النصير
كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...
العربية
المؤلف | صلاح بن محمد البدير |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
بَعُد الزمانُ عن عهد النبوّة، وتقادم العهدُ بنورِ الرسالة، وخَلَف خلوفٌ يهتدون بغير هديِ أسوةِ الأمّة محمّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، ويستنّون بغير سنّتِه، ويسلكون غيرَ طريقَتِه، وغلب على أهلِ الزمان العصيانُ وهَوَى النفوس، وخرَج أكثرُهم بسفاهةِ عقولهم وضَعف تمييزهم من نورِ الطاعةِ إلى ظُلمةِ الفجور، وامتَطوا ظهرًا لا ينجو راكبُه ولا يُفضي إلى نُجحٍ صاحبُه، فهو بين هلاكٍ يُرهِقه وأشراكٍ توثقُه وتوبِقُه، أوسَعَهم الشيطان تسويلاً، واستهواهم تغرِيرًا وتضليلاً، طردوا العافيةَ عن دُورهم، وأنزَلوا الفِتنَ في جِوارهم، صَمّوا عن النّذير، وعَموا عن العِظةِ والتذكير، وغطَّتِ الغفلةُ على سمعهم وأعيُنِهم، وحالت بين قلوبهم وصدورِهم، بشؤم مخالفتهم كتابَ الله وسنّةَ رسوله -صلى الله عليه وسلم-...
الخطبة الأولى:
أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتَّقوا الله فإنّ تقواه أفضلُ زادٍ وأحسَن عاقبة في معاد، (إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) [هود:49].
أيّها المسلمون، كان الناسُ قبلَ الإسلام في جاهليّة جهلاء وفتنةٍ مضِلَّة عمياء، يهيمون في الفِتن حَيارى، ويخوضون في الأهواءِ سُكارى، يتردَّدون في بحارِ الضلال، ويجولون في أوديةِ الفساد والانحلال، فبعثَ الله نبيَّنا محمّدًا -صلى الله عليه وسلم- هاديًا إلى دينِ الإسلام وداعيًا إلى دارِ السّلام، فبلَّغ عن ربِّه رسالاتِه، وبيَّن المرادَ عن آياته، حتى أسفر الحقُّ عن محضِه، وأبدى الليلُ عن صُبحِه، وانحطّت به أعلامُ الفُرقةِ والشِّقاق، وانهشمت به بيضةُ أهل الزيغ والنِّفاق، وقال -صلى الله عليه وسلم- في حجّة الوَداع: "ألا كلُّ شيءٍ من أمرِ الجاهلية تحتَ قدميَّ موضوع" (أخرجه مسلم 1218).
وما ماتَ حتّى أدَّى ما عليه، وقضى ما عُهِد إليه، وترك أمّتَه على شريعةٍ غرّاء ومحجّةٍ نقيّة بيضاء ومنهَج كاملٍ وضّاء، يقول رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-: "تركتكم على المحجّة البيضاء، ليلُها كنهارها، لا يزيغُ عنها إلا هالك" (أخرجه أحمد: 4/126، وصححه الألباني).
ولم يزل الأئمّةُ والعلماء متمسِّكين بها منافِحين عنها حتى استحالَت ذَنوبُ الإسلام بأيدِيهم غَربًا، وصدَر الناسُ بعَطَن، وأعزّ الله بهم دينَه، فَحفِظوا شَريعتَه، وأقاموا أوامرَه وشعائِرَه، ومنَعوا كلّ أمرٍ فيه تذرُّعٌ إلى نقضِ عُراه أو هَدمِ قاعِدته ومَبناه، وقطعوا طرُقَ التغيير من كلِّ جِهاتها، وأوصَدوا جميعَ أبوابها ومَنافِذِها، ولم يدَعوا للباطِل علَمًا إلا وَضعوه، ولا رُكنًا إلا ضَعضَعوه، حسَموا مَوادّ الفَساد فلا تعتاد، وثقَّفوا قَناةَ الصّلاحِ فلا تنآد -أي: فلا تميل ولا تعوَجّ-، بذلوا النفوسَ في إظهار الدين العظيمِ، وجاهدوا بسُمرِ القنا وبيض الضُّبا من زاغ عن الصّراط المستقيم وراغ عن المذهبِ القويم، نشروا السنّةَ والكتاب، وأظهروا الفروضَ والآداب، وصانوا مجتمعَ الإسلام من مزاحمة خَبَث الجاهليّة وكَدَرها وضلالها وشرِّها.
يقول عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى-: "سنَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وولاةُ الأمر من بعده سُننًا، الأخذُ بها اعتصامٌ بكتابِ الله وقوّةٌ على دينِ الله، ليس لأحدٍ تبديلُها ولا تغييرها ولا النظرُ في أمرٍ خالفها، مَن اهتدى بها فهو مهتدٍ، ومن استنصَر بها فهو منصور، ومن تركَها واتّبع غيرَ سبيل المؤمنين ولاّه اللهُ ما تولَّى وأصلاه جهنَّمَ وساءَت مصيرًا".
ويقول خلف بن خليفة: شهِدتُ عمرَ بن عبد العزيز يخطُب الناسَ وهو خليفةٌ فقال في خطبتِه: "ألا إنّ ما سنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحباه فهو وظيفةُ دين، نأخذُ به وننتهي إليه"(انظر: جامع العلوم والحكم، ص264).
ويقول أبو بكر بن عيّاش -رحمه الله تعالى-: "إنّ الله بعث محمّدًا -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل الأرض وهم في فَساد، فأصلحهم الله بمحمّد -صلى الله عليه وسلم-، فمن دعا إلى خلافِ ما جاء به محمّد -صلى الله عليه وسلم- فهو من المفسِدين في الأرض"( عزاه في الدر المنثور (3/476-477) لأبي الشيخ)، ويقول الجُنيد رحمه الله تعالى: "الطُّرق كلُّها مسدودةٌ على الخَلق إلاّ من اقتفى أثرَ الرّسول واتّبع سنّتَه ولزِم طريقتَه، فإنّ طرُقَ الخيراتِ كلَّها مفتوحَة عليه" (رواه أبو نعيم في الحلية: 10/257).
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: جاءت ملائكةٌ إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو نائمٌ، فقال بعضهم: إنّه نائم، وقال بعضُهم: إنّ العينَ نائمَة والقلبَ يقظان، فقالوا: إنّ لصاحبكم هذا مثلاً فاضرِبوا له مثَلاً، فقالوا: مَثلُه كمَثَل رجلٍ بَنى دارًا، وجعل فيها مأدُبةً وبعثَ داعيًا، فمن أجاب الداعيَ دخَل الدارَ وأكلَ من المأدبة، ومَن لم يُجِبِ الدّاعيَ لم يدخُلِ الدار ولم يأكُل من المأدُبة، فالدارُ الجنّة، والداعي محمّدٌ -صلى الله عليه وسلم-، فمن أطاع محمّدًا -صلى الله عليه وسلم- فقد أطاع الله، ومن عصى محمّدًا -صلى الله عليه وسلم- فقد عصى الله. (أخرجه البخاري 7281).
أيها المسلمون، ثم بَعُد الزمانُ عن عهد النبوّة، وتقادم العهدُ بنورِ الرسالة، وخَلَف خلوفٌ يهتدون بغير هديِ أسوةِ الأمّة محمّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، ويستنّون بغير سنّتِه، ويسلكون غيرَ طريقَتِه، في زمنٍ عادت فيه أعلامُ الدين إلى الدّروس، وغلب على أهلِ الزمان العصيانُ وهَوَى النفوس، وخرَج أكثرُهم بسفاهةِ عقولهم وضَعف تمييزهم من نورِ الطاعةِ إلى ظُلمةِ الفجور، وامتَطوا ظهرًا لا ينجو راكبُه ولا يُفضي إلى نُجحٍ صاحبُه، فهو بين هلاكٍ يُرهِقه وأشراكٍ توثقُه وتوبِقُه، أوسَعَهم الشيطان تسويلاً، واستهواهم تغرِيرًا وتضليلاً، طردوا العافيةَ عن دُورهم، وأنزَلوا الفِتنَ في جِوارهم، صَمّوا عن النّذير، وعَموا عن العِظةِ والتذكير، وغطَّتِ الغفلةُ على سمعهم وأعيُنِهم، وحالت بين قلوبهم وصدورِهم، بشؤم مخالفتهم كتابَ الله وسنّةَ رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
ومال آخرون إلى أعداءِ الملَّةِ والدين بمضارعتِهم ومماثَلتهم وموافقتِهم ومشابهتهم في شُعَبهم وعاداتهم ومظاهِرهم، وصدَق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقتربتِ الساعة، ولا يزداد الناسُ على الدنيا إلا حِرصًا، ولا يزدادون من الله إلا بُعدًا" (أخرجه الحاكم 7917 وصححه الألباني).
