العزيز
كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...
العربية
المؤلف | عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة الاستسقاء |
إن حاجتنا إلى الله -جلّ وعلا- وافتقارنا إليه سبحانه، هي أشد الحاجات وأعظم الضرورات، بل إننا لا غِنَى لنا عن ربنا -جلّ وعلا- طَرفَةَ عين، نحن بحاجة إلى الله في إصلاح أمور ديننا وإصلاح أمور دنيانا وإصلاح آخرتنا...
الحمد لله الحليم الشكور، الرحيم الغفور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
أيها المؤمنون عباد الله: اتقوا الله -جلّ وعلا-، وراقبوه في السر والنجوى، والغيب والشهادة، وتعرّفوا إلى الله -عز وجلّ- في الرخاء والشدة وفي اليسر والعسر، والجؤوا إليه -تبارك وتعالى-، واعلموا أنكم فقراء إلى الله لا غنى لَكم عن فضله ورحمته طَرفَةَ عين، يقول الله -جلّ وعلا-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) [فاطر: 15 – 17].
عبادَ الله: إن الخلائق جميعهم فقراءُ إلى الله -جلّ وعلا- من كل وجه، لا غنى لهم عن ربهم ومولاهم طرفة عين، والله -جلّ وعلا- غَنِيٌّ حميد، غني عن العِبادِ وعن طاعاتهم ودعواتهم وتوباتهم واستغفارهم، فهو -جلّ وعلا- لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين، لا تنفعه طاعة من أطاع ولا تضره معصية من عصاه: (فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا) [يونس: 108].
إن ربنا –سبحانه- غني شكور، رحيم غفور، تواب عظيم، يقبل التوبةَ عن عباده ويغفرُ السيئات، بيده سبحانه أَزِمَّةُ الأمور ومقاليد السموات والأرض، أمره -جلّ وعلا- نافذ في السموات وأقطارها وفي الأرض وأرجائها وفي الهواء والبر والجو وفي جميع أجزاء العالم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، سبحانه وتعالى: (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن: 29]، يغفر ذنبًا ويُفرِّجُ كربًا ويشفي مريضًا ويجبُر كسِيرًا، لا مُعقِّبَ لحكمه ولا رَادَّ لقضائه: (مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) [فاطر: 2].
عباد الله: إن حاجتنا إلى الله -جلّ وعلا- وافتقارنا إليه سبحانه، هي أشد الحاجات وأعظم الضرورات، بل إننا لا غِنَى لنا عن ربنا -جلّ وعلا- طَرفَةَ عين، نحن بحاجة إلى الله في إصلاح أمور ديننا وإصلاح أمور دنيانا وإصلاح آخرتنا، يقول –صلوات الله وسلامه عليه- كما في سنن أبي داود من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- يقول -صلى الله عليه وسلم-: "دعوات المكروب: اللهم رحمتَكَ أرجُو، فلا تكِلْني إلى نفسي طرفة عين، وأصلِح لي شأني كلَّه لا إله إلا أنت".
وتأملوا -رعاكم الله- هذه الدعواتِ المباركةَ والكلماتِ الجامعةَ، "اللهم رحمتك أرجو": فالعباد بحاجة إلى رحمة الله -عز وجلّ- وفضله وإحسانه، ولا غنى لهم عن الله طرفة عين، ولهذا قال: "ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"، ومن وُكِل إلى نفسه فإنه يُوكَل إلى ضعف وعجز وضَيعة، و"أصلح لي شأني كله"، فأنت بحاجة إلى الله بأن يصلِح لك شأنك كلَّه في أمورِك كلها وأحوالك جميعها، وتعلمون -رعاكم الله- ما يترتب على تأخر الأمطار عن وقت نزولها من جفافٍ في الأرض وضعف في الماشية وقلَّةٍ في الزروع وغير ذلك من الأضرار، وتعلمون -رحمكم الله- حاجتنا إلى الله -جلّ وعلا- وافتقارَنا إليه.
وقد شُرعت لنا هذه الصلاةُ لنجتَمع فيها متذللين إلى الله خاضعين بين يدي الله، نطلُب رحمتَه ونرجو فضلَه ونسأله -سبحانه- من فضله العظيم، فأقبِلُوا -أيها المؤمنون- إلى الله، أقبلوا إلى الله -عز وجلّ- إقبالاً صادقًا واسألوه -جلّ وعلا- فإنه لا يرد عبدًا دعاه ولا يُخَيِّبُ عبدًا ناداه، وهو القائل سبحانه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186]، وهو القائل سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60]، فألِحُّوا على الله -عز وجل- بالدعاء، وأقبلوا عليه إقبالاً صادقًا، وأكثروا من التوبة والاستغفار فإن الاستغفار سببٌ لحلول الخيرات وحصولِ البركاتِ ونزول الأمطار، يقول الله -جلّ وعلا- فيما ذكره عن عبده ونبيه نوح -عليه السلام- أنه قال لقومه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) [نوح: 10–12].
يقول الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه-: ما رأيت أحدًا أكثرَ من أن يقولَ: أستغفرُ الله وأتوبُ إليه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وكان الصحابة الكرام يُحْصُونَ عليه في المجلس الواحد: "أستغفر الله وأتوب إليه" أكثر من سبعين مرة، وكان -صلوات الله وسلامه عليه- يقول: "يا أيها الناس: استغفروا الله وتوبوا إليه، فإني أتوبُ في اليوم أكثر من مائة مرة"، والأحاديث في هذا المعني كثيرة.
عبادَ الله: إن ذنوبنا كثيرة وتقصيرَنا في جنب الله عظيم، ولا بد من عودة صادقة وأَوبةٍ حميدة ورجوعٍ إلى الله، فتوبوا إلى الله واستغفروه، توبوا إلى الله -عز وجل- من الذنوب كلِّها، دقها وجلها صغيرها وكبيرها، واعلموا أن الله -عز وجلّ- يغفر الذنوبَ ويعفو عن السيئات، لا يتعاظمُه ذنبٌ أن يغفرَه ولا حاجةٌ يُسألهُا أن يعطيهَا.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، اللهم اغفر لنا ذنوبنا يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنَّا وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، اللهم اغفر لنا ذنبنا كله، دقه وجله أوله وآخره سره وعلنه، اللهم اغفر لنا خطيئاتنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم اغفر لنا جدنا وهزلنا وخطأنا وعمدنا وإسرافنا في أمرنا، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم أنت ربُنا لا إله إلا أنت، أنت خلقتنا ونحن على عهدك ووعدك ما استطعنا، نعوذ بك اللهم من شر ما صنعنا، ونبوء لك بنعمتك علينا ونبوء بذنوبنا، فاغفر لنا فإنه لا يغفرُ الذنوب إلا أنت.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر ذنوب المذنبين وتب على التائبين، اللهم وفقنا لتوبةٍ نصوحٍ تمحو بها ذنوبنا وترفع بها درجاتِنا وترضى بها عنا يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، نستغفر الله العلي العظيم ونتوب إليه، نستغفر الله العلي العظيم ونتوب إليه، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا سَحًّا طبقًا نافعًا غير ضار عاجلاً غير آجل.
اللهم أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر، اللهم رحمتَك نرجو فلا تكِلنا إلى أنفُسِنا طرفَةَ عين، وأصلح لنا شأننا كله لا إله إلا أنت، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وزدنا ولا تنقصنا، وآثرنا ولا تُؤْثِر علينا، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين.
إلهنا وربَّنا وسيدنا ومولانا: إن منعتنا فمن الذي يعطينا، وإن طردتنا فمن الذي يُؤوينا، اللهم لا تكِلنا إلا إليك، اللهم لا تكلنا إلا إليك، اللهم لا تكلنا إلا إليك، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث واجعل فيما أنزلته علينا قوةً لنا وبلاغًا إلى حين، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم لا تُؤاخِذنا بما فعله السفهاء منا، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وتأسوا -رحمكم الله- بنبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم-، بقلب الرداء تفاؤُلاً بتغير الأحوال، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.