البحث

عبارات مقترحة:

القوي

كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

الحفي

كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...

إذا صلح القلب

العربية

المؤلف خالد بن سعد الخشلان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. تعريف القلب وأهميته .
  2. من مظاهر حياة القلب .
  3. من أدواء القلب ودوائها. .

اقتباس

مدار الأمر كله إذاً على القلب صحة وسقما، شفاءً ومرضا، ومن عجيب صنع الله -عز وجل- أن جعل بصحة القلب الحسية المادية وبقاءه وانتظام دورته الدموية حياة الجسد وجعل بطهارة القلب وسلامته المعنوية من الآفات جعل بذلك حياة الروح...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله؛ فلا مضل له ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه- أئمة الهدى ومصابيح الدجى ومن تبعهم واكتفى وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71]، أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله- هذه آيات تطرق مسامعكم تأمركم بتقوى الله -عز وجل-، ألا فاتقوا الله -سبحانه وتعالى-استجابة لنداء مولاكم وتحقيقا لوصية خالقكم؛ ففي تقوى الله -عز وجل- سعادة الدنيا والآخرة، حافظوا على إصلاح القلوب وراقبوا علام الغيوب فإن مناط السعادة في الدنيا والآخرة صلاح القلوب وشفاءها وطهارتها وسلامتها ومدار شقاوة الناس وتعاستهم في الدارين وما يحصل من تعلق بالدنيا الفانية وإيثار لشهواتها ومحابها على نعيم الآخرة وإقبال على زخارف الدنيا وانشغالا بها إنما هو بسبب موت القلوب ومرضها عياذا بالله -عز وجل-.

وصدق الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".

مدار الأمر كله إذاً على القلب صحة وسقما، شفاءً ومرضا، ومن عجيب صنع الله -عز وجل- أن جعل بصحة القلب الحسية المادية وبقاءه وانتظام دورته الدموية حياة الجسد وجعل بطهارة القلب وسلامته المعنوية من الآفات جعل بذلك حياة الروح.

إن القلب يا -عباد الله- موطن الإدراك والعلم، القلب هو المخاطب والمطالب والمعاتب وهو مكمن المشاعر من حب وبغض ووساوس وخطرات وهو قبل ذلك كله موضع الإيمان والكفر والإنابة والإصرار والطمأنينة والاضطراب فهو العالم بالله -عز وجل- وهو المتقرب إليه والعامل له والساعي إليه والجوارح بعد ذلك كلها أتباع وخدم للقلب؛ يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: "القلب ملك والأعضاء جنوده فإن طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث خبثت جنوده".

القلب أيها -الأخوة- في الله هو المقبول عند الله إذا سلم من التعلق بغير الله، القلب هو المحجوب عن الله إذا استغرق بغير الله، القلب هو مناط السعادة إذا زكاه صاحبه بالإيمان والتقوى والحب في الله والبغض في الله وهو مناط الشقاء إذا دنسه ودساه صاحبه بالشرك والنفاق والفسوق والفجور.

القلب في الحقيقة: هو المطيع لله، وإنما تنتشر على الجوارح من العبادات أنوار القلب إذا عُمر بالإيمان والتقوى، القلب هو العاصي المتمرد إلى الله وإنما الساري إلى الأعضاء من الفواحش آثاره يوم يستقر في القلب النفاق وحب الفسوق والفجور.

القلب إذا عرفه صاحبه على الحقيقة عرف نفسه وإذا جهله جهل نفسه ومن لم يعرف نفسه لم يعرف ربه، يقول ربكم -عز وجل- (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الزمر:22].

ويقول سبحانه-: (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّماء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) [الأنعام:125].

روي في الأثر "إذا أراد الله بعبده خيرا جعل له واعظا من قلبه يأمره وينهاه".

وأنت رائي في الدنيا من البشر من يقدم على المعاصي ويتجرأ على حدود الله -عز وجل- وينتهك المحرمات لأنه ليس له رادع من قلبه يعظه ويذكره بعظمة الله ومراقبته -سبحانه وتعالى- له في صغير الأمر وكبيره وراعي من عباد الله -عز وجل- من لو حصل منه ولو معصية صغيرة تراه خائفا وجلا يعظه قلبه ويؤنبه قلبه ويذكره بعظمة الله وجلاله وخوفه وخشيته -سبحانه-.

يقول ابن القيم -رحمه الله-: "لما علم عدو الله إبليس أن المدار على القلب والاعتماد عليه، أجلب عليه بالوساوس، وأقبل بوجوه الشهوات إليه، وزين له من الأجوال والأعمال ما يصده عن الطريق، وأمده من أسباب الغي بما يقطعه عن أسباب التوفيق، ونصب له من المصائد والحبائل ما إن سلم من الوقوع فيها لم يسلم من أن يحصل له بها التعويق، فلا نجاة من مصائده ومكائده إلا بدوام الاستقامة والاستعانة بالله تعالى، والتعريض لأسباب مرضاته -عز وجل-، والتجاء القلب إليه، وإقباله عليه في حركاته وسكناته، والتحقق بذل العبودية الذي هو أولى ما تلبس به الإنسان ليحصل له الدخول في ضمان قوله تعالى: (إِنّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) [الحجر: 42]؛ فهذه الإضافة في قوله تعالى هي القاطعة بين العبد وبين الشيطان وحصولها سبب تحقيق مقام العبودية برب العالمين وإشعار القلب إخلاص العمل ودوام اليقين فإذا أشرب القلب العبودية والإخلاص صار عند الله من المقربين وشمله استثناء قوله تعالى: (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر:40]".

إن القلب يوم يُعمر بتوحيد الله -عز وجل-؛ فيعتقد القلب أنه لا معبود بحق، إلا الله وأنه لا يستحق أحد أن يصرف له شيء من العبادة إلا الله -عز وجل- الواحد القهار.

إن القلب يوم يُعمر بخوف الله ومحبته وخشيته والشوق إلى لقاءه، إن القلب يوم يُعمر بحب الاستجابة لله -عز وجل- والانقياد له -عز وجل- في صغير الأمر وكبيره حينئذ ينعم صاحبه بحياة سعيدة في الدنيا والآخرة.

إن هذه المكانة العظيمة للقلب يا -عباد الله- في حياة الإنسان وهذا الخطر العظيم الذي يتهدده كل ذلك يجعل المسلم دائم التضرع لله -سبحانه وتعالى- بأن يهدي قلبه وأن يثبت قلبه على دينه.

اللهم اهدي قلوبنا، يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، ذلك وأنه ما من قلب من قلوب العباد إلا بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء إن شاء الله -عز وجل- أقامه وإن شاء أزاغه، كل ذلك يجعل المسلم حريصا على تفقد قلبه ومعرفة حياته من موته وإمداده دائما وأبداً على مدار الساعة بما يحييه وينوره ويقويه ويزيل أسباب مرضه وسقمه ويجعل منه قلبا معمورا بالعبودية لله بحب الله -عز وجل- وتعظيمه وخوفه وخشيته وإجلاله والإنابة إليه.

ومن أبرز مظاهر حياة القلب؛ حسن انتفاع القلب بالمواعظ والاستبصار بالعبر وإتباع ذلك العمل فإن العمل الصالح ثمرة العلم النافع وكذلك وجل القلب من الله وشدة خوفه منه -سبحانه وتعالى- (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) [الأنفال: 2].

ومن مظاهر حياة القلب؛ قشعريرة البدن عند سماع القرآن ولين الجلود والقلوب إليه، (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر:23].

ومنها: خشوع القلب عند ذكر الله والإنس به وتعظيم شعائره، والتضرع إليه والفزع إليه وقت الشدائد.

ومن علامات حياة القلب خفقان القلب بحب المؤمنين وسلامة صدر صاحبه من الضغائن والأحقاد ضد المؤمنين، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 10].

ومن أعظم أمارات حياة القلب أمارة مهمة، ألا وهي: عدم التقديم والتقدم بين يدي الله ورسوله وعدم رفع الصوت فوق صوت النبي -صلى الله عليه وسلم- وغض الصوت عنده، ومعنى ذلك كله الانقياد المطلق لأمر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- والخضوع له فلا تردد عند المسلم بإيذاء أمر من أوامر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

لا يجد المؤمن المعمور قلبه بحب الله وتعظيمه لا يجد أدنى حرج عند أي أمر من أوامر الله وأوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم- وإنما حاله الانقياد والتسليم والاستجابة والطاعة التامة لأي أمر من أوامر الله وأوامر رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-.

المسلم المؤمن المعمور قلبه بحب الله وتعظيمه؛ لا يسأل إذا ورد أمر من أوامر الله وأوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم- لما وكيف وإنما يقول: سمعت وأطعت وجماع ذلك كله يا عباد الله محبة الله والأنس به والشوق إلى لقاءه والتنعم بذكره وطاعته؛ فهذه الأمور هي والله أطيب ما في هذه الدنيا؛ فحياة القلب بذكر الحي الذي لا يموت والعيش النهي إنما هو بالحياة مع الله بالتزام شرعه وحكمه والحياة بدون ذلك هي كحياة الأنعام بل أضل عياذا بالله.

