الوارث
كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...
العربية
المؤلف | بشير بن علي الشيخي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | فقه النوازل - الأديان والفرق |
إن للشيعة الروافض مواقف خيانة غادرة بأهل السنة، سجّلها التاريخ عليهم في مصادره الوثيقة، وذلك أنّ الرافضة عاشوا أكثر فترات حياتهم أو كلها تحت الذل والإهانة؛ جزاء مواقفهم واتهامهم لأصحاب رسول الله بالخيانة وسبّهم لهم وادعائهم عليهم أنهم انقلبوا على أعقابهم، فارتدوا عن الإسلام إلا القليل منهم..
الخطبة الأولى
عباد الله، عداوة الشيعة لأهل السنة شديدة، وتلك العداوة والبغض متأصلة في نفوسهم منذ أن اعتنقوا عقيدة التشيع الفاسدة أصلا ومنهجًا، ولا عجب؛ فإن الحية لا تلد إلا حية، ومن يستقرئ التاريخ فإنه يجد المآسي والمجازر التي أقامها الشيعة ضدّ أهل السنة وتحالفهم مع أعداء الإسلام أشهر من أن يذكر.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "الشيعة ترى أن كفر أهل السنة أغلظ من كفر اليهود والنصارى؛ لأن أولئك عندهم كفار أصليون، وهؤلاء مرتدون، وكفر الردة أغلظ بالإجماع من الكفر الأصلي".
عباد الله، إن للشيعة الروافض مواقف خيانة غادرة بأهل السنة، سجّلها التاريخ عليهم في مصادره الوثيقة، وذلك أنّ الرافضة عاشوا أكثر فترات حياتهم أو كلها تحت الذل والإهانة؛ جزاء مواقفهم واتهامهم لأصحاب رسول الله بالخيانة وسبّهم لهم وادعائهم عليهم أنهم انقلبوا على أعقابهم، فارتدوا عن الإسلام إلا القليل منهم، وأصحاب رسول الله هم الذين نشروا الإسلام ونصروه بدمائهم وأموالهم.
فأذلّ الله تلك الطائفة التي أسسَ عقائدَها عبدُ الله بن سبأ اليهوديّ الماكر؛ ولذلك فقد عاشت متلبسة بالنفاق الذي تسميه التقية، فإذا وُجدت حكومة إسلامية قوية في أي زمان تملقوها بألسنتهم ونافقوها بأعمالهم؛ مظهرين لها الإخلاص والولاء والتفاني والمدح والثناء عليها لقصد أخذ الأموال وتبوُّؤ المناصب، وإذا تمكنوا من الفوز بتلك الدولة والفتك بالمسلمين من أهل السنة ـ حاكمين ومحكومين، علماء وعامة، رجالا ونساء، شيوخًا وأطفالاً ـ انقضوا عليهم انقضاض الأسد على فريسته، وبأي أسلوب كان هذا الفتك والتدمير؛ فتجدهم يوالون الكفار والمشركين ويساعدونهم، ويقدمون لهم كل عون للوصول إلى القضاء على الإسلام والمسلمين، والواقع شاهد بذلك.
ويكفي أن أذكرك -أخي السامع- بخيانة ابن العلقمي وإسقاط الدولة العباسية.
عباد الله، وهذه أمور لا بد من معرفتها جيدًا:
الأول: أن معظم الفرق الباطنية المتفرعة عن الشيعة لها جذور فارسية، وإن أظهروا ولاءهم لغير الفرس؛ فهي ألعوبة وكذب.
الثاني: أن الشيعة وسائر فرق الباطنية التي تتفرّع عنها يتعمّدون إصدار التصريحات المتضاربة ويفتعلون الخلافات؛ فهذا يهدّد بتصدير الثورة، وبعد أن يصبح هذا التهديد حدث العالم يصدر مسئول آخر تصريحًا يؤكّد فيه أن ثورتهم غير قابلة للتصدير، وأن الذي أصدر التصريح الأول ليس مسئولاً.
وما تصريحات حكام إيران هذه الأيام من ذلك ببعيد، فهي تنسج على المنوال نفسه، وتستخدم الأساليب التي يستخدمها الباطنيون نفسها في نشر دعواهم وفوضاهم التي لا يأمن الإنسان في ظلها على نفسه وماله وعرضه، بل ويستغلون هذه الفوضى، فيعمدون إلى تصفية خصومهم، وإرهاب من لم يستطيعوا تصفيته.
الثالث: ينظر الباطنيون الرافضة إلى المسلمين العرب بمنظار الحقد والكراهية، لا لشيء إلا لأنهم هدموا مجد فارس، وقهروا سلطان كسرى، و التاريخ خير شاهد على عمق تعاونهم مع الكفرة والمشركين، والاستعانة بهم ضد السنة المسلمين، وشيعة هذا الوقت قد اتخذوا سراديب مظلمة بينهم وبين اليهود؛ فهم مطايا لأعداء الإسلام في كل عصر ومصر، وواهِمٌ جدا من أحسن الظن بهم.
الرابع: للباطنيين الرافضة جذور اشتراكية قديمة؛ ذلك لأن القرامطة غصن من غصون تجربتهم الخبيثة.
الخامس: ليس في عقيدتهم أصول تمنعهم من المحرمات أو تردعهم عن فعل المنكرات؛ فإيمانهم بالتقية جعل منهم أكذب أمة، وعقيدتهم في المتعة جعلت من معظمهم زناة بغاة، ووقاحتهم مع أصحاب رسول الله سهلت عليهم شتم المؤمنين وتكفيرهم والافتراء عليهم.
هذه الأصول وغيرها لا بد أن يتذكرها المسلم عند قراءة كتب الرافضة، وعند متابعة أنشطتهم وتقويم منهجهم ومخططاتهم، وعند تجاهل هذه الأصول سيجد من يتصدى للحكم عليهم نفسه أمام متناقضات وقضايا متضاربة؛ فقد يحكم عليهم من خلال رأي سمعه من أحد زعمائهم، ويقبل هذا الرأي؛ لأنه لا يعلم أن عقيدة هذا الزعيم تبيح الكذب.
عباد الله، يبدو أن نظام الملالي في طهران وقُم لن يهدأ له بال ولن يرتاح إلا بعد أن يبث الخراب والفتنة في دول المنطقة، وخاصة الدول العربية التي يرى فيها العصَا الموضوعة في دولاب سيطرته على المنطقة وتنصيبه شرطيّا عليها، فلا يكفي أصحاب العباءات السوداء والقلوب الأشدّ سوادًا ما أحدثوه من فتنة بين الإخوة في لبنان بواسطة ذراع المخابرات الإيرانية هناك والمسمى بحزب الله.
هذه الفتنة التي كادت أن تنتهي باحتلال بيروت من قبل أتباع هذا الحزب قبل حوالي العام، بيروت التي صمدت ثلاثة أشهر أمام أعتى آلة حرب في بداية الثمانينات بكت ظلم أتباع الخميني، ولا يكفي هذا النظام أيضا ما أشعله من حرب أهلية بين الأشقاء في العراق وغذى أطرافها بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية، حتى أصبح العراق هذه الدولة العظيمة رجلا مريضا غير قادر على حماية نفسه من تدخلات الغرباء.
واليوم تمتد يد الخراب الإيرانية لتصل إلى اليمن السعيد والذي أصبح حزينا، فقد تواترت المعلومات الواردة من هناك أن الجيش اليمنيّ قد اكتشف أسلحة إيرانية الصنع يستخدمها الحوثيون في تمردهم ضدّ الدولة اليمنية، فما مصلحة إيران في دعم المتمرّدين الحوثيين ضد الحكومة اليمنية؟!
سؤال نجد له الإجابة الشافية إذا عرفنا أن المذهب الذي يعتنقه المتمرّدون الحوثيون هو المذهب الشيعي، وأن بعضهم يعتقد بولاية الفقيه، فهي حرب مذهبية إذن، وليست حربًا ضدّ الظلم الذي لحق بهم على يد النظام اليمني كما يدّعون. إن للحوثيين أجندة خاصة بهم لها امتدادات خارجية فكريا ومذهبيا، وتتلقى كل الدعم اللوجستي من المخابرات الإيرانية.
وعلى ما يبدو أن إيران تريد استغلال بعض الأقليات الشيعية في البلدان العربية كورقة ضغط على أنظمة هذه البلدان، لتحقيق ما تصبو إليه من نشر لمذهبها وإظهار نفسها كأقوى بلد في الشرق الأوسط بعد أن عملت بالخفاء والعلن وتحالفت مع الشيطان الأكبر للتخلص من قوة الجيش العراقي الذي كان يعتبر حجر عثرة في طريق تحقيق طموحاتها. وليس بالضرورة أن يشترك الجيش الإيراني في أيّ عدوان، فأصدقاء إيران وأتباعها كثر ومتواجدون في كل مكان.
إن الخطر الشيعي الحوثي يجب أن يجابه بكل قوة وصرامة لكي لا تسوّل النفس لبعض الأقليات الشيعية بأن يفكروا مجرد تفكير بالتمرد على البلدان التي تؤويهم، ولكي يفهم النظام الإيراني أن يد أهل السنة واحدة، ومهما فرقت بينهم الحدود السياسية فإن محبة المذهب السني والدفاع عن أعراض وأموال وأراضي أهل السنة يجمعهم، وليفهم هذا النظام أن مذهب أهل البدع والخرافات والتوسل بالقبور لن يحل بديلا عن مذهب الحق والسلف الصالح.
