البحث

عبارات مقترحة:

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

المؤمن للمؤمن كالبنيان

العربية

المؤلف محمد بن سليمان المهوس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الحديث الشريف وعلومه - التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. ضرب الأمثال في السنة النبوية وسيلة دعوية تربوية .
  2. الرابطة الإيمانية أقوى الروابط .
  3. أهم حقوق الأخوة الإيمانية. .

اقتباس

فَالْمُؤْمِنُ لاَ يَسْتَقِلُّ بِأُمُورِ دِينِهِ وَلاَ بِأُمُورِ دُنْيَاهُ، وَلاَ تَقُومُ مَصَالِحُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ إِلاَّ بِالْمُعَاوَنَةِ، وَالْمُعَاضَدَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِخْوَانِهِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ هَذَا، وَانْشَغَلَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُؤْذِنٌ بِتَفَكُّكِ هَذَا الْبُنْيَانِ وَالْكِيَانِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ، وَضَيَاعِ مَجْدِهِ.

الخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: رَوَىَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِيِ صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ".

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي هَذَا الحَدِيثِ الشَّرِيفِ يُبَيِّنُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَقْصُوُدَ بِضَرْبِ الأَمْثَالِ: وهو أُسْلُوبٌ يسْتَخْدَمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تَعْلِيمِ وَتَرْبِيَةِ أَصْحَابِهِ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ- فِي أَحْدَاثٍ وَمَوَاقِفَ مُتَعَدِّدَةٍ، لِمَا يَحْمِلُهُ مِنْ سُرْعَةِ إِيصَالِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ، وَالَّذِي مِنْ خِلاَلِهِ تُغْرَسُ فِي النَّفْسِ الْقِيمَةُ التَّرْبَوِيَّةُ، وَيَسْتَقِرُّ فِي الْعَقْلِ الْمَعْنَى الْمَطْلُوبُ.

وَالأَمْثِلَةُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ كَثِيرَةٌ، نَذْكُرُ مِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيِثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟" قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ: "فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا".

وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ".

وَمِنْهَا حَدِيثُنَا هَذَا "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ"؛ أَيْ: أَنَّ الْعَلاَقَةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ هِيَ عَلاَقَةُ تَكَامُلٍ وَتَعَاضُدٍ وَتَرَابُطٍ، كَالْبُنْيَانِ وَفِي هَذَا تَصْوِيرٌ حِسِّيٌّ وَتَوْضِيحٌ لِهَذَا الْمَعْنَى بِصُورَةٍ حَيَّةٍ ظَاهِرَةٍ، يُدْرِكُهَا كُلُّ أَحَدٍ، فَالْمُؤْمِنُ فِي عَلاَقَتِهِ بِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَعَلاَقَةِ الْبُنْيَانِ بَعْضُهُ بِجَانِبِ بَعْضٍ، وَيَشُدُّ كُلٌّ مِنْهَا الآخَرَ، وَلاَ يُسَمَّى الْبُنْيَانُ بُنْيَانًا إِلاَّ إِذَا تَمَاسَكَ وَتَرَابَطَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَالْمُؤْمِنُ لاَ يَسْتَقِلُّ بِأُمُورِ دِينِهِ وَلاَ بِأُمُورِ دُنْيَاهُ، وَلاَ تَقُومُ مَصَالِحُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ إِلاَّ بِالْمُعَاوَنَةِ، وَالْمُعَاضَدَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِخْوَانِهِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ هَذَا، وَانْشَغَلَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُؤْذِنٌ بِتَفَكُّكِ هَذَا الْبُنْيَانِ وَالْكِيَانِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ، وَضَيَاعِ مَجْدِهِ.

فَهُوَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَهُ بِاللَّفْظِ "كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا"، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ عَمَلِيًّا بِالتَّشْبِيكِ بَيْنَ أَصَابِعِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

فَتَحْقِيقُ الأُخُوَّةِ الإِيمَانِيَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَشْرُ الْمَوَدَّةِ فِي مُجْتَمَعَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَعْظَمِ أُصُولِ الإِيمَانِ، قَالَ -جَلَّ وَعَلاَ-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الحجرات:10]؛ فَقَدْ سَمَّى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ إِخْوَةً لِمَا بَيْنَهُمْ مِنْ رَابِطَةِ الدِّينِ وَالعَقِيدَةِ، ولا شك أن رَابِطَةَ العَقِيدَةِ أَقْوَى رَابِطٍ، وَبَيَّنَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الطَّرِيقَ إِلَى مُقَوِّمَاتِ الأُخُوَّةِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

فَالْمُؤْمِنُ خَيْرَ مُعِينٍ لأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ فِي تَقْوِيَتِهِ وَإِعَانَتِهِ وَنُصْرَتِهِ، وَإِكْمَالِ نَقْصِهِ، يُسَاعِدُهُ إِذَا احْتَاجَ، وَيَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ، وَيُفَرِّجُ عَنْهُ وَيُعِينُهُ إِذَا ضَاقَتْ بِهِ الْكُرُوبُ وَالْمِحَنُ وَالابْتِلاَءَاتُ.

وَكُلَّمَا كَانَتْ مَعَانِي الأُخُوَّةِ وَالإِيمَانِ حَيَّةً فِي النُّفُوسِ، كُلَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الرَّوَابِطُ أَقْوَى، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرَكُوا كُلَّ شَيْءٍ لإِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَهَذَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَأْتِي مِنْ مَكَّةَ لَيْسَ مَعَهُ إِلاَّ إِزَارُهُ، فَيُؤَاخِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ سَعْدٌ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: "بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ" لِيَبِيعَ وَيُشْتَرَيَ وَيَتَكَسَّبَ.

وَاِعْلَمُوا -عِبَادَ اللهِ -أَنَّ لِلْأُخُوَّةِ الإِيمَانِيَّةِ حُقُوقٌ مِنْها: الْحُبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللهِ: قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإيمَانَ"(وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ). فَتُحِبُّ الْمُسْلِمَ للهِ -تَعَالَى-، وَلَيْسَ لأَجْلِ مَصْلَحَةٍ شَخْصِيَّةٍ دُنْيَوِيَّةٍ ، وَمَكَاسِبَ شَخْصِيَّةٍ ، أَوْ حِزْبِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

وَمِنْ حُقُوقِ الأُخُوَّةِ الإِيمَانِيَّةِ: قَضَاءُ حَاجَةِ أَخِيكَ المُسْلِمِ، وَتَفْرِيِجُ كُرْبَتِهِ، وَسَتْرُ عُيُوبِهِ، وَتَجَنُّبُ ظُلْمِهِ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ؛ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

فَاتَّقُوْا اللهَ – عِبَادَ اللهِ – وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ، وَاحْذَرُوا التَّفَرُّقَ وَالاِخْتِلَافَ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالْحِكْمَةِ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى-، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ حُقُوقِ الأُخُوَّةِ: التَّنَاصُحُ بَيْنَهُمْ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[التوبة:71].

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيِثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-).

وَعَنْ جَرِيرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: "بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

وَمِنْ أَعَزِّ النَّصَائِحِ وَأَعْظَمِهَا وَأَوْجَبِهَا: مَا تَتَعَلَّقُ بِمَوْضُوعِ الْعَقِيدَةِ وَمَنْهَجِ الْوَسَطِيَّةِ وَالاِعْتِدَالِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْبِدَعِ وَالْغُلُوِّ وَالتَّطَرُّفِ فِي الدِّينِ، لاَسِيَّمَا وَنَحْنُ فِي هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي كَثُرَتْ فِيهِ الشُّبُهَاتُ وَالْبِدَعُ والجماعات والأحزاب.

فَاتَّقُوْا اللهَ – عِبَادَ اللهِ – وَكُونُوا مَعَ إِخْوَانِكُمْ كَالبُنْيَانِ المَرْصُوصِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، وَقَالَ -‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).