ضعفٌ في اليقين، وخفقةٌ من الدّين، ورِقّةٌ ولين، وفِتنٌ قد انعقد غمامُها وادلهمَّ ظلامُها وتلاطمت أمواجُها، فِتنٌ تأخذ كلَّ من استشرَف إليها إلى الوَرا في عقيدتِه وأخلاقه، وتُرجِعه القهقرَى في فِكره وسلوكِه، فعن حذيفةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تُعرَضُ الفِتنُ على القلوبِ كالحصير عودًا عودًا، فأيّ قلبٍ أُشرِبَها نكتت فيه نكتة سوداء، وأيّ قلبٍ أنكَرَها نُكتت فيه نكتةٌ بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيضَ مثلِ الصّفا، فلا تضرّه فتنةٌ ما دامت السموات والأرض، والآخر أسودُ مربادًّا كالكوز مجخِّيًا، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلاّ ما أُشرِب من هواه" (أخرجه مسلم 144).
ويقول رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-: "بادِروا بالأعمالِ فِتنًا كقِطَع الليل المظلم، يصبِح الرجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا؛ يبيع دينَه بعَرَضٍ من الدنيا زائل" (أخرجه مسلم 118).
أيّها المسلمون، طوبى للثّابت على دينه، الجارِي على سَننِه وأحكامه، الماضي على مَراسِمه وأعلامه، لا يتركه لغلَبة العوائد ولا لشوائبِ المحدَثاتِ الزوائد، فعن أبي ثعلبةَ الخشَني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنّ من ورائكم أيّامَ الصبر، الصبرُ فيه مثلُ قبضٍ على الجمر، للعامل فيهم أجرُ خمسين رجلاً يعمَلون مثلَ عمله"، قيل: يا رسول الله، أجر خمسين منهم؟ قال: "أجر خمسين منكم" (أخرجه أبو داود 4348 وصححه الألباني).
فادّرِعوا بصِدق الانقياد، وتيقَّظوا من الغفلةِ والرّقاد، واسلكوا سبيلَ الرَّشاد، وحاذروا سبيلَ الكِبر والعِناد، وتأهّبوا بخير الزادِ ليوم المعاد، وجرِّدوا المتابَعَة، واصدُقوا في الموافقة لما كان عليه رسولُ الله وصحابتُه الكرام، تنجوا من الشقاء، وتسلَموا من البلاء.
يا عبدَ الله، يا مَن اختار النقيصةَ وتسربَلَ بالدنيَّة وتنطَّق بالخِزي، مَا لك على غَيِّك مُصِرًّا وفي معاصيك مستمِرًا؟! أما تخاف السابِقة؟! أما تحذَر سوءَ الخاتمة؟! احذَر من أوعَدَ وهدّد وأنذَر وشدَّد وتوعَّد بذُلِّ سَرمد، احذَر أن تُذادَ عن حوض النبيّ محمّد -صلى الله عليه وسلم-، فعن أسماءَ بنتِ أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله قال: "إني على الحوض، أنتظرُ من يرِد عليّ منكم، وسيؤخَذ أناسٌ دوني، فأقول: يا ربّ يا رب، منِّي ومن أمّتي، فيقال: هل شعرتَ بما عمِلوا بعدك؟! والله ما برِحوا يرجعون على أعقابهم، إنهم ارتدّوا على أدبارِهم القهقرى، فأقول: سُحقًا سُحقًا لمن بدّل بعدي" (صحيح البخاري 6593). فيا خسارةَ من عَصاه، ويا ويلَ من لم يستقِم على هُداه.
