البحث

عبارات مقترحة:

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

سموك في تواضعك

العربية

المؤلف محمد بن سليمان المهوس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. فضائل التواضع .
  2. أفضل أنواع التواضع .
  3. من صور التواضع المحمودة .
  4. الحث على التواضع وعدم التكبر. .

اقتباس

وَمِنْ أَعْظَمِ التَّوَاضُعِ: تَوَاضُعَكَ لِعَظَمَةِ رَبِّكَ وَجَلَالِهِ، وَخُضُوعَكَ لِعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، فَكُلَّمَا شَمَخَتْ نَفْسُكَ ذَكَرْتَ عَظَمَةَ الرَّبِّ تَعَالَى وَتَفَرُّدَهُ بِذَلِكَ، وَغَضَبَهُ الشَّدِيدُ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ ذَلِكَ، فَتَوَاضَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُكَ، وَانْكَسَرَ لِعَظَمَةِ اللَّهِ قَلْبُكَ، وَاطْمَأَنَّتْ لِهَيْبَتِهِ نَفْسُكَ. وَمِنْ التَّوَاضُعِ تَوَاضُعَكَ لِدِينِ اللَّهِ، وَقَبُولِ الْحَقِّ وَالِانْقِيَادِ لَهُ، فَإِذَا وَضَعْتَ نَفْسَكَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ فَقَدْ تَوَاضَعَتَ لِلْعُبُودِيَّةِ، وَنَزَّهَتَ نَفْسَكَ عَنْ التَّرَفُّعِ عَنْهَا، وَالِاسْتِكْبَارِ عَلَيْهَا...

الْخُطْبَةُ الْأُولَى:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ حَرَّمَ الْكِبَرَ وَالْغُرُورَ، وَنَدَبَ إِلَى التَّوَاضُعِ فِي كُلِّ الْأُمُورِ، وَوَعَدَ مِنْ تَوَاضَعَ لَهُ بِالْعِزِّ وَالرِّفْعَةِ وَالتَّمْكِينِ، وَمَنْ تَعَاظَمَ عَلَيْهِ بِالدِّوُنِ وَالْخُسْرَانِ الْمُبِينِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِلاهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَسَيِّدُ الْمُتَوَاضِعِينَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَصَحَابَتِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِينِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيِكُمْ وَنَفْسِيِ بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

تَوَاضَعَ تَكُنْ كَالنَّجْمِ لَاحَ لِنَاظِرٍ

عَلَى صَفَحَاتِ الْمَاءِ وَهُوَ رَفِيعٌ

وَلَا تَكُ كَالدُّخَّانِ يَعْلُو بِنَفْسِهِ

إِلَى طَبَقَاتِ الْجَوِّ وَهُوَ وَضِيعٌ

عِبَادَ اللَّهِ: خُلُقٌ كَرِيمٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ، وَدَلِيلُ مَحَبَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هُوَ طَرِيقٌ يُوصِلُ إِلَى مَرْضَاةِ اللَّهِ وَجْنَتِهِ، وَسَبِيلٌ لِلْفَوْزِ بِحِفْظِ اللَّهِ وَرِعَايَتِهِ وَعِنَايَتِهِ، وَهُوَ عُنْوَانُ سَعَادَةِ الْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

إِنَّهُ خُلُقُ التَّوَاضُعِ الَّذِي يُقَرِّبُ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنَ النَّاسِ؛ إِذْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى حُسْنِ الْخَلْقِ، وَنَقَاءِ السَّرِيرَةِ، وَعِزَّةِ النَّفْسِ، وَصِدْقِ التَّوَجُّهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص: 83].

وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِلِينِ الْجَانِبِ وَالتَّوَاضُعِ لِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء: 215]، وَلَا شَكَّ أَنَّ نَبِيَّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ، وَأَعْظَمُهُمْ جَاهًا وَقَدْرًا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَسَيِّدُ الْمُتَوَاضِعِينَ، وَهُوَ الْقَائِلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَمِنْ أَعْظَمِ التَّوَاضُعِ: تَوَاضُعَكَ لِعَظَمَةِ رَبِّكَ وَجَلَالِهِ، وَخُضُوعَكَ لِعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، فَكُلَّمَا شَمَخَتْ نَفْسُكَ ذَكَرْتَ عَظَمَةَ الرَّبِّ تَعَالَى وَتَفَرُّدَهُ بِذَلِكَ، وَغَضَبَهُ الشَّدِيدُ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ ذَلِكَ، فَتَوَاضَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُكَ، وَانْكَسَرَ لِعَظَمَةِ اللَّهِ قَلْبُكَ، وَاطْمَأَنَّتْ لِهَيْبَتِهِ نَفْسُكَ.

