الحكم
كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...
العربية
المؤلف | صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصلاة |
إن الوعيد الذي يطرق سمع أحدنا من أحد من البشر ربما ارتعدت فيه فرائصه وأركانه وأعضائه، واضطرب قلبه، وضاق صدره، فكيف إذا كان الوعيد من رب العالمين في أمر عظيم هو أمر الصلاة...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المؤمنون: اتقوا الله ربكم تكونوا من المفلحين، فإن تقوى الله هي مركب النجاة، وعروته الوثقى.
ثم اعلموا -رحمكم الله- أن من شرائع الإسلام العظيمة: الصلوات الخمس في اليوم والليلة، فهي ركن من أركان الدين، وسبب عظيم من أسباب الفلاح العاجل والآجل إلا أن تلك الفريضة العظيمة تعود بحق جماعة من الخلق أمراً مذموما أخبر عنه سبحانه وتعالى بقوله: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4 - 5]، فتوعد الله -عز وجل- جنسا من المصلين قال لهم: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ)، وإذا كان هذا التهديد من عظيم من عظماء الخلق عظم في نفوس الناس فإذا كان التهديد والوعيد من رب العالمين فهو سبحانه وتعالى يتوعد جنسا من المصلين فيقول لهم: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ)، ثم يبين عن حقيقتهم، فيقول سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) فهم مصلون لكنهم لاهون عن صلاتهم فهم لا يؤدونها في وقتها ولا يطيقونها على وجهها، وأفصح النبي -صلى الله عليه وسلمَ- عن تعس حالهم، فقال صلى الله عليه وسلمَ: "تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا"، فأولئك المتوعدون بقوله تعالى: (فَوَيْلٌ) هم فئة من المصلين يتحلون بأمرين أحدهما: أنهم يخرجون الصلوات عن وقتها فهم لا يصلون الفجر إلا بعد طلوع الشمس ولا يصلون الظهر إلا بعد دخول وقت العصر ولا يصلون العصر إلا قريبا من المغرب ولا يصلون المغرب إلا في وقت العشاء ولا يصلون العشاء حتى يسفر الفجر الثاني، فهم لا يأبهون بما شرعه الله -سبحانه وتعالى- للصلوات من الأوقات التي اختارها الله -سبحانه وتعالى- في اليوم والليلة ميعاد بالإقبال عليه، والوقوف بين يديه، فهم لا يعظمون الله في حقه في تلك الأوقات وتواحدهم فيما يتعلق من مصالحهم عاجلة وآجلة يحافظ على أوقاتها، وينتظم في جميع أحوالها، وأما في شعيرة الصلاة فهو لا يأهبه بوقتها فيصليها إذا خرج وقتها.
والآخرون: طائفة من أولئك المصلين إذا خلوا لا يقيمون الصلاة على وجهها، فهم كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلمَ- عن حالهم: "قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا"، فصلاته عجلا يؤديها نقرا كأنها شيء ثقيل على كاهليه يلقيه عجالا بدارا إلى وضوء يتوهم أن فلاحه فيها من أمور المعاش العاجل في الدنيا ويغفل عن أن وقوفه بين يدي الله يسأله ويطلبه هو أعظم الفلاح له في الدنيا والآخرة.
فمن كان من أولئك المصلين؛ فإن الله قال له: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4 - 5].
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا حمدا، والشكر له توالا وتترى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له معبودا حقا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صدقا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المؤمنون: إن الوعيد الذي يطرق سمع أحدنا من أحد من البشر ربما ارتعدت فيه فرائصه وأركانه وأعضائه، واضطرب قلبه، وضاق صدره، فكيف إذا كان الوعيد من رب العالمين في أمر عظيم هو أمر الصلاة، يقول الله -سبحانه وتعالى- فيه: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4 - 5] أي لاهون عنها فلا يؤدونها في وقتها، ولا يقيمونها على وجهها.
فاتقوا الله -أيها المؤمنون- أن تكونوا من أولئك المتوعدين ممن يصلي صلاته فيخرجها عمدا عن وقتها أو إذا صلاها صلاها لا يقيمها على وجهها.
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.