أيّها المسلمون، عجبًا لقلبٍ عند ذِكر الحقِّ غيرِ خاشع، عجبًا لعينٍ لا تسكُب المدامِع، عجبًا لنفسٍ لا ترعوِي وتراجِع، فاسترحِم مولاك ضارعًا، وتُب إليه مُسارِعًا، ادعُه راَغِبًا وراهبًا، من خَشيَ الله لم ينَله أذًى، ومن رَجا الله كان حَيثُ رجا.
فالبِدار البدار، والنّجاء النجاء، فإن الثواءَ قليل، وما بعده إلاّ الرحيل، ومن لم ينفَعه حاضرُه فعازِبُه عنه أعوَز وغائِبه عنه أعجَز، (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المنافقون:11].
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنّة، ونفعني وإيّاكم بما فيهما من البيّنات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله على إِحسانه، والشّكر له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهَد أنّ محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانِه، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابه وإخوانه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون اتّقوا الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
أيّها المسلمون، لقد كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- شفيقًا بأمّته رءوفًا رحيمًا بهم، يخشَى عليهم من الذلِّ والهوان، ويخاف عليهم من الخطيئةِ والعصيان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما مَثَلي ومَثل أمتي كمَثَل رجلٍ استوقَدَ نارًا، فلما أضاءت ما حَولَها جعل الفراشُ وهذه الدوابّ التي في النار يقَعنَ فيها، وجعل يحجِزها ويغلِبنَه فيتقحَّمن فيها، فذلكم مثلي ومثلُكم، أنا آخذٌ بحُجَزكم عن النار، هَلُمّ عنِ النار، هَلُمَّ عنِ النار، فتغلِبوني تَقَحَّمون فيها" (أخرجه مسلم2284).
وعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مثلي ومَثَلُ ما بعَثني الله كمثَل رجلٍ أتى قومًا فقال: رأيتُ الجيشَ بعينيّ وإنّي أنا النذيرُ العريان، فالنجاء النجاء، فأطاعته طائفةٌ فأدلَجوا على مَهلِهم فنجَوا، وكذّبته طائفةٌ فصَبَّحهم الجيشُ فاجتاحَهم" (أخرجه البخاري 6482).
وعنه رضي الله عنه عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مثلُ ما بَعثني الله به من الهدَى والعِلم كمثَل الغيثِ الكثير أصابَ أرضًا، فكان منها نقيَّةٌ قبِلت الماءَ فأنبَتَت الكلأ والعُشبَ الكثير، وكانت منها أجادبُ أمسكتِ الماء فنَفع الله بها الناسَ فشرِبوا وسَقَوا وزرَعوا، وأصابَت منها طائفة أخرى إنما هِي قيعان، لا تمسِك ماءً ولا تنبِت كَلأً، فذلك مَثَل من فَقه في دين الله ونَفَعه ما بعثني الله به فعلِم وعلَّم، ومثل من لم يرفَع بذلك رأسًا ولم يقبَل هُدى الله الذي أُرسِلت به" (صحيح البخاري 79).
فاتّقوا الله عبادَ الله، وكونوا ممّن آمن بربِّه حقَّ الإيمان وأسلَم، وفوّض أمرَه إلى الله وسلَّم، وانقادَ لأوامره واستسلَم، فقد أسال عليكم من وابِلِ الآلاء، وأنزَل عليكم من وَبيل اللأواء، وأسبَل عليكم من جميلِ الغِطاء وواسِع العَطاء ما يوجِب الخجَل منه والحياء، (وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [التوبة:105].
واعلموا أنّ الله أمَركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكتِه المسبّحة بقدسه، وحثكم أيّها المؤمنون من جنِّه وإنسه، فقال قولاً كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ على النبيِّ المصطفى المختار، اللهمّ صلِّ عليه ما أزهرتِ الأشجار، اللهمّ صلِّ عليه ما غرّدتِ الأطيار، اللهمّ صلّ عليه ما هطلت الأمطار وسالت العيونُ والآبار، اللهمّ صلّ عليه وعلى المهاجرين والأنصار، وعلى جميع الآل والصحب الأخيار...