المجيب
كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...
العربية
المؤلف | هلال الهاجري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
لو سألَ سائلٌ: كيفَ نستطيعُ أن نقيسَ مدى مستوى الإسلامِ في مجتمعٍ أو في بلدٍ؟؛ فما هو الجوابُ؟ الجوابُ: لتعرفَ قوةَ وضعفَ الإسلامِ في حيٍّ من الأحياءِ فانظرْ إلى مِقدارِ خُلُقِ الإيمانِ فيهم ألا وهو الحياءُ، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلَامِ الْـحَيَاءُ". كيفَ لا يكونُ الحياءُ...
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد:
أيُّها المؤمنونَ: لو سألَ سائلٌ: كيفَ نستطيعُ أن نقيسَ مدى مستوى الإسلامِ في مجتمعٍ أو في بلدٍ؟؛ فما هو الجوابُ؟
الجوابُ: لتعرفَ قوةَ وضعفَ الإسلامِ في حيٍّ من الأحياءِ فانظرْ إلى مِقدارِ خُلُقِ الإيمانِ فيهم ألا وهو الحياءُ، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلَامِ الْـحَيَاءُ".
كيفَ لا يكونُ الحياءُ خُلُقَ أهلِ الإسلامِ وهو صفةٌ عظيمةٌ من صفاتِ القُدوسِ السَّلامِ، قالَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ".
وهو من صفاتِ رسولِه الكريمِ -عليه الصَّلاةُ والتَّسليمُ-؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ.
واسمع إلى هذا المثلِ الواضحِ للحياءِ في مجتمعِ المدينةِ في عهدِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؟، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ لِي، قَالَ: "إِنْ شِئْتِ، صَبَرْتِ؛ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ، دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيكِ"، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، ثُمَّ فَقَالَتْ: إِنِّي أَتكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ لاَ أَتكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا.
فعجباً لمرأةٍ تصبرُ على ذهابِ الصِّحةِ والعافيةِ ومعاناةِ الصَّرعِ والبأسِ، ولكنَّها لا تصبرُ -حتى ولو كانتْ معذورةً- على انكشافِ جُزءٍ منها أمامَ النَّاسِ.
ولأهميةِ الحياءِ عند جميعِ الحكماءِ؛ فلا زالوا يتناقلونَ ما قالَه فيه الأنبياءُ؛ فَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ البدري -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ"
وصدقَ القائلُ:
إذَا لَمْ تَخْـــشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي | وَلَمْ تَسْـــتَحِ فَــاصْنَعْ مَــا تَشَاءُ |
فَلَا وَاَللَّهِ مَا فِـي الْعَيْشِ خَـــيْرٌ | وَلَا الدُّنْيَـا إذَا ذَهَـبَ الْحَيَـاءُ |
يَعِيشُ الْمَرْءُ مَا اسْــتَحْيَا بِخَــيْرٍ | وَيَبْقَى الْعُـودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ |
واعلم أنَّه يكونُ في الإنسانِ من الخيرِ والدِّينِ بقدرِ ما فيه من هذا الخُلُقِ الرَّصينِ؛ فَعنْ قُرَّةَ بنِ إياسٍ -رضِيَ اللهُ عنْه- قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذُكِرَ عِنْدَهُ الْحَيَاءُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَيَاءُ مِنَ الدِّينِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بَلْ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ".
ولذلكَ الخيرُ في الحياءِ سَرمداً، ولا يمكنُ أن يَضرَّ بصاحبِه أبداً، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَجُلٍ، وَهُوَ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، يَقُولُ: إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي، حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ أَضَرَّ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "دَعْهُ، فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ"، وقالَ: "الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلا بِخَيْرٍ"؛ فكم منعَ الحياءُ من جرائمَ وقبائحَ، وكم سترَ اللهُ -تعالى- به من فضائحَ.
وَرُبَّ قَبِيْحَةٍ مَا حَالَ بَينِي | وَبَيْنَ رُكُوْبِهَا إِلَّا الحَيَاءُ |
فَكَانَ هُوَ الدَّوَاءَ لَهَا وَلَكِنْ | إِذَا ذَهَبَ الحَيَاءُ فَلَا دَوَاءُ |
أيُّها الأحبَّةُ: نعلمُ أنَّ كُلَّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ؛ ولكنَّ أهلَ الحياءِ هم أهلُ السِّترِ، وأهلُ السِّترِ هم أهلُ المغفرةِ؛ فمن سترَ نفسَه وسترَه اللهُ في الدُّنيا فهو قريبٌ من مغفرةِ اللهِ -تعالى- في الآخرةِ، واسمع كيفَ يكونُ ذلكَ؟ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّجْوَى، فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُدْنِيَ الْمُؤْمِنَ مِنْهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ مِنْ اَلنَّاسِ، فَيَقُولُ: عَبْدِي، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى في نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ".
ولا يزالُ المرءُ في عافيةٍ من كلامِ النَّاسِ؛ قَدْرُه مكنونٌ، وعِرْضُه مصونٌ؛ ما دام أنه مُستترٌ بسترِ اللهِ -تعالى- عليه، وأما إذا فضحَ أمرَه وجاهرَ بفُحشِه فلا يلومنَّ إلا نفسَه، قالَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ"، ومن كشفَ سِترَ اللهِ عنه، كُشِفتْ عنه العافيةُ.
فيا أيُّها المجتمعُ المسلمُ: إيَّاكمَ وعقابَ اللهِ -تعالى-؛ فإنكم لا تُطيقونَه؛ فعدم الأخذِ بيدِ السُّفهاءِ الذينَ يُجاهرونَ بأفعالِهم النَّكراءِ سببٌ عظيمٌ من أسبابِ جلبِ البَلاءِ؛ فعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ".
