الأول
(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
العربية
المؤلف | مرشد الحيالي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب |
التربية الحقَّة على معاني العقيدة الصَّحيحة والتوحيد الخالص؛ مثل الإيمان بالله واليوم الآخر، واتِّباع خيرِ الهَدي، ومحبَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء به ظاهرًا وباطنًا، والسبب أنَّ الإيمان واليقين الجازِم بالعقيدة ومعانيها وأصولها يثمِر سائرَ الأخلاق الحسنَة، والفضائل السامِية؛ كالصدق والوفاء والشجاعة، وإيثار محابِّ الله على مَحابِّ النَّفس، والحلم ..
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له، ومن يضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، بعثه الله رحمةً للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانةَ، ونصح الأمَّةَ، فجزاهُ اللهُ خيرَ ما جزى نبيًّا من أنبيائه، فصلواتُ ربِّي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآلِ بيته، وعلى من أحبَّهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وأحسن الهدي هديُ محمدٍ، وشر الأمور مُحدثاتُها، وكل مُحدثةٍ بِدعةٌ، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النَّار.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: نتحدَّث اليوم عن فِئة من فئات المجتمع الهامَّة؛ ألا وهي الشَّباب الذين هم عُمدة الأمَّة، ونَبض حياتها، وشريانها المتدفق، وهم في كلِّ أمَّة وزمان أصحاب الهِمَم العالية، والنُّفوس الأبيَّة، والقلوب السليمة، والقوة الضاربة، وإنَّ الأمَّة القوية الفتيَّة تُقاس بصلاح شبابها واستقامتهم، وبمهاراتهم ومواهبهم؛ (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) [الكهف:13-14].
عبادَ الله: لقد أولى الإسلامُ عنايتَه بشريحة الشَّباب، ووجَّه الأنظارَ إلى العناية بهم ورعايتهم، وتوجيههم التوجيهَ السَّليم؛ لأنَّهم أسرع استجابة للحقِّ، وأكثر انقيادًا ومحبَّة له، وإنَّ الإنسان في مراحل العمر الزَّمني أقوى ما يكون نشاطًا وقوة وحيوية ومحبَّة في حال الفتوَّة والشباب (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) [الروم:54].
إنَّ رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- حرَص على الاهتمام بالشَّباب ورِعايتهم، واكتشاف مواهبهم وتوجيهِها في خِدمة الإسلام والمسلمين، وليس أدل على ذلك من الأحاديث النبويَّة الشريفة؛ جاء عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "سبعةٌ يُظلُّهم اللهُ في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عادل، وشابٌّ نشأ في عبادة الله عزَّ وجل..."؛ فذكر مِن بينهم: "شاب نَشأ" وترعرَع "في طاعة الله"، وتمسَّك بالفضائل والآداب الإسلاميَّة، وفطم نفسَه عن شهوات الدُّنيا وملذَّاتها، ومَنع هواه من اتِّباع النَّفس الأمَّارة بالسوء.
ومن أجل ذلك كان رسولنا الكريم -عليه أفضل الصَّلاة وأتمُّ التسليم- يحثُّ الشبابَ على توجيه طاقاتِهم في استثمار الوقت، واستغلال الفرَص فيما يَنفع ويفيد الأمَّة، وأن يكون طاقةً مفيدة، وشُعلةً نيِّرة، وفي الحديث عن ابن عباس - وهو من الفتيان الذين آتاهم الله العلمَ والفِقه في الدِّين - قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لِرجل وهو يعظه: "اغتنِم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحَّتك قبل سقمِك، وغِناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلِك، وحياتك قبل موتك".
