القدير
كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...
العربية
المؤلف | علي عبد الرحمن الحذيفي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحج - |
الحجُّ إلى بيتِ الله الحرام كُتِب على المُسلم البالِغِ المُكلَّف في العُمر مرةً واحدةً، وما زادَ على ذلك فهو تطوُّعٌ. فمَن كتبَ اللهُ له الحجَّ، ووفَّقَه لأدائِه فرضًا كان أو تطوُّعًا، وقامَ بأعمالِه كاملةً؛ فقد منَّ الله عليه بالنعمة العظيمة، والمنزِلَة الرفيعة، والمغفِرَة الواسِعة، والأجورِ المُتنوِّعة. وحُقَّ لمَن تفضَّل الله عليه بالحجِّ أن يفرَحَ به أشدَّ الفرَح...
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله، الحمدُ لله الذي زكَّى النُّفوسَ وطهَّرَها بالفرائِضِ والواجِبات، وحفِظَها من الخُبث والخبائِثِ بتحريم المُحرَّمات، وتركِ السيئات، وأمدَّ القلوبَ بحياة الإيمان بما أنزلَ مِن الآيات البيِّنات، وبما سنَّ رسولُنا -صلى الله عليه وسلم- من الهُدى وأبلَغ الكلمات.
أحمدُ ربِّي وأشكُرُه على نعمِه التي لا يُحصِيها إلا هو، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربُّ الأرض والسماوات، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه الذي وفَّى كلَّ مقامٍ حقَّه مِن العبادات، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه المُسارِعين إلى الخيرات.
أما بعد: فاتَّقُوا اللهَ بالقيام بما فرَضَ الله - عزَّ وجل - مِن أمرِه، والبُعد عما حذَّرَ اللهُ مِن نهيِه؛ فتقوَى اللهِ - تبارك وتعالى - خيرُ زادٍ ليوم المعاد، وخيرُ ما يُصلِحُ أمورَ العباد، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق: 4].
أيها المُسلمون: الحجُّ إلى بيتِ الله الحرام كُتِب على المُسلم البالِغِ المُكلَّف في العُمر مرةً واحدةً، وما زادَ على ذلك فهو تطوُّعٌ. فمَن كتبَ اللهُ له الحجَّ، ووفَّقَه لأدائِه فرضًا كان أو تطوُّعًا، وقامَ بأعمالِه كاملةً؛ فقد منَّ الله عليه بالنعمة العظيمة، والمنزِلَة الرفيعة، والمغفِرَة الواسِعة، والأجورِ المُتنوِّعة.
وحُقَّ لمَن تفضَّل الله عليه بالحجِّ أن يفرَحَ به أشدَّ الفرَح، قال الله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58].
إذ قد نالَ فضائلَ الحجِّ التي جاء بها القرآنُ الكريمُ والحديثُ النبويُّ: قال الله -تعالى- في عملِ شعائِرِ الحجِّ: (وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) [الحج: 37].
وقال - سبحانه - في العملِ الصالِح في الحجِّ: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) [البقرة: 197] أي: فيُجازِيكُم به.
وقال -تعالى- فيمَن تقبَّل الله منه: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [البقرة:201-202].
وفي الحديثِ: "العُمرةُ إلى العُمرةِ كفَّارةٌ لما بينَهما، والحجُّ المبرُورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة» (رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-).
وقال - عليه الصلاة والسلام -: "مَن حجَّ لله فلم يرفُث ولم يفسُق؛ رجعَ كيوم ولدَتْه أمُّه» (رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-).
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا رسولَ الله! نرَى الجِهادَ أفضلَ الأعمال، أفلا نُجاهِد؟ قال: "لكنَّ أفضلَ الجِهاد وأجملَه: حجٌّ مبرُورٌ» (رواه البخاري ومسلم والنسائي).
والحُجَّاجُ والعُمَّارُ وفدُ الله، والربُّ - عزَّ وجل - أكرمُ الأكرمين.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "الحُجَّاجُ والعُمَّارُ وفدُ الله، إن دعَوه أجابَهم، وإن استغفَرُوه غفَرَ لهم» (رواه النسائي).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "يُغفَرُ للحاجِّ ولمَن استغفَرَ له الحاجُّ» (رواه الطبرانيُّ والبزَّارُ).
وعن عائشة -رضي الله عنها-، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما مِن يومٍ أكثر أن يُعتِقَ الله في عَبِيدًا مِن النَّار مِن يومِ عرفَة، وإنه ليَدنُو يتجلَّى ثم يُباهِي بهم الملائِكةَ، فيقولُ: ما أرادَ هؤلاء؟» (رواه مسلم).
