الوهاب
كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...
العربية
المؤلف | يحيى جبران جباري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
بلا أمان لا صلاة في المساجد والجوامع، بلا أمان لا سير في الشوارع، بلا أمان لا راحة في المضاجع، بلا أمان لن نحصل على ما نشتهيه من غذاء وبضائع، بلا أمان سنكون بلا وطن، ومن كان بلا وطن فذاك هو الغريب الضائع، ألا ليت كل...
الخطبة الأولى:
الحمد لله بيده الفرج احمده سبحانه وأشكره عدد ما مشى في السماوات والأرضين ودرج، وأستعينه هو المعين على سد الفرج، وأستهديه هو الهادي لمن في الضلال ولج، وأستغفره من كل ذنب وعوج، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب السماوات والأرضين وما منهما خرج وما فيهما ولج، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم إلى السماء عرج، صل الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، الى يوم تدحض فيه أعذار الكفار والحجج.
ثم أما بعد: فأوصيكم -أيها المسلون- ونفسي المقصرة بتقوى الله -عز وجل- وخشيته، في النفس والأهل والولد؛ فمن اتقى الله -جل وعلا- في قوله وعمله، وفي كل ما توجه إليه وعمد فقد أصلح في نفسه وفي حياته كل ما ساء وفسد.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]
أيها المسلمون: في ظل ما نشاهد ونسمع، على وسائل التواصل، وممن في أرض عدم الأمن يقبع، جلست أستحظر الفكر ولما سأقوله على أسماعكم أجمع، سائلا الله -جل وعلا- أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم، وأن يرزقني التوفيق والسداد، وأن يجعل الوعظ ينفع.
جل العالم إن لم يكن كله، يراقب عن كثب، ما يحصل في أرض اليمن، من سفك دماء، وظلم، وجوع، وشدة، ولم يكتفي الظلمة بأهل أرضهم، بل تعدوا وتجاوزوا حتى على أهل جوارهم، وإن كان الأمر به شيء من قدم، إلا أنه في هذه الفترة، نحى منحا أشد وأعظم، أملنا معه، أن ينصر الله جيشنا، وأهل الشرعية والسنة في اليمن، وأن يبعد عنا وعن إخواننا اليمنيين، ما يصيبنا ويصيبهم بالهم والحزن، وأن يكسر شوكة الظالمين، ويطفئ نار الفتن، وما أكثر ما يدور في الأرض من شر، وظلم وقهر، وتعدٍّ على الأنفس والأعراض، وهتك للستر.
لم أنسى، حلبا، ولا حمصا، ولا القدس، ولا بغداد والموصل، ولا من قال أن الله، هو المعبود، في بورما، فكان الحكم أن يقتل، معاذ الله أن ننسى أخا للدين في معقل، وأمر الله مقضي وإن يمهل، فلن يهمل، فرج الله عن إخواننا المسلمين في كل مكان… آمين.
إخوة الدين: يقول ربكم على لسان نبيه ابراهيم -عليه السلام- في القران الكريم (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [البقرة:126] وقال سبحانه: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) [العنكبوت:67].
ويقول -عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه الترمذي-: "من أصبح منكم آمنا في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا".
ضياع الأمن والأمان، شر مستطير، وبلاء عظيم كبير، حري بأن يعلم هذا كل عاقل كبير، ولزام أن يتعلمه كل ناشئ صغير؛ فالحياة نعمة، والراحة نعمة، والمطعم والمشرب نعمة، والدخول والخروج، والذهاب والمجيء، والبيع والشراء، والرغد والرخاء، كلها من النعماء، ولكن أعظم منها جميعا؟ الأمن والأمان، فبدونه تذهب كلها هباء، أعي أنكم تعون ذلك -أيها العقلاء-، ذاك إبراهيم -عليه السلام- قدم طلب الأمان في الدعاء، والله أخبر بسبب ما منَّ به على قريش من أمان، لم يتخطفون كما يتخطف الناس من حولهم، ونبي الرحمة والهدى، جعل الأمان في السرب، على ما تبعه من نعم مقدما، خاب من ضل بعد هذا وغوى.
عباد الله الفضلاء: بلا أمان لا صلاة في المساجد والجوامع، بلا أمان لا سير في الشوارع، بلا أمان لا راحة في المضاجع، بلا أمان لن نحصل على ما نشتهيه من غذاء وبضائع، بلا أمان سنكون بلا وطن، ومن كان بلا وطن فذاك هو الغريب الضائع، ألا ليت كل ما قلته، وسأقوله في القول التابع، يفهمه وينقله كل سامع.
اذا اجتمع الاسلام والقوت للفتى | وكان صحيحا جسمه وهو في أمن |
فقد ملك الدنيا جميعا وحازها | وحق عليه الشكر لله ذي المن |
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيِلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) [سورة قريش].
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم قلت ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، له العلم والإعجاز، أحمده سبحانه وأشكره على كل ما أباح لخلقه وأجاز، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده حقا لا مجاز، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أدى ما أمره به ربه بامتياز، عليه صلوات ربي وسلامه ما هفت أفئدة العباد للحجاز، وبعد يا كل من على هذا الدين وللحق انحاز، اتق الله، فمن اتق الله، زحزح عن النار وأدخل الجنة، (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) [آل عمران:185].
عباد الله: ها أنا أقترب من نهاية الموعظة، وقد جئت بها عامة لا خاصة، عن الأمن والأمان في كل مكان وفي جميع البلدان والأوطان، ولم أفرد هذه البلاد المباركة، ولم أذكر شيئا مما يقوم به من أجل حفظ الأمن فيها، ولاة الأمر ولا الأجناد، وإن كانوا يستحقون أن يكتب ما يفعلوه، بحبر الفؤاد، لا بالأقلام والمداد، فاعلموا -يا رعاكم الله- بأن أعظم ما يذهب الأمن والأمان، أمران:
الأول: الإرهاب ونشر الفوضى والحروب والخراب، وقد قيض الله لهذا الأمر، هنا، رجالا، هم أهل، بعد توفيق الله، لكف شره عن البلاد والعباد.
وأما الثاني: فهو، الكفر بهذه النعمة العظيمة، عن طريق انتشار المعاصي والضلال والتهاون بالفساد، يقول الله: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل:112].
فيا أيها الرجال، ويا أيتها النساء، ويا أيتها الشابات، ويا أيها الشبان: عودوا إلى أخلاق الإسلام الفاضلة، والتزموا بالحياء والأدب، ولا تكونوا تبعا لمن يريد إغراءكم، وإيقاعكم في مزالق الغواية، فتكونون لنار فتنة كالحطب، اعرفوا -يا أبناء مملكة الحرمين- من أنتم، ولا عجب، فلئن كان الناس، حديد ونحاس وفضة، فأنتم في أعينهم بتطبيق شريعة الله، الذهب، ورغم أن في النفس كثيرا من عتب، لكنني أسأل الله أن يصلح حالي وحالكم فيما سيقبل، ويغفر لي ولكم ما ذهب.
ثم الصلاة والسلام قد وجب، على الذي جاء بأعظم الكتب، ما دعي الله لأمر وطلب.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد...