العزيز
كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...
العربية
المؤلف | خالد بن علي أبا الخيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أركان الإيمان |
فعلاوةً على الإيمان بها، ووصف الله بها كما وصف الله بها نفسه ورسوله وفي سُنته لا يتعدى القرآن والحديث دون تمثيلٍ أو تأويل، أو تحريفٍ أو تعطيل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)؛ فإن لها آثارًا ونتاج، وآدابًا وسلوكًا إذا حققها المرء زاد إيمانه وصلح قلبه، وأفاق من... فإن لها آثارًا ونتاج، وآدابًا وسلوكًا إذا...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله الذي له الأسماء الحسنى، والصفات العُلى، وأشهد أن لا إله إلا الله الموصوف بصفات الكمال، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أكمل من وصف وسمى ذي الجلال، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن نهَج نهج أهل البر والتقى الذين لم يتجاوزوا كتاب ربهم وسُنَّة سيد الورى.
أما بعد: فاتقوا ربكم -أيها الإخوة-، وراقبوه في الخلوة والجلوة، واستعدوا ليوم الندامة والحسرة.
أيها المسلمون: تفقهوا في أسماء الله وصفاته، وما لها وما فيها من المعاني الجليلة، والمواقف الإيمانية، والزجرة الرادعة عن الوقوع في الحبال الشيطانية، وحبس النفس عن ممارسة السوء والرذيلة، وفي الوقت نفسه ما يحصل بها من تهذيب النفوس، وإعطاء الدروس والزيادة في العمل الصالح المحسوس والملموس، والتكاثر من القُرب، والسعي إلى الجنة ودأب النفوس.
والناظر في هذا الزمان قلة الفقه والوعي في أسماء الله وصفاته، وتطبيق ذلك على أرض الواقع "وَلِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ" وإحصاؤها بحفظها وفهمها، والدعاء بها وتدَّبرها؛ فعلاوةً على الإيمان بها، ووصف الله بها كما وصف الله بها نفسه ورسوله وفي سُنته لا يتعدى القرآن والحديث دون تمثيلٍ أو تأويل، أو تحريفٍ أو تعطيل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)[الشورى:11]؛ فإن لها آثارًا ونتاج، وآدابًا وسلوكًا إذا حققها المرء زاد إيمانه وصلح قلبه، وأفاق من رقدته وأطاع ربه، وتغير سلوكه وزاد عمله؛ فاللهم فقهنا في أسمائك وصفاتك.
وربنا وخالقنا له الصفات والأسماء الحُسنى، له الملك وهو الحق العلي الكبير، تعالى في ألوهيته وربوبيته عن الشريك والوزير (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)[الشورى:11]. تنزه في صفات كماله ونعوت جلاله عن الكفؤ والنظير، وعز في سلطان قهره وكمال قدرته عن الُمنازع والمُغالب والمُشير، وجلَّ في بقائه وديموميته وغناه عن المُطعِم والمجير (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)[الحج:62].
عالم الغيب والشهادة الذي استوى في علمه ما أسر العبد وما أظهر، الذي علم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ)[يونس:61]، (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا)[سبأ:2]، (أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)[الطلاق:12].
كيف لا وهو الذي خلق وقدَّر (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[الملك:14]، (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى)[طه:7] رحمٰن الدنيا والآخرة ورحيمهما الذي كتب على نفسه الرحمة وهو أرحم الراحمين، الذي غلبت رحمته غضبه، ووسعت رحمته كل شيء، وأنزل رحمةً بها يتراحم الخلائق بينهم؛ فانظر إلى آثار رحمة الله مع ادخاره تسعةً وتسعين رحمة، المتصرف في خلقه بما يشاء من الأمر والنهي، والإعجاز والإذلال، والإحياء والإماتة، والهداية والإضلال (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)[الأعراف:54].
لا راد لقضائه ولا مضاد لأمره، ولا مُعقِّب لحكمه (أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)[الأنعام:62].
القدوس السلام: الذي تقدس عن كل نقصٍ ومُحال، وتعالى عن الأشباه والأمثال السالم من كل نقصٍ وعيبٍ بحالٍ من الأحوال.
المؤمن: الذي أمِن أولياءه من خزي الدنيا ووقاهم عذاب الآخرة.
العزيز: الذي لا مُغالب له، ولا مرام لجنابه (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون:8].
الجبار: الذي له مطلق الجبروت والعظمة، وهو الذي يجبر كل كسيرٍ مما به وأصابه.
المتكبر: الذي لا ينبغي الكبرياء إلا له، ولا يليق إلا بجنابه، العظمة إزاره والكبرياء ردائه.
الخالق المصور: لما شاء إذا شاء في أي صورةٍ شاء من أنواع التصوير (خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)[التغابن:3].
الغفار: الذي لو آتاه العبد بقراب الأرض خطايا، ثم لقيه لا يُشرك به شيئًا لآتاه بقرابها مغفرة وهو الغفور الرحيم.
