الشهيد
كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...
العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المهلكات |
ومعصية القول باللسان يدخل فيها الكلام بأمور شركية تُخرِج الإنسانَ من دينه أو تنقص إيمانه، ويدخل في الكلام قول الزور وشهادة الزور وهي الشهادة الكاذبة، ويدخل في آفات اللسان معاصي الناس بالسحر والكذب والدجل، وكذلك القذف وهو اتهام المسلمين والمسلمات بالزنا أو اللواط كذبًا وزورًا، بالإضافة إلى الغيبة والنميمة.
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سوف نتكلم في هذه الخطبة بمشيئة الله عن آفات اللسان، وما تجر اللسان من سيئات على الإنسان إذا استخدمها في المعاصي، ولذلك فإننا نؤاخذ بما تكلم به، وهناك ملائكة ترصد كل صغيرة وكبيرة؛ قال الله -عز وجل-: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[سورة ق:18]، وقد سأل معاذٌ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: دلّني على عمل يدخلني الجنة. قال -صلى الله عليه وسلم-: "أمسك عليك هذا"، وأشار إلى لسانه ثم قال: "ثكلتك أمك! وهل يكبّ الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"، وحصائد الألسنة: أي نتائج أقوالهم المحرمة من غيبة ونميمة، وسبّ وشتم ولعن، وغير ذلك؛ فالإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيراً من قول أو فعل حصد الكرامة؛ وهي الجنة، ومن زرع شراً من قول أو فعل حصد الندامة؛ وهي النار.
ومعصية القول باللسان يدخل فيها الكلام بأمور شركية تُخرِج الإنسانَ من دينه أو تنقص إيمانه، ويدخل في الكلام قول الزور وشهادة الزور وهي الشهادة الكاذبة، ويدخل في آفات اللسان معاصي الناس بالسحر والكذب والدجل، وكذلك القذف وهو اتهام المسلمين والمسلمات بالزنا أو اللواط كذبًا وزورًا، بالإضافة إلى الغيبة والنميمة.
وفي الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنّ الرجل يتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً في النار".
عباد الله: إن السلف الصالح خافوا من آفات اللسان؛ فكان أبو بكر -رضي الله عنه- يمسك لسانه ويقول: "هذا الذي أوردني الموارد".
وكان ابن عباس يأخذ بلسانه ويقول: "قل خيراً تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم".
عباد الله: إن آفات اللسان كثيرة منها:
الآفة الأولى: الكلام فيما لا يعني، وفي الحديث الصحيح: "مِن حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
الآفة الثانية: الخوض في الباطل وهو الكلام في المعاصي وإشاعة الفاحشة بين الناس بالترويج له أو التسلية أو غير ذلك؛ فإن هذا يدعو لفاحشة الزنا أو اللواط؛ قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النور:19].
الآفة الثالثة: السبّ والشتم واللعن لإخوانه المسلمين، سواء كان عائلته أو غيرهم؛ فإن من يعتاد النطق باللعن على أهله وأقاربه فإن هذا من كبائر الذنوب، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لعن المؤمن كقتله"، وقال -عليه الصلاة والسلام-: "ليس المؤمن بالطّعان ولا اللَّعَّان ولا الفاحش البذيء". وقد لعنت امرأةٌ ناقةً لها؛ فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأخذ ما عليها وتركها، وقال: "لا تصحبنا ناقة ملعونة".
وقد وجّهنا الشرع بأنه في حال حصول خلاف مع أحد أن ندفع بالتي هي أحسن؛ قال -تعالى-: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)[فصلت:34-35]، وهذا نهي عن استخدام الشتائم واللعن عند الخصومة، بل ادفع بالأفضل.
الآفة الرابعة: الاستهزاء بالناس، والسخرية منهم، وتتبُّع أخطاءهم وانتقاصهم، والضحك عليه قال -تعالى-: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)[سورة الهمزة:1]. وهذا وعيد لمن يستهزئ بالناس بالقول والفعل.
الآفة الخامسة: الغيبة، والغيبة منتشرة في بيوتنا، والغيبة من كبائر الذنوب، وهي أن تذكر أحدًا بسوء وهو غائب عنك في دينه أو شكله أو لباسه أو عائلته أو قبيلته أو غير ذلك. فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الغيبة ذِكرك أخاك بما يكره".
الآفة السادسة: النميمة، وهي من كبائر الذنوب، وهي نقل الكلام بما يفسد بين شخصين أو عائلتين أو أكثر من ذلك، وهو التحريش بين الأطراف حتى يحصل بينهم العداوة والبغضاء، سواء قصد ذلك أم لم يقصد، وهذا فيه وعيد شديد قال -تعالى-: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)[سورة القلم:11].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة نَمّام".
نسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا لحفظ ألسنتنا من السيئات والمعاصي إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله..
عباد الله: احفظوا ألسنتكم عن الآفات التي تجرّها إلى السيئات، واعلموا أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده؛ كما في صحيح مسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".
ومن كان واقعاً في شيء من آفات اللسان؛ فعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله -عز وجل-؛ لأن كلّ الآفات التي ذكرناها من الكبائر، وهي اللعن والغيبة والنميمة والسخرية بالمسلمين وإشاعة الفاحشة بين المسلمين وشهادة الزور، وإذا كان الكلام في الاستهزاء في الدين؛ فإنه يُخْرِج المسلمَ عن دينه، ويلزمه الرجوع للإسلام من جديد.
فعلى المسلم أن يُعوّد نفسه على ترك الغيبة أو النميمة أو اللعن أو أيّ شيء يقع فيه؛ فإذا تعوَّد المسلم على تركها أصبحت عادةً عنده، وأن يبتعد عن المجالس التي فيها شيء من ذلك، وإذا حصل شيء من ذلك يستغفر ويتوب إلى الله -عز وجل-.
وفّقنا الله لحفظ ألسنتنا من كل سوء، ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَيْنًا إلا قضيته، ولا عسرًا إلا يسَّرته، ولا مريضًا إلا شفيته.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.