من كان كذلك حيا قلبه بذكر الله -عز وجل- يعيش حياة هنيئة بالتزام شرع الله وحكمه من كان كذلك غفل قلبه عن الدنيا وانصرف كلية إلى الآخرة بل وعن كل شيء سوى الله تعالى.

فهذه يا -عباد الله- حال قلوب المؤمنين حال قلوب المنيبين إلى الله، هذه أبرز علامات حياة القلوب؛ فليعرف كل امرئ منا واقعه على ذلك.

لنرى يا -عباد الله- مدى حياة قلوبنا أو موتها مدى صحتها او سقمها؛ فإن المعول يوم القدوم على الله -عز وجل- إنما هو على القلوب إلا من أتى الله بقلب سليم.

فنسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا قلوبا مخبتة له منيبة إليه عامرة بالإيمان به واليقين عامرة بحبه وخوفه وخشيته وإجلاله وتعظيمه؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران:8].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة؛ فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا- إلى يوم الدين،  أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن خير ما تزكوا به القلوب وتصح وتحيا وتشرق توحيد الله -عز وجل- والإخلاص له في ذلك وعدم الإشراك مع الله أحد في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) [الزمر: 22].

كما أن مما يسهم في إحياء القلوب الحرص على تزكيتها بفعل الواجبات وترك المحرمات والتزود من المستحبات والإعراض عن المكروهات فإن طاعة الله والبعد عن معصيته أعظم سببا لحياة القلوب وإشراقها، كما أن معصية الله والإعراض عن أمره سببا لموت القلوب وظلمتها وانطماسها.

وأما نوافل العبادات من صلاة وصيام وصدقة وعمرة وحج وذكر لله -عز وجل-؛ فلها كذلك مع الفرائض والواجبات من الأثر أعظمه في تزكية القلوب وطهارتها.

فحافظوا رحمكم الله إن أردتم السعادة في الدنيا والفوز بالنعيم المقيم في الآخرة حافظوا على توحيد ربكم والبعد عن شوائب الشرك واحرصوا على تزكية قلوبكم بطاعة مولاكم وذلك بفعل ما أوجبه وشرعه سبحانه والبعد عما حرمه وكرهه -سبحانه وتعالى-.

إذا كانت أمراض القلوب الحسية هي أمراض العصر ويحرص الناس على معرفة أسبابها للبعد عنها وتبذل الجهود الإعلامية والطبية لتوعية الناس بأضرارها وأخطارها؛ فإن ما أصاب الناس اليوم من تعلق بالشبهات والشهوات وتقديم مراد النفوس وحظوظها على مراد الله ورسوله وتقديم محبوبات النفس وأهوائها على محبوبات الله ومحبوبات رسوله والاعتراض على أمر الله وأمر رسوله وما يعيشه كثير من الأفراد من هم وغم وقلق وضنك وما تعيشه الأمة من ذل وتفرق وموالاة لأعداء الله إنما مرد ذلك يا -عباد الله- مرده كله موت القلوب وسقمها ولا سبيل للأفراد، بل ولا سبيل للأمة للتخلص من الأدواء والأمراض والنهوض من العثرات والكبوات إلا بالحرص على صلاح القلوب؛ ألا فلتبذل الجهود والأوقات لتزكية القلوب وبيان شدة الحاجة إليها؛ ففي ذلك سعادة الداريين والفوز برضا الله -عز وجل-.

فينبغي أن يكون المسلم على حرص تام دائم مستمر على صلاح قلبه يعمره ويغذيه ويمده ليلا ونهارا بكل ما يقربه من ربه -عز وجل- وبكل ما يجعل منه قلبا سليما، قلبا صالحا، قلبا مطمئنا، قلبا منيبا مخبتا خاشعا لله رب العالمين.

ومن أعظم ما يعينك يا -عبد الله- على ذلك ملازمة ذكر الله؛ فأكثر من ذكر الله وتسبيحه وتحميده وتهليله، أكثر من التضرع بين يديه وربك -عز وجل- يقول: (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].

نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا قلوبا عامرة بحبه وخوفه وإجلاله والإنابة إليه، نسأله -سبحانه وتعالى- أن يطهر قلوبنا من الشرك والنفاق والشقاق وسيء الأخلاق، نسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل من قلوبنا قلوبا معمورة بتوحيده وحبه والإنابة إليه إنه على كل شيء قدير.

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبدالله فقد أمركم ربكم بهذا في كتابه؛ فقال -عز من قائل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

وقال -عليه الصلاة والسلام-: "من صل علي صلاة صل الله عليه بها عشرة".

اللهم صل وسلم وبارك...