البحث

عبارات مقترحة:

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

صنائع المعروف تقي مصارع السوء

العربية

المؤلف صالح بن مقبل العصيمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الحديث الشريف وعلومه - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. فضائل عمل الخير والمعروف .
  2. صور من عمل المعروف في الآخرين .
  3. لا يضيع الله العاملين بالخير دولاً أو أفرادًا .
  4. دور المملكة في الإحسان إلى الآخرين .
  5. إحسان المملكة إلى أشقائها في اليمن. .

اقتباس

فَمَنْ صَنَعَ مَعْرُوفًا للنَّاسِ خَالِصًا لِوَجْهِ اللهِ؛ رَجَاءَ مَا عِنْدَهُ رَحْمِةً بِخَلْقِهِ؛ لَنْ يُصِيبَهُ ضُرٌّ أَبَدًا؛ ثِقَةً بِاللهِ جَلَّ وَعَلَا، سَوَاءَ أَكَانَ مَنْ صَنَعَ الْمَعْرُوفَ: شُعُوبًا، أَمْ دُوُلًا، أَمْ قَبَائِلَ، أَمْ أَفْرَادًا. فَمَنْ يَقِفُ مَعَ إِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا اِحْتَاجُوا؛ فَإِنَّ اللهَ لَنْ يَخْذُلَهُ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»..

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إنَّ الحمدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ، لَقَدْ حَثَّ الإِسْلَامُ عَلَى صُنْعِ الْمَعْرُوفِ، وَفِعْلِهِ، وَبَذْلِهِ، بِالأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ، وَقَالَ اللهُ جَلَّ اللهُ: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) [البقرة: 263]، فَفِعْلُ الْمَعْرُوفِ مِنْ خِصَالِ الإِسْلَامِ الْعَظِيمَةِ؛ وَلَمَّا صَنَعَ يَهُودِيٌّ مَعْرُوفًا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ دَعَا لَهُ؛ حَيْثُ اِسْتَسْقَاهُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَقَاهُ الْيَهُودِيُّ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "جَمَّلَكَ اللهُ"، فَمَا رَأَى الشيبَ حَتَّى مَاتَ. حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ» (أخرجَهُ الترمذِيُّ وغيرُهُ بسندٍ صحيحٍ).
 

واسْتَقْرَضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ رَجُلٍ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَجَاءَهُ مَالٌ؛ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، إِنَّمَا جَزَاءُ السَّلَفِ الْحَمْدُ وَالْأَدَاءُ» (أخرجَهُ أَحْمَدُ وغيرُهُ بسندٍ صحيحٍ).

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَالصَّدَقَةُ خَفِيّاً تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ زِيَادَةٌ فِي العُمُر، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَأَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ، وَأَهْلُ المُنْكَرِ في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة" (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

فَالْمُؤْمِنُ مُطَالَبٌ بِصُنْعِ الْمَعْرُوفِ كَلَّ يَوْمٍ؛ بِأَيِّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ صُنْعِهِ، مِنْ إِمَاطَةِ أَذًى، أَوْ إِعَانَةِ إِنْسَانٍ عَلَى دَابَّتِهِ، أَوِ الشَّفَاعَةِ لَهُ، وَبَذْلِ الْجَاهِ، أَوِ الإِقْرَاضِ، أَوْ سَدَادِ الدَّيْنِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ» قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: «فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ» قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: «فَيُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ» قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: «فَيَأْمُرُ بِالخَيْرِ» أَوْ قَالَ: «بِالْمَعْرُوفِ» قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: «فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

وَإِغَاثَةُ النَّاسِ، وَصُنْعُ الْمَعْرُوفِ لَهُمْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ صَاحِبُهُ أَبَدًا، بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، قَالَتْ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، للنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حِينَمَا قَالَ لَهَا: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: "كَلَّا؛ أَبْشِرْ، فَوَ اللهِ، لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللهِ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

لَقَدْ قَالَتْ خَدِيجَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- هَذَا الْكَلَامَ؛ لأَنَّهُ اِسْتَقَرَّ فِي الطَّبَائِعِ السَّلِيمَةِ، وَالْقُلُوبِ النَّظِيفَةِ أَنَّ صَنَائِعَ الْمَعْروفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوءِ، جَاءَ فِي عُيُونِ الأَخْبَارِ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "صَاحِبُ الْمَعْرُوفِ لَا يَقَعُ؛ فَإِنْ وَقَعَ؛ وُجِدَ مُتَّكِئًا".

فَمَنْ صَنَعَ مَعْرُوفًا للنَّاسِ خَالِصًا لِوَجْهِ اللهِ؛ رَجَاءَ مَا عِنْدَهُ رَحْمِةً بِخَلْقِهِ؛ لَنْ يُصِيبَهُ ضُرٌّ أَبَدًا؛ ثِقَةً بِاللهِ جَلَّ وَعَلَا، سَوَاءَ أَكَانَ مَنْ صَنَعَ الْمَعْرُوفَ: شُعُوبًا، أَمْ دُوُلًا، أَمْ قَبَائِلَ، أَمْ أَفْرَادًا. فَمَنْ يَقِفُ مَعَ إِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا اِحْتَاجُوا؛ فَإِنَّ اللهَ لَنْ يَخْذُلَهُ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول لأصحابه: "وَأَغِيثُوا الْمَظْلُومَ" (رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: "وَتُغِيثُوا الْمَلْهُوفَ وَتَهْدُوا الضَّالَّ".

