البحث

عبارات مقترحة:

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

نجاة المتقين

العربية

المؤلف محمد بن صالح بن عثيمين
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. فضل التعرف على الله في الرخاء .
  2. المقصود بالتقوى .
  3. نجاة المتقين من الشدائد في الدنيا .
  4. قصص رائعة في نجاة المتقين في الدنيا .
  5. نجاة المتقين يوم القيامة .

اقتباس

عباد الله: يقول الله -تعالى- (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[الزمر: 61]. فمن اتقى الله -تعالى-، وامتثل أمر الله، واجتنب نهيه، نجاه بمفازته، إذا وقع في هلكة أنجاه الله منها، ويسر له الخلاص من ذلك. فالمتقون هم...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الجواد الكريم، الشكور الحليم، أسبغ على عباده النعم، ودفع عنهم شدائد النقم، وهو البر الرحيم.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الفضل العظيم، والخير العميم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، المصطفى الكريم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين، وسلم تسليما.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا ربكم، وتعرفوا إليه في حال الرخاء يعرفكم في حال الشدة.

تعرفوا إلى ربكم بالخضوع له والمحبة والتعظيم، وكثرة العبادة ابتغاء مرضاته، وتجنب معاصيه، خوفا من عقابه الأليم.

تعرفوا إلى الله بفعل الطاعات ما دمتم في زمن القدرة والإمكان، قبل أن تتمنوا العمل، فلا تستطيعوا إليه سبيلا.

عباد الله: يقول الله -تعالى- (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[الزمر: 61].

فمن اتقى الله -تعالى-، وامتثل أمر الله، واجتنب نهيه، نجاه بمفازته، إذا وقع في هلكة أنجاه الله منها، ويسر له الخلاص من ذلك.

فالمتقون هم أهل النجاة، وشاهد ذلك ما وقع وما يقع للمتقين.

ألم يبلغكم ما وقع لسيد المتقين حيث خرج صلى الله عليه وسلم من مكة، ومعه صاحبه أبو بكر، يخشيان على أنفسهما من قريش، فنجاهما الله -تعالى- من ذلك، وقريش على رؤوسهم، يقول أبو بكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا؟

فيقول له رسول الله: "لا تحزن إن الله معنا، ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما"(البخاري (3453) مسلم (2381) الترمذي (3096)  أحمد (1/4)).

فنجى الله -تعالى- نبيه بمفازته من غير أن يمسه سوء.

ألم تسمع ما وقع لنبي الله يونس -صلى الله عليه وسلم-، حيث ذهب عن قومه مغاضبا لهم لما عصوه، فركب البحر، فثقلت بهم السفينة، فاقترع أهلها أيهم يلقى في البحر لتخف السفينة، وينجو بعض من فيها، ولا يهلكوا كلهم، فوقعت على قوم فيهم نبي الله يونس، فألقوا في البحر، فالتقم الحوت يونس: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء: 87].

فاستجاب له رب العالمين، فأنجاه من الغم، قال الله -تعالى-: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[الصافات: 143 - 144].

ألم يأتكم نبأ الثلاثة من بني إسرائيل: "باتوا في غار فانحدرت عليهم من الجبل صخرة سدت الغار، فلا يستطيعون الخروج، فقالوا: إنه لا ينجيكم منها إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، فنأى بي طلب الشجر، فتأخرت حتى ناما، فكرهت أن أوقظهما فانتظرت استيقاظهما، حتى طلع الفجر، والصبية يتضاغون عند قدمي، حتى استيقظ أبواي فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة قليلا.

فقال الثاني: اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحبها حبا شديدا، فأردتها عن نفسها فامتنعت، حتى ألجأتها الضرورة سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها مئة وعشرين دينارا على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت، فلما قعدت بين رجليها، قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك لأجلك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة قليلا إلا أنهم لا يستطيعون الخروج.

فقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم إلا واحدا ترك أجره وذهب، فثمرت له أجره حتى نما وكثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله أعطني أجري؟ فقلت: كل ما ترى من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فهو أجرك، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي، فقلت له: لا أستهزئ بك، فأخذه كله ولم يترك منه شيئا، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون"(البخاري (2152) مسلم (2743) أبو داود (3387) أحمد (2/116)).

وهكذا ينجي الله المتقين بمفازتهم في هذه الدنيا، وينجيهم من مفاوز يوم القيامة وأهوالها، ومن عذاب الجحيم وسمومها، قال الله -تعالى-: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا)[مريم: 71 - 72].

بكى عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- وكان مريضا، فقيل: ما يبكيك؟ فقال: ذكـرت قـول الله -تعالى-: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا)[مريم: 71] فلا أدري أنجو منها أم لا؟!

وكان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه بكى، ويقول: "أخبرنا أنا واردوها ولم نخبر أنا صادرون عنها".

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تنجينا من النار، وأن تلحقنا بالمتقين الأبرار، وأن تنجينا من مفاوز الدنيا والآخرة يا كريم يا جواد.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.