البحث

عبارات مقترحة:

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

رمضان والقرآن

العربية

المؤلف خالد بن عبدالله الشايع
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات - الصيام
عناصر الخطبة
  1. فضائل القرآن الكريم .
  2. أهمية تلاوة القرآن والعمل بما فيه .
  3. ثمرات تلاوة القرآن وتدبره .
  4. رمضان شهر القرآن .
  5. وصايا السلف لقارئ القرآن. .

اقتباس

القرآن به حياة الناس وروحهم (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) فهو روح للقلوب، تحيا به القلوب بعد موتها، فإذا خالط القرآن بشاشة القلب فإنه يحيى ويستنير، ويعرف ربه ويعبده على بصيرة وهدى، ولهذا فإن القلوب الخالية من القرآن تكون ميتة بلا روح؛ كالبيت الخرب، وأما صاحب القرآن فقلبه مزهر بالإيمان، ولهذا سمي القرآن نورًا (وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا)، فهو حياة للناس ونور يضيء لهم الطريق والمعرض عن القرآن قلبه ميت وهو في الظلمات يتخبط، فمن أراد الحياة والنور فعليه بكلام العزيز الغفور.

الخطبة الأولى:

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً *  وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) [الكهف: 1- 5].

وأشهد أن ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنزل القرآن ليتدبره الخلق ويعملوا به فيكون لهم نبراسًا وهدى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل من نطق بالقرآن من الملائكة والإنس والجن، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام الذين لم يكونوا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم، ويعملوا بها وعلى التابعين لهم بإحسان.

أما بعد فيا معاشر المسلمين: إن من أكبر نعم الله علينا بعثة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وإنزال القرآن الكريم عليه هدايةً للناس تبصيرًا وتذكيرًا لهم بما ينفعهم في الدنيا والآخرة، فإنَّ القرآن هو كلام الله -تعالى- حروفه ومعانيه منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود في آخر الزمن (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) [الشعراء: 192- 193].

وإن هذا القرآن كتاب عالمي لجميع الخلق من الجن والإنس (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) [الفرقان: 1]، وإنه هداية للخلق (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة: 185]، وهدايته إنما هي للتي هي أقوم (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء: 9]، فهو مُبِّينٌ وهادٍ لأقوم الطرق وأعدلها الموصلة إلى الله -سبحانه وتعالى-.

كما أن هذا القرآن به حياة الناس وروحهم (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) [الشورى: 52]، فهو روح للقلوب، تحيا به القلوب بعد موتها، فإذا خالط القرآن بشاشة القلب فإنه يحيى ويستنير، ويعرف ربه ويعبده على بصيرة وهدى، ولهذا فإن القلوب الخالية من القرآن تكون ميتة بلا روح؛ كالبيت الخرب، وأما صاحب القرآن فقلبه مزهر بالإيمان ولهذا سمي القرآن نورا (وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا) [الشورى: 52]، فهو حياة للناس ونور يضيء لهم الطريق والمعرض عن القرآن قلبه ميت وهو في الظلمات يتخبط، فمن أراد الحياة والنور فعليه بكلام العزيز الغفور.

كما أن هذا القرآن فرقان للمؤمن يتضح له به الشر من الخير والضار من النافع، (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) [الفرقان: 1]، كما جعله الله –سبحانه- شفاء للناس (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس: 57]، فهو شفاء من الأمراض الحسية والأمراض المعنوية، أمراض الأبدان وأمراض القلوب كيف لا؟ وهو كلام الله -جل وعلا- الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فمن هذا المنطلق يجب على المسلمين جميعًا أن يتعلموا هذا القرآن ويتدارسوه ويدرسوه لأولادهم وإخوانهم، وأن يعتنوا بحفظه وإتقانه كيف لا يكون ذلك والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد علَّق الخيرية في ذلك كما أخرج البخاري من حديث عثمان مرفوعًا "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".

وإننا في هذا الشهر شهر القرآن لدينا فرصة عظيمة للتلاوة والحفظ، ومعرفة الأحكام والفوائد، ودلالات الآيات، والتعرف على الله بأسمائه وصفاته، ولقد تعبدنا الله بتلاوته ورتب على ذلك الأجر العظيم؛ أخرج الترمذي في جامعه من حديث عبد الله بن مسعود مرفوعًا "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول: (ألم) حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"، فإذا كان ذلك كذلك كان لزامًا على المريد لنفسه النجاة أن يحرص على التلاوة في كل وقت وحين، وأن يعيش مع القرآن في جميع لحظاته، فتلاوته متيسرة في الصلاة وخارجها عن قيام وقعود وركوب واضطجاع، ولا يمتنع من القرآن إلا الجُنُب.

