الإله
(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...
العربية
المؤلف | صالح بن عبد العزيز التويجري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - التاريخ وتقويم البلدان |
عباد الله: إن ما نشهده اليوم من اعتداءات متكررة من هذا العدو الرافضي على مصالح بلادنا ليوجبُ علينا جميعاً الائتلافَ، وتوحيدَ الصفِّ، والبعدَ عن كل ما يوجب الشقاقَ والفرقة، والتواصي فيما بيننا بالحق والصبر، والتمسكِ بالكتابِ والسنةِ، وأن...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمد ونستعينه ونستغفره ونستهديه...
معاشر المسلمين: إن ما نشهده اليوم من اعتداءاتٍ الحوثي المتكررة على بلادنا الغالية ليوجب علينا التعاهدُ دوماً بمراجعة أنفسنا، وعلاقتنا مع كتاب ربنا -سبحانه- الذي هو دستور هذه الدولة المباركة ومنهج حياتنا جميعاً، وكيف أن الله ربى نبيّه -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الأوضاع؟
إخوة الإيمان: بدا مؤشر هزيمةٍ في غزوةِ أحد بسببِ خلافِ بعضِ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم، لأمر المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، فجاءت التربية القرآنية: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا)[آل عمران: 165].
فلنراجعَ أنفسنا، ونصحّح أحوالنا، ونعلمَ يقيناً بأنّ الله -سبحانه وتعالى- أراد من هذه الأقدار التي قدّرها علينا أن يربّينا من خلالها.
عباد الله: إن طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كل شأنٍ من شؤون حياتنا، لهو الفلاح والسعادة الأبدية والنجاة في الدنيا والآخرة: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ)[النور: 54-57].
إخوة الإيمان: إن فشوّ المعاصي بيننا، وعدم إنكار بعضنا لبعض؛ لهو مؤذن بعقوبة عاجلة، وإننا لنرى بكل أسف تساهل الكثير منا في التعاملات الربوية، والتي أعطيت لبوس الحلال بالظاهر، حتى سقط ضحاياها بالديون، وأودعوا السجون، وابتعد هذا المجتمع عن القيمة الاجتماعية القرآنية: (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)[الفتح: 29] فتجد الواحد من المصلين وربما ممن عليه مظاهر الاستقامة لا يعبأ ينام بين أهله وأولاده، وقد أودع بالسجن عدداً من إخوته بالدين، لو تعامل أحدٌ مع أولاده بمثل تعامله هو مع هؤلاء لما رضي.
وإن هذا التساهل بالبيوع الذي وصلت نتيجته لهذا الأمر لهو مؤذن بعقوبةٍ ربانية تربّي المجتمع ليعود إلى ربّه، ويؤوب إليه، ويتوب عما كان يزاول فأيننا من حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمنُ أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه"(متفق عليه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-).
إن استمراء المعصية وجعلها أمراً مألوفاً في المجتمع لهو مؤذنٌ بعقوبةٍ عاجلةٍ على الجميع، وإن أغلى ما نملكه اليوم هو الأمن والاستقرار، ألا وإن الأمن والاستقرار من الله وحده.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الأنعام: 82].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان على المتقين، بل العدوان على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله: إن ما نشهده اليوم من اعتداءات متكررة من هذا العدو الرافضي على مصالح بلادنا ليوجبُ علينا جميعاً الائتلافَ، وتوحيدَ الصفِّ، والبعدَ عن كل ما يوجب الشقاقَ والفرقة، والتواصي فيما بيننا بالحق والصبر، والتمسكِ بالكتابِ والسنةِ، وأن نربّي أنفسنا عليهما.
ألا وإن الله -جل جلاله- وعدنا وعداً صادقاً، وهو سبحانه لا يُخلف الميعاد، هذا الوعد جاء بالنصر والتمكين لمن ينصره، ويجتمع فيه أركان أربع، فيها النجاة -بإذن الله تعالى-: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)[الحج: 40-41].
فلنتعاهد أنفسَنا -أيُّها الكرام- بإقامِ الصلاةِ كما أمر الله في بيوت الله، وإنه لمؤسف حقاً أن نرى المساجد قلّ روادها بعد انصرام شهر رمضان، وإنه لمؤسف حقاً نومُ بعضِ شبابنا عن صلاتي الظهر والعصر في هذه الأيام، فكيف نرجو النصر والتمكين؟
وإنه لمؤسف حقاً: أن تكون صلواتنا روتيناً يومياً لا تجدّد فينا أيماناً ولا تؤثر في سلوكٍ، فكيف نرجو النصر والتمكين؟
ولنتعاهد أنفسنا -أيها الفضلاء- بالتواصي بالبعد عن الشحّ بالمال وأداء الزكاة، ومراقبةِ الله -جل جلاله- في التعاملات المالية المشبوهة: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلّط عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"(رواه أبو داود عن ابن عمر -رضي الله عنهما-).
ولنتعاهد أنفسَنا -أيُّها الفضلاءُ- بالتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خصوصاً المنكرات الشائعة والظاهرة، مثل تبرج بعض نسائنا -هداهنّ الله-، وكثرة خروجهن، وتسكّعهن بالأسواق، واختلاطِهن بالرجال الأجانب، وغيرها من المنكرات: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا)[النساء: 27].
نسأل الله أن يعفو عنا تقصيرنا ويتجاوز عنا.
ألا وإن من خير من يُدفع به شر الحوثي وغيره كثرة دعاء الله للمجتمع بأن يحفظه الله بحفظه، وأن ينعم بدوام الأمن والاستقرار على بلاد وعموم بلاد المسلمين.
ألا وإن إخواناً لنا في الحد الجنوبي يذودون عن حياضنا ويذبون عن أرضنا شر هذا العدو الغاشم، وإن حقّهم علينا الدعاء لهم بالحفظ والتمكين.
اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك وإحسانك وجودك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الاسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.
اللهم من أراد بلادنا بسوء فأشغله بنفسه وأدر عليه دائرة السوء يا رب العالمين.
اللهم احفظ جنونا المرابطين في الحد الجنوبي، وأدم نعمة الاستقرار على بلادنا.
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشيدا يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، وتقال فيه كلمة الحق، لا يخشى قائلها فيك لومة لائم.
اللهم أدم نعمة الأمن والاستقرار والرخاء على بلادنا وبلاد المسلمين.
اللهم أصلح قلوبنا، وقنا شح أنفسنا، وبصّرنا بعيوبنا، وادفع عنا الغلاء والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.