البحث

عبارات مقترحة:

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

البارئ

(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...

المولى

كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...

حق النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته (2)

العربية

المؤلف ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات العقيدة
عناصر الخطبة
  1. أهمية حقوق النبي -عليه الصلاة والسلام- ومعرفتها .
  2. الإيمان به والتصديق برسالته من أعظم الحقوق .
  3. توقيره واحترامه والاعتراف بفضله .
  4. تعظيم شرعه وتقديم محبته .
  5. كثرة الصلاة عليه وطاعته واتباعه .
  6. معينات للقيام بحق النبي -عليه الصلاة والسلام-. .

اقتباس

ومن حقوقه -عليه الصلاة والسلام-: تعظيمُ شرعِه والتزام سُنّتِه، فما عظّمَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلمَ- ولا وَقرَه من يَعْترضُ على شرعِه وحُكمِه، فعن أبي رافع عن النبي -صلى الله عليه وسلمَ- قال: "لا ألْفِيَنَّ أحدَكم مُتّكِئًا على...

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصلحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المؤمنون: لا زال الحديث عن حقوق النبي -صلى الله عليه وسلمَ-، التي هي أعظمُ حقوق المخلوقين قدراً، وأجلها مكانة، وأرفعُها شأناً؛ فلا حق لمخلوق أعظمُ من حق رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ-.

إنه الحق الذي أوجبه الله -تعالى- على عباده، وجعله أصلا من أصول الدين، وأساسَا تبنى عليه أركانه، فذلك ما تقتضيه الشهادتان؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؛ فواجب على كل من ينطق بهذه الشهادة، ويَدِينُ لله -تعالى- بهذا الدين، أن يُحيط بحقوق رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- معرفة وعلمًا، ويلتزم بها اعتقادًا وقولًا وعملًا.

وإن من أعظم الحقوق لرسول الله وأولاها: الإيمانُ الصادق به، والتصديق بنبوّته ورسالته، مع ما يقتضيه ذلك من شهادة باللسان، وطاعة واتباع؛ فذلك مما أمر الله به عباده فقال: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[الأعراف: 158].

إن توقيره -صلى الله عليه وسلمَ- واحترامه حق على الأمة؛ فذلك مما أمر الله به، وجعله طريقًا إلى الفلاح، فقال -سبحانه-: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[الأعراف: 157].

ولقد أمرَ الله بتوقير نبيه -صلى الله عليه وسلمَ- واحترامه في حياته، بحُسْنِ الأدَب معه في مجلسه وعند مخاطبته، ونهى عن أذيته ومخالفته، فقال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ* إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الحجرات: 1- 5].

كما أوجب الله -تعالى- على هذه الأمة أن توقرَه وتحترمَه بعد وفاته، عند ذِكره وذكر حديثه وسنته، وسماع اسمه وسيرته؛ فهو سيدنا وإمامنا وقدوتنا، فمِنْ حقه علينا أن نوقر اسمه وقبرَه، وحديثه وشرعَه وسيرتَه، فلا نذكرُ اسمه مجردًا كما يَذكرُ بعضنا بعضًا؛ فقد قال -سبحانه- آمرًا لنا: (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا)[النور: 63].

ولا نرفعُ أصواتنا ولا نسيءُ الأدبَ في مسجده وعند قبره، فعن السائب بن يزيد قال: "كنتُ قائمًا في المسجد فحصَبَنِي رجلٌ، فنظرت فإذا عمرُ بن الخطاب، فقال: اذهَبْ فائتني بهذين، فجئتُه بهما، فقال: مَن أنتما؟ أو مِن أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتُما من أهل البلد لأوجعتُكما؛ تَرفعان أصواتَكما في مسجدِ رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ-؟".

وقد كان سَلفنا الصالحُ خير أسوة لنا في توقير النبي -صلى الله عليه وسلمَ- واحترامه؛ فلقد عرفوا فضلَه وقدْرَه؛ فآمنوا به وأحَبّوه، وصدّقوه وأطاعوه، وَوَقروه وعَزّروه؛ فلا يقطعون أمرا دونه، ولا يقومون من مجلسه إلا بإذنه، قال -تعالى- عنهم: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[النور: 62].

إذا حضروا في مجلسه غشيتهم سكينة ووقار، كأنّ على رؤوسهم الطير، لا يَحِدّون النظر إليه، ولا يتأخّرون في الاستجابة لأمره؛ فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: "كنا إذا قعدنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ-، لم نرفعْ رؤوسنا إليه إعظاما له"(أخرجه الحاكم وصححه).

ومن حقوقه -عليه الصلاة والسلام-: تعظيمُ شرعِه والتزام سُنّتِه، فما عظّمَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلمَ- ولا وَقرَه من يَعْترضُ على شرعِه وحُكمِه، فعن أبي رافع عن النبي -صلى الله عليه وسلمَ- قال: "لا ألْفِيَنَّ أحدَكم مُتّكِئًا على أريكتِه، يأتيه الأمرُ من أمري مما أمَرْتُ به أو نهيْت عنه؛ فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه"(أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه)، والله -تعالى- يقول: (فلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[النساء:65].

ومن حقوقه: محبته أكثرَ من غيره من الخلق؛ لأن محبته عبادة وطاعة يتقرب بها المسلم إلى الله، وهي أصل عظيم من أصول الدين، ودعامة أساسية من دعائم الإيمان؛ كما قال -تعالى-: (النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)[الأحزاب: 6]؛ فمحبته -صلى الله عليه وسلمَ- أولى من محبة النفس والمال والولد والناس أجمعين.

