البحث

عبارات مقترحة:

الحليم

كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

كيف تحذر غضب الله؟ (6) عصيان الزوجة لزوجها في المعروف

العربية

المؤلف محمد بن إبراهيم النعيم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. خطر عصيان الزوجة لزوجها .
  2. حث الزوج على معاشرة زوجته بالمعروف .
  3. تشجيع المنظمات الدولية المرأة المسلمة على التمرد على الزوج والتحذير من ذلك .

اقتباس

كثر في الآونة الأخيرة مناداة منظمات دولية تحت ما يسمى بمنظمات حقوق المرأة، ومنظمات حقوق الإنسان؛ كلها تدعو المرأة المسلمة بالتمرد على زوجها بأسلوب غير مباشر، وتشجعها على مخالفة أمر الله، تحت مسمى: حقوق المرأة المسلوبة، حيث تهاجم هذه...

الخطبة الأولى:

هل اتقيت سخط الله -عز وجل-؟ هل عرفت كيف تتقي غضب الله -عز وجل-؟ فهناك العديد من المعاصي التي تغضب الله -عز وجل-، ومن وقع في واحد منها فقد هوى، قال تعالى: (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى)[طه: 81].

أيها الإخوة في الله: هناك العديد من الذنوب التي تودي بصاحبها إلى غضب الله -عز وجل-، وقد تطرقنا إلى بعضها في خطب سابقة، وبقي المزيد منها، كمثل عصيان الزوجة لزوجها في المعروف، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلاَّ كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا"(رواه الإمام مسلم).

فهذا الحديث يوجب على المرأة طاعة زوجها في المعروف، ومتى ما فعلت ذلك دخلت من أي أبواب الجنة شاءت، وهذه منزلة عظيمة سهلة المنال، تغفل عنها كثير من الزوجات، حيث روى أبو هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ"(رواه الإمام أحمد وابن حبان).

ولتعلم المرأة أن زوجها هو جنتها ونارها إذا أطاعته في المعروف، فقد روى الْحُصَيْنُ بْنُ مِحْصَنٍ أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ-صلى الله عليه وسلم-: "أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟" قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟" قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، قَالَ: "فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ"(رواه الإمام أحمد والنسائي(.

ويجب على الزوجة أن تشكر لزوجها لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- لهن بذلك، حيث روى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا ينظر الله -تبارك وتعالى- إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه"(رواه البزار).

والزوجة إذا عصت زوجها في المعروف، فإنها تُعرض صلاتها للخطر، حيث روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد أبق من مواليه حتى يرجع، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع"(رواه الطبراني).

أيها الإخوة في الله: لقد ذكرت لكم هذه الأحاديث ليس للتعالي على زوجاتكم، ولتهددوهن بمثل هذه الأحاديث، فلم يكن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعلون ذلك مع زوجاتهم، فإذا كان الزوج يحب زوجته فلا يعرضها لسخط الله -تعالى- بتصرفاته السيئة التي قد يضطرها الموقف إلى عصيانه وعدم طاعته، وليعامل كل زوج زوجته بالمعروف وبمثل ما يحب أن تعامله زوجته به، امتثالا لأمر الله -جل وعلا- حيث قال: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[النساء: 19].

وليؤد لها حقوقها التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- والتي منها ما رواه معاوية بن حيدة –رضي الله عنه- أنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ فقال :"أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوْ اكْتَسَبْتَ، وَلا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ"(رواه أبو داود)، وقَالَ أَبُو دَاوُد "وَلا تُقَبِّحْ" أَنْ تَقُولَ: قَبَّحَكِ اللَّهُ.

فهذا الحديث العظيم يرشد إلى ضرورة عدم إظهار المشكلات الزوجية إلى الغير وأن يكون هجرك لزوجتك لا يتعدى حدود البيت؛ لقوله: "وَلا تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ".

وليكن الزوج إن كان صادق الحب لزوجته دائم الرضا عن زوجته، غير حامل عليها غلا ولا ضغينة قدر المستطاع.

وليحاول أن لا ينام وفي قلبه عليها شيء لكي لا تقع المسكينة في سخط الله -تعالى-.

مثل هذه الأحاديث لا تدفع العقلاء إلى التعالي على أزواجهن أو ظلمهن أو تناسي حقوقهن.

جعلني الله وإياكم من المستمعين للقول والمتبعين أحسنه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدًا كثيرًا كما أمر، والشكر له وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأصلي وأسلم على سيد البشر الشافع المشفع في المحشر، وعلى آله وأصحابه السادة الغرر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-، واحذروا غضب الله -عز وجل-، ولتحذر الزوجة من إغضاب زوجها فتغضب ربها -عز وجل-.

أيها الإخوة في الله: كثر في الآونة الأخيرة مناداة منظمات دولية تحت ما يسمى بمنظمات حقوق المرأة، ومنظمات حقوق الإنسان؛ كلها تدعو المرأة المسلمة بالتمرد على زوجها بأسلوب غير مباشر ،وتشجعها على مخالفة أمر الله تحت مسمى: حقوق المرأة المسلوبة، حيث تهاجم هذه المنظمات بصورة صريحة قوامة الرجل المسلم على زوجته، وما يتبع هذه القوامة من أحكام شرعية، وبخاصة في قضايا الاستئذان، وسفر المرأة بدون محرم، وتمكينها من السكن في الفنادق دون محرم، والمطالبة باختلاطها بالرجال في ميادين العمل والدراسة، وبعبارة أخرى يريدونها تخرج عن طاعة زوجها لتقع في غضب الله -عز وجل-.

فها هي تلك المنظمات تدعو المرأة إلى نزع حجابها وتعتبره تقييدا لحريتها، بينما تسكت هذه المنظمات عن شواطئ العراة ودور الدعارة وممارسة مهنة الرذيلة من قبل المرأة في كثير من الدول بحجة الحرية الشخصية، في حين أنها لا تقبل لبس المرأة للحجاب ولا تعتبره حرية شخصية لها؛ إنها موازين مقلوبة.

والغريب أن بعض الكتاب في الصحف وقعوا في هذا الفخ وأصبحوا أبواقا لتلك المنظمات وبدؤوا ينادون بمثل ذلك.

على كل حال: ينبغي للمرء أن يفطن أنه في آخر الزمان حيث تنقلب فيه الموازين، فلا ينبغي أن تجرفنا هذه التيارات، وعلينا بالاستمساك بشرع الله -تعالى-، فهو اختبار لنا هل نستجيب أم لا، ومن لم يستجب فقد وقع في غضب الله -تعالى-.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين...

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، واغفر لنا ما مضى من ذنوبنا، وارزقنا عملاً زاكياً ترضى به عنا، وخذ إلى الخير نواصينا، واختم لنا بخير واجعل عواقب أمورنا إلى خير، وتوفنا وأنت راضٍ عنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وآمنا في أوطاننا ودورنا، وانصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وعليك بمن عادانا، وبلغنا بما يرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا.

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها الا أنت.

اللهم أحينا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا، وأمتنا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

اللهم إنا نسألك الجنة ما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولأرحامنا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].