البحث

عبارات مقترحة:

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

تعظيم الصلاة وحكم تاركها

العربية

المؤلف محمد بن مبارك الشرافي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصلاة
عناصر الخطبة
  1. تهاون كثير من المسلمين في الصلاة .
  2. تعظيم الإسلام لأمر الصلاة .
  3. حكم تارك الصلاة وأدلته .
  4. ما يترتب على ترك الصلاة من أحكام .
  5. دعوة إلى التوبة. .

اقتباس

إِنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ, وَالسِّلْمِ وَالْحَرْبِ, وَالْبَرْدِ وَالْحَرِّ, وَفِي كُلِّ حَالٍ وَفِي كُلِّ حِينٍ, إِنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ رِجَالاً وَنِسَاءً, فَقُرَاءَ وَأَغْنِيَاءَ, حُكَّامَاً وَمَحْكُومِينَ, كَيْفَ يَتَهَاوَنُ مَنْ يُرِيدُ نَجَاةَ نَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فِي أَمْرٍ أَوْجَبَتِ الشَّرِيعَةُ أَنْ يُؤْمَرَ بِهَا الطِّفْلُ إِذَا بَلَغَ السَّابِعَةَ, وَيُضْرَبَ عَلَى التَّهَاوُنِ بِهَا إِذَا بَلَغَ الْعَاشِرَةَ؛ فَكَيْفَ بِالْكَبِيرِ؟!...

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابَاً مَوْقُوتَا, وَرَتَّبَ عَلَى فِعْلِهَا الثَّوَابَ, وَعَلَى تَرْكِهَا شَدِيدَ الْعِقَاب, وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْوَاحِدُ التَّوَّاب, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, دَلَّ الْعِبَادَ عَلَى طَرِيقِ الْهِدَايَةِ وَالصَّوَاب, صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِ الْمَآب.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِمَّا يُقِضُّ الْمَضْجَعَ وَيُدْمِي الْقَلْبَ وَيَحْزَنُ لَهُ الْفُؤَادُ مَا يَقَعُ فِيهِ بَعْضُ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ تَرْكِ صَلَاةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, مَعَ مَا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ الْكَثِيرَةُ مِنْ تَعْظِيمِ أَمْرِهَا وَالاهْتِمَامِ بِشَأْنِهَا.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: كَيْفَ يَقَعُ هَذَا التَّهَاوُنُ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ, وَالْعِبَادَةِ التِي فَرَضَهَا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى رَسُولِهِ بِنَفْسِهِ فِي السَّمَاءِ فِي لَيْلَةِ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ, وَالرُّكْنِ الذِي جَعَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمُودَ الإِسْلَامِ؟! كَيْفَ يَتَكَاسَلُ الْمُسْلِمُ عَنِ الصَّلَاةِ وَهِيَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَنْهُ مِنْ عَمَلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟! كَيْفَ يَتْرُكُ الْمُسْلِمُ الصَّلَاةَ التِي فِيهَا نَجَاتُهُ وَبِهَا سَعَادَتُهُ وَعَلَيْهَا مَدَارُ اسْتِقَامَةِ حَيَاتِهِ؟!.

إِنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ, وَالسِّلْمِ وَالْحَرْبِ, وَالْبَرْدِ وَالْحَرِّ, وَفِي كُلِّ حَالٍ وَفِي كُلِّ حِينٍ, إِنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ رِجَالاً وَنِسَاءً, فَقُرَاءَ وَأَغْنِيَاءَ, حُكَّامَاً وَمَحْكُومِينَ, كَيْفَ يَتَهَاوَنُ مَنْ يُرِيدُ نَجَاةَ نَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فِي أَمْرٍ أَوْجَبَتِ الشَّرِيعَةُ أَنْ يُؤْمَرَ بِهَا الطِّفْلُ إِذَا بَلَغَ السَّابِعَةَ, وَيُضْرَبَ عَلَى التَّهَاوُنِ بِهَا إِذَا بَلَغَ الْعَاشِرَةَ؛ فَكَيْفَ بِالْكَبِيرِ؟!.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُون: إِنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا النَّجَاةُ, وَإِنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ سَبِيلُ الْهَلَاكِ وَالْخَرَابِ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا, وَذَلِكَ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ كَافِرٌ خَارِجٌ عَنِ الْمِلَّةِ خُرُوجَاً أَكْبَرَ, وَإِذَا مَاتَ عَلَى ذَلِكَ حَشَرَهُ اللهُ مَعَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأَبِي جَهْلٍ, وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-؛ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[مريم: 59]؛ فَتَارِكُ الصَّلاةِ مُتَوَعَّدٌ بِغَيٍّ, وَهُوَ الْعَذَابُ الشَّدِيدُ الْمُضَاعَفُ فِي جَهَنَّمَ, وَقِيلَ: إِنَّ غَيَّ بِئْرٌ فِي أَسْفَلِ جَهَنَّمَ يَسِيلُ فِيهَا صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ, وَقِيلَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَسْتَعِيذُ مِنْهُ أَوْدِيتَهَا.

وَقَالَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)[التوبة: 11]؛ فَدَلَّتِ الآيَةُ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَيْسَ أَخَاً لَنَا فِي الدِّينِ, مَعَ أَنَّ أُخُوَّةُ الإِيمَانِ لا تَنْتَفِي إِلَّا بِالْكُفْرِ الأَكْبَرِ, وَأَمَّا الْمَعَاصِي بَلِ الْكَبَائِرُ فَلا تَنْفِي ذَلِكَ, بِدَلِيلِ أَنَّ قِتَالَ الْمُسْلِمِ مِنَ الْمُوبِقَاتِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلا يَنْفِي الأُخُوَّةَ الإِيمَانِيَّةَ, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ)[البقرة: 178]؛ فَتَأَمَّلْ -يَا مُؤْمِنُ- كَيْفَ سَمَّى اللهُ الْقَاتِلَ أَخَاً لِلْمَقْتُولِ, بَيْنَمَا نَفَى الأُخُوَّةَ عَنْ تَارِكِ الصَّلَاةِ!.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَةِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ), وَعَنْ -بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الْعَهْدُ الذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ؛ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ"(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ).

فَهَذِهِ الأَدِلَّةُ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ وَالسُّنَّة النَّبَوِيَّةُ تَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى خُرُوجِ تَارِكِ الصَّلَاةِ مِنْ مِلَّةِ الإِسْلَامِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَقَدْ جَاءَ الحُكْمُ بِكُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ عَنِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَعَنِ السَّلَفِ عَلَيْهِمْ -رَحْمَةُ اللهِ-, قَالَ عُمُرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "لاحَظَّ فِي الإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ", وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "مَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ", وَقَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ شَقِيقٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يَرَوْنَ مِنَ الأَعْمَالِ شَيْئَاً تَرْكُهُ كُفْرٌ إِلَّا الصَّلَاةُ"(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ), وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهِ-: "تَرْكُ الصَّلَاةِ كُفْرٌ لا يُخْتَلَفُ فِيهِ".

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَكَذَا سَمِعْتُمْ الأَدِلَّةَ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ السَّلَفِ وَاضِحَةً فِي كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ, فَكَيْفَ يَجْرُؤُ امْرُؤٌ يَنْتَسِبُ للإِسْلَامِ أَنْ يَتْرُكَ الصَّلَاةَ؟ هَلْ هَذَا إِلَّا ضَلَالٌ فِي الدِّينِ وَخَبَلٌ فِي الْعَقْلِ؟!.

أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: إِذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِإِنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ دُنْيَوِيَّةٌ وَأَحْكَامٌ أُخْرَوِيَّةٌ؛ فَمِنَ الأَحْكَامِ:

أَنَّهُ يَخْرَجُ عَنْ مِلَّةِ الإِسْلَامِ وَيَرْتَفِعُ عَنْهُ اسْمُ الإِيمَانِ وَيَدْخَلُ فِي الْكُفْرِ؛ فَيُقَالُ: فُلانٌ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الإِسْلَامِ شَرَفٌ لا يَسْتَحِقُّهُ تَارِكُ الصَّلَاةِ.

وَمِنَ الأَحْكَامِ: أَنَّهُ تَرْتَفِعُ وِلايَتَهُ عَنْ أَقَارِبِهِ مِنْ بَنَاتٍ وَأَخَوَاتٍ وَغَيْرِهِنَّ, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)[النساء: 141].

وَمِنْهَا: أَنَّ زَوْجَتَهُ تَطْلُقُ مِنْهُ, وَلا يَحِلُّ لَهَا الْبَقَاءُ مَعَهُ وَلا يَرَاهَا وَلَا يَخْلُو بِهَا, فَضْلَاً عَنْ جِمَاعِهَا, فَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ-, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ)[الممتحنة: 10].

