البحث

عبارات مقترحة:

النصير

كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

ذوي الإعاقة

العربية

المؤلف صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. سبق الإسلام العالم بأسره إلى العناية بذوي الإعاقة .
  2. مظاهر اهتمام الإسلام وعنايته بذوي الإعاقة .
  3. آداب يجب مراعاتها عند التعامل مع ذوي الإعاقة .

اقتباس

لَقَدْ سَبَقَ الْإِسْلَامُ الْعَالَمَ بِأَسْرِهِ بِالْعِنَايَةِ بِذَوِي الإِعَاقَة الَّتِي تَتَفَاوَتُ احْتِيَاجَاتُهُمْ، فَمُصْطَلَحُ ذَوِي الإِعَاقَة يَشْمَلُ فِئَاتٍ عِدَّةً، مِنْ أَمْرَاضٍ جَسَدِيَّةٍ كَانَ لِلِابْتِلَاءِ وَالْأَمْرَاض سَبَبٌ فِي احْتِيَاجَاتِهِمْ، وَعَاهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ بَعْضُهَا ذِهْنِيَّةٌ، فَاهْتَمَّ الْإِسْلَامُ بِهِمْ أَيّمَا اهْتِمَامٍ، وَمِنْ ذَلِكَ: أولا: رَفَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ وَالْإِثْمَ عَنْهُمْ عِنْدَمَا...

الخطبة الأولى:

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ النَّاظِرَ فِي هَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ يَجِدُهُ دِينًا لَمْ يَدَعْ شيئًا فِيهِ صَلَاحُ النَّاسِ إِلَّا وَاهْتَمَّ بِهِ وَرَعَاهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ.

لَقَدْ سَبَقَ الْإِسْلَامُ الْعَالَمَ بِأَسْرِهِ بِالْعِنَايَةِ بِذَوِي الإِعَاقَة الَّتِي تَتَفَاوَتُ احْتِيَاجَاتُهُمْ، فَمُصْطَلَحُ ذَوِي الإِعَاقَة، يَشْمَلُ فِئَاتٍ عِدَّةً، مِنْ أَمْرَاضٍ جَسَدِيَّةٍ كَانَ لِلِابْتِلَاءِ وَالْأَمْرَاض سَبَبٌ فِي احْتِيَاجَاتِهِمْ، وَعَاهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ بَعْضُهَا ذِهْنِيَّةٌ، فَاهْتَمَّ الْإِسْلَامُ بِهِمْ أَيّمَا اهْتِمَامٍ، وَمِنْ ذَلِكَ: أولا: رَفَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ وَالْإِثْمَ عَنْهُمْ عِنْدَمَا يُنَادِي وَلِيُّ الْأَمْرِ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمْ، وَوُجُودِ الْمَوَانِعِ الَّتِي تَمْنَعُهُمْ، قَالَ تَعَالَى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ)[النــور: 61].

ثانيا: وَسَلَّى وَصَبَّرَ الْمَرْأَةَ الَّتِي أُصِيبَتْ بِالصَّرْعِ، فَقَالَ: "إِنْ شِئْت صَبرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ"(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِيهِمَا).

ثالثا: أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ "يَؤُمُّ النَّاسَ أَنْ يُخَفِّفَ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِلْمُحْتَاجِ"، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّف، فَإِنَّ مِنْهُمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ).

رابعا: رَخَّصَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِلْمَرِيضِ بِالصَّلَاةِ حَسَبَ حَالِهِ، وَذَلِكَ حِينَمَا زَارَ عُمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ وَكَانَ مَرِيضًا، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صِلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِكَ"(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ).

خامسا: أَذِنَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمَرِيضِ بِأَنْ يَشْتَرِطَ عِنْدَ حَجِّهِ، فَقَالَ لِعَمَّتِهِ: "مَا يَمْنَعُكِ يَا عَمَّتَاهُ مِنْ الْحَجِّ؟" فَقَالَتْ: "أَنَا امْرَأَةٌ سَقِيمَةٌ، وَأَنَا أَخَافُ الْحَبْسَ"، فَقَالَ: "فَأَحْرِمِي وَاشْتَرِطِي مَحَلَّكِ حَيْثُ حبُسْتِ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ)، فَهُنَا رَاعَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرِيضَ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ رَحْمَةً بِهِ.

سادسا: "أَذِنَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِرَجُلٍ أَصَابَتْهُ حَكَّةٌ"(بِلِبْسِ الْحَرِيرِ)(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ) مَعَ حُرْمَةِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ.

