الخالق
كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...
العربية
المؤلف | خالد القرعاوي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - |
المُسلِمُ بِحمدِ اللهِ يَعيشُ مُباركَاً أَينَما حَلَّ، وفي أيِّ زَمَنٍ كَانَ! وَأَعْظَمُ عَمَلٍ تُقُومُ بِهِ طَاعَةُ اللهِ -تَعالى-؛ إذِ الطَّاعةُ برَكَةٌ وخَيرٌ ونَمَاءٌ، كَمَا قَالَ المَولَى: (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)؛ فَالصَّلاةُ طُهْرَةٌ مِن الذُّنُوبِ، والصُّومُ طُهْرةٌ مِنْ الآثَامِ، والصَّدَقَةُ تُطفِئُ الخطيئةَ، ومَنْ حجَّ فلمْ يَرفثْ ولم يَفسُقْ رَجَعَ من ذُنوبِه كَيومَ وَلَدتُهُ أمُّهُ. أيُّ فضلٍ هذا؟ وأيُّ إكرامٍ من الله لنا؟ فَالحَمْدُ للهِ على نِعمَةِ الإسلامِ والإيمانِ والعملِ الصَّالِحِ!
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله منَّ عَلَينَا بِمَوَاسِمِ الخَيرَاتِ، لِمَغفِرَةِ الذُّنوبِ وتَكفيرِ السَّيئَاتِ، نَشْهَدُ ألاَّ إلَهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَاسِعُ العَطايا وَجَزِيلُ الهِبَاتِ، وَنَشْهَدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ سَبَّاقٌ إلى الخَيرَاتِ، صلَّى الله وسلَّمَ وبَارَكَ عليه وعلى آلِهِ وأَصحابِهِ والتَّابِعينَ لهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الْمَمَاتِ.
أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ يا مؤمنونَ، فمن اتَّقى اللهَ وَقَاهُ وحَفِظهُ ورَعَاهُ، وأَكرَمَ مَنزِلَهُ ومَثواهُ.
عبادَ اللهِ: المُسلِمُ بِحمدِ اللهِ يَعيشُ مُباركَاً أَينَما حَلَّ، وفي أيِّ زَمَنٍ كَانَ! وَأَعْظَمُ عَمَلٍ تُقُومُ بِهِ طَاعَةُ اللهِ -تَعالى-؛ إذِ الطَّاعةُ برَكَةٌ وخَيرٌ ونَمَاءٌ، كَمَا قَالَ المَولَى: (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام: 160]؛ فَالصَّلاةُ طُهْرَةٌ مِن الذُّنُوبِ، والصُّومُ طُهْرةٌ مِنْ الآثَامِ، والصَّدَقَةُ تُطفِئُ الخطيئةَ، ومَنْ حجَّ فلمْ يَرفثْ ولم يَفسُقْ رَجَعَ من ذُنوبِه كَيومَ وَلَدتُهُ أمُّهُ.
اللهُ أكبرُ عِبَادَ الله أيُّ فضلٍ هذا؟ وأيُّ إكرامٍ من الله لنا؟ فَالحَمْدُ للهِ على نِعمَةِ الإسلامِ والإيمانِ والعملِ الصَّالِحِ!
يا مؤمنون: لقد أقبلَتْ علينَا أيَّامٌ مُبارَكَةٌ! هِيَ أفضلُ أيَّامِ العَامِ على الإطلاق! أَيَّامٌ بَارَكَها اللهُ وفضَّلها، وأَجزَلَ بَرَكَتَهَا أَجرَها! فهل نتَّخِذُ مِنْها مَيدَانَاً لِلتَّنافُسِ؟ أَم يا تُرى يأخُذُنا التَّسويفُ والكَسَلُ فتَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ؟!
هَيَّا يَا مُؤمِنُونَ: أرْبَعَةُ أيَّامٍ وَتَأتِيكُمْ عَشْرُ ذِي الحِجَّةِ فَجِدُّوا وشمِّروا: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) [المطففين: 26].