فمَن أحبه بصدق فقد علا شأنه، وثبت إيمانه؛ ففي الصحيحين عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلمَ-: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه مِن والِده ووَلَده، والناسِ أجمعين".

وَمَن جَفاه وقدّمَ محبة الخلق على محبته؛ فقد خاب وخسر؛ قال الله –تعالى-: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)[التوبة: 24].

في صحيح البخاري عن عبد الله بن هشام -رضي الله عنه- قال: "كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلمَ-، وهو آخِذٌ بيَدِ عمرَ بن الخطاب؛ فقال له عمرُ: يا رسول الله، لأنتَ أحَبّ إليّ مِن كل شيء إلا مِن نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلمَ-: "لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحبّ إليك من نفسك"، فقال له عمر: فإنه الآن، والله، لأنت أحبّ إليّ من نفسي؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلمَ- "الآن يا عمر".

فكيف لا نحبه؛ وهو خيرُ من مشى على الأرض، وخيرُ من طلعت عليه الشمس، بل هو شمس الدنيا وضياؤها، وبهجتها وسُرورها؟ كمْ هدى به الله من الضلالة، وعلّم به من الجهالة، وبصّرَ به من العماية، وأرشد به من الغواية؛ فتح الله به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا، فهو أحق الناس بالمحبة والتوقير.

ومن حقوقه: لزوم الصلاة والسلام عليه؛ فمن حق النبي -صلى الله عليه وسلمَ- علينا أن نصلي ونسلم عليه، وهذا حَقّ ثابت بأمر من الله -عز وجل- لعباده؛ إكراما لنبيه وتشريفًا، قال الله –تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

فالمحِب لرسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- لا يَمَلّ من كثرة الصلاة والسلام عليه، ولا يبخل بالصلاة عليه عند سماع اسمه وقراءة حديثه، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "البخيل مَن ذكِرتُ عنده ثم لم يُصَلّ عَليّ"(رواه أحمد).

ومن حقوقه: طاعتُه واتباعه؛ فحق على الأمة أن تطيع نبيها -صلى الله عليه وسلمَ- ولا تعصيه، وأن تمتثل أمره ولا تجافيه، فهو المبلغ عن رب العالمين؛ فطاعته دين، واتباعه شريعة، قال -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إلا لِيُطَاعَ بإذنِ اللَّهِ)[النساء: 64]، (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[الحشر: 7]، وطاعته طاعة لله، قال تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)[النساء: 80].

فاللهم ارزقنا طاعتك وطاعة نبيك، وألهمنا سلوك دربه، واتباع شرعه، واحشرنا تحت لوائه وزمرته.

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه..

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

أيها المؤمنون: كيف لنا أن نؤدي حق النبي -صلى الله عليه وسلمَ- بهمّة ونشاط، دون كلل ولا ملل؟

إن لذلك معينات تساعد على القيام بحقه ومنها:

أولًا: اعلم أن أداءك لحق النبي -صلى الله عليه وسلمَ- بطاعته واتباعه علامة على صدق محبتك لربك -سبحانه-؛ لقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)[آل عمران: 31-32].

ثانيًا: أنه بأدائك لحق النبي -صلى الله عليه وسلمَ- بطاعته واتباعه والاقتداء به، يكون سَيْرُك وثباتك على الطريق المستقيم؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلمَ- هو المرشِدُ إليه، (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)[الشورى: 52-53]؛ مَن ركِب سفينةَ هدايتِك نجا، مَن دخل دارَ دعوتك أمِن، مَن تمسَّك بحبل رسالتك سلِم، وافَقْتَ الفطرة، وجئتَ بحنيفية سَمْحة، وشريعةٍ غراء، وملَّةٍ كاملة، ودِين تام. هدَيْتَ العقلَ من الزيغ، وطهَّرْتَ القلب من الرِّيبة، وغسَلْتَ الضمير من الخيانة، وأخرَجْتَ الأمَّة من الظلام، وحرَّرْتَ البشَر من الطاغوت.

ثالثًا: أن في قبول رسالته والأخذ بها الفلاح والنجاح، ومن رَدّها وأعرَض عنها خاب وخسر.

رابعًا: أنّ مَن أدّى حقه -صلى الله عليه وسلمَ- في الدنيا فاز بشفاعته يوم القيامة، وحظيَ بمرافقته في الجنة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلمَ- يقول: "من سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة"(رواه مسلم).

خامسًا: اعلمْ أن لا سبيلَ إلى الجنة إلا بطاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- واتباعه، ففي صحيح البخاري قال رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ-: "كلّ أمتي يدخلون الجنة إلا مَن أبى"، قالوا: يا رسول الله ومن يَأبَى؟ قال: "مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن عصاني فقد أبى".

فاتقوا الله -عباد الله-، وتمسكوا بدينكم، واعْرِفوا لنبيكم -صلى الله عليه وسلمَ- حَقّه وقدْرَه، وعَظموا سنته، واحفظوا له مكانته، واقرؤوا سيرته، وتزوّدوا من حديثه، وأطيعوا أوامره، واجتنبوا زواجره؛ فذلكم هو طريق النجاة والنجاح، وسبيل الفوز والفلاح، (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:71].

هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).