجد.
صح في مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنه قال: "أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها".
من الناس من يجد سروره في الأسواق، فقلبه معلق بها حتى يعود إليها، ومن الناس من يجد سروره في المسارح حيث التمثيليات والأغاني، فقلبه معلق بها، ومن يجد سروره على المدرجات في الملعب، فقلبه معلق بها، ومنهم من يجد سروره -والعياذ بالله- في البارات والمواخير، ومنهم من يجد سروره وبهجته في بلاد النصارى، فقلبه معلق بتلك البلاد، فقلوب العباد تتعلق بالأماكن بحسب ما فيها، ما في تلك القلوب من خير وشر، إيمان وكفر، وقرب من الله وبعد عنه.
إن قيمة الأشياء تختلف بين إنسان وآخر، فبينما تجد أحد المسلمين ينتهز أقرب فرصة كي يزور بيت الله الحرام، تجد مسلما آخر لا يعيره ذلك الأمر أدنى اهتمام، ولا حتى مجرد التفكير فيه، ولا حتى على سبيل التمني، ولو طال مكثه عند البيت الحرام سنوات وسنوات؛ لأن قلبه معلق بأماكن أخرى أكبر قيمة عنده، ليس منها بيت الله الحرام -نسأل الله أن لا يحرمنا من فضله-.
فتعلق القلب بالمسجد يعني تعلق القلب بالله -تعالى-، وهذا التعلق المبارك هو الباقي للعبد دون غيره مما يراد من العلائق، فتعلق القلب بالمنكرات وأماكنها، وبالفساد وأهله: أماكن تعلق مشئوم، ما لم يلطف الله به، فيعود إلى ربه، وإلا فسوف يصحو من سكرته على الندم والحسرات، ويصير كمن قال فيه ابن القيم -رحمه الله-:
إن كان منزلتي في الحب عندكم | ما قد لقيت فقد ضيعت أيامي |
أمنية بصرت نفسي بها زمنا | فاليوم أحسبها أضغاث أحلام |
قال: "وهذه حال كل من أحب مع الله شيئا سواهن فإنه إلى هذه الغاية يصير، ولابد، وسيبدو له إذا انكشف الغطاء أنه إنما كان مغرورا مخدوعا بأمنية بصرت نفسه بها مدة حياته، ثم انقطعت وأعقبت الحسرة والندامة".
قال الله -تعالى-: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) البقر: 166-167].
فالأسباب التي تقطعت بهم هي: الوُصل والعلائق والمودات، التي كانت لغير الله -تعالى- وفي غير ذات الله، وهي التي يقدم إليه سبحانه فيجعلها هباء منثورا، فكل محبة لغيره فهي عذاب على صاحبها، وحسرة عليه، إلا محبته ومحبة من يدعو إلى محبته، ويعين على طاعته ومرضاته، فهذه هي التي تبقى في القلب يوم تبلى السرائر؛ كما قال:
سيبقى لكم في مضمر القلب والحشى | سريرة حب يوم تبلى السرائر |
فالذي قلبه معلق بالمسجد أقول: قلبه لا جسده فحسب، له شأن آخر، فلا شيء أحلى للمحب الصادق من خلوته وتفرده، فإنه إن ظفر بمحبوبه أحب خلوته به، وكره من يدخل بينهما غاية الكراهة، ولهذا السر -والله أعلم- أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- برد المار بين يدي المصلي حتى أمر بقتاله، وأخبر أنه لو يدري ما عليه من الإثم لكان يدور خيرا له، ولا يجد ألم المرور وشدته إلا قلب حاضر بين يدي محبوبه، مقبل عليه، وقد ارتفعت الأغوار بينه وبينه، فمرور المار بينه وبين ربه بمنزلة دخول البغيض بين المحب ومحبوبه، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "مرور المار بين يدي المصلي يذهب نصف أجره" [رواه أحمد].