أيها المؤمنون: إنَّ الإسلام وضع الأسسَ والقواعد التي مِن شأنها أن تربِّي الشباب، وتقوِّم أخلاقهم، وتهذِّب نفوسهم، من أجل أن يكونوا أداةً صالحة في خِدمة دينهم ومجتمعِهم، ومن تِلك الأسس التي وضعَها الإسلامُ وركَّز عليها:
التربية الحقَّة على معاني العقيدة الصَّحيحة والتوحيد الخالص؛ مثل الإيمان بالله واليوم الآخر، واتِّباع خيرِ الهَدي، ومحبَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء به ظاهرًا وباطنًا، والسبب أنَّ الإيمان واليقين الجازِم بالعقيدة ومعانيها وأصولها يثمِر سائرَ الأخلاق الحسنَة، والفضائل السامِية؛ كالصدق والوفاء والشجاعة، وإيثار محابِّ الله على مَحابِّ النَّفس، والحلم والصبر، والإنفاق والتواضع، وقد مدح اللهُ المؤمنين الذين بذلوا أرواحَهم رخيصةً في سبيله ولم يبدلوا، بل ثَبتوا على الحقِّ ووطَّنوا أنفسَهم على التمسُّك به: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب:23].
وقد سأل هرقلُ أبا سفيان: "هل يرتدُّ أحدٌ مِنهم عن دينه بعد أن يدخُل فيه؛ سخطةً له؟ فقال: لا، فقال هرقل: وكذلك الإيمانُ إذا خالَط بشاشة القُلُوب".
أيها المسلمون: لقد تخرَّج في مدرسة الإسلام ومَعهد الشريعة الغرَّاء رجالٌ أفذاذ، حازوا قصب السَّبق في شتى الميادين، وعلى كافَّة الأصعِدَة، وكانوا مثالًا للشَّباب المؤمن المتفاني في سبيل الله وخِدمة الدِّين، والحِفاظ على هويَّتهم الإسلاميَّة، وكانوا جلُّهم وغالبيَّتهم من الشباب؛ كأبي بكر في صِدقه، وعمر في قوَّته، وعثمان في حيائه، وعليٍّ في شجاعته، وابن عباس في فقهه وعِلمه، ومصعب في بسالَتِه، وخالد في قِتاله وإقدامه، وبلال في عذوبة صَوته، واستحقَّ هؤلاء الفتية أن يَمتدحهم الباري بقوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران:110]، رجال سطَّروا أروعَ الصَّفحات من المجد ناصِعةً مشرِقة في جبين تاريخ أمَّتنا الإسلاميَّة.
ما أحوج أمَّة الإسلام إلى هذه النَّماذج المثاليَّة، والأنوار البهيَّة؛ ليكونوا مثالًا يُحتذى به في سائر الأخلاق ومعالِي الأمور، ما أحوج المسلمين إلى شباب تكون لَهم هِمَم عالِية، ونفوس زكيَّة، وقلوب طاهرة، ما أحوج أمَّتنا وهي تمرُّ بمنعطف خطير ومرحلةٍ صعبة؛ حيث تربُّص الأعداء وإحاطتهم بنا إحاطة السِّوار بالمعصم، ومصائب تترى تنزل كالصَّواعِق على بلاد الإسلام، وأمواجٌ عاتية تلطم أسوارَها تكاد تحطمها وتهد أركانها - ما أحوجنا إلى شباب لَهم أهداف واضِحة، ونفوس أبيَّة، وبصيرة قويَّة.
إنَّ النَّاظر المتأمِّل في حال أمَّتنا، والمتمعِّن في واقعنا يجد صورًا مؤسِفة عن شبابٍ تغيب لديهم القِيَم النَّبيلة، ولديهم قلَّة الوعي بالدين، شباب يَفتقدون للقدوة الصَّالحة التي تَمنحهم القوَّةَ والقدرةَ على العطاء والبذل، شباب يحيدون عن مَنهج الوسطيَّة والاعتدال، فهم بين متشدِّد متحمِّس يوجِّه طاقتَه فيما يُضِرُّ بمجتمعه ودينه وبلده، وينخرط في دائرة الفِرَق المنحرِفة، وبين شباب متميِّع متسكِّع متَّبع لهواه وشهوة بطنه وفرجه، يتَّخذ من الشواذِّ قدوةً ومثالًا، قد فقد هويَّته الإسلاميَّة والعربيَّة.
