البحث

عبارات مقترحة:

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

المحيط

كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

وجعل بينكم مودة ورحمة

العربية

المؤلف هلال الهاجري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات القرآن الكريم وعلومه - الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. وقفة عند قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) .
  2. وقفة عند قوله تعالى: (لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) .
  3. وقفة عند قوله تعالى: (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) .
  4. الوصية بالزوجات .

اقتباس

ثُمَّ قالَ سبحانَه وتعالى في العاطفةِ التي جعلَها بينَ الأزواجِ: (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)، وذلكَ أنَّ كلَّ علاقةٍ بينَ اثنينِ فإنَّها إمَّا أن تكونَ قائمةً على المودةِ والحبِّ أو تكونَ قائمةً على الرَّحمةِ والعطفِ، وقد جمعَ اللهُ -تعالى- للزَّوجينِ كِلتا العاطفتينِ لتقويةٍ هذا الرَّباطِ الشديدِ، والميثاقِ الغليظِ؛ فما أحكمَه سبحانَه...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أَمَّا بَعْدُ: اسمعوا معي لهذه الآيةِ: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم:21].. عجباً من هذا البيانِ القرآني البديعِ، الذي تتفجَّرُ منه البلاغةُ أنهاراً وينابيعَ، وانظرْ إلى نعمةِ اللهِ -تعالى- على البَشرِ بالزَّواجِ، كيفَ اختصرَها بكلماتٍ رقيقةٍ كالزُّجاجِ؛ فتعالوا لنقفَ مع هذه الآيةِ العظيمةِ، لنتأملَ بعضَ آلائه العميمةِ، ولتعرفَ قدرَ زوجتِك الكريمةِ.

(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا)، يقولُ ابنُ كثيرٍ -رحمَه اللهُ- في تفسيرِه: "وَلَوْ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ بَنِي آدَمَ كُلَّهمْ ذُكُورًا، وَجَعَلَ إِنَاثَهمْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِهمْ؛ إِمَّا مِنْ جَانٍّ أَوْ حَيَوَانٍ - لَمَا حَصَلَ هَذَا الِائْتِلَافُ بَيْنهمْ وَبَيْن الْأَزْوَاجِ، بَلْ كَانَتْ تَحْصُلُ نُفْرَةً لَوْ كَانَتْ الْأَزْوَاجُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ"، فخلقَ سبحانَه الأزواجَ من جنسٍ واحدٍ متوافقينَ في الخِلقةِ، وجعلَ لكلِ نوعٍ صفاتٍ يحتاجُها الآخرُ؛ فللمرأةِ الرِّقةُ واللِّيونةُ، وللرَّجلِ القُوَّةُ والخُشونةُ، فهي تفرحُ بقوتِه ورجولتِه، وهو يفرحُ بنعومتِها وأُنوثتِها، فيحدثُ التَّكاملُ الذي أرادَه الرَّحيمُ الرَّحمنُ، ويحصلُ التَّكاثرُ في بَني الإنسانِ.

فالرَّجلُ محتاجٌ للمرأةِ، والمرأةُ محتاجةٌ للرَّجلِ، مع الاختلافِ بينَهما؛ كما قالَ تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى)[آلعمران:36]؛ فهما آيتانِ من آياتِ اللهِ -تعالى- الجميلةِ، مُختلفتانِ، ولكنَّما ضَرورتانِ مُتكاملتانِ؛ كتكاملِ الليلِ والنَّهارِ، وكتتابعِ الشَّمسِ والقمرِ، (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) [فصلت:37]؛ فلا يُمكنُ لأحدٍ أن يُساوي بينَ اللَّيلِ والنَّهارِ، ولا بينَ الشَّمسِ والقمرِ، وكذلكَ لا يُمكنُ لأحدٍ أن يُنكرَ فضلَ أحدِهما على النَّاسِ.

ثُمَّ ذكرَ سبحانَه الغرضَ الذي من أجلِه خلقَ الزَّوجاتِ، فقالَ تعالى: (لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)؛ فالزَّوجةُ سكنٌ لزوجِها بما في قلبِها من العطفِ والحنانِ؛ فكما أنَّه يأوي إلى بيتِه بعدَ يومٍ طويلٍ من المشقةِ والتَّعبِ للرَّاحةِ البدنيةِ، فكذلكَ يأوي إلى زوجتِه بعدَ يومٍ طويلٍ من الهمِّ والقلقِ للرَّاحةِ النَّفسيةِ.