حمى الله السعودية واليمن من كلّ عدو متربّص جبان، وردّ كيد أهل البدع والخرافات إلى نحورهم، إنه على كل شيء قدير.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أيها الإخوة المؤمنون، نحن الآن في واحد من الأشهر الحرم والتي قال الله عنها: (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة: 36] ، كانت العرب وهم في جاهليتهم يعظمونها وإن تلاعبوا فيها فقدّموا وأخروا كما قال تعالى: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ) [التوبة: 37].
ألا وإن من الإيمان تعظيم ما حرم الله، ومن الفجور والفساد انتهاك المحرمات والاعتداء على الحرمات وترويع الآمنين، فكيف إذا بلغ الحال إلى قتل الأنفس المعصومة والاعتداء على القرى الآمنة وإلحاق الأضرار بها؟!
إن ما صنعه الحوثيون في الأيام الماضية في المناطق الجنوبية من بلادنا من تسلل واعتداء وإزهاق للأنفس جريمة لا تغتفر، وإفساد في الأرض والله لا يحب المفسدين، واعتداء سافر أيًا كانت أهدافُه ومَن وراءه.
وحيث أشارت بعض الصحف المحلية أن من هؤلاء الحوثيين من اتخذ من زي النساء وسيلةً فاجرةً للتسلل فالتاريخ يُعيد نفسه، فللباطنية سوابق على هذه الشاكلة، وقد ذكر ابن الأثير في حوادث سنة (534هـ) أن الوزير المسلم المقرب (جوهر) وكان مسئولاً على مملكة السلطان سنجر السلجوقي، كان قتلُه على يد الباطنية، حيث وقف له جماعة منهم بزي النساء، واستغثن به، فوقف يسمع كلامهم فقتلوه. فماذا سيقول التاريخ عن جرائم الحوثيين في اليمن من قبلُ وفي السعودية من بعد؟! ولا ندري أين محطتهم الثالثة؟!
إن استباحة الدماء جرم عظيم، واستمراء لغة القتل والتخريب بهيمية في الطباع وتحللٌ من القيم والأخلاق، فكيف إذا كان المعتقد فاسدًا والأهداف سافلة؟!
وهنا وفي سبيل دفع فتنة هؤلاء الحوثيين عن بلادنا إشارات وتنبيهات:
1- نذكر جنودنا البواسل أن يكون الإخلاص رائدهم لتكون كلمة الله هي العليا، وأن يستشعروا أهمية وقيمة الدفاع عن الحرمات والمقدسات، وضرورة دفع الصائل المعتدي، فتلك تشد من أزرهم وتعظم أجورهم.
2- ونذكر الشباب وننصحهم أن لا يستغلهم مستغل، أو تثيرهم جهة أو فئة لخلخلة صفّنا وتفريق كلمتنا، فلا بد من الوقوف جبهة واحدة ضد هؤلاء، فاعتداؤهم سافر وانحرافهم في المعتقد والأخلاق ظاهر.
3- كما ننصح من يثير الفتن ويفرق الصف ويشغب على العلماء والدعاة من أغيلمة الصحافة الذين دأبوا على طروحات تُفرق ولا تجمع وتثير الفتن ولا تسكنها، عليهم أن يستشعروا أننا جميعًا أمام عدوٍ يتربص بنا جميعًا، يريد اجتماعنا، ويريد قيمنا، ويريد مقدساتنا. لا مكان للتنابز المذموم، ولا مجال للسخرية بشيء من الدين وأهله، فالعلماء والأمراء لحمة واحدة، كلهم يهمهم الدين، ويعنيهم أمر البلاد والعباد. وليس من العقل والحكمة فتح جبهات ومحاولة إسقاط قامات.
4- لا بد أن نساهم جميعًا في التوعية وتعرية أصحاب المذاهب والأفكار المنحرفة، فبلادنا قامت على التوحيد، ومجتمعنا محبٌ للخير كاره للشر، رافض للعقائد والأفكار التي تخالف هدي الإسلام الصحيح. هذه التوعية مسؤولية الآباء والأمهات مع أبنائهم وبناتهم، ومهمة المعلمين والمعلمات مع طلابهم وطالباتهم، ومهمة العلماء والمفكرين والإعلاميين. إنها مهمتنا جميعًا في وقت باتت الأخطار تهددنا من كل جانب.
اللهم ادفع عن بلادنا وبلاد المسلمين كل بلاء، واصرف عن بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اجعل كيد الكائدين في نحورهم، وأركس أهل الفتنة والزيغ والفساد، واحفظ على بلادنا أمنها وإيمانها ووحدة كلمتها على الحق والتوحيد...