البحث

عبارات مقترحة:

السيد

كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

الإجازة الصيفية

العربية

المؤلف محمد بن سليمان المهوس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. نعمتان يهدر الإنسان الاستفادة منها .
  2. أهمية شغل أوقات الفراغ في الإجازة الصيفية .
  3. أبواب الخير كثيرة .
  4. رسائل للآباء والأمهات .
  5. الاحتساب في تربية الأبناء والدعاء لهم. .

اقتباس

فَالْمُوَفَّقُ مَنِ اسْتَغَلَّ تِلْكَ الإِجَازَةَ فِي أَبْوَابِ الْخَيْرِ الْمُخْتَلِفَةِ؛ كَطَلَبِ الْعِلْمِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ، وَتِلاَوَةِ كِتَابِ اللهِ، وَقِرَاءَةِ الْكُتُبِ النَّافِعَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَأَدَاءِ عُمْرَةٍ، أَوِ التَّوَجِّهِ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلصَّلاَةِ فِيهِ. وَأَبْوَابُ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ؛...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ –تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: رَوَى الْبُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ".

فِي هَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ يُذَكِّرُنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنِعْمَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ أَنْعَمَ بِهِمَا اللهُ -تَعَالَى- عَلَى عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ؛ يُذَكِّرُنَا بنِعْمَتَيِ الصِّحَّةِ وَالْفَرَاغِ. وَهَاتَانِ النِّعْمَتَانِ يَحْصُلُ فِيهِمَا الْغَبْنُ: وَهُوَ فَوَاتُ كُلِّ أَمْرٍ نَافِعٍ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَهُوَ الأَهَمُّ، أَوْ أَمْرِ الدُّنْيَا؛ فَإِذَا لَمْ يَسْتَغِلَّ تِلْكَ النِّعَمَ فِيمَا يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْخَيْرِ فَإِنَّهُ سَيَنْدَمُ وَيُغْبَنُ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَوْمَ التَّغَابُنِ؛ حَيْثُ يَغْبِنُ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ بِمَا تَفَضَّلَ اللهُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعْمَةِ دُخُولِ الْجَنَّةِ (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ)[التغابن:9].

أَمَّا الصِّحَّةُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِيمَا يُقَرِّبُهُ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، فِي رَيْعَانِ شَبَابِهِ وَقُوَّتِهِ؛ لأَنَّ هَذِهِ الصِّحَّةَ يَعْقُبُهَا مَرَضٌ، وَالْقُوَّةُ يَعْقُبُهَا ضَعْفٌ، وَالشَّبَابُ يَعْقُبُهُ هَرَمٌ، وَالْفَرَاغُ يَعْقُبُهُ شُغْلٌ، وَالْحَيَاةُ يَعْقُبُهَا مَوْتٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ سَيُسْأَلُ عَنْ هَذِهِ النِّعْمَةِ، كَمَا ثَبَتَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبدٍ يَومَ القِيَامةِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَأَينَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ بِهِ".

أَمَّا الْفَرَاغُ  فَالْغَبْنُ فِيهِ عِنْدَمَا يَقْضِيهِ الْبَعْضُ فِيمَا يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْوَبَالِ وَالْخُسْرَانِ، خِلاَفَ مَنْ يَقْضِيهِ فِي طَاعَةِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ؛ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْفَرَاغِ: مَا نَعِيشُهُ هَذِهِ الأَيَّامَ مَعَ الإِجَازَةِ الصَّيْفِيَّةِ فَالْمُوَفَّقُ مَنِ اسْتَغَلَّ تِلْكَ الإِجَازَةَ فِي أَبْوَابِ الْخَيْرِ الْمُخْتَلِفَةِ؛ كَطَلَبِ الْعِلْمِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ، وَتِلاَوَةِ كِتَابِ اللهِ، وَقِرَاءَةِ الْكُتُبِ النَّافِعَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَأَدَاءِ عُمْرَةٍ، أَوِ التَّوَجِّهِ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلصَّلاَةِ فِيهِ.

وَأَبْوَابُ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ؛ فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُعَاذٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: "لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ. ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ تَلَا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ حَتَّى بَلَغَ: يَعْلَمُونَ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، قَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا. قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ".

فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى-، وَاسْعَوْا إِلَى مَا يَنْفَعُكُمْ، وَتَوَكَّلُوا عَلَى رَبِّكُمْ، فَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ كَفَاهُ، وَمَنْ لاَذَ بِهِ آوَاهُ (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)[الطلاق:3].

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالْحِكْمَةِ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى-، وَاحْرِصُوا عَلَى اغْتِنَامِ هَذَا الْفَرَاغِ الَّذِي يَعِيشُهُ أَبْنَاؤُكُمْ فِي هَذِهِ الإِجَازَةِ الصَّيْفِيَّةِ، فَالْفَرَاغُ إِذَا لَمْ يُغْتَنَمْ بِالْخَيْرِ، كَانَ فِي الشَّرِّ أَقْرَبُ، وَكَمَا قِيلَ:

وَمَنْ رَعَى غَنَمًا فِي أَرْضِ مُسْبِعَةٍ

وَنَامَ عَنْهَا تَوَلَّى رَعْيَهَا الأَسَدُ

فَوَاجِبُنَا أَنْ نَعْمَلَ عَلَى حِفْظِ أَوْقَاتِهِمْ، وَاسْتِغْلاَلِهَا وَاسْتِثْمَارِهَا بِمَا يَنْفَعُهُمْ دُنْيَا وَأُخْرَى؛ بَلْ بِرَسْمِ الْخُطَطِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ الاِحْتِسَابُ عَلَى اللهِ بِكُلِّ مَا تُقَدِّمُهُ لأَبْنَائِكَ؛ فَالاِحْتِسَابُ قَضِيَّةٌ مُهِمَّةٌ فَهُوَ يُعِينُكَ عَلَى مَتَاعِبِ التَّرْبِيَةِ، فَهُوَ يُنْسِي مَرَارَةَ التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: "إِنَّ لَكِ مِنَ الأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ"(رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ).

وَالاِحْتِسَابُ فِي التَّرْبِيَةِ يَجْعَلُ الآبَاءَ أَكْثَرَ مُرَاقَبَةً للهِ -تَعَالَى- فِي قِيَامِهِمْ عَلَى أَبْنَائِهِمْ، فَلاَ يُعْطُونَهُمْ بِدَافِعِ الْحُبِّ أَوِ الرَّحْمَةِ مَا يَضُرُّهُمْ، وَلاَ يَمْنَعُونَهُمْ كَذَلِكَ مَا يَنْفَعُهُمْ؛ إِذِ الاِحْتِسَابُ لاَ يَكُونُ مَقْبُولاً إِلاَّ عَلَى الْعَمَلِ الصَّحِيحِ، الَّذِي فِيهِ طَاعَةُ اللهِ وَرِضَاهُ، لاَ مَعْصِيَتُهُ وَغَضَبُهُ.

وَأَخِيرًا: لاَ نَغْفُلُ عَنِ الدُّعَاءِ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ وَالصَّلاَحِ، وَالْفَوْزِ وَالْفَلاَحِ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ؛ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ"(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ).

هَذَا، وَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُمْ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).