الوتر
كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...
العربية
المؤلف | عبدالباري بن عواض الثبيتي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب |
التديّن ـ عبادَ الله ـ ليس مجموعةَ قيودٍ وأغلال تقضي على حريّة الإنسان كما يصوّره من لا يفقَه حقيقةَ الإسلام، إنّما هو سموٌّ بالنّفس، طهارةٌ للقلب، مكارِم أخلاق. إنّ التديُّن يجعل للحياةِ معنًى ساميًا وهدفًا عاليًا ونعيمًا لا يدانيه نعيمٌ إلاّ نعيم الجنّة.
أمّا بعد: فأوصيكم ونفسِي بتقوى الله، قال تعالى: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
مِن خصائِص الإنسانِ أنّه بفطرتِه يميل إلى التديُّن، فالتديُّن فِطرةٌ غرزَها الله في البَشر، وقد كانوا أوّلَ الأمرِ على التوحيدِ قبلَ أن تزيِّن لهم الشياطين عبادةَ الطّواغيت واتخاذَ الأصنام، فالدّين ضرورةٌ لحياةِ النّاس، والإسلام دينُ اللهِ الحقّ الذي رضيَه الله دينًا لعبادِه أجمعين. عقيدتُه واضحة، بعيدةٌ عن إغراقِ الوهم والجنوح الخياليّ وتحكُّم الأهواء، قال تعالى: (لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدّينُ الْقَيّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [الروم:30].
في الوقتِ الذي تتزايد فيه الانحرافات والجرائمُ والأمراض النفسيّة وتبرزُ مظاهر التطرّف والغلوّ تأتي النصوصُ الشرعيّة وتسندُها الدّراسات العلميّة والخبرات العمليّة لتؤكِّدَ أنّ الدينَ حصانةٌ للمجتمع والمتديّن أكثرُ سعادةً وأفضل صحّةً واستقرارًا في حياتِه.
إنَّ الفردَ حين يتديَّن ويتمسَّك بتعاليم دينِه يسمو فيثبُت ولا يتزعزَع طاعةً لله وطلبًا لمرضاته.
ومِن أبرز أمثلةِ التديُّن سلوكُ سحرةِ فرعونَ بعد التزامهم بدين الله، لمّا آمنوا بموسى ألقِيَ السحرةُ ساجدين، فقال لهم فرعون: (ءامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِى عَلَّمَكُمُ السّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ وَلأصَلّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قَالُواْ لاَ ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبّنَا مُنقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَـايَـانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء:49-51]. إنّهم لم يتركوا دينَهم الذي باشر قلوبَهم ورضُوا به، فاطمأنّت نفوسُهم إليه، وباعوا له الدنيا طمعًا في مغفرةِ الله وما عندَه وهو خيرٌ وأبقى.
وفي تاريخ أمّة محمّد صلى الله عليه وسلميظهر أثرُ التديُّن جلِيًّا في سلوك الأفراد، فقد فشا في المجتمعِ قبلَ الإسلام الخمرُ والميسر والظلمُ والنّهب والتناحُرُ والحروب، فلمّا جاء الدينُ طهَّر قلوبَهم وهذّب سلوكهم وضرَبوا أروعَ الأمثلة في