القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
العربية
المؤلف | صالح بن محمد الجبري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
إن الإساءة إلى المرأة إساءة عظيمة؛ لأنها ضعيفة، ولأنها لا تستطيع أن ترد كيد الرجل أو تتظلم، أو تجهر بالشكوى، ولا أن تخرج فتسيح في الأرض، لأنها عرض، إنها امرأة، لذلكم كان ظلمها أشد الظلم، وكان إلحاق الضرر بها مصيبة أكبر من كل المصائب، فليتق الله إنسان عنده امرأة، فإن كانت أمًّا فالجنة تحت قدميها، وإن كانت أختًا فدخول الجنة موقوف على الإحسان إليها ..
أما بعد: إن الله أرسل محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، والناس في جاهلية جهلاء، وفي ضياع وعماء وشقاء، وفي اضطراب فكري وارتباك اجتماعي، وظلم سياسي، وسحت مالي، حتى إن الإنسان الذي ليس له بطش أو سلطان، لا يجد حماية لنفسه إلا إذا أذل نفسه لإنسان آخر.
وكان من الظلم الذي أحاق بالإنسان، ظلم الإنسان للمرأة، فظلمها بنتًا، وظلمها زوجة، وظلمها أختًا، وظلمها أمًّا، وظلمها في حياتها، وظلمها بعد موتها.
وكان أكثر الناس في العالم ينظر إلى المرأة كأنها متاع، إن اشتهاه استمتع به، وإن استغنى منه رفسه وركله واحتقره وأبعده وهجره.
لم تكن المرأة ترث بل كانت أحيانًا تورَّث، ولم تكن المرأة تختار لنفسها، بل كان أبوها يختار لها ويفرض عليها ما يراه لها دون مراعاة لمشاعرها ورغبتها، وكان كثير من العرب يئد البنت وهي حية، فإذا جاء المرأة المخاض وأحست بآلام الولادة خرجت إلى الخلاء وحفر لها حفرة، ثم إذا وضعت إن كان المولود ولدًا فرحت واستبشرت ورجعت إلى أهلها، وأقيمت الزينات والأفراح، وإن كان المولود بنتًا اسود وجهها من الغم، وألقيت ابنتها في الحفرة وأهيل التراب عليها حية، والأم يمزق قلبها ولا أحد يرق لها كما قال تعالى: (وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِلاْنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوء مَا بُشّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى التُّرَابِ أَلاَ سَآء مَا يَحْكُمُونَ) [النحل: 58، 59].
فلما جاء الإسلام رفع الظلم عن البشر، وأعطى كل إنسان حقه، ووضع المرأة في مكانها الطبيعي، وبين للرجل وللمرأة أن كلاً منهما في حاجة للآخر، فقال للرجل: (وَمِنْ ءايَـاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا) [الروم: 21]، أي أن المرأة خلقت منك، فقد خلقت حواء من آدم، فهي جزء منك، وهي بعضك، ولا يستغني الكل عن البعض، ولا يستغنى الإنسان عن جزء منه، فلا يستغنى الرجل عن المرأة.
كما بين للمرأة أنها جزء من الرجل، وأن الرجل أصلها، وأن المرأة لا تستطيع الحياة الجميلة دون الرجل، فهي أحوج ما تكون إليه كما يحتاج الفرع إلى الأصل: (هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) [الأعراف: 189].
وبين تعالى في كتابه أن جميع الأوامر وجميع النواهي هي للرجال وللنساء على السواء، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أرسل إلى الرجال والنساء، والقرآن أنزل للرجال والنساء، فالله ذكر كل ذلك في القرآن.
ففي الحديث عن المساواة في الحقوق المادية الخاصة قال تعالى: (لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا اكْتَسَبْنَ) [النساء: 32]، وعند الميراث قال: (لّلرّجَالِ نَصيِبٌ مّمَّا تَرَكَ الْولِدنِ وَلاْقْرَبُونَ وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا تَرَكَ الْولِدنِ وَلاْقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً) [النساء: 7].
