النصير
كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...
العربية
المؤلف | حمزة بن فايع آل فتحي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصيام |
لنشرح صدورنا بإطعام الجائعين، وتفطير الصائمين، وكم في الأمة من فقراء، وكم في الناس من أيتام، نلتمسهم في هذا الشهر، وفقنا جميعا لحسن العمل، وطيب الخصال...
الخُطْبة الأُولَى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن محمدا عبده يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبً)[النساء:1]، أما بعد:
أيها الناس: هل مللنا رمضان حتى يقِل نشاطتنا، وهل سبقنا منه حتى تعود مساجدنا كما كانت قبل رمضان ! أوشك الثلث الأول على التمام،.. فقلت الهمم، وتقاعس الصالحون لماذا كل ذلك؟!
هل ضمِنا الجنة، هل محيت الخطيئات، وهل تحقق لنا المغفرة، حتى بدا الكسل والخمول في بعضنا، ليس ذلك بمسلك أهل الإيمان، الذي عرفوا رمضان وعاشوا خيراته؛ "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة"، أبواب الجنة مفتوحة ترفرف، تبحث عن طلابها وأحبابها في مدة قليلة، أيام معدودات.
فهل فكرنا في هذه الأيام المعدودات، وما قد يتبعها من خاتمة سيئة إذا ضيعناها؛ جاء في مستدرك الحاكم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "رغِمَ أنفُ ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، من أدركه رمضان ثم انسلخ؛ فلم يُغفر له"، أي: التصق أنفه بالتراب كناية له عن الهوان والخسارة اللاحقة.
ما ينبغي لنا -أيها مسلمون- التكاسل، والتقاعس، وقد علمنا فضل هذا الشهر، إنه يجب علينا حتى ندفع الملل والكسل:
أولاً: أن نستشعر فضائل هذا الشهر، وأن نذكر أنفسنا بها في مجالسنا وزياراتنا، وأن نتواصى بالخير ونتواصى بالصبر.
ثانياً: أن نستعين الله على الخيرات في هذا الشهر، وأن نسأله متضرعين أن يقويهم منا، ويلهب عزائمنا، لاستغلال رمضان، وعمارته بما يدفع دنيا وأخرى.
ثالثاً: أن نجاهد أنفسنا في الخير، ونستغل كل فرصة سانحة، للعمل والجد، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)[العنكبوت: 69].
رابعا: ليحرص المسلم على تنويع الخير في رمضان، وأن يأخذ نفسه بالتدبير والتشويق، وأن يتلمس أوقات الانشراح والنشاط، ليضاعف العمل والمسارعة.
خامساً: الاستغناء عن كل ما قد يسبب غفلة القلب، أو ضعف النفس من المعاصي والأخطاء.
عباد الله: جدّدوا حب رمضان في قلوبكم، وسلوا الله العون والتوفيق، ومُروا إخوانكم وأبناءكم بالعمل واستغلال الساعات، وذروكم الكسل والتغافل؛ (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)[العصر: رقم 3].
واستشعروا -عباد الله- أنكم في أجل الشهور وأعظهما عند الله تعالى، وأن الحسنة فيه مضاعفة مباركة، جاء في الحديث "كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم، فإنه لي وأنا أَجزي به".
وقال -تعالى- (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)[الزمر: 10].
والصابرون هم الصائمون، وفي ارتباط الصوم بالصبر معنى يفيد أن الصائم القانت يحتاج إلى مزيد من الصبر والتحمل، ليرتقي صومه، ويصح توجهه، ويعظم خيره وتدينه، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "ومن يتصبّر يصبره الله".
أيها الإخوة: لنشرح صدورنا بإطعام الجائعين، وتفطير الصائمين، وكم في الأمة من فقراء، وكم في الناس من أيتام، نلتمسهم في هذا الشهر، وفقنا جميعا لحسن العمل، وطيب الخصال إنه جواد كريم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله……
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه…
إخوة الإٍسلام: من بركات هذا الشهر أنه شهر الدعاء، فهو موسم لإجابة الدعوات، وإقالة العثرات؛ فيا من يرجو رحمة الله، ويسأله نعمه، وأفضاله، انطرحْ بين يدي الله، وسله ما تشاء ، جاء في مسند أحمد بسند جيد من حديث جابر رضى الله عنه، قال-صلى الله عليه وسلم-: "لكل مسلم دعوةٌ مستجابة في رمضان".
وصحت الأحاديث أن هذه الدعوة عند الإفطار؛ فإذا دنا المغيب، تضرع إلى الله، وابتهل بأذكار المساء، وادع ربك بكل طمع وخشية، وسله صلاح القلب، وزكاة النفس، والإعانة على العمل، والبركة في الزوجة والأبناء، وفلاح المسلمين.
ولا تنسى الدعاء للمسلمين في كل مكان؛ فإن الله أمر عباده بالدعاء؛ كما في قوله: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)[غافر: 60]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الدعاء هو العبادة".
فجدوا -أيها مسلمون- في الدعاء، والتمسوا جوامعه وساعاته، كأدبار الصلوات، والسجود، وبين الأذان والإقامة، والسَّحر، وساعة الجمعة وأشباهها، فإنها أوقات مباركة، وفي رمضان تعظم وتتبارك، فضلا من الله ونعمة.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين وأصلح بفضلك أحوال عبادك المؤمنين.
وصلوا وسلموا على الرسول الأمين وخاتم النبيين حيث أمركم ربكم في الكتاب المبين؛ فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].