وأيضا فإن المحب يستأنس بذكر محبوبه، وكونه في قلبه لا يفارقه، فهو أنيسه وجليسه، لا يستأنس بسواه، يقول ابن القيم أيضا: "وحدثني تقي الدين بن شقير قال: خرج شيخ الإسلام ابن تيمية يوما، فخرجت خلفه سرا، فلما انتهى إلى الصحراء، وانفرد عن الناس بحيث لا يراه أحد سمعته يتمثل بقول الشاعر:
وأخرج من بين البيوت لعلني | أحدث عنك القلب بالسر خاليا |
خلوة مع الله، فأحوال المحبين لله حبا صادقا أحوال تثير العجب، فقلب صاحبنا المعلق بالمسجد لا يستلزم منه دوام المكث فيه ليس ذلك بالضرورة؛ لأن المعلق بالمسجد هنا إنما هو القلب لا الجسد، وإن كان طول المكث في المسجد مندوبا في أحاديث أخرى، لكن الحديث نص على القلب، بمعنى أن هذا العبد كغيره من الناس، يسعى في طلب رزقه، ويشتغل ليسد حاجته، وحاجة عياله، ويغدو ويروح، ويعالج الحوائج، لكن قلبه دائم الشوق للمسجد، ينتظر الأذان بحرارة المتلهف، ولن يكون آخر الناس دخولا.
جاء في الموطأ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط".
قال المظهري: أي إذا صلى بالجماعة ينتظر صلاة أخرى، يتعلق ذكره لها، إلا بأن يجلس في المسجد ينتظرها، أو يكون في بيته، أو يشتغل بكسبه وقلبه متعلق بها ينتظر حضورها، فكل ذلك داخل في هذا الحكم، ويؤيده حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه".
فقوله: "إذا خرج منه" دليل على أن الحديث لا يقتصر على مطيل المكث فحسب، وإنما هو القلب إذا تعلق بالمسجد، واشتغاله بالمسجد إذا افترق عن المسجد، تاق إلى الرجوع إليه، قلب من إذا دخل إلى المسجد بجسده كان قلبه معلقا بالدنيا، يفترق عن هذا بعض الناس يدخلون إلى المسجد، وقلوبهم معلقة، خارج المسجد يأتون صحيح إلى المساجد، ويحرصون على أداء الصلاة جماعة مع المسلمين، لكنهم وهم في المساجد أشبه بالطير الحبيس في القفص، يتململ بعضهم، ويتأفف وينتظر لحظة إقامة الصلاة على أحر من الجمر، فإذا قضيت الصلاة فرمن مكانه بسرعة، وكان أول الناس خروجا من بيت الله.
ولأي غرض كان هذا السلوك صفقة تجارية إدراك شيء ما: مباراة، برنامج، أي غرض، فإن من كان قلبه معلقا بالمسجد لا يمكن أن يصدر منه هذا السلوك، نسأل الله أن يرزقنا هذه المنقبة الرفيعة.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله فاستغفروه، إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله مالك الملك، بديع السموات والأرض، الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، والصلاة والسلام على خير البشر، نبينا محمد وعلى آله الطيبين، وعلى صحابته الكرام أجمعين، وعلى من سار على طريقته، واهتدى بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فتعلق القلب بالمسجد تابع لمحبة العبد لله -تعالى-، ولو أخلص العبد المحبة لله لتعلق قلبه بالمسجد.
كلنا يرجو أن يظله الله -تعالى- بظله يوم لا ظل إلا ظله، لكن الأماني لا تصنع شيئا.
يجب أن يكون القلب محل عناية كل مسلم، ولن يرتقي القلب إلى تلك العلاقة الحميمة بينه وبين المسجد، حتى يحرص صاحبه على تزكيته وتطهيره من أدران الذنوب، صغيرها وكبيرها، وحينها سيكون قلبه دائم الشوق لبيت الله: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)[فصلت: 35].
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
اللهم أظلنا يوم لا ظل إلا ظلك.