وعند الكلام عن جزاء أهل الإيمان فإنه سبحانه ذكر الجميع: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَلْمُؤْمِنَـاتِ جَنَّـاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَا وَمَسَـاكِنَ طَيّبَةً فِى جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْونٌ مّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 72].
إن الجزاء الحسن والحياة الكريمة ورضاء الله تعالى، وسعادة الدنيا والآخرة، كما يكون للرجل الصالح يكون للمرأة الصالحة، والله رب الرجال ورب النساء، ولا يميز أحدًا على أحدٍ إلاَّ بالتقوى، فربَّ امرأة تقية كانت أفضل من ألف رجل لأنهم ليسوا أتقياء: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَـاكُمْ) [الحجرات: 13].
ولما ذكر الله تعالى الإيمان والإسلام والصدق والذكر، فإنه ذكر المؤمنين والمؤمنات مع بعضهم، في آية واحدة فقال: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) [الأحزاب: 35].
نعم، جمع الله الذكور والإناث في الفضائل، ولما جاء الإسلام دعيت المرأة إلى الإيمان به كما دعي الرجل، وجاهدت المرأة في الإسلام كما جاهد الرجل، وذكر القرآن في آياته نساءً مؤمنات، تعدل الواحدة منهن ملايين الرجال، فضرب لهن مثلاً بامرأة فرعون: (إِذْ قَالَتْ رَبّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ وَنَجّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّـالِمِينَ) [التحريم: 11].
وذكر الله سبحانه مريم أم عيسى -عليه السلام-، وذكر أنها صِدِّيقة، ولم يذكر الله اسم صِدِّيق واحد في القرآن سوى الأنبياء، أما بالنسبة لغير الأنبياء فلم تذكر الصِّدِّيقة في القرآن إلا مريم فقال: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ ) [المائدة: 75].
إذًا كرَّم الله النساء تكريمًا ما بعده تكريم، وأعطى الله المرأة حقها، بل إنه لما ذكر قصص الرجال في القرآن وخاصة قصص الملوك، كان أكثر الملوك المذكورين من الرجال في القرآن ممن ضل وكفر وخاب سعيه، ولكنه ذكر ملكة واحدة كانت أفضل من ألوف الملوك والرجال الذين كفروا بالله، تلكم هي بلقيس ملكة سبأ التي قال الهدهد لسليمان عنها وفي أهل اليمن: (إِنّى وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَىْء وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) [النمل: 23]، ثم قال: (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ) [النمل: 24]، وكتب سليمان كتابًا حمله الهدهد إلى الملكة فيه: (إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـانِ الرَّحِيمِ * أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَىَّ وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ) [النمل: 30، 31]، فلما وصلها الكتاب كان موقفها أفضل ألف مرة من موقف فرعون؛ لأن قومها أرادوا أن يأخذوا الأمر بقوة فقالت لهم: (وَإِنّى مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) [النمل: 35]، كانت عاقلة وذكية لأنها أرسلت الهدية لتختبر سليمان، فلما رفض سليمان الهدية، عرفت أنه نبي، فسارت بقومها إليه، ولما التقت به ورأت آيات الله ورأت صدقه، آمنت حين عرض عليها الإسلام وقالت: (قَالَتْ رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَـانَ لِلَّهِ رَبّ الْعَـالَمِينَ) [النمل: 44]، لم تقل: أسلمت لسليمان، لكن العظيمة المؤمنة قالت: أسلمت -أي خضعت- مع سليمان لله، لا لأحد سواه، هذا كان وصف القرآن للمرأة المؤمنة.
