القهار
كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...
العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - التوحيد |
ومن لطفه أنه قد يصرف عنك مشروعاً تجارياً أو عملاً ما، أو أي شيء قد تراه مناسباً، ويعلم الله أنه شرّ لك؛ فعليك أن تثق في تدبير الله -عز وجل-، وعقلك مهما كان فهو محدود، وعلم الله -عز وجل- أعلم بالحاضر والمستقبل، وما يصلح لك وما يضرك.
الخطبة الأولى:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعيش اليوم في تدبُّر وتفهُّم لاسم الله -تعالى- اللطيف، والذي ثبت في كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فقال -تعالى-: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[الأنعام:103].
ومن معاني اللطيف: الرفيق والرحيم؛ أي: أنه يرفق بعباده ويرحمهم -سبحانه وتعالى-؛ فهو يلطف بهم في أرزاقهم حتى وإن كانوا كفاراً، ويسوق لهم الرزق من حيث لا يشعرون.
ومن لطفه أنه رعاك وحفظك منذ أتيت نطفة، فعلقة، فمضغة في بطن أمك، حتى جئت إلى هذه الحياة، ثم هيَّأ لك أُمّاً وأباً لرعايتك أو أحداهما، حتى أصبحت بالغاً فكبيراً، وهيَّأ لك عملاً أو وظيفة مناسبة، وأعطاك زوجة، وربما رزقك بأولاد، كل هذا لطف من الله -عز وجل-، وأهم من هذا كله أنه لطيف بك؛ فجعلك مسلماً مؤمناً به -سبحانه وتعالى- حتى يكون مصيرك إلى الجنة، ولم يجعلك كافراً يكون مصيرك إلى النار، كل هذا لطف من الله -عز وجل- فهو الذي يخرج عباده من الظلمات إلى النور، ومن الجهل والمعاصي والبدع إلى التوبة والعمل الصالح، قال -سبحانه وتعالى-: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)[البقرة:257].
عباد الله: من لطف الله -عز وجل- أنه يصرف عن الإنسان ما يظنه خيراً له، ولكن الله يعلم الله أنه شر له؛ فقد يصرف عنك سفرًا إلى مدينة أو دولة معينة؛ لطفاً بك، لعلمه أنه سيحدث له في سفرك شرّ لك.
ومن لطفه أنه قد يصرف عنك مشروعاً تجارياً أو عملاً ما، أو أي شيء قد تراه مناسباً، ويعلم الله أنه شرّ لك؛ فعليك أن تثق في تدبير الله -عز وجل-، وعقلك مهما كان فهو محدود، وعلم الله -عز وجل- أعلم بالحاضر والمستقبل، وما يصلح لك وما يضرك.
ومن لطف الله -عز وجل- أنه أحياناً قد يبتليك ببعض الأمراض والمشاكل في نفسك وأهلك أو غيرها حتى يزيد من صبرك، وبالتالي زيادة في أجرك وتكفير لذنوبك، ولننظر إلى المعاناة التي عاناها نبي الله يوسف -عليه الصلاة والسلام- مع إخوته عندما حرموه من البقاء مع أبيه، وأرادوا قتله؛ فلطف الله به، ولم يقتلوه، وقدّر أن يتفقوا أن على أن يجعلوه في البئر، فلم يضع في الصحراء، ثم لطف الله به، وأخذه المسافرون، وحفظوه معهم حتى باعوه في مصر، ثم لطف الله به وأصبح رفيقاً خادماً في بيت العزيز، ثم نجاه الله من جريمة الزنا من امرأة العزيز، وابتلاه الله بعد ذلك بالسجن عدة سنوات؛ حفاظاً على دينه، ثم ساق الله له شخصاً كان مسجونًا معه ليعبر له رؤيا الملك، وخرج من السجن، وأصبح وزيراً في مصر، وجمع الله له أبويه وإخوته وهم نادمون على فعلهم وخطئهم معه، كل ذلك لطفٌ من الله -عز وجل- حتى قال يوسف -عليه الصلاة والسلام- بعد اجتماع العائلة: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)[يوسف:100].
عباد الله: من لطف الله -عز وجل- أن يعطي العبد من الأولاد والأموال والأزواج ما تقر به عينه في الدنيا، ومن لطفه بعبده المؤمن الضعيف في إيمانه أنه يعافيه من مرضه، أو من أي ابتلاءات أخرى كالفقر أو عدم الإنجاب أو غير ذلك؛ فيتفضل الله عليه ويحقق له ما يريد لطفًا منه -سبحانه وتعالى-.
كما أن من لطفه صلاح المؤمن في دينه وصلاح أبنائه وأهل بيته، ومن لطفه معرفته بما يجول في خاطرك وصدرك، ثم يحقّقها لك بالأسباب التي تفعلها، فلولا الله لما تحقق لك ما تريد، لكنَّ لطف الله -عز وجل- هو الذي حقَّق لك ما تريد.
نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا الإيمان بلطف الله -عز وجل- لنا، ورحمته بنا، وكرمه -سبحانه وتعالى-؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
تعرفنا -أيها المسلمون- على بعض معاني اسم الله اللطيف، وأنه يعني أن الله يعلم دقائق الأمور وما في الصدور، ويحققها لك إن كانت خيراً، وأنه يُحسن إلى عباده من حيث لا يحتسبون؛ فإذا يسَّر الله لعبده طريق الإسلام والإيمان؛ فقد لطف به، وإذا رزقه بترك المعاصي فقد لطف به، وإن رزقه الاهتمام بالصلوات جماعة مع المسلمين، وإن فقَّهه في الدين وأركانه فقد لطف به، وإذا دفع عنه السوء والمكروه فقد لطف به، وإذا نجَّاه من المرض أو حادث أو خلاف ذلك فقد لطف به؛ فعلينا أن نؤمن بلطف الله لنا، ونؤمن ونثق به -سبحانه وتعالى- في كل الأقدار التي تحصل لنا من خير أو شر، ولنعلم أنها من لطف الله، نسأل الله -عز وجل- أن يلطف بنا في كل الأمور؛ إنه هو اللطيف الخبير.
ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَيْنًا إلا قضيته، ولا عسرًا إلا يسَّرته، ولا مريضًا إلا شفيته.
اللهم وفق ولي أمرنا لما يرضيك، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، وأبعد عنه بطانة السوء الفاسدة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.