التواب
التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...
العربية
المؤلف | هلال الهاجري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
إنَّ أعظمَ ما يُواجهُ به فِكرُ الإلحادِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، هو تربيةُ أنفسِنا وأبنائنا على الإيمانِ والقرآنِ؛ ففيه الهُدى والنُّورُ، وفيه انشراحُ الصُّدورِ،.. وكلُّ حُجَّةٍ ومهما رآها النَّاسُ كصخرةٍ كبيرةٍ، تَتَفتَّتُ إذا اصطدمتْ في آياتِ اللهِ المُنيرةِ.. القرآنُ له أثرٌ عجيبٌ في ترسيخِ الإيمانِ باللهِ في سِياقِ الآياتِ، فها هو يُناقشُ العقولَ الصَّحيحةَ في النَّظرِ إلى المَخلوقاتِ..
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ؛ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسـولُه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإنَّ أحسنَ الحديثِ كلامُ اللهِ تعالى، وخيرَ الهديِّ هديُ مُحمدٍ -صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ-، وشرَّ الأمورِ مُحْدثاتُها، وكُلَّ مُحْدَثةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضَلالةٍ في النَّارِ.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ، فَقَرَأَهُ على النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَضِبَ، وَقَالَ: "أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً .. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتْبَعَنِي".
لا إلهَ إلا اللهُ.. هل سمعتم؟ عُمرُ الفاروقُ الذي فرقَ اللهُ -تعالى- به بينَ الحقِّ والباطلِ.. عُمرُ، الذي ما سلكَ طريقاً إلا سلكَ الشَّيطانُ طريقاً غيرَه .. عُمرُ، الذي قالَ فيه: "إنَّ اللَّهَ جعلَ الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِهِ".. عُمرُ، الذي قالَ فيه: "إنَّه كَانَ فيما مَضى قَبلَكم مِن الأُمَّمِ مُحَدَّثونَ، وإنَّه إنْ كانَ في أُمتي مِنهُم، فإنَّه عُمرُ بنُ الخطابِ".. غَضبَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خوفاً على دِينِ عمرَ عندما جاءَه ببقايا كتابٍ سماويٍّ مُحرَّفٍ قد اختلطَ فيه الحقُّ والباطلُ، وخافَ عليهِ من الشَّكِّ والحِيرةِ والفتنةِ.
فكيفَ بغيرِ عُمرَ ممن لم يكتملْ دينُه وعلمُه، وهو يقرأُ في كُتبِ الضَّلالِ والإلحادِ، ويستمعُ إلى دُعاةِ الشَّرِّ والفسادِ، وإذا قيلَ له ألا تخافُ على دينِكَ من الانحلالِ، نظرَ إليكَ مُستغرباً وكأنَّه يقولُ بلسانِ الحالِ:
أَنَا ابنُ جَلَا وطَلَّاعُ الثَّنَايَا | متَى أضَعِ العِمامَةَ تَعرِفُوني |
أما عمرُ -رضيَ اللهُ عنه- فقد استفادَ من هذه النَّصيحةِ الصَّادقةِ، كما ذَكرَ ابنُ خلدونَ في تاريخِه: "لمَّا فَتحَ المسلمونَ أَرضَ فَارسٍ ووَجدوا فيها كُتبَاً كَثيرةً، كَتبَ سعدُ بنَ أبي وَقاصٍ إلى عُمرَ بنِ الخطابِ يَستأذنُه في شَأنِها وتَنقيلِها للمُسلمينَ، فكَتبَ إليهِ عمرُ أن اطرحوها في الماءِ، فإن يكنْ ما فيها هُدى، فقد هَدانا اللهُ بأَهَدى مِنهُ؛ وإن يكنْ ضَلالاً، فقد كَفانَاهُ اللهُ، فطَرحوها في الماءِ أو في النَّارِ".
الحقيقةُ الظاهرةُ اليومَ أنَّ الإلحادَ قد انتشرَ في بلادِ الغربِ والشَّرقِ كانتشارِ النَّارِ في الهَشيمِ، ولا غرابةَ، فهذه نتيجةٌ طبيعيَّةٌ في أوساطِ بلادِ الكُّفرِ والشِّركِ، لمُصادمةِ الأديانِ المُحرَّفةِ والاعتقاداتِ الوثنيةِ للفِطرةِ الصَّافيةِ والعقلِ السَّليمِ، وأما ما يُسمعُ من عِباراتِ الإلحادِ من بعضِ شبابِ الإسلامِ، فقد يُقالُ: إنَّه موضةٌ جديدةٌ وتقليدٌ أَعمى، كعادتِنا في اتِّباعِ الأمُّمِّ الأخرى كما أخبرَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْراً بِشِبْرٍ، وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ، حَتّىَ لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ"، وقد يكونُ مِن أسبابِه:
الإعجابُ بحضارةِ الغربِ والشَّرقِ التي تخطفُ أبصارَ الأعيانِ، واعتقادُ أنَّهم وصلوا لذلكَ بسببِ الإعراضِ عن الأديانِ. ودعوني أُصارحكُم في أنَّ الغربَ كانَت له بدايةٌ صحيحةٌ، هي التي أوصلتْه إلى الرُّقيِّ والعلمِ والازدهارِ، كما شَهدَ بهذهِ الحقيقةِ واحدٌ من كِبارِ فَلاسفةِ الغَربِ وعلمائهم، وهو الطَّبيبُ والمؤرخُ الفَرنسيٌّ "غُوستاف لوبون"؛ حُيثُ قَالَ في كِتابِه: "حَضارةِ العَربِ": "إنَّ حَضارةَ العَربِ المسلمينَ قد أَدخلتْ الأُمَمَّ الأُوروبيةَ الوَحشيةَ في عَالمِ الإنسانيةِ، وإنَّ جَامعاتِ الغربِ لم تَعرفْ لها مَوردًا عِلميًّا سِوى مُؤلفاتِ العربِ؛ فهم الذينَ مَدَّنوا أُوروبا مَادةً وعَقلًا وأَخلاقًا، والتَّأريخُ لا يَعرفُ أُمَّةً أَنتجتْ مَا أَنتجوهُ".