وإن من المؤسف حقًّا أن ترى هجران بعض الناس لكتاب ربهم فلا بعرفونه إلا في رمضان فكم من الخير حُرموا بذلك، (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) [الفرقان: 30]، ولهذا ينبغي للمسلم أن لا يمر عليه شهر على الأقل حتى يختم القرآن قراءة وتدبرًا، وكلما أكثر فهو أفضل، ولقد كان الصحابة يختمون القرآن في كل أسبوع، قال عبد الله بن أحمد: "كان أبي يقرأ القرآن كل يوم سُبعًا".

هذا في الأيام المستمرة، أما في أوقات الفضائل كرمضان فكانوا يزدادون؛ فهذا الشافعي إذا دخل رمضان يختم كل يوم مرتين، وكان قتادة يختم كل يوم مرة، والبعض يتعجب وغيرهم يكذِّب مثل هذه الآثار، وإني لأعلم من يختم القرآن كل يوم في هذه الأيام، فالبركة من الله، ينزلها على من يشاء من عباده، فمن أراد أن تستنير بصيرته ويحيا قلبه فعليه بتلاوة القرآن (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].

اللهم ارزقنا تلاوة كتابك على الوجه الذي يرضيك عنا، أقول قولي هذا .....

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين،...

أما بعد فيا أيها المؤمنون: إن الغاية التي من أجلها أنزل القرآن، والتي من أجلها أمر الناس أن يتدبروا القرآن، هي تدبر القرآن والعمل به (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص: 29]، ولقد أنكر الله –سبحانه- على المعرضين عن كتابه وبيَّن أن عدم تدبر القرآن هو سبب حيرتهم وضلالهم واختلافهم (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء: 82]، وكلما زاد تدبر العبد لكلام الله، كلما قوي إيمانه ووجل قلبه وخضع لله (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].

فحاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن الذى هو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يخْلَق عن كثرة الترديد، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، من قال به صدق، ومن عمل به أُجِر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، ومن تركه من جبار قصَمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله.

معاشر المؤمنين: إن القرآن هو دواء القلوب القاسية، فبتلاوته تلين القلوب وتخشع لربها (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23].

عباد الله: لقد كان السلف -رحمهم الله- يتدبرون القرآن، ويتفكرون في معانيه، ولهذا ظهر فيهم أثره، وسطعت أنواره، فهذا نبي هذه الأمة -صلى الله عليه وسلم- كما أخرج النسائي في سننه من حديث عبد الله بن الشخير قال: "أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل، يعني من البكاء".

وهذا أبو بكر كان رجلاً أسيفًا إذا صلى بالناس لا يسمعه المأمومون من البكاء، وهذا عمر بن الخطاب إذا صلى بالناس سُمِعَ نشيجه من خلف الصفوف، وثبت عن عثمان أنه ختم القرآن في ركعة واحدة، وكان ابن الزبير إذا صلى تأتي الطير وتقع على رأسه تظن أنه جذعُ شجرة.

أيها المؤمنون: إن العبد إذا قرأ القرآن بتدبر، أدى به ذلك للعمل بما تضمنه، وهذه هي الثمرة المرجوة، والتي من أجلها أُمِرَ الناس بالتدبر.

قال بعض السلف: "رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه، قيل له كيف؟ قال يقرأ قوله سبحانه (فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) وهو يكذب، ويقرأ (أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) وهو ظالم".

أيها المسلمون: نحن في شهر القرآن الذي كان يتنافس فيه المسلمون في تلاوة القرآن، فأروا الله من أنفسكم خيرًا، فاقرأوا القرآن بتدبر وتعقل وفهم للمعنى، واستعينوا بكتب التفسير، ليتسنى لكم تطبيق أوامره واجتناب نواهيه، ولنعلم أن العبرة بقدر الأثر لا بالكمّ والعدد.

فإذا قرأ العبد (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ..) [النور: 30]، دعته هذه الآية إلى غضّ البصر وحفظ الفرج إلا من الحلال، وهكذا حتى يكون المرء على نور من ربه وهدى.

فتدبر القرآن إن رمت الهدى

فالعلم تحت تدبر القرآن

عن الحسن بن علي -رضي الله عنه- قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".

وعن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يُعرَف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يختالون".

قال عثمان بن عفان وحذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما-: "لو طهرت القلوب لم تشبع من قراءة القرآن".

قال عبدالله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-: "لقد عشنا دهرًا طويلاً وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، فتنزل السورة على محمد -صلى الله عليه وسلم- فيتعلم حلالها وحرامها، وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها، ثم لقد رأيت رجالاً يُؤتَى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين الفاتحة إلى خاتمته لا يدري ما آمره ولا زاجره وما ينبغي أن يقف عنده منه، ينثره نثر الدقل".

قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لا تهذوا القرآن هذ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، قفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة".

قال عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: "إنّا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإنّ من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به".

قال عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: "إذا أردتم العلم فانثروا القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين".

اللهم فقِّهنا في الدين، واجعلنا فيه من العاملين، اللهم إنا نسألك الجنة وما يقرب....

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين اللهم أعذنا من الفتن

ربنا آتنا في الدنيا