والبعضُ ممن سترَ اللهُ عليهم لا يزالُ به الشَّيطانُ حتى يُذيعَ منكرَه عن طريقِ تصويرِه، أو الخروجُ به إلى مجامعِ النَّاسِ، وإنكَ لتعجبُ أشدَّ العجبِ، ممن يرى من خالفَ الدِّينَ والعاداتِ، وجاهرَ بفسقِه في الشَّوارعِ والمهرجاناتِ، وبدلَ أن يُبادرَ بالنَّكيرِ، يشتغلُ بالتَّوثيقِ والتَّصويرِ، ويظنُّ أنَّه فازَ بالسَّبقِ الإعلاميِّ الكبيرِ، وما يدري أنَّه بنشرِ مقاطعِ الرَّذيلةِ، قد أحزنَ أهلَ الخيرِ والفضيلةِ، وأزاحَ عن الفَجرةِ الحواجزَ الثَّقيلةَ، فعلموا أنَّ معهم في الطَّريقِ رُفقاءَ، فأعلنوا ما كانوا يعملونَه بالخفاءِ، فشاعتْ الفاحشةُ بينَ المؤمنينَ، وأصبحَ من الذينَ قالَ اللهُ -تعالى- فيهم: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النور:19].
وهذه الأمَّةُ كغيرِها من أممِ الأنبياءِ؛ فلن تزالَ خيرَ الأممِ، عزيزةً عظيمةً كريمةً، مرحومةً معصومةً محفوظةً، ما دامتْ أنها تأمرُ بالمعروفِ وتنهى عن المنكرِ .. (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ)[آل عمران:110].
أقولُ ماتسمعون وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم من كلِ ذنبٍ فاستغفروه؛ إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ الذي قضى بالحقِّ وحكمَ بالعدلِ، وأمرَ بالتَّقوى وحثَّ على التعاونِ والبذلِ، ودعا إلى الإصلاحِ وندبَ إلى السترِ، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه.
أما بعد: فأما أنتم يا أمراءَ المناطقِ فجزاكم اللهُ خيراً؛ جهودُكم مشكورةٌ، وأعمالُكم مأجورةٌ؛ فما إن نسمعُ بمن أظهر الشَّرَ وجاهرَ بالعصيانِ إلا ويأتينا خبرُ توجيهِ القبضِ عليه بعدَ أوانٍ؛ فأنتم تدفعونَ عن الأرضِ الفسادِ؛ بسدِّ الطريقِ على أهلِ البغيِّ والعنادِ؛ كما قالَ تعالى: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ)[البقرة:251]؛ فمن النَّاسِ من لا ينفعُ معه المواعظُ والآياتِ، ولكن ينفعُ معه السِّجنُ والعقوباتُ؛ فلا تكلُّوا ولا تملُّوا؛ فأنتم على ثَغرٍ عظيمِ وعملٍ فاضلٍ كريمٍ، تُفرحونَ به أهلَ الغيرةِ والدِّينِ، وتُغيضونَ به أعداءَ المسلمينَ؛ ولعلنا نسمعُ بعقوباتٍ صادعةٍ وأحكامٍ رادعةٍ؛ لتبقى شمسُ العفافِ على بلادِنا ساطعةٌ.
وظُنُّوا -يا عبادَ اللهِ- بولاةِ أمرِكم خيراً؛ فهم لا يرضونَ بإشاعةِ المُنكراتِ، ولا مخالفةِ الدِّينِ والعاداتِ؛ فعلينا أن نكونَ معهم يداً واحدةً ضِدَّ أهلِ الإفسادِ؛ ممَّن تسوِّلُ له نفسُه بتغريبِ البِلادِ، الذينَ يجِسُّونَ نبضَ المجتمعِ كلَّ زمانٍ؛ ليعرفوا هل وقتُ إشاعةِ الفاحشةِ قد آنَ، وهل لا زالَ المجتمعُ محافظاً غيوراً؟ أم أنَّه أصابَهُ من كثرةِ المحاولاتِ فُتوراً؟ يُطبِّقونَ ما قيلَ في قديمِ الأيامِ، "كثرةُ الدَّقِ تَفكُّ اللِّحامَ"، فأوصلوا لولاةِ أمرِكم صوتَ النُّصحِ والغَيْرةِ، وأخبروهم أننا نريدُ مجتمعَ الحياءِ والعفافِ لا شيءَ غيرَه.
اللهمَّ اهدِنا فيمن هديتَ، وعافنا فيمن عافيتَ، وتولنا فيمن توليتَ، وبارك لنا فيما أعطيتَ، وقِنا شرَّ ما قضيتَ.
اللهمَّ اغفر لنا ذنوبَنا كلَّها دِقَّها وجِلَّها أولَها وآخرَها، ما علمنا منها وما لم نعلم.
اللهم ارحم موتانا، واهدِ ضالَنا، وردَّ غائبَنا، واشفِ مرضانا، واقضِ عنا دينَنا، ولا تؤاخذنا بما فعلَ السفهاءُ منَّا.
اللهم آمنا في أوطانِنا ودورِنا وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، واجعلْ ولايتَنا فيمن خافَك واتقاك واتبعَ رضاك يا أرحمَ الرَّاحمينَ.
اللهمَّ أبرم لهذِه الأمةَ أمرَ رُشدٍ، يعزُّ فيه أهلُ طاعتِك ويُهدى فيه أهلُ معصيتِك، ويؤمرُ فيه بالمعروفِ ويُنهى فيه عن المنكرِ.
اللهم اغفر للمؤمنينَ والمؤمناتِ والمسلمينَ والمسلماتِ الأحياءِ منهم والأمواتِ، إنَّك يا ربَنا سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدعواتِ.