البحث

عبارات مقترحة:

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الحليم

كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

الشباب وخطط الأعداء

العربية

المؤلف سعد بن ناصر الشثري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. محاربةُ الإسلام باستهداف شبابه .
  2. من وسائل الأعداء في ذلك .
  3. واجب الأمة لإنقاذ شبابها .

اقتباس

إنّ هذه الأمة قد جعل الله لها أعداء يسعون في كل ما يُذهب قوتها وطاقتها، يريدون أن يستغلوها في تحقيق أهدافهم وتحقيق مكرهم السيئ. ويتبين هذا في أوقات الأزمات التي تكون في الأمة ما بين وقت وآخر، ومن أمثلة ذلك تلك الجهود التي يفعلونها لإفساد شباب الأمة، أو لجعلهم سلاحا ينطلق على أمتهم.

الخطبة الأولى:

الحمد لله، أمر المؤمنين بالتمسك بدينهم، ورغبهم في العودة إلى شريعة ربهم، أحمده -سبحانه- وأشكره وأثني عليه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله -عز وجل- باستشعار المهام والمسؤوليات التي أوجبها الله عليكم، واتقوا الله -عز وجل- ببذل كل ما تستطيعون لحماية أنفسكم وأبناء أمتكم من كل من يريد بهم شرا.

إن هذه الأمة قد جعل الله لها أعداء يسعون في كل ما يُذهب قوتها وطاقتها، يريدون أن يستغلوها في تحقيق أهدافهم وتحقيق مكرهم السيئ.

ويتبين هذا في أوقات الأزمات التي تكون في الأمة ما بين وقت وآخر، ومن أمثلة ذلك تلك الجهود التي يفعلونها لإفساد شباب الأمة، أو لجعلهم سلاحا ينطلق على أمتهم.

وانظر -مثلا- تلك الرعاية المضللة لبعثة الفرق التي ترفع راية الإسلام، وتُشعر أنهم ينتمون لهذا الدين ويدافعون عنه، وهم في حقيقة الأمر يقاتلون أهل الإسلام، ويسعون في إفسادهم، ويريدون من أبنائنا أن يُضَموا تحت تلك الرايات الجاهلية.

وانظروا -مثلا- للجهود العظيمة التي يبذلها أعداء هذه الأمة للوصول إلى أبنائها من خلال وسائل التواصل الحديث؛ ليكون هؤلاء الأبناء معاول هدم في بناء الأمة.

وانظر إلى الجهود العظيمة التي يبذلونها لنشر أنواع الفساد في الأمة، سواء كان من خلال إرسال أنواع المخدرات والمسكرات إليها، أو كان من خلال جعلهم يتبعون شهواتهم، وتتعلق قلوبهم بمظاهر مخالفة لما يأمر به الشرع.

ومن هنا؛ يجدر بنا أن نجعل شباب الأمة يستشعرون الدور المهم المناط بهم في رفع مكانة الأمة وإعلاء منزلتها، ومحاربة محاولات الأعداء باستغلال شباب الأمة في القضاء عليها.

ومن هذا المعنى جاءت الشريعة بأمر الآباء والأمهات بتربية أبنائهم لتحمل المسؤوليات الملقاة على عواتقهم، وذلك من أنواع الدين، يقول الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6]. ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مروا أبناءكم بالصلاة في سبع، واضربوهم عليها في عشر".

ومن هنا؛ فإن أردنا لشباب الأمة أن يعود لدوره فعلينا بجعلهم يستشعرون المعاناة والمسؤوليات التي يجب عليهم أن يقوموا بها.

ومن أول ذلك استشعار مراقبة الله -عز وجل- لهم، بحيث ترتبط قلوبهم بالله، فلا يخافون إلا الله، ولا يرجون إلا ربهم -جل وعلا-، ويكونون بذلك ممن ارتبطت قلوبهم برب العزة والجلال.

بل علينا أن نجعل شباب الأمة يغذون دورهم في الدعوة والنصيحة كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أرسل أصحابه وكانوا شبابا إلى أطراف الأرض ليكونوا معلمين ناصحين، أرسل مصعب بن عمير وهو لم يبلغ العشرين سنة إلى المدينة ليعلمهم ويفقههم ويدعوهم إلى الله -عز وجل-. وهكذا أرسل علي بن أبي طالب إلى اليمن وهو قريب من تلك السن, وأرسل عددا من الصحابة كمعاذ وغيره إلى أقطار الأرض ليعلموهم.

قال مالك بن الحويرث: أتينا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن شبَبَة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فلما رآنا اشتقنا إلى أهلنا قال: "ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم، ومروهم، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم".

فانظر كيف جعل شباب الأمة دعاة يدعون إلى الله -جل وعلا-، وانظر إلى حديث عمر بن سلمة -رضي الله عنه- الذي أم قومه وهو ابن ثمانِ سنين في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكيف جعلهم أمة، وجعلهم يقتدى بهم، وجعلهم دعاة إلى الله -جل وعلا- ليؤدوا الدور المهم في هذه الأمة.

كذلك ينبغي بنا أن ندرب أبناءنا على البذل لله -عز وجل- فيبذلوا من أوقاتهم ويبذلوا من أموالهم ويبذلوا من كل أحوالهم؛ يتقربون بذلك لله -سبحانه وتعالى- حتى يكونوا بعد ذلك قادة للأمة يقودونها إلى الخير، ويرجعونها إلى دين الله -عز وجل-، ويكونون ممن يساهم في محاربة المنكرات، ويسعى في وسائل التعاون على البر والتقوى.

إن مما يطلب من الأمة أن ترتفع بأبنائها عن حياة اللهو والعبث، تلك الحياة التي تقضي على أوقاتهم، وتفسد حياتهم، ولا تجعل لهم دورا يقومون به في الأمة، ومن ثم لا يكون لهم أي أثر فيها.

وكذلك علينا أن نعودهم على القيام بالمسؤوليات صغيرها وكبيرها، وأن نعودهم على مسؤوليات البيت، مسؤوليات الأسرة، وبعض المسؤوليات التي نجعلهم يتدربون بها على ضروريات حياتهم.

انظر إلى قول الله -عز وجل-: (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) [النساء:6]. المراد بهذه الآية: اجعلوا اليتامى وهم صغار السن لم يبلغوا سن الرشد بعدُ يبايعون ويشاورون من أجل أن يتعودوا على مثل هذه التعاملات، وبالتالي يتمكنون من التعامل الصحيح فيما يتعلق بأموالهم.

إن من المسؤوليات التي يجب أن نضعها في قلوب هؤلاء الأبناء أن يكون عندهم نفرة ونفور من كل ما هو فاسد أو مضل، فلنحذرهم من الصحبة الفاسدة، وننفرهم من القنوات السيئة، وننفرهم من مواقع التواصل السيئة، نجعلهم ممن احتوت قلوبهم على حماية ذاتية تبعدهم عن كل سوء، تبعدهم عن تناول المسكرات والمخدرات، تبعدهم عن مجالس الخنا، تبعدهم عن كل سوء.

إن من الوسائل التي تجعل هؤلاء الشباب يؤدون دورهم في الأمة أن نعودهم على ضبط الوسائل التي يستعملونها: كيف ينتقي الكتاب الذي يقرؤه؟ كيف ينتقي القناة التي يشاهدها؟ كيف ينتقي المواقع في الشبكة العالمية أو في مجال التواصل مما يستفيد منه دنيا وآخرة؟ كيف يميز بين المعلومة الموثوقة والمعلومة الباطلة؟ كيف نجعله لا ينخدع ولا ينساق ضمن الدعايات الكاذبة التي وجدت في الأمة في صور عديدة، فأثرت على بعض أبنائنا؟ كيف نجعل أبناءنا ممن يساهم في أمن أمته ويسعى في أمنها الفكري بجميع أنواع الأمن حتى يكون بذلك ممن حفظ الله -عز وجل- بهم الأمة من الشباب، وهم معقد آمالها بعد الله -جل وعلا-؟.

ولذلك؛ على الجميع أن يتقربوا الله -عز وجل- بأن يصلحوا هذه الطائفة من الأمة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) [الكهف:13].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها المؤمنون، فاتقوا الله -عز وجل- في السعي لصيانة الأمة من محاولات أعدائها لاستغلال شبابها ليكونوا ممن يعود بالسوء على الأمة.

أيها الحاضرون: تقربوا إلى الله ببذل الأسباب التي تعيد الأمة إلى أن يرتبطوا بالله -عز وجل-، إلى أن يكونوا ممن يخاف من الله ويرجوه -سبحانه وتعالى-، يبلّغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله؛ بذلك نكون قد حمينا الأمة -بإذن الله عز وجل- من محاولات أولئك الأعداء الذين يبذلون من أموالهم والذين جعلوا مخططات عظيمة ليجعلوا شباب الأمة خناجر في خناصرها.

أيها المؤمنون: إن الله -جل وعلا- قد أمركم أمراً بدأ فيه بنفسه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

اللهم صل وسلم على نبيك محمد، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، واللواء المعقود. وارض اللهم عن صحابة نبيك أجمعين.