مَا الغَرْبُ لَوْ لَمْ تَكُنْ أَنْوَارُ أندَلُسٍ؟ | نِلْنَا الثُّرَيَّا وَهُمْ في التِّيهِ قَدْ هَامُوا |
نَحْنُ الذِّينَ بَنَيْنَا أُسَّ نَهْضَتِهمْ | وَكَانَ يَحْكُمُهُمْ جَهْلٌ وظُلاَّمُ |
لَكِنَّهُمْ نَهَضُوا في حِينِ كَبْوتِنَا | هُمْ أَدْلَجُوا وَبُنَاةُ المَجْدِ قَدْ نَامُوا |
أما اليومُ: فلو تأملنا قليلاً، لعلمنا عِلمَ يقينٍ أنَّها أصبحتْ كفقاعةِ الصَّابونِ، كبيرةٌ وتتلألأُ ولكنَّها خاويةٌ من الدَّاخلِ، ولرأينا رأيَ العينِ أنَّهم أترفوا البدنَ ونَسوا الرُّوحَ، وأشغلوا العقلَ وعطَّلوا القلبَ، وأنَّ هذا النَّوعَ من نمطِ الحياةِ لا يُمكنُ أن يدومَ طويلاً، كما قالَ الفيلسوفُ الألمانيُّ "اشبنجلر" في كتابِه تدهورِ الحضارةِ الغربيةِ: "إنَّ حَضارةَ الغربِ جَاوزتْ مَرحلةَ الشَّبابِ والقَوَّةِ، ودَخلتْ في مَرحلةِ التَّدهورِ والشَّيخوخةِ".
قد يكونُ من الأسبابِ، هو الانفتاحُ على ثقافاتِ العالمِ المُختلفةِ، والاطِّلاعُ على كلامِ ونظرياتِ الفلاسفةِ، والمليئةِ بالإلحادِ من خِلالِ الكُتبِ والأفلامِ والمقاطعِ المُترجمةِ وغيرِ المُترجمةِ، ولا شكَ أن كلامَ الفلاسفةِ له تأثيرٌ عجيبٌ فعَّالٌ، وله رونقٌ وجمالٌ، ولكنَّ عاقبتَه شرٌّ ووبالٌ، بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ، فهم يُعظِّمونَ العقلَ وينسونَ خالقَ العقلِ، ويؤمنونَ بالأشياءِ الحِسيَّةِ ويكفرونَ بالأشياءِ الغيبيةِ، فيبقى الشَّابُ والفتاةُ في حِيرةٍ من أمرِه، وفي صراعٍ نفسيٍّ بينَ إيمانِه وبينَ تلكَ الكلماتِ الرَّنانةِ.
وكلما أتعبوا العُقولَ، وحاولوا معرفةَ المجهولِ، لسانُ حالِهم في آخرِ حياتِهم يقولُ:
نِهَايَةُ إِقْدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ | وَغَايَةُ سَعْيِ الْعَالَمِينَ ضَلَالُ |
وَأَرْوَاحُنَا فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا | وَحَاصِلُ دُنْيَانَا أَذًى وَوَبَالُ |
قد يكونُ من الأسبابِ، هو كبتُ ذكاءِ الطِّفلِ وهو صغيرٌ، وزجرُه عندما يطرحُ السؤالَ الخطيرَ، من هو اللهُ؟، هل اللهُ مثلُنا؟، كيفَ يرانا اللهُ ونحن داخلَ البيتِ؟، لماذا نمرضُ؟، لماذا نموتُ؟، وغيرُها من الأسئلةِ الصَّعبةِ والتي توافقُ خيالَ الطَّفلِ الواسعَ.. فإذا وجدَ التَّعنيفَ والصُّدودَ في الإجابةِ عن أسئلتِه، فإنَّه قد يذهبُ لمصادرَ غيرِ صحيحةِ للحصولِ على المعلومةِ، أو سيبقى في شكٍّ وفي حيرةٍ، وهذا قد يُؤثرُ على كلِّ ما يتلقَّاهُ مُستقبلاً من مسائلِ الإيمانِ والعقيدةِ.