وثوابُ الحجِّ ومنافِعُه لا يُحصِيها إلا الله - عزَّ وجل -، ولم يعلَم الناسُ مِنها إلا القليل. فمَن قَبِلَ الله حجَّه فقد نالَ الأجُورَ الكثيرةَ، وشاهَدَ فيه المنافِعَ المُتنوِّعةَ الدينيةَ والدنيويةَ، وإن لم يقدِر على حصرِ هذه المنافِعِ.
قال الله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) [الحج: 27، 28].
ومِن بركاتِ الحجِّ: أن المُسلمَ ينقلِبُ بمغفِرَةِ الذنوبِ، إذا قُبِلَ مِنه، ويُحفَظُ بالحجِّ مِن الشيطان، ويضعُفُ كَيدُ الشيطانِ عنه بالحجِّ؛ لقولِ الله -تعالى- في قصةِ إبليس: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [ص: 82، 83].
فمَن أخلَصَ في حجِّه وعمِلَ بالسنَّة؛ نجَا مِن غِوايةِ الشيطان، ومَن سَلِمَ له حجُّه سَلِمَ له عُمرُه.
وحُقَّ للمُسلم أن يشكُرَ ربَّه - سبحانه - على تفضُّلِه عليه بالحجِّ، وتسخيرِه أسبابِه، وعلى توفُّرِ مرافِقِه وخدماته ومُتطلَّباته، وعلى تسهيلِ طُرُقِه في البَرِّ والبحرِ والجوِّ، وعلى توفُّر أسبابِ الرحمةِ والتنقُّل وتيسُّر الأرزاق، وعلى استِتبابِ الأمنِ والاستِقرار في الحرمَين الشريفَين في هذا الزمنِ الذي تمُوجُ فيه الفِتَنُ كمَوجِ البحار المُتلاطِم، وتَثُورُ فيه الحُروبُ كالبراكِينِ المُدمِّرة.
قال الله تعالى: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [القصص: 57]، وقال تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش: 3، 4].
وحقٌّ على المُسلم أن يحمَدَ اللهَ ويشكُرُه على هذا البيتِ العتيقِ المُبارَك، الذي بناه أبونَا إبراهيمُ وإسماعيلُ - عليهما الصلاة والسلام - بأمرِ الله تعالى؛ رحمةً للناسِ، وجعلَه الله سببًا لمصالِحِ الدين والدنيا.
قال الله تعالى: (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ) [المائدة: 97]. قال البغويُّ - رحمه الله -: "قوامًا لهم في أمرِ دينِهم ودُنياهم" اهـ.
ولله على عبادِه أن يحمَدُوه ويشكُرُوه على اختِيارِه المشاعِر المُقدَّسة لأعمالِ الحجِّ، وتعريفِها للمُسلمين؛ لتعظُمَ عبادتُهم، وتتضاعَف أجُورُهم فيها لفضلِها.
عن عمرو بن العاصِ -رضي الله عنه- قال: "أفاضَ جبريلُ بإبراهيم - عليهما الصلاة والسلام - إلى مِنى، فصلَّى به الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والصبحَ بمِنَى، ثم غدَا به مِن مِنَى إلى عرفات فصلَّى به الصلاتَين، ثم وقفَا حتى غابَت الشمسُ، ثم أتَى به المُزدلِفَة فنزَلَ بها، فباتَ بها، ثم صلَّى بها الفجرَ كأعجَلِ ما يُصلِّي أحدٌ مِن المُسلمين، ثم دفعَ به إلى مِنَى فرمَى وحلَقَ وذبَحَ - أي: إبراهيم -، ثم أوحَى الله - عزَّ وجل - إلى مُحمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، أن (اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [النحل: 123]" ( رواه الطبراني في "الكبير).
قال الله -تعالى- عن دُعاءِ إبراهيم وإسماعيل - عليهما الصلاة والسلام -: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا) [البقرة: 128].
قال البغويُّ - رحمه الله -: "فأجابَ الله -تعالى- دُعاءَهما، فبعَثَ جبريل فأراهما المناسِكَ" اهـ.
فمَن وُفِّقَ وكُتِبَ له الحجُّ فليتعلَّم أحكامَه وأعمالَه، ويعمل بها؛ ليكون حجُّه مبرُورًا، وأعظمُ أعمالِه أركانُه، وهي: نيَّةُ الدخول في النُّسُك بالإحرام، والوقوفُ بعرفة، وطوافُ الزيارة بعد ليلةِ مُزدلِفَة، والسعيُ. فمَن تركَ الوقوفَ فاتَه الحجُّ، ومَن تركَ رُكنًا فلا يتِمُّ الحجُّ إلا به.