وهو الغفور فلو أتى بقرابها | من غير شركٍ بل من العصيانِ |
لاقاه بالغفران ملء قرابها | سبحانه هو واسع الغفرانِ |
الوهاب: الذي وهب كل موهوبٍ، وصل إلى خلقه فمن فيض بحاره وجوده، وفضله ونعمائه الزاخرة.
الرزاق: الذي لا تنفذ خزائنه، ولم يغط ما في يمينه، يرزق كل ذي قوتٍ قوته، ثم يُدبر ذلك القوت في الأعضاء لحكمةٍ تدبيرًا متقنًا مُحكمًا، يرزق في هذه الدنيا من يشاء من كافرٍ ومسلم أموالًا وأولادًا، وأهلًا وخدمًا، ولا يرزق الآخرة إلا أهل توحيده وطاعته، فيرزق الأبدان الشراب والغذاء، ويرزق القلوب العلم والصلاح والاهتداء، هذا أعظم الرزقين، وأَجل النوعين.
الفتاح: الذي يفتح على من يشاء بما يشاء من فضله العميم، يفتح على هذا مالًا، وعلى هذا مُلكًا، وعلى هذا حكمةً وعلمًا (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)[الحديد:21].
(مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[فاطر:2].
العليم: الذي أحاط علمه بجميع المعلومات من ماضٍ وآتٍ، وظاهرٍ وكاملٍ، ومتحرك وساكنٍ، وجليلٍ وحقير، علم بسابق علمه عدد أنفاس خلقه، وحركاتهم وسكناتهم، وأعمالهم وأرزاقهم، وآجلهم (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)[الأنعام:59].
ما من جبلٍ إلا ويعلم ما في وعره، ولا بحرٍ إلا ويعلم ما في قعره (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ)[فاطر:11]
وَهُوَ العليمُ أَحَاطَ عِلْماً بِالَّذِي | في الكونِ مِنْ سِرٍّ ومنْ إِعْلانِ |
وبكلِّ شَيْءٍ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ | فهوَ المحيطُ وليسَ ذا نِسْيَانِ |
وكذاكَ يَعْلَمُ ما يَكُونُ غَداً وما | قدْ كانَ والموجودَ في ذا الآنِ |
وكذاكَ أَمْرٌ لمْ يَكُنْ لوْ كانَ كيــفَ | يكونُ ذاكَ الأمرُ ذا إِمْكَانِ |
الخافض الرافع، الضار النافع، المعطي المانع؛ فلا رافع لمن خفض، ولا خافض لمن رفع، ولا نافع لمن ضر، ولا ضار لمن نفع، ولا مانع لما أعطى، ولا مُعطي لمن منع؛ فلو اجتمع أهل السماوات السبع، والأرضين السبع ومن فيهن وما بينهما على خفض من هو رافعه، أو ضر من هو نافعه لم يكن ذلك باستطاعتهم بواقع (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الأنعام:17].
المعز المذل: الذي أعز أولياءه في الدنيا والآخرة، وأيدهم بنصره المبين، وأذل أعداءه في الدارين وضرب عليهم الذلة والصغار المستبين.
السميع البصير: لا كسمع ولا بصر أحدٍ من الورى، وسع سمعه جميع المسموعات في الأرض والسماوات، البصير الذي يرى دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، وهو السميع يرى ويسمع كل ما في الكون من سرٍّ ومن إعلان.
ولكل صوتٍ منه سمعٌ حاضرٌ | فالسِّر والإعلان مستويان |
والسمع منه واسع الأصوات | لا يخفى عليه بعيدها والداني |
وَهُوَ البَصِيرُ يَرَى دَبِيبَ النَّمْلَةِ | السَّوْدَاءِ تَحْتَ الصَّخْرِ وَالصَّوَّانِ |
وَيَرَى مَجَارِي القُوتِ فِي أَعْضَائِهَا | وَيَرَى نياط عُرُوقَها بِعِيَانِ |
وَيَرَى خِيَانَاتِ العُيُونِ بِلَحْظِهَا | وَيَرَى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأَجْفَانِ |
اللطيف: بعباده معافاةً وإعانةً ورحمة، وفضلًا وإحسانًا يدفع عنهم الشرور والمصائب جودًا وكرمًا.
الخبير: بأحوال مخلوقاته وأقوالهم وأفعالهم ماذا عملوا؟ وكيف عملوا؟ وأين عملوا؟ ومتى عملوا؟ (إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)[لقمان:16].
الغفور الشكور: الذي يغفر الكثير من الزلل، ويقبل اليسير من صالح العمل، فيُضاعفه أضعافًا كثيرة، ويُثيب عليه الثواب الجلل، وكل هذا لأهل التوحيد، أما أهل الشرك والتنديد فلا يُقبل معه عملٌ يسيرٌ ولا تليد.
الحسيب الوكيل: الذي ما التجئ إليه مخلصٌ إلا كفاه، ولا اعتصم به مؤمنٌ إلا حفظه ووقاه؛ فنعم المولى ونعم النصير.
الكريم: الذي لو أن أول الخلق وآخرهم وإنسهم وجِنهم قاموا في صعيدٍ واحد فسألوه، فأعطى كل واحدٍ منهم مسألته ما نقص مما عنده إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخِل البحر، ومن كرمه أن يُقابل الإساءة بالإحسان، والذنب بالغفران.
المُجيب: لمن دعاه ولاذ بحِماه، وسأله من دينه ودنياه (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ)[البقرة:186].
الحكيم: في خلقه وتدبيره إحكامًا وإتقانًا، والحكيم في شرعه وقدره عدلًا وإحسانًا، له الحكمة البالغة والحجة الدامغة وهو الحكيم العليم (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ)[التين:8].
والحمد لله رب العالمين.
قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم، ولكل مؤمنٍ ومؤمنة، ومسلمٍ ومسلمة، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الودود الذي يُحب أوليائه ويُحبونه كما أخبر عن نفسه سبحانه (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ)[البروج:14] وأشهد أن لا إله إلا هو القائل في مُحكم تنزيله: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)[لقمان:20] وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أنزل عليه ربه (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)[الأنعام:91] صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وآله وأزواجه وإخوانه وأتباعه.
عباد الله: سبحان المُجيب لدعوة الداعي إذا دعاه في أي مكانٍ وزمان، لا يشغله سمعٌ عن سمع، ولا تختلف عليه المطالب، ولا تشتبه عليه الأصوات فيكشف الغم ويُذهب الهم، ويُفرِّج الكرب، ويستر العيب وهو الستير وكل يومٍ هو في شأن.
الحميد: الذي له جميع أنواع المحامد، فله الحمد كما يكون، وخيرًا مما نقول لا نُحصي ثناءً عليه سبحانه هو كما أثنى على نفسه.
فله المحامد والمدائح كلها | بخواطري وجوارحي لساني |
العفو: بمنه وكرمه عن الذنوب والآثام، فعفوه وسع خلقه، وعفوه سبق نقمته، وهو العفو سبحانه وبحمده.
الغني المغني: فلا يحتاج إلى شيء، ولا تزيد في ملكه طاعة الطائعين، ولا تُنقصه معصية العاصين، ولا يضره كفر الكافرين، وكل خلقه فقيرٌ إليه لا غنى لهم عنه طرفة عين، وهو الغني بذاته سبحانه جلَّ ثناؤه تعالى شأنه، وكل شيءٍ رزقه عليه، وكلنا مفتقرٌ إليه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)[فاطر:15]، (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا)[البقرة:268].
مالك الملك: يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويُعز من يشاء، ويذل من يشاء.
ذي الجلال والإكرام: والعز والبقاء، والملكوت والجبروت، الجواد الذي عم جوده الكبير والصغير، الطائع والعاصي، القوي والضعيف، الأمير والمأمور.
الحي: الذي لا يموت وكل ما سواه زائل حياةً دائمةً له سبحانه.
القيوم: الذي قام بنفسه المُقيم لغيره، المستغني عن خلقه ولا قوام لخلقه إلا به، ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره.
الصبور: الذي لا أحد أصبر منه على أذًى سمعه من خلقه، ينسبون له الولد، ويجحدون أن يُعيدهم ويُحييهم، وكل ذلك بسمعه وبصره، وعلمه لا يخفى عليه منهم شيء، ثم هو يرزقهم ويُعافيهم ذلك بأنهم لم يبلغوا نفعه فينفعونه، ولا ضره فيضرونه، وإنما يعود نفع طاعتهم إليهم، ووبال عصيانهم عليهم، واستغنى الله والله غنيٌّ حميد.
وهو الصبور على أذى أعدائه | شتموه بل نسبوه للبهتان |
قالوا له ولدٌ وليس يُعيدُنا | شتمًا وتكذيبًا على الإنسان |
هذا وذاك بسمعه وبعلمه | لو شاء عاجلهم بكل هوان |
لكن يُعافيهم ويرزقهم وهم | يؤذونه بالشرك والكفران |
وهو الحليم فلا يعاجل عبده | بعقوبة ليتوب من عصيان |
وهو العفو فعفوه وسع الورى | لولاه غار الأرض بالسكان |
وهو اللطيف بعبده ولعبده | واللطف في أوصافه نوعان |
وهو المجيب يقول من يدعو أجيبــــه | أنا المجيب لكل من ناداني |
وهو المجيب لدعوة المضطر إذ | يدعوه في سرٍّ وفي إعلان |
وهو الجواد فجوده عم الوجود | جميعه بالفضل والإحسان |
وهو المغيث لكل مخلوقاته | كذا يجيب إغاثة اللهفان |
أسماؤه وصفاته لا تعد ولا تُحصى، ولا تُحد وليس لها منتهى، وما ذكرنا نذرٌ يسير، وجهدٌ قليلٌ من أسمائه وصفاته ومعانيها العظيمة، وفوائدها الغزيرة، ومزاياها التربية.