إنَّها عشرٌ، كَثيرَةُ الحَسَنَاتِ عَالِيةُ الدَّرجاتِ مُتنوِّعَةُ الطَّاعَاتِ، فَضَائِلُها لا تُحصى! كَفَاها شَرَفَاً أنَّ اللهَ أَقسَمَ بها فَقَالَ: (وَالْفَجْر*وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر: 1-2]، واللهُ -تعالى- لا يُقسِمُ إلاَّ بِأَعظَمِ مَخلُوقَاتِه! ومن فَضَائِلِها أنَّ اللهَ -تعالى- قَرَنَها بِأفضَلِ الأَوقَاتِ، فَوَقتُ الفَجْرِ وَقْتٌ تَجْتَمِعُ فِيهِ المَلائِكةُ الكِرَامُ!
عبادَ اللهِ: ومن فَضَائِلِ العَشرِ أنَّ اللهَ -تعالى- أَكْمَلَ فِيهَا الدِّينَ الحَنِيفَ، وَأَنْزَلَ فِيهَا بِشَارِتَهُ لِلمؤمِنينَ فَقَالَ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: 3].
نَعَمْ لَقَدْ حَسَدَنَا اليَهُودُ عَلى هَذا الكَمَالِ، فَقَالُوا لعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي الله عنه-: "آيةٌ في كِتَابِكم لو نَزَلَتْ عَلينا لاتَّخذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدَاً"، فَقَالَ -رضي الله عنه-: "إنِّي أَعْلَمُ مَتَى نَزَلَتْ؟ وأَينَ نَزَلَت؟ نَزَلَت يَومَ عَرَفةَ فِي يومِ الجُمُعَةِ".
عبادَ اللهِ: ومن تَمَامِ النِّعمَةِ فِيهَا مَنعُ الكُفَّارِ مِن دُخُولِ الحَرَمِ، فَتَوَّحَدَت بِذلِكَ صُفوفُ المسلمينَ وأَصبَحوا جَسَداً واحداً، فَوَحَّدُوا مَعبُودَهُم، وَتَوَحَّدَ دِينُهم، وَكَلِمَتُهُم، فيا لها مِن نِعمَةٍ أنْ تَرى أَهلَ الإيمانِ ظَاهِرِينَ مُتَّحِدِينَ، وأهلَ الكُفرِ أَحْزَابَاً مُتَفَرِّقينَ.
ومن تَمَامِ النِّعمَةِ في عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ أَنْ دَخَلَ النَّاسُ في دِينِ الله أَفواجَاً.
يا مؤمنونَ: في أيَّامِ العَشرِ تَجتَمِعُ أُمَّهاتُ العِبادَاتِ! فَفِيها صَلَوَاتٌ وَصَدَقَاتٌ، وَصَومُ تَطوُّعٍ، وَحَجٌّ إلى البَيتِ الحَرَامِ! فيها الذِّكرُ والتَّلبيةُ، والتَّكبيرُ والدُّعاءُ، فيها التَّقرُّبُ إلى اللهِ بِذَبْحِ الأَضَاحِي! وهذا شرفٌ لَها ولا يَتَأَتَّى في غِيرِها.
وَمِنْ فَضَائِلِهَا أَنَّها أَفْضَلُ أيَّامِ الدُّنْيا عَلى الإطلاقِ، كمَا وَصَفَها المُصطَفى -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- فَقَالَ: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ". يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: "وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ". وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِن عَمَلٍ أَزْكَى عِندَ اللهِ -عزَّ وجلَّ- ولا أَعْظَمَ أَجْرَاً مِن خَيرٍ يُعمَلُهُ في عَشْرِ الأَضْحَى".
فِيها يَومُ عَرَفةَ وَكَفى "وَخيرُ الدُّعاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ"، وَفِيهَا يَومُ النَّحْرِ، وَقَدْ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللهِ -تعالى- يَومُ النَّحرِ".
فاللهم أعنَّا جميعاً على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسنِ عبادتك، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنِّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على إحْسَانِهِ، وَالشُّكرُ لَهُ على تَوفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، نَشْهَدُ ألاَّ إله إلا الله وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةَ مُسْتَيقِنٍ بِهَا فِي جَنَانِهِ، وَنَشْهَدُ أنَّ نَبِيِّنَا مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ بَلَّغَ الوَحْيَينِ سُنَّتِهِ وَقُرْآنِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ، وَعلى آلِهِ وأَصحَابِه وأَتبَاعِهِ.