وَعَلَيْهِ فَمِنَ الْغَلَطِ الْعَظِيمِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يُزَوِّجُونَ بَعْضَ الأَقَارِبِ مِنَ الشَّبَابِ وَهُوَ لَا يُصَلِّي, وَيَقُولُونَ: لَعَلَّ اللهُ يَهْدِيهِ إِذَّا تَزَوَّجَ! وَهَذَا خَطَأٌ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ, فَكَيْفَ يُمَكَّنُ هَذَا الْفَاجِرُ مِنَ الْمُؤْمِنَةِ الْعَفِيفَةِ؟!.

وَمِنَ الأَحْكَامِ: أَنَّهُ لا يَرِثُ وَلا يُورَثُ, فَلَوْ مَاتَ لَهُ قَرِيبٌ كَالأَبِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لا يُعْطَى مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْئاً, بَلْ يُوَزَّعُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ الآخَرِينَ, وَهَكَذَا لَوْ مَاتَ هُوَ فَإِنَّ تَرِكَتَهُ تَذْهَبُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلا يَرِثُهُ أَوْلَادُهُ وَلا وَالِدَاهُ وَلا أَقَارِبُهُ, فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ اَلكَافِرَ, وَلَا يَرِثُ اَلكَافِرُ اَلْمُسْلِمَ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْه).

أَسْأَلُ اللهُ لِي وَلَكُمْ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الْعَافِيَةَ وَالسَّلَامَةَ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ الْعَظِيمِ وَهُوَ تَرْكُ الصَّلَاةِ, أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ الله العَظِيمَ لي ولكُم فاستغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَمِنَ الأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ: أَنَّ تَارِكَهَا إِذَا مَاتَ لا يُغَسَّلُ وَلا يُكَفَّنُ وَلا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلا يُدْعَى لَهُ, وَلا يُقْبَرُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ, بَلْ يُبْحَثُ عَنْ مَقْبَرَةِ كُفَّارٍ فَيُوضَعُ مَعَهُمْ, أَوْ يُحْفَرُ لَهُ حُفْرَةٌ بَعِيدَةٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَيُوَارَى فِيهَا كَمَا تُوَارَى جُثَثُ الْكِلابِ وَالْمَيْتَاتِ, نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ حَالِهِ!.

وَمِنَ الأَحْكَامِ: أَنَّهُ يَجِبُ قَتْلُهُ مُرْتَدًّا؛ فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي رَجُلٍ أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ, قَضَاءُ اللهِ وَرَسُولِهِ, فَأُمِرَ بِهِ فَقُتِلَ, وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ"(رَوَاهُمَا البُخَارِيُّ).

وَمِنَ الأَحْكَامِ : أَنَّهُ فِي الآخِرَةِ يَدْخُلُ النَّارَ وَلا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَداً, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا)[الأحزاب: 64 - 66].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ, أَيُّهَا الشَّبَابُ: فَإِنَّ بَابَ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ, وَاللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يَتُوبُ عَلَى مَنْ تَابَ مَهْمَا بَلَغَتْ ذُنُوبُهُ, بَلْ وَيُبَدِّلُهَا حَسَنَاتٍ, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)[الزمر: 53، 54], وعن أَنَسِ بنِ مالكٍ الأنصاريِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "للهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يتوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتهِ بأرضٍ فَلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابهُ فأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتى شَجَرَةً فاضطَجَعَ في ظِلِّهَا وقد أيِسَ مِنْ رَاحلَتهِ، فَبَينَما هُوَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ بِها قائِمَةً عِندَهُ، فَأَخَذَ بِخِطامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أنْتَ عَبدِي وأنا رَبُّكَ! أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

فَاللَّهُمَّ ارْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحاً, وَأَصْلِحْ لَنَا قُلُوبَنَا وَأَعْمَالَنَا, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ لِذُنُوبِنَا فَاغْفِرْ لَنَا, اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا خَطِيئَاتِنا وَجَهْلَنَا, وَإِسْرَافَنا فِي أَمْرِنا وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا, اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا جِدَّنا وَهَزْلَنا, وَخَطَأَنا وَعَمْدَنا وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَنا, اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَنا مَا قَدَّمْنا, وَمَا أَخَّرْنا, وَمَا أَسْرَرْنا وَمَا أَعْلَنَّا, وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّا, أَنْتَ اَلْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ, وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ, وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.