وَمِنْ التَّوَاضُعِ تَوَاضُعَكَ لِدِينِ اللَّهِ، وَقَبُولِ الْحَقِّ وَالِانْقِيَادِ لَهُ، فَإِذَا وَضَعْتَ نَفْسَكَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ فَقَدْ تَوَاضَعَتَ لِلْعُبُودِيَّةِ، وَنَزَّهَتَ نَفْسَكَ عَنْ التَّرَفُّعِ عَنْهَا، وَالِاسْتِكْبَارِ عَلَيْهَا؛ فَلَيْسَ مِنَ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ رَدَّ الْحَقِّ أَوْ التَّمَرُّدَ عَلَى الْعُبُودِيَّةِ، كَمَا قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ"، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمَطُ النَّاسِ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَمِنْ التَّوَاضُعِ تَوَاضُعَكَ فِي نَفْسِكَ، فَلَا تَظُنُّ أَنَّكَ أَعْلَمُ أَوْ أَتْـقَى أَوْ أَكْثَرُ وَرَعًا أَوْ أَشَدُّ خَشْيَةً لِلَّهِ مِنْ غَيْرِكَ، فَقُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال: 24].

ومِنَ التَّواضُعِ ألَّا يَعْظُمُ فِي نَفْسِكَ عَمَلُكَ، إِنْ عَمِلْتَ خَيْرًا، أَوْ تَقَرَّبْتَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِطَاعَةٍ، فَإِنَّ الْعَمَلَ قَدْ لا يُقْبَلُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة: 27] وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: "لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قِبَلَ مِنِّي تَسْبِيحَةً لَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَمُوتَ الْآنَ"!

وَمِنْ التَّوَاضُعِ تَوَاضُعَكَ عِنْدَ الْحَقِّ وَقَبُولِهِ، فَعِنْدَمَا تَسْمَعُ نَصِيحَةً مِنْ أَخِيكَ النَّاصِحِ الْمُشْفِقِ عَلَيْكَ َتَتَقَبَّلهَا بِصَدْرِ رَحِبٍ، دُونَ تَرَدُّدٍ أَوْ ضَجَرٍ أَوْ تَكَبُّرٍ، فَإِنَّ قَبُولَ النَّصِيحَةِ دَلَالَةٌ عَلَى مَحَبَّتِكَ لِلْخَيْرِ، وَسُمُوُّ نَفَسِكَ وَبُعْدُكَ مِنْ الْكِبَرِ، فَاتَّقَوْا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَتَوَاضَعُوا لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، وَمَكَّنَ لَهُ، وَجَعْلَ مَحَبَّتَهُ فِي قُلُوبِ النَّاسِ.

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ.

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلّى الله عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ التَّوَاضُعِ تَوَاضُعَكَ لِلنَّاسِ مِنْ أَجْلِ اللَّهِ، لَا خَوْفًا مِنْهُمْ، وَلَا رَجَاءً لِمَا عِنْدَهُمْ، وَلَكِنْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، تَتَوَاضَعُ مَعَ مَنْ هُوَ أَدْنَى مِنْكَ صَلَاحًا؛ فَإِذَا رَأَيْتَ مِنْ وَقَعَ فِي مَعْصِيَةٍ فَلَا تَتَعَالَى عَلَيْهِ وَتَعْجَبَ بِنَفْسِكَ وَعَمَلِكَ، فَرُبَّمَا كَانَتْ مَعْصِيَتُهُ سَبَبًا فِي تَوْبَةٍ وَإِنَابَةٍ، وَذُلٍّ وَانْكِسَارٍ، وَرُبَّمَا كَانَ إِعْجَابُكَ بِعَمَلِكَ سَبَبًا فِي حُبُوطِ عَمَلِكَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: "مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنِّي لَا أَغْفِرُ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَمِنْ التَّوَاضُعِ تَوَاضُعَكَ مَعَ مَنْهُمْ أَقَلُّ مِنْكَ جَاهًا أَوْ مَالًا أَوْ مَنْصَبًا؛ تَتَوَاضَعُ لَهُمْ لِتَكَوُنَ أَقْرَبَ إِلَى نُفُوسِهِمْ، وَأَحَبَّ إِلَى قُلُوبِهِمْ، فَقَدَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

تَتَوَاضَعُ لِلرَّجُلِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْعَجُوزُ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ" (رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

تَتَوَاضَعُ لِلصَّغِيِرِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِم وَيُمَازِحُهُمْ، قَالَ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :"عَقَلْتُ مِنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ" يَعْنِي لَا يَزَالُ يَذْكُرُ كَيْفَ دَفَعَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- الْمَاءَ مِنْ فَمِهِ فِي اتِّجَاهِهِ يُدَاعِبُهُ بِهِ، وَكَانَ عُمُرُهُ يَوْمَهَا خُمْسَ سِنِينَ.

تَتَوَاضَعُ لِلضَّعِيفِ وَالْفَقِيرِ وَذِي الْحَاجَةِ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ ؟كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُتَكَبِّرٍ".

وَالْعُتُلُّ هُوَ الْغَلِيظُ الْجَافِي شَدِيدُ الْخُصُومَةِ، والْجَوَّاظُ هُوَ الضَّخْمُ الْمُخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَتَوَاضَعُوا لِغَيْرِكِمْ وَلَا تَتَكَبَّرُوا عَلَيْهِمْ فَأَنْتَمْ قَدْ خُلِقْتُمْ مِنْ تُرَابٍ وَإِلَى تُرَابٍ، هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، وقال ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى الله ُعَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا" (رَوَاهُ مُسْلِم).