علينا -يا دُعاة الإسلام- أن نَرفق بشبابنا؛ فهم العدَّة والعدد والحصن الحصين لأمَّتنا، علينا أن ندعوَهم بالرِّفق والموعظة الحسنَة، وألا نكون عونًا للشيطان عليهم.
على دعاة الإسلام وحرَّاس العقيدة اليوم أن يتعرَّفوا على مشاكلهم، وينزلوا إلى ساحاتهم، ويجيبوا عن أسئلتِهم وشبهاتهم، ويزيلوا الإشكالاتِ العالِقة بأذهانهم؛ لئلَّا يرموا أنفسهم في أحضان جهات متطرِّفة، أو يسلموا أنفسهم لِمن يحرِّكهم إلى الشرِّ ويسلمهم للهلاك والرَّزايا، إنَّهم أمانَة في أعناقنا لا بدَّ من أن نمدَّ جسورَ المحبَّة لاحتوائهم وللتأثيرِ على نَمط تفكيرهم من أجل تقويمهم وهدايتهم.
واعلموا -أيها الكرام- أنَّ الإسلام لم يأتِ ليكبتَ نزوات الشَّباب، ويقضي على شَهواتهم وميولِهم، ويكبل تصرُّفاتهم وحركاتهم؛ إنَّما جاء ليهذِّبَها ويوجِّهها التوجيهَ الذي يَجعل منها ومن طاقاتهم أداةً نافِعة وقوَّةً مفيدة: "يا معشر الشَّباب، من استطاع منكم الباءةَ فليتزوَّج؛ فإنَّه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفَرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصَّوم؛ فإنه له وجاءٌ"، علينا أن ندمجهم بحسنِ دعوتنا، وسموِّ أخلاقنا في مجتمعنا، فيبذلون وسعَهم في خدمة دينهم وأمَّتهم، والدِّفاع عن حياضها وأمنِها.
وأنتم -أيها الشَّباب- تمسَّكوا بكتاب ربِّكم، واهتدوا بهَدي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وتخلَّقوا بأخلاقه؛ فإنَّهما سببٌ للعزَّة والكرامة، وكونوا رجالًا أوفياء لبلادكم، مخلِصين لأوطانكم، محبِّين لدينكم، متَّبعين لأسلافِكم من العلماء والمجاهدين والصَّالحين، موقِّرين لولاة أمرِكم وقادَة بلادكم.
أقول قولي هذا، وأستغفر اللهَ لي ولكم ولسائر المسلمين، والتائب من الذَّنبِ كمَن لا ذنب له.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، ثمَّ الحمد لله، ما توفيقي ولا اعتصامي إلَّا بالله، عليه توكلتُ وإليه أنيب، حسبي الله (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) [الفرقان:1-2]، وأصلي وأسلِّم على مَن بعثه الله رحمةً للعالمين، ومنارًا للسَّالكين، وحجَّةً على العباد أجمعين، فبلَّغ الرِّسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، ونصح الأمَّةَ، وكشف الله به الغمَّةَ، ورضي الله عن عظماء دِيننا وكبراء أئمَّتنا بالحقِّ؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وسائر مَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أيها المؤمنون: المتأمِّلُ في سيرة رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- العَطِرة، وسماحتِه ورحمته، وأخلاقه الزكيَّة، وسريرته النقيَّة - يجد العجبَ في معاملته وحُسنِ تصرُّفه مع النفوس، ومعالجته للخلَل، وإصلاحه وتربيته للبشريَّة، ومن سيرته النورانيَّة استقى ونهل المصلِحون والمربُّون القواعدَ السليمة، والأسسَ القويمة، ومناهج التربية في الإصلاح وتقويم النُّفوس وتهذيبها، ومعالجة الأخطاء وتصحيحها، وخاصة لِفئة الشَّباب والفتيان، التي تَحتاج إلى حِكمةٍ بالِغة في التعامل والوصول إلى قلوبهم.