سابعا: وَرَخَّصَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِرَجُلٍ قُطِعَ أَنْفُهُ "بِأَنْ يَتَّخِذَ أنفًا مِنْ الذَّهَبِ"(أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ) مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ مَنَعُ الرِّجَالِ مِنْ الذَّهَبِ، لَكِنَّهُ رَخَّصَ لَهُ بِالذَّهَبِ رِعَايَةً لِحَالِهِ.

ثامنا: لَمَّا كَانَ الْعَمَى مِنْ أَكْثَرِ وأَشَدِّ الِابْتِلَاءَاتِ الَّتِي يُصَابُ بِهَا النَّاسُ، فَقَدْ سَلَّاهُمْ وَصَبَّرَهُمْ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِيه عَنْ رَبِّهِ: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلِيتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبرَ، عَوَّضْتُهُ بِهِمَا الْجَنَّةَ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

تاسعا: وَأَنْزَلَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنَازِلَهُمْ، وَأَعْطَاهُمْ مِنْ الْقِيمَةِ وَالْمَكَانَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّونَهَا؛ لِأَنَّ مَا أَصَابَهُمْ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَدَاءِ مَا كُلِّفُوا بِهِ، فَجَعَلَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَهُوَ أَعْمَى، مُؤَذِّنًا لَهُ، وَاسْتَخْلَفَهُ نَائِبًا لَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ عَام الْفَتْحِ.

عاشرا: وَحَذَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مِنْ الْإِسَاءَةِ إِلَى ذَوِي الإِعَاقَةِ، الَّتِي قَدْ تُعِيقُهُمْ عَنْ مَعْرِفَةِ طُرُقِهِمْ، فَقَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ كَمَهَ أَعْمَى عَنْ الطَّرِيقِ"(أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ)، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ضَلَّلَ أَعْمَى وَلَمْ يُرْشِدْهُ إِلَى الطَّرِيقِ الصَّحِيحِ".

الحادي عشر: وَأَشْفَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الضُّعَفَاءِ، فَقَالَ: "ابْغُوْنِي الضُّعَفَاءَ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ"(أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ لَا يَقِلُّ عَنْ الْحَسَنِ).

الثاني عشر: وَقَدْ اهْتَمَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بِذَوِي الإِعَاقَة، حَيْثُ أَوْرَدَ الْجَوْزِيُّ فِي سِيرَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز أَنَّهُ قَالَ أَنْ "ارْفَعُوا إِلَيَّ كُلَّ أَعْمَى أَوْ مُقْعَدٍ أَوْ مَنْ بِهِ فَالِجٌ أَوْ مَنْ بِهِ زَمَانَةٌ تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِيَامِهِ إِلَى الصَّلَاةِ"، فَرَفَعُوا إِلَيْهِ، وَأَمَرَ لِكُلّ كَفِيف بِمَنْ يَقُودُهُ وَيَرْعَاهُ، وَلِكُلّ مُحْتَاجٍ بِخَادِمٍ يَخْدِمُهُ وَيَرْعَاهُ.

الثالث عشر: حَرَّمَ الْإِسْلَامُ السُّخْرِيَةَ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[الحجرات: 11].

الرابع عشر: بَلْ نَجِدُ الرَّسُولَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَعَامَلُ حَتَّى مَعَ الَّذِينَ فِي عَقْلِهِمْ شَيْءٌ مُعَامَلَةً قُلَّ نَظِيرُهَا، رُوِي عن أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي عِنْدَك حَاجَةً؟ فَقَالَ: "يَا أَمَّ فَلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِيَ حَاجَتَكِ"(رَوَاهُ مُسْلِم).

اللَّهُ أَكْبَرُ! مَا أَرْحَمَ نَبِيَّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَقَدْ جُعِلَ لَهُ -النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اخْتِيَارُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لِيَسْمَعَ لِشَكْوَاهَا، فَلَمْ يَحْتَقِرْهَا، وَلَمْ يَتَنَقَّصْ مِنْهَا وَلَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا، بَلْ أَعْطَاهَا جزءًا مَنْ وَقْتِهِ لِيَسْتَمِع لَهَا، فِي حِينِ نَرَى فِئَةً مِنْ النَّاسِ يَتَعَامَلُونَ مَعَ مَنْ فِي عُقُولِهِمْ شَيْءٌ بِالسُّخْرِيَةِ، وَيَجْعَلُونَهُمْ مَجَالًا لِلتَّنَدُّرِ، فَالرَّسُول -صَلَّى اللَّهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِ، فقال عنه اللَّهُ -عَزَّ وجَلَّ-: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)[التوبة: 128-129].