وواجِباتُ الحجِّ: الإحرامُ مِن المِيقات، والوقوفُ إلى الغروبِ، والمَبِيتُ بمِنَى ومُزدلِفة إلى نصفِ الليل، والرميُ والحلقُ والوداعُ.
وليحرِص المُسلمُ على السُّنن، وأعمالُ الحجِّ يوم النَّحر لا حرَجَ في تقديمِ بعضِها على بعضٍ. فيا بُشرَى مَن أخلَصَ النيَّةَ لله في حجِّه، واجتهَدَ في أنواع القُرُبات بكثرةِ الذِّكر والتلاوة، والإحسان، وبذل الخير، وكفِّ الشرِّ.
وعلى المُسلم أن يبتعِدَ عن محظُوراتِ الإحرام، ولا يُعرِّض حجَّه للمُبطِلات.
وأما مَن جاءَ للحجِّ بنيَّةِ الأذِيَّةِ للمُسلمين، والإضرار بهم، أو إدخال المشقَّة عليهم، أو المكرِ بهم، أو تدبيرِ المكائِدِ لهم، أو ارتِكاب النَّشل، أو جَلبِ مُخدِّرات، أو ارتِكابِ مُوبِقاتٍ ومُحرَّماتٍ، فالله لهذا المُفسِدِ بالمِرصاد، فقد كفَى الله المُسلمين شرَّه، وأرداهُ عملُه؛ إذ هو مُحارِبٌ لله - عزَّ وجل - ولرسولِه - عليه الصلاة والسلام -، ومَن حارَبَ اللهَ ورسولَه فهو مخذُولٌ مخزِيٌّ هالِكٌ، وشواهِدُ التاريخ ظاهِرةٌ بذلك.
قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة: 20، 21].
ومَن هو بهذه النيَّة السيئةِ حُرِمَ مِن أجُورِ الحجِّ ومنافِعِه، ورجعَ بالآثام الثِّقال التي لا تتحمَّلُها الجِبال، والله عليمٌ بما في القُلوبِ، يُعاقِبُ بالهَمِّ بالمعصِيةِ في البلدِ الحرامِ، فكيف بفعلِها؟! قال الله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج: 25]، وقال تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19].
وقد كان أهلُ الجاهليَّة على شِركِهم يُعظِّمُون البلدَ الحرامَ، حتى إن الرجُلَ يلقَى قاتِلَ أبِيه فِيه فلا يُهيجه، والمُسلمُ الحقُّ هو الذي يُعظِّمُ حُرُماتِ الله - عزَّ وجل -، ويَرعَى حُقوقَ أخُوَّة الإسلام ويُحافِظُ عليها، قال الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج: 32].
باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، ونفعَنا بهديِ سيِّد المُرسَلين وقولِه القَويم، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم وللمُسلمين، فاستغفِرُوه، إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، الحمدُ لله ربِّ العالمين، القويِّ المَتِين، أحمدُ ربِّي وأشكُرُه على نعمِه التي لا يُحصِيها غيرُه، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له الملِكُ الحقُّ المُبين، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه الصادِقُ الأمين، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين.
أما بعد: فاتَّقُوا الله حقَّ التقوَى، وتمسَّكُوا مِن دينِكم بالعُروة الوُثقَى.
أيها المُسلمون: إن الله -تعالى- برحمتِه شرَعَ طُرُقَ الخير الكثيرة، وأبوابَ الأعمال الصالِحات، فمَن لم يُكتَب له الحجُّ في وقتٍ ما، فقد منَّ الله عليه بالتقرُّبِ إليه بجميعِ سُبُل الخير، والفضائل التي ينَالُ بها مثل ثوابِ الحجِّ والعُمرة.
قال الله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [المائدة: 48]، وقال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ) [الأنبياء: 94].
وفي الحديث: "اتَّقِ الله حيثُما كُنتَ، وأتبِعِ السيئةَ الحسنة تَمحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ» (رواه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ"، وفي بعضِ النُّسَخ: "حسنٌ صحيحٌ" عن مُعاذ - رضي الله -تعالى- عنه(-.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا".
فصلُّوا وسلِّمُوا على سيِّد الأولِين والآخِرين، وإمامِ المُرسَلين.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وسلِّم تسليما كثيرًا.
اللهم وارضَ عن الصحابةِ أجمعين، وارضَ عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديِّين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن العشرة المُبشَّرين بالجنَّة، وعن سائر الصحابةِ أجمعين برحمتِك يا أرحم الراحمين، وعن التابِعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم أحسن عاقِبتَنا في الأمورِ كلِّها، وأجرنا من خِزيِ الدنيا وعذابِ الآخرة.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، اللهم وأذِلَّ الكفرَ والكافِرين، اللهم وأذِلَّ الكفرَ والكافِرين يا قويُّ يا متين، يا رب العالمين أنت القادِرُ على كل شيء، إنك على كل شيء قدير.