أَمَّا بعدُ: فاتَّقُوا اللَّهَ ربَّكم، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ، وَحُجُّوا بيتَ رَبِّكُم ، وصِلُوا أرحَامَكُم، تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ.
عِبَادَ اللهِ: سَمِعْنَا بَعضَ فَضَائِلِ العَشْرِ وَبَركاتِها، فَمَاذَا عَسَانَا فَاعِلُونَ؟ أَحُثُّ نَفْسِي وَإخْوَانِي على المُسابَقَةِ فِيهَا لِلخَيرَاتِ، والمُنافَسَةِ فيها على الطَّاعاتِ. عَظِّمُوهَا فَهِيَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج: 32].
نَعَمْ عَظِّمُوهَا فَهِيَ الأَيَّامُ المَعْلُومَاتُ! اسْتَقْبِلُوهَا بِالتَّوبَةِ الصَّادِقَةِ النَّصُوحِ، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 21]، لِتَكُن أيَّامُ العَشْرِ مَحَطَّةً لِتَّخَلُّصِ مِنْ شَوائِبِ الإثمِ والعِصَيانِ، لِتَكُن زاداً للعملِ الصَّالِحِ والإيمانِ.
كَفَى أَيُّها المُضَيِّعونَ للصَّلواتِ فَإنَّ وَرَائَكُمْ غَيَّا! احذروا يا من تَتَعَامَلُونَ بالدِّيونِ والمُدَايناتِ وتَحتالونَ على ربٍّ يَعْلَمُ الخَفِيَّاتِ فَأَيُّما لَحمٍ نَبَتَ مِن سُحتٍ فالنَّارُ أَولى بِهِ! تَبَصَّروا يا مَنْ غَرقتُم في مُتابَعَةِ المَقاطِعِ الشَّائِنَةِ والقَنَواتِ الهَابِطَةِ فاللهُ مُطَّلِعٌ بِحالِكم! (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) [الرعد: 10].
أيُّها المسْلِمُ: كُلَّما أَذْنَبْتَ فَتُبْ، وَكُلَّمَا قَصَّرْتَ فَاسْتَغْفِرِ اللهَ تَجِدِ اللهَ غَفُورَاً رَحِيمَاً، رَبَّاً حَلِيماً، رَبَّاً كَرِيمَاً!
يَا مُسْلِمُ: أدِّ مَا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيكَ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ يَقُولُ اللهُ: "وَمَا تَقَرَّبَ إليَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبُّ إليَّ مِمَّا افْتَرضْتُهُ عَلَيهِ"، أَكْثِروا فِي أيَّامِ العَشْرِ مِن النَّوافِلِ؛ فَقَدْ بَشَّرَنَا -صلى الله عليه وسلم- أنَّ اللهَ يقولُ: "وما يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتى أُحبَّهُ".
أكثروا فيها من ذِكرِ اللهِ وَمِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكبِيرِ والتَّحْمِيدِ وَقِرَاءَةِ القُرَآنِ وَكَثْرَةِ الاسْتِغْفَارِ، فَقَدْ قَالَ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَا: "فَأكثِرُوا فِيهنَّ من والتَّهليلِ والتَّكبِيرِ والتَّسْبِيحِ".
ولاحِظُوا قولَهُ "فَأَكثِرُوا"، فالمسلِمُ مُطالَبٌ بذكرِ اللهِ فِي كُلِّ حَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُ في هذهِ الأَيامِ أكثَرُ ذِكْراً للهِ –تعالى-؛ قُولوا: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وللهِ الحَمْدُ، أَحيُوهَا في بُيُوتِكُمْ، وَمِسِاجِدِكُمْ، وَطرُقَاتِكُمْ، وَمَكَانِ عَملِكُمْ!
يا مُؤمنونَ: يُسنُّ في أيَّامِ العَشْرِ الإكثارُ من الصِّيامِ، فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ تِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ.
عبادَ اللهِ: وَمِن أَفْضَلِ أَعمَالِها التَّقرُّبُ إلى اللهِ بِذَبْحِ الأَضَاحِي، وَقَدْ أَرْشَدَنَا نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم- أنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِيَ أَنَّهُ لا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَلا بَشَرَتِهِ شَيئَاً مِنْ حِينِ دُخُولِ العَشْرِ.