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَة الثَّانِيَة:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

عِبَادَ اللَّه: إِنَّ أَصْحَابَ ذَوِي الإِعَاقَة قَدْ لَا تَكُونُ الْيَوْمَ مِنْهُمْ وَقَدْ تَكُونُ غدًا واحدًا مِنْهُمْ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ فَعَلَيْك عِنْدُ التَّعَامُلِ مَعَهُمْ بِأَنْ تَحْتَسِبَ الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي بَعْضُ الْأُمُورِ؛ وَمِنْهَا: أولا: أَلَّا يَقِفَ أَحَدٌ فِي مَوْقِفٍ قَدْ خُصِّصَ لِذَوِي الإِعَاقَة؛ كالتي عِنْدَ الْمُسْتَشْفَيَاتِ، وَالْمَسَاجِدِ، وَالْجَامِعَاتِ، وَغَيْرهَا، فَلَا تُنَافِسهُمْ عَلَى  مَوَاقِفْ خُصِّصَتْ  لَهُم، أَوْ  تَحْسُدُ أَحَدُهُم عَلَى قُرْبِ مَكَانِهِ الَّذِي هُيِّئَ لَهُ، فَانْظُرْ إِلَى أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَكَ بِقَدَمَيْنِ تَمْشِي عَلَيْهِمَا؛ فَإِنَّ مِنْ الْمَعِيبِ حَقًّا وَمِنْ الظُّلْمِ وَالْخَطَأِ، أَنْ يَقِفَ إِنْسَانٌ فِي مَوْقِفٍ قَدْ خُصِّصَ لِغَيْرِهِ، وَهَذَا مِنْ الاِعْتِدَاءِ وَالظُّلْمِ، فَكَيْفَ بِمَكَانٍ قَدْ خُصِّصَ لِمَرِيضٍ قَدْ يَتَضَرَّرُ مِنْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ، وَقَدْ تَشْتَدُّ عَلَيْهِ الْإِعَاقَةُ؟!

ثانيا: يُسْتَحْسَنُ أَنْ تُوضَعَ فِي الْمَسَاجِدِ، مَدَاخِلُ خَاصَّةٌ لِأَصْحَابِ الْعَرَبَاتِ، حَتَّى لَا يُشَقَّ عَلَيْهِمْ عِنْدَ الدُّخُولِ، وَمِنْ أَسْوَأِ الْمَنَاظِرِ أَنَّ بَعْضَ الْمُصَلِّينَ يَضَعُ حِذَاءَهُ فِي مَدَاخِلِ الْمَسَاجِدِ، وَتُعِيقُ النَّاس عَنْ الدُّخُولِ، وَخَاصَّةً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَحْتَاجُونَ إِلَى الْعَرَبَةِ؛ فَهِيَ تُعَرْقِلُ سَيْرَهُمْ فَيَتَضَرَّرُونَ مِنْهَا.

ثالثا: مَا أَطِيبَ أَنْ يَجْعَلَ الْإِنْسَانُ فِي مَسْكَنِهِ مَدْخَلًا مُهَيَّأً لِدُخُولِ ضُيُوفِهِ مِنْ ذَوِي الإِعَاقَةِ؛ فَكَيْفَ لَوْ كَانَ الضَّيْفُ هُوَ صَاحِبَ الدَّارِ وَأَعَزَّ مَنْ يَدْخُلُ الدَّارَ، وَالدَكَ أَوْ وَالِدَتَكَ؟!

رابعا: -عِبَادَ اللَّهِ- وَلَقَدْ اهْتَمَّتْ بِلَادُنَا بِأَصْحَابِ ذَوِي الإِعَاقَةِ اهْتِمَامًا عَظِيمًا، وَوَضَعَتْ لَهُمْ مَزَايَا وَخَصَائِصَ، وَأَوْلَوِيَّاتٍ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، جَعَلَهَا اللَّهُ فِي مَوَازِينِ حَسَنَاتِهِمْ، فَعَلَى كُلٍّ مِنَّا أَنْ يَهْتَمَّ بِهِم، وَيُّحْسِن التَّعَامُلَ مَعَهُمْ.

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن.

الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى.

الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ.

الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ.

الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَر.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].

(رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ)[آل عمران: 193].

(رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)[آل عمران: 194].

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ)[الصافات: 180-182].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...