اللهم إنا نسألُك أن تغفِر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا، وما أسرَرنا وما أعلَنَّا، وما أنت أعلمُ به منَّا، أنت المُقدِّم وأنت المُؤخِّر لا إلهَ إلا أنت.
اللهم إنا نسألُك يا ذا الجلال والإكرام ألا تكِلَنا إلى أنفسِنا طرفةَ عينٍ.
اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين يا رب العالمين، اللهم انصُر دينَك وكتابَك، وسُنَّةَ نبيِّك، اللهم وأظهِر دينَك الذي ارتَضَيتَه لنفسِك على الدينِ كلِّه ولو كرِهَ المُشرِكُون يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألُك أن تنصُر الإسلام والمُسلمين يا رب العالمين، اللهم أذِلَّ الكفرَ والكافِرين.
اللهم إنا نسألُك أن تُذِلَّ البِدعَ يا رب العالمين التي تُضادُّ دينَك، وتُضادُّ هديَ نبيِّك محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، اللهم إنا نسألُك أن تُذِلَّ البِدعَ وأن تُخزِيَ البِدعَ التي تُضادُّ دينَك إلى يوم الدين يا رب العالمين، اللهم وأخزِ البِدعَ، اللهم وأطفِئ الفِتَن الضارَّة، اللهم وأطفِئ الفِتَن المُضِلَّة التي شبَّت بين المُسلمين يا رب العالمين.
اللهم ألِّف بين قُلوبِ المُسلمين، وأصلِح ذاتَ بينهم، واهدِهم سُبُل السلام، وأخرِجهم مِن الظُّلُمات إلى النور، واجمَعهم على الحقِّ برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المُسلمين، اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المُسلمين، اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المُسلمين، اللهم نوِّر على المُسلمين في قبورهم، اللهم اغفِر لنا ولموتَانا وموتَى المُسلمين يا رب العالمين، ضاعِف حسناتهم، وتجاوَز عن سيئاتهم يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألُك يا ذا الجلال والإكرام أن تتولَّى أمرَ كلِّ مُسلمٍ ومُسلمةٍ، وأمرَ كلِّ مُؤمنٍ ومُؤمنةٍ، اللهم تولَّ أمرَ المُسلمين برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم ارحَم أمةَ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- مِن التفرُّق والتناحُر والتدابُر، اللهم وارحَمهم يا رب العالمين مِن الذِّلَّة والقِلَّة إنك على كل شيء قدير، يا رب العالمين، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفَظ بلادَنا مِن عُدوان المُعتَدين، اللهم احفَظ بلادَنا مِن الظالمين يا رب العالمين، اللهم يا ذا الجلال والإكرام احفَظ جُنودَنا، اللهم وفِّقهم لما تُحبُّ وترضَى، وسدِّدهم إنك على كل شيء قدير، واحفَظ بلادَنا مِن كل شرٍّ ومكروهٍ يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أبطِل مُخطَّطات أعداء الإسلام، اللهم أبطِل مُخطَّطات أعداء الإسلام، اللهم أبطِل مكرَ أعداء الإسلام يا رب العالمين التي يَكِيدُون بها الإسلامَ، إنك على كل شيء قدير، يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِذنا وأعِذ ذريَّاتنا من إبليس وشياطينه وجنوده وأوليائِه وأتباعِه يا رب العالمين، اللهم أعِذ المُسلمين وذريَّاتهم من الشيطان الرجيم، إنك على كل شيء قدير.
اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تُحبُّ وترضَى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك، اللهم أعِنه على كل خيرٍ يا رب العالمين، اللهم وفِّقه للرأي السديد، والعمل الرشيد يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفِّق وليَّ عهدِه لِما تُحبُّ وترضَى.
اللهم وفِّق وليَّ عهدِه لِما تُحبُّ وترضَى، ولِما فيه الخيرُ للإسلام والمُسلمين يا رب العالمين، اللهم وهيِّئ له البِطانةَ الصالحةَ التي تدُلُّه على الخير يا ذا الجلال والإكرام، والتي تُذكِّرُه إذا نسِي، وتُعينُه إذا ذَكَرَ، اللهم وانفَع به الإسلامَ والمُسلمين إنك على كل شيء قدير.
اللهم إنا نسألُك يا ذا الجلال والإكرام أن تجعلَ هذه البلادَ آمنةً رخاءً سخاءً، وسائر بلاد المُسلمين عامَّةً يا رب العالمين.
عبادَ الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90].
فاذكُرُوا الله العظيمَ الجليلَ، واشكُرُوه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلمُ ما تصنَعون.