وَكَانَ السَّلَفُ –رَحِمَهُمُ اللهُ- يَحْرِصُونَ عَلَى إِغَاثَةِ النَّاسِ؛ كَتَبَ عُمَرُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَامَ الرَّمَادَةِ إِلَى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ يَقُولُ: "أَغِيثُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهَا"؛ فَتَسَارَعُوا بإغَاثَتِهَا، بَلْ وَكَانَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ -رَحِمَهُ اللهُ- يَقُولُ: "إِنِّي لَأتَسَارَعُ إِلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ إِخْوَانِي مَخَافَةَ أَنْ أَرُدَّهُمْ؛ فَيَسْتَغْنُوا عَنَّي".

 قَالَ الإِمَامُ الْغَزَالِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "يَنْبَغِي أنْ تَكُونَ حَاجَةُ أَخِيكَ مِثْلَ حَاجَتِكَ، أَوْ أَهَمَّ مِنَ حَاجَتِكَ، وَتَجْتَهِدَ بِالإِكْرَامِ فِي الزِّيَادَةِ وَالإِيثَارِ".

إِنَّ أَخَاكَ الْحَقَّ مَنْ كَانَ مَعَكَ 

وَمَنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَكَ
وَمَنْ إِذَا رَيْبُ الزَّمَانِ صَدَّعَكَ  شَتَّتَ فِيهِ شَمله ليجمعكَ

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطْبةُ الثَّانيةُ :

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ فِي حَدِيثِ صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ حَثٌّ للنَّاسِ عَلَى أَنْ يُبَادِرُوا إِلَى صُنْعِ الْمَعْرُوفِ؛ فَمَنْ صَنَعَ مَعْرُوفًا، وَقَدَّمَ صَدَقَةً؛ حَمَاهُ اللهُ مِنَ السُّقُوطِ فِي الآفَاتِ وَالْمُهْلِكَاتِ؛ وَلِذَا نَجِدُ الأَفْرَادَ والدُّوَلَ الَّتِي عُرِفَتْ بِإِغَاثَتِهَا لِغَيْرهَا يَحْمِيهَا اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَيَقِيهَا، وَهَذِهِ الْبِلَادُ بِوُلَاةِ أَمْرِهَا، وَبِمُؤَسَّسَاتِهَا الرَّسْمِيَّةِ، وَبِرِجَالِ أَعْمَالِهَا، وَمُؤَسَّسَاتِهَا الْخَيْرِيَّةَ؛ قَدْ وَفَّقَهُمُ اللهُ جَمِيعًا عَلَى مَدَى التَّارِيخِ لِلْوقُوفِ مَعَ الْمَنْكُوبِينَ، وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِينَ، مِنْ دُوَلٍ وَأَفْرَادٍ، بِأَمْوَالِهِمْ وَجَاهِهِمْ؛ فَحَمَاهَا اللهُ جَلَّ وَعَلَا وَوَقَاهَا، وَلَا نَسْتَغْنِي عَنْهُ عَزَّ وَجَلَّ أبَدًا، وَنَسْأَلُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ!

وَلَيْسَ أَدَلُّ عَلَى ذلِكَ مِنْ وَقْفَتِهَا الصَّادِقَةِ مَعَ الْيَمَنِ، وَتَكْوينِهَا للتَّحَالُفِ، الَّذِي مَا كَانَ لِيَتَمَّ لَوْلَا تَوْفِيقُ اللهِ لَهَا، ثُمَّ كَوْنُهَا الْمُؤَسِّسَ لَهُ؛ فَأَغَاثَتْ – بِفَضْلِ اللهِ- أَهْلَ الْيَمَنِ مِنْ مُنْزَلَقٍ خَطِيرٍ، يَقُودُهُ عَدُوٌّ بَغِيضٌ، يَسْعَى إِلَى تَغْييرِ دِينِهَا، وَلُغَتِهَا، وَتَرْكِيبَةِ سُكَّانِهَا؛ فَأَغَاثُوهُمْ بِالْمَالِ والْعَتَادِ، وَبَذَلُوا الْجُهْدَ وَالطَّاقَةَ؛ لِتَخْلِيصِهَا مِنْ هَذَا الشَّرِّ الْمُحْدِقِ بِهَا.

لَقَدْ كَادَتِ الْيَمَنُ أَنْ تَقَعَ ضَحِيَّةً لِدَوْلَةِ الْمَجُوسِ الصَّفَوِيَّةِ الْبَغِيضَةِ؛ وَلَكِنَّ هَذِهِ الإِغَاثَةَ جَاءَتِ استِجَابَةً للنِّدَاءِ؛ فَحَفِظَ اللهُ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ وَلُطْفِهِ؛ الْيَمَنَ، (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، وَالْمُؤْمِنُ يَحْرِصُ عَلَى أَنْ يَقِفَ مَعَ إِخْوَانِهِ وَيُغِيثَهُمْ، وَيُفَرِّجَ كُرُبَاتِهِمْ، وَاللهُ بِعَوْنِهِ؛ مَا دَامَ بِعَوْنِهِمْ.

حَفِظَ اللهُ بِلَادَنَا، وجَعَلَها ذُخْرًا للْمُسْلِمِينَ. الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن.

الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...