نعم، يجب أن نتمثَّل القدوةَ في تصرُّفاتنا ومعالجتنا للأخطاء مهما تشابكَت أو صعبَت، ومهما كبرَت أو تشعَّبَت، وألا نَحِيد عن المنهج السَّوي الذي رسمَه وخطَّه لنا الرَّحمةُ المهداة، والنِّعمة المسداة.
ومن الأمثلة الرَّائعة الدالَّة من سيرة المصطفى عليه أَفضل الصَّلاة والتسليم: ما رواه الإمامُ أحمد في مسنده عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: إنَّ فتًى شابًّا أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسولَ الله، ائذن لي بالزِّنا، فأقبَل القومُ عليه فزجروه، وقالوا: مَه مه، فقال: "ادنُه"، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: "أتحبُّه لأمِّك؟"، قال: لا والله، جعلَني الله فداءك، قال: "ولا النَّاس يحبُّونه لأمَّهاتهم"، قال: "أفتحبُّه لابنتك؟"، قال: لا والله يا رسولَ الله، جعلَني اللهُ فداءك، قال: "ولا النَّاس يحبُّونه لبناتهم"، قال: "أفتحبُّه لأختك؟"، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا النَّاس يحبُّونه لأخواتهم، قال: "أفتحبُّه لعمَّتك؟"، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا النَّاسُ يحبُّونه لعمَّاتهم"، قال: "أفتحبُّه لخالتك؟"، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا النَّاسُ يحبونه لخالاتهم"، قال: فوضع يدَه عليه وقال: "اللهمَّ اغفر ذنبَه، وطهِّر قلبَه، وحصِّن فَرجَه"، فلم يكن بعدُ ذلك الفتى يَلتفتُ إلى شيء"، هذا الموقِف الحكيم ممَّا يؤكِّد على دُعاة الإسلام أن يَسلكوا سبيلَ الرِّفق والإحسان إلى النَّاس، ولا سيما مَن يَرغب في التديُّن.
معاشِرَ الأحبَّة: لقد فَتحَت دولتُنا المباركة أبوابَ الانخراط في الخِدمة العسكريَّة من أجل الدِّفاع عن حِياض الأمَّة وحدود البلاد مِن خطَر الأعداء المتربِّصين، والعملاء الحاقِدين، فالواجب على شبابنا تَلبية نداءِ الوطَن، والاستجابة لصَوت الحقِّ، والخِدمةُ الوطنيَّة من شأنها أن تنمِّي في نفوس أبنائنا الشُّعور بالمسؤوليَّة، وتغرس في نفوسهم مَعانيَ الرُّجولة والفِداء والتضحية في سبيل الله، ومِن خلالها يوجِّهون طاقاتهم ويَستفرغون رغباتهم في خِدمة دينهم ومجتمعهم، وتزرع في قلوبهم الأخلاق الفاضِلة والمعاني السَّامية؛ مثل الصبر والتحمُّل، والبَذل والوفاء، والصِّدق والشجاعة والقوة، وغيرها من المعاني التي مِن شأنها أن تَجعلهم أداةً صالِحة في خدمة الإسلام والدين.
هذا -أيها المؤمنون- صلُّوا وسلِّموا على مَن أُمرتم بالصَّلاة والسلام عليه؛ حيث أمركم اللهُ في القرآن بذلك؛ فإنَّ الله قال قولًا كريمًا؛ تعظيمًا لشأن نبيِّنا وتعليمًا لنا وتفهيمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
فأيها الرَّاجون شفاعتَه: أكثِروا من الصَّلاة على نبيِّكم؛ فإنَّ صلاتكم نور على الصِّراط حين تمرُّون عليه، اللهمَّ صلِّ وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.