فما أجملَ الحياةَ عندما تكونُ لكَ زوجةٌ صالحةٌ، تنتظرُ قدومَك بفارغِ الصَّبرِ، ولسانُ حالِها يقولُ:

شوقي إليكَ وأنتَ تَدخُلُ عُشَّنا

شوقٌ يَدومُ على مَدى الآمادِ

قلبي الذي يُملي السُّطورَ بنبضِهِ

والروحُ قد سَعِدتْ بذا التِّردادِ

بالشَّوقِ والحُبِّ الذي فاضتْ بهِ

صارتْ تُبينُ عن الهوى الوقَّادِ

تخيَّلْ لو أنَّ رجلاً رجعَ إلى بيتِه وقد أنهكَه العملُ، فلم يجدْ بيتَه فجلسَ في العَراءِ؛ فلا مأوى ولا راحةَ ولا أمانَ، كيفَ يكونُ حالُه؟! ومتى يذهبُ تعبُه؟! .. وكذلك من رجعَ إلى بيتِه فلم يجدْ زوجتَه، فجلسَ في العراءِ النَّفسي؛ فلا حُبَّ ولا عطفَ ولا حنانَ، فهذا أعظمُ خسارةٍ، وأشدُّ تَعباً، ولذلكَ فإنَّ من دعا إلى إخراجِ المرأةِ من بيتِها فقد ارتكبَ جريمةً كبيرةً في حقِّ الأزواجِ والأبناءِ؛ فهي عمادُ البيتِ الذي يسكنُ إليهِ الزَّوجُ، ويأوي إليه الأولادُ؛ فكيفَ سيكونُ البيتُ لو أُخرجَ العِمادُ.

الأُمُّ مَـدْرَسَــةٌ إِذَا أَعْـدَدْتَـهَـا

أَعْـدَدْتَ شَعْبـاً طَيِّـبَ الأَعْـرَاقِ

مَن لي بِتَربِيَةِ النِّساءِ فَإِنَّها

في الشَّرقِ عِلَّةُ ذَلِكَ الإِخفاقِ

يعرفُ هذا الكلامَ جيِّداً من اعتادَ على وجودِ زوجتِه في بيتِها، ثُمَّ رجعَ يوماً فلم يجدْها أو سافرَ وفقدَها؛ فأيُّ شُعورٍ سيكونُ في قلبِ ذلكَ المسكينِ، وهو يرى البدنَ قد آوى إلى مسكنِه، ولكنَّ القلبَ هائمٌ على وجهِه يبحثُ عن مسكنٍ يدخلُ فيه، أو عُشٍّ يأوي إليه، فلا يجدُ.

واسمعوا إلى هذه الأبياتِ للحافظِ ابنِ حجرٍ -رحمَه اللهُ تعالى- عندما سافرَ في طلبِ العلمِ وتركَ زوجتَه ليلى الحلبيةَ في بلدِه:

رَحلتُ وخلَّفتُ الحبيبَ بدارِه

برُغمي ولم أَجنح إلى غيرِه مَيْلا

أُشاغلُ نَفسي بالحديثِ تَعلُّلًا

نَهاري وفي ليلي أَحِنُّ إلى ليلى

ثُمَّ قالَ سبحانَه وتعالى في العاطفةِ التي جعلَها بينَ الأزواجِ: (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)، وذلكَ أنَّ كلَّ علاقةٍ بينَ اثنينِ فإنَّها إمَّا أن تكونَ قائمةً على المودةِ والحبِّ أو تكونَ قائمةً على الرَّحمةِ والعطفِ، وقد جمعَ اللهُ -تعالى- للزَّوجينِ كِلتا العاطفتينِ لتقويةٍ هذا الرَّباطِ الشديدِ، والميثاقِ الغليظِ؛ فما أحكمَه سبحانَه!.

وإنكَ لتعجبُ وأنتَ ترى اثنينِ لا يعرفُ أحدُهما الآخرَ سنينَ عدداً، مُتجاهِلينِ، مُختلفينِ، قد عاشَ كلٌّ منهما حياةً مُختلفةً، وطبائعَ مُختلفةً، وعاداتٍ مُختلفةً، لا عاطفةً بينهما ولا مَعرفةً، فإذا حصلَ الزَّواجُ ألقى اللهُ -تعالى- في قلوبِهما المودةَ والرَّحمةَ، وصدقَ اللهُ -تعالى-: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

فتجدُ في حالِ الصِّحَّةِ والشَّبابِ تتَجلَّى علاقةُ الحُبِّ والمودَّةِ بينَ الزَّوجينِ؛ لأنَّ كُلاًّ منهما يَعيشُ في رَبيعِ العمرِ، والحُبُّ يُنعشُ هذه العلاقةَ ويُقوِّيها، وأما في حالِ الكِبرِ والضَّعفِ تتجلَّى علاقةُ الرَّحمةِ؛ لأنَّ ضَعفَ الصِّحَّةِ في الشَّيخوخةِ يَجعلُ الإنسانَ بحاجةٍ إلى رحمةِ الآخرينَ وشفقتِهم، وأَقربُ النَّاسِ إلى الزَّوجِ زوجتُه، وأقربُ النَّاسِ إلى الزوجةِ زوجُها، فيرحمُ كلٌّ منهما صاحبَه.

ويكذبُ عليكَ من يقولُ أنَّ كلَّ البيوتِ قائمةٌ على الحبِّ فقط، بل قيامُها على الرَّحمةِ أقوى وأشدُّ، يقولُ ابنُ القيِّمِ -رحمَه اللهُ-: "تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ رَأَى بِهَا الْجُدَرِيَّ، فَقَالَ: اشْتَكَيْتُ عَيْنِي، ثُمَّ قَالَ: عَمِيتُ، فَبَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً مَاتَتْ، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ بَصِيرٌ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: كَرِهْتُ أَنْ يُحْزِنَهَا رُؤْيَتِي لِمَا بِهَا".

وهذا رجلٌ قد تجاوزَ الثَّمانينَ من عُمرِه، تُزيلُ الممرضةُ بعضَ الغُرزِ من إبهامِه وذَكرَ أنَّه في عَجلةٍ من أمرِه؛ لأنَّه لديه موعدٌ في التَّاسعةِ، فسألتْهُ: إذا كانَ موعدُه مع طبيبٍ، فأجابَ: لا، لكنِّي أذهبُ لدارِ الرِّعايةِ لتناولِ الإفطارِ مع زوجتي، فسألتْهُ: لماذا زوجتُكَ في دارِ الرِّعايةِ؟، فقالَ: بأنَّها هناك منذ فترةٍ؛ لأنَّها مُصابةً بالزَّهايمرِ، فسأَلتْهُ: وهل ستقلقُ زوجتُك لو تأخرتَ عن الموعدِ قَليلاً؟، فأجابَ: إنِّها لا تستطيعُ التَّعرفَ عليَّ منذُ خمسِ سنواتٍ مَضتْ، فقالتْ له مُندهشةً: ولازلتَ تذهبُ لتناولِ الإفطارِ معها كلَّ صباحٍ على الرغمِ من أنها لا تعرفُ من أنتَ؟، فابتسمَ الرَّجلُ فقالَ: هي لا تعرفُ من أنا، ولكنِّي أعرفُ من هيَّ.

أستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِّ ذَنبٍ وخَطيئةٍ، فاستغفِروه إنَّ ربي كانَ غفورًا رحيمًا.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ العلِيِّ الكبيرِ، خلقَ فأحسنَ التَّقديرَ، ودبَّرَ فأحسنَ التَّدبيرَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له شهادةً نرجُو بها العفوَ والغُفرانَ والنجاةَ من عذابِ السَّعيرِ، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدنَا محمدًا عبدُه ورسولُه البشيرُ النذيرُ، والسِّراجُ المُنيرُ، صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ:

فيا أيُّها الأزواجُ: استوصوا بزوجاتِكم خيراً، استوصوا بسَكنِ قلوبِكمُ، وقد يسَّرَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- لكم هذا بِما جعلَ بينكم من المودةِ والرَّحمةِ، وكلما طالتْ العِشرةُ كلما قَويتْ العلاقةُ والعاطفةُ، ولا يعلمُ قَدرَ الألمِ النَّفسيِّ الذي تُعانيه الزَّوجةُ من هَجرِ زوجِها لها في الكِبرِ بسببِ ذهابِ شبابِها أو بسببِ الزَّواجِ عليها إلا اللهُ -تعالى-.

واسمعْ إلى وفاءِ رسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- لزوجتِه حتى بعدَ وفاتِها، فتقولُ عائشةُ رضيَ اللهُ عنها: كَانَ النَّبِيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ، قَالَتْ: فَغِرْتُ يَوْما،ً فَقُلْتُ: مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِهَا خَيْراً مِنْهَا، قَالَ -مع حُبِّه لعائشةَ وحرصِه على مراعاةِ شُعورِها-: "مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- خَيْراً مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاء".

واقضوا مع زوجاتِكم أسعدَ الأوقاتِ، وأجملَ اللَّحظاتِ، قبلَ أن يُفرِّقَ بينكما المماتُ، واسمعوا إلى يحيى الأندلسيِّ يُوصي ابنَه عِندَ موتِه بأبياتٍ ليدفنَه بجانبِ زوجتِه التي ماتتْ قبلَه ولكنَّها لم تَغبْ عن خيالِه:

إذا مِتُّ فادفني حِذاءَ خَليلتي

يُخالطُ عَظمي في التُّرابِ عِظامَها

ورتِّبْ ضَريحي كيفما شاءَه الهَوى

تَكونُ أمامي أو أكونُ أمامَها

اللهمَّ يا حيُّ يا قيومُ يا ذَا الجلالِ والإكرامِ، باركْ لنا في أزواجِنا وذرياتِنا، اللهم باركْ لنا في أموالِنا وفي أوقاتِنا، اللهم وباركْ لنا في صِحتِنَا وعافيتِنا، واجعلْنَا مبارَكِينَ أينما كنَّا، اللَّهُمَ قَنِّعْنِا بِمَا رَزَقْتَنَا، وَبَارِكْ لنا فِيهِ، اللهم مَتِّعْنَا بأسماعِنا، وأبصارِنا، وقُوَّتِنا ما أَحييتَنَا، اللهم أصلحْ قلوبَنَا وأعمالَنَا وأحوالَنَا.

اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، اللهمَّ ارفعِ البلاءَ عن المستضعفينَ مِن المسلمينَ في كلِّ مكانٍ، اللهمَّ احقِنْ دِماءَ المسلمينَ، واحفظْ عليهِم دينَهُم وأَمنَهُم وأعرَاضَهُم وأمَوالَهُم يا ربَّ العالمينَ، اللهم اكْفِنَا والمسلمينَ شرَّ الأشرارِ وكيدَ الفجارِ، اللهم ولِّ على المسلمين خيارَهُم واكْفِهِمْ شِرارَهُم يا ربَّ العالمينَ.

اللهم آمِنَّا في الأوطانِ والدورِ، واصرفْ عنَّا الفتنَ والشرورَ، وأصلحْ لنا الأئمةَ وولاةَ الأمورِ، اللهمَّ وفقْ ولاةَ أمرِنا بتوفيقكِ وأيّدهُم بتأييدِكَ واجعلْهُم مِن أنصارِ دِينِكَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ، اللهم ارْزقهُم بطانةَ الصلاحِ وأهلِ الخيرِ، وأَبعِدْ عَنهُم أهلَ الزيغِ والفسادِ، اللهم مَن أرادَنَا وأرادَ دينَنَا وبلادَنا بسُوءٍ اللهمَّ فأَشْغِلْه بنفسِه واجعلْ كَيدَه في نَحرِه واجعلْ تدبِيرَه تَدميراً عليه يا ربَّ العالمين.

اللهمَّ اغفرْ لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياءِ منهم والأمواتِ إنَّكَ سَميعٌ قَريبٌ مُجيبُ الدَّعَواتِ.