فما أجملَ أن تقولَ له إن كُنتَ لا تعلمُ: لا أعلمُ، ولكنَّه سؤالٌ جيدٌ، وسأبحثُ عن إجابتِه، ثُمَّ تبحثُ عن الإجابةِ عندَ أهلِ الاختصاصِ، ولا تتركُه هكذا يتخبَّطُ بينَ الشُّبهاتِ، ويعتقدُ أن في دينِه تناقضاتٍ.
قد تكونُ من الأسبابِ، هو حبُّ الشُّهرةِ ومخالفةِ المألوفِ، وصرفُ النَّظرِ إليه وجمعُ المتابعينَ بالألوفِ.
وقد يكونُ لأجلِ الانغماسِ في الشَّهواتِ، فلا يُريدُ نَفساً تلومُه على ما فاتَ، وقد يكونُ لعاملٍ نفسيٍّ كموقفٍ شخصيٍّ، وقد يكونُ لسببٍ مَرضيٍّ كوسواسٍ قهريٍّ .. وقد يكونُ .. وقد يكونُ .. في أسبابٍ كثيرةٍ لا تُعدُّ ولا تُحصى.
أستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم، ولسائرِ المسلمينَ من كلِّ ذنبٍ فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ هُوَ يَتَوَلَّى الصَالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إِلَى يَومِ الدِّينِ .. أَمَّا بَعْدُ:
أيُّها الأحبَّةُ: إنَّ أعظمَ ما يُواجهُ به فِكرُ الإلحادِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، هو تربيةُ أنفسِنا وأبنائنا على الإيمانِ والقرآنِ.. ففيه الهُدى والنُّورُ، وفيه انشراحُ الصُّدورِ، وفيه توضيحُ الأمورِ: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا)[الفرقان:33]، وكلُّ حُجَّةٍ ومهما رآها النَّاسُ كصخرةٍ كبيرةٍ، تَتَفتَّتُ إذا اصطدمتْ في آياتِ اللهِ المُنيرةِ: (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ)[الشورى:16].
حُجَجٌ تَهَافَتْ كَالزُّجَاجِ تَخَالُهَا | حَقًّا، وَكُلٌّ كَاسِرٌ مَكْسُورُ |
القرآنُ له أثرٌ عجيبٌ في ترسيخِ الإيمانِ باللهِ في سِياقِ الآياتِ، فها هو يُناقشُ العقولَ الصَّحيحةَ في النَّظرِ إلى المَخلوقاتِ، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[الأحقاف:4]، ثُمَّ يُخبرُهم أنَّه لا أحدَ غيرَه يستطيعُ خلقَ شيءٍ أبداً، ولو كانَ شيئاً حقيراً، (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)[الحج:73]، ثُمَّ يأتي السُّؤالُ الواضحُ في تقريرِ الحقيقةِ: (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)[إبراهيم:10]، وهكذا القرآنُ كلُّه في تسلسلٍ بديعٍ لتقريرِ التَّوحيدِ.
وأخيراً: مساكينُ هم الملاحدةُ؛ فإنَّ من أنصفَ الحُكمَ على كلامِهم وحالِهم، فإنَّه سيصلُ إلى النَّتيجةِ التي وصلَ إليها من قضى عُمرَه معهم، ثُمَّ وصفَ حالَهم في بيتينِ:
لَعَمْرِي لَقَدْ طُفْتُ الْمَعَاهِدَ كُلَّهَا | وَسَيَّرْتُ طَرْفِي بَيْنَ تِلْكَ الْمَعَالِمِ |
فَلَمْ أَرَ إِلَّا وَاضِعًا كَفَّ حَائِرٍ | عَلَى ذَقَنٍ أَوْ قَارِعًا سِنَّ نَادِمِ |
اللهمَّ يا مُقلبَ القلوبِ ثَبت قلوبَنا على دينِك وطاعتِك واصرف قلوبَنا عن معصيتِك، اللهمَّ ربَّنا نَسألُك أن لا تُزيغَ قلوبَنا بعد إذ هَديتَنا، وهَبْ لنا من لَدنكَ رحمةً إنَّك أنتَ الوهابُ.
اللهم زِدنا إيماناً ويقيناً وفِقهاً، للهم احفظ حدودَنا، وانصر جنودَنا، وأدم الأمنَ على بلادِنا وسائرِ بلادِ المسلمينَ.
اللهمَّ احفظْ عُقولَ شبابِنا وفتياتِنا من الفِتنِ يا سميعَ الدُّعاءِ، اللهم زَيِّنْ نساءَنا وبناتِنا بالتَّقوى والعفةِ والحشمةِ والحياءِ، ربَّنا آتنا في الدنيا حَسنةً وفي الآخرةِ حَسنةَ وقِنا عَذابَ النَّارِ.