وبَعضُ إخوانِنا صارَ يُكثرُ من السُّؤالِ هَلْ الأَخْذُ مِن الشَّعْرِ أو الأَظَافِرِ مُحرَّمٌ أو هُوَ مُجَرَّدُ سنَّةٍ فَقَط؟ وهل مَنْ أَخَذَ يَنقُصُ مِن أَجْرِ أُضْحِيَتِهِ أَمْ لا؟
فَقَبْلَ الإجَابَةِ: الوَاجِبُ عَليكَ أنْ تُعظِّمَ أَمْرَ اللهِ وَأَمْرَ رَسُولِهِ في نَفْسِكَ واعتِقادِكَ وعَمَلِكَ، وَأَنْ تَقولَ: سَمِعنَا وَأَطَعْنَا آمَنَّا بهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا؛ لأنَّكَ قَدْ تَسْمَعُ مَنْ يُهَّوِّنُ مِنْ شَأْنِ الأَخْذِ! فَأَنْتَ مُطالَبٌ أَنْ تُعَظِّمَ اللهَ أوَّلاً.
وَمُطَالَبٌ أيضَاً: أنْ تَصْدُرَ عَمَّنْ تَثِقُ بِعلِمِهِ ودِينِهِ، قَالَ الشَّيخُ ابنُ العُثَيمِينَ -رحمهُ اللهُ-: "اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ هَلْ النَّهْيٌ عَن أَخْذِ شَيءٍ مِنَ الشَّعْرِ أو الظُّفُرِ أو البَشَرَةِ مِمَّن أَرَادَ أَنْ يُضَحِي هَلِ النَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ أَوْ لِلتَّحْرِيمِ؟
وَالأَصَحُ أَنَّه لِلتَّحْرِيم؛ لأنَّهُ الأصلُ في النَّهي ولا دليلَ يَصرِفُهُ عنه، وَمَنْ أَخَذَ بِدُونِ عُذْرٍ فَقد خَالَفَ أَمْرَ النَّبَيِّ -صلى الله عليه وسلم- بالإمساكِ، وَوَقَعَ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الأَخْذِ، فَعَلَيهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللهَ وَيَتُوبَ إِليهِ وَلا يَعُودَ. انتهى كلامُهُ.
أيُّها الكرامُ: ولا علاقَةَ بينَ صِحَّةِ الأضحيةِ وَأَجْرِها وَبينَ الأَخْذِ مِنَ الشَّعْرِ أو الظُّفُرِ مِنْ عَدَمِهِ، فالمَنعُ مِن الأَخْذِ مَسأَلَةٌ تَعَبُدِيَّةٌ! وَعَلى المُسلِمِ السَّمعُ وَالطَّاعَةُ، فَمِنَ الخَطأِ أنْ تَسعى لِلتَّقَرُّبِ إلى اللهِ بِشَيءٍ على حِسَابِ فِعلِ مَحظُورٍ آخَرَ! كَمَنْ يُرِيدُ الحَجَّ وَيَتَعَدَّى المِيقَاتَ بِلِبَاسِهِ!
أَلا فاتَّقُوا اللهَ رَبَّكم، واستَعِدُّوا لِعَشرِكُم، بِما تَجِدُهُ ذُخرَاً لَكُم؛ فَإنَّ مَشَقَّةَ العَملِ الصَّالِحِ تَزُولُ وَيبقى الأَجرُ، ولَذَّةَ المَعاصي تَزولُ وَيبقَى الوِزْرُ! فاللهم آت نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خيرُ من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شرَّ الشيطان وشرَّ أنفسِنا، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم إنا نسألك البرَّ والتقوى ومن العمل ما ترضى. اللهم اجعلنا ممن يستمعُ القولَ فيتبعُ أحسنَه، اللهم سهِّل على الحُجَّاجِ حَجَّهم، وَيَسِّر لهم أمورَهم، وَوَفِّقْ وُلاتَنا لِما تُحبُّ وترضى، وأعنهم على البر والعدلِ والتقوى، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: اذكروا الله الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.