كما أن الإسلام يذكر للنساء في صدر الإسلام مواقف رائعة ومواقف مدهشة، فكما صبر المسلمون من الرجال على العذاب، صبرت المسلمات من النساء، ففاطمة بنت الخطاب تسلم قبل أخيها عمر، ولما عرف عمر بذلك ضربها، فتقول في وجهه حين رأت الدم يسيل منها: نعم، يا ابن الخطاب أسلمت، فافعل ما بدا لك، فيصعق عمر من إجابتها، ويقول لها: جيئيني بالكتاب الذي تقرؤون منه، فتأتيه به، فلما قرأه، قال: "دلوني على محمد -صلى الله عليه وسلم- كي أسلم".
وإن أم شريك آمنت وعذبت وجوعت وعطشت وألقيت في الحرَّ، وهي في شبه إغماء من الجوع والعطش، ولما حاولوا ردها إلى الكفر، قالت: "اقتلوني، ولن أعود للكفر أبدًا". وبينما هي في حالة إغماء أحست بشيء رطب على فمها وهي مقيدة ومربوطة في الشمس، فنظرت فإذا دلو من السماء نازل لكي تشرب منه، الله سقاها كرامة لها، ولما عرف قومها الحقيقة عرفوا أنها على الحق وأنهم على الباطل، فكوا وثاقها وحبالها وقالوا لها: فلننطلق إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنعلن إسلامنا.
وكذلك أم أيمن الحبشية: امرأة هاجرت وحدها في شدة الحر والعطش، وكانت صائمة ولكن الله تعالى حين جاء وقت الغروب أنزل إليها دلوًا من السماء فشربت منه، وكانت لا تحمل ماءً معها ولا تجده من حولها، تقول أم أيمن -وهي مربية الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم- تقول: بعد أن شربت من هذا الدلو كنت أصوم في اليوم الشديد الحر فلا أشعر بعطش أبدًا.
ولا ننسى نسيبة الأنصارية التي كانت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- تدافع عنه في أحد حين انهزم كثير من الرجال وابتعدوا عنه، حتى قال عنها -صلى الله عليه وسلم-: "ما التفت يمينًا وشمالاً إلا وأنا أراها تقاتل عني".
هكذا كانت المرأة المسلمة، وهكذا كان تكريم الإسلام لها، يمشي أمير المؤمنين عمر فتستوقفه المرأة فيقف لها، وتقول له: "يا عمر: كنت تدعى عميرًا، ثم قيل لك: عمر، ثم قيل لك: أمير المؤمنين، فاتق الله -يا عمر-؛ فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب". وهو واقف يسمع لكلامها، فقيل له: يا أمير المؤمنين: أتقف لهذه العجوز هذا الموقف؟! فقال: "والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ما تحركت من مكاني، أتدرون من هذه العجوز؟! هي خولة بنت ثعلبة، سمع الله قولها من فوق سبع سموات، أيسمع رب العالمين قولها، ولا يسمعه عمر".
الله أكبر، هذا كله دليل على صدق هؤلاء النساء، وعلى عظم مكانة المرأة في الإسلام، فالله لم يعط الفضل للرجال فقط، ولم يعط الشرف للرجال فقط، ولم يعط العزة والكرامة للرجال فقط، إنما أعطاها لكل من آمن وصدق إيمانه وثبت على الحق ثبوتًا صادقًا.
أيها الأخوة: إني ما ذكرت المرأة اليوم وحقها في الإسلام، ومكانتها في الدين، وذكر الله لها في القرآن وذكرها في السيرة وفي أخبار الصالحين، إلا لتُعرف مكانتها.
فإن قلنا: إن النساء ناقصات عقل ودين فنقول لك: إن الحديث فسَّر نقص الدين، بأن المرأة تحيض، فإذا حاضت فإنها لا تصوم ولا تصلي، وليس أكثر من ذلك. وإلا فقد ذكرت المرأة في القرآن، متدينة كريمة عند الله.
أما عقلها فإن الله تعالى جعل عاطفتها أقوى، إن عاطفة المرأة هي التي تحنو بها على الابن في صغره، وتحنو على البنت، وتحنو على الزوج، وتحنو على الأخ، إن عاطفة المرأة تعرفها حين تجد الأب قد مات، والذكور يقسمون مال أبيهم، والبنات يندبن أباهم ويبكين عليه، فعاطفة المرأة هي جمالها، بل العاطفة هي التي تجعل بيوتنا جميلة وتجعل حياتنا جميلة، وجمال المرأة في رقتها، في عذوبتها، وفي كلمتها الحلوة، ولذلك إذا خرجت المرأة عن طبعها لعنها الله، فقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المترجلة من النساء كما لعن المخنثين من الرجال، هذه حقائق يجب علينا جميعًا أن ندركها لكي نعرف قيمة المرأة في الإسلام.
إننا بعد الذي سمعناه ندرك أن الله الذي يأمر بالعدل أعطى كل ذي حق حقه، سواء أكان رجلاً أم امرأة، وإن الواجب علينا أن نعطي الحقوق لأهلها، وأن ندرك أن الله محاسبنا يوم القيامة رجالاً ونساءً، وأنه لا يرضى أن يعتدي أحد على أحد، بل لا يرضى أن يعتدي إنسان على حيوان، بل لا يرضى أن يعتدي حيوان على حيوان، فقد جاء في الحديث الصحيح أن الله يقتص يوم القيامة للشاة الجماء من القرناء.
كذلكم الرجل الذي له عضلات ويظلم زوجته في كلماته، أو نظراته، أو عدم النفقة عليها، أو في حرمانها من أهلها، أو في ظلمها أو في جسمها أو في ضربها أو في احتقارها وازدرائها، هذا إنسان ضحل الفكر، بعيد عن الحق، يأخذه الشيطان إلى طريق الجاهلية، ومفاهيم الجاهلية، وعليه أن يعلم أنه بظلمه لزوجته أو أخته أو ابنته، عليه أن يعلم أنه ربما قد يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج، فيجعلها الله هباءً منثورًا بسبب ظلمه وطغيانه، والله يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [الأحزاب: 58]، وسبحان الله: أين أمثال هؤلاء عن وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل موته حين أخذ يردد: "اتقوا الله في النساء" ثلاث مرات، "إنهن عوان عندكم"، بمعنى أسيرات عندكم؟!
إن الإساءة إلى المرأة إساءة عظيمة؛ لماذا؟! لأنها ضعيفة، ولأنها لا تستطيع أن ترد كيد الرجل أو تتظلم، أو تجهر بالشكوى، ولا أن تخرج فتسيح في الأرض؛ لأنها عرض، إنها امرأة، لذلكم كان ظلمها أشد الظلم، وكان إلحاق الضرر بها مصيبة أكبر من كل المصائب، فليتق الله إنسان عنده امرأة، فإن كانت أمًّا فالجنة تحت قدميها، وإن كانت أختًا فدخول الجنة موقوف على الإحسان إليها، وإن كانت بنتًا فمن حقها تربيتها وتزويجها باختيارها، لا يرغمها على زوج لا تريده، وإلا فقد ظلمها وأساء إليها، والويل له من ربه.
اتقوا الله، اتقوا الله -أيها الإخوة- خاصة في الزوجات، فإن الشكاوى كثيرة، وإننا مطالبون بالصبر على المرأة، وبالحلم، ومن أراد أن تكون امرأته على الصراط المستقيم فقد أخطأ خطأً مبينًا؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، لن تسقيم لك على طريقة، فإن أردت أن تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقُها".
ثم قل لي -أيها الرجل-: إذا أردت المرأة كاملة لا عيب فيها، فالمرأة تريد رجلاً كاملاً لا عيب فيه؛ فهل يوجد رجل كامل لا عيب فيه؟!
ثم لماذا لا ننظر في عيوبنا قبل أن ننظر في عيوب غيرنا؟! لماذا لا نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب غيرنا؟! أسأل الله أن يردنا إلى الحق، وأن يأخذ بنواصينا إلى العدل، وأن يوفقنا لما فيه رضاه.
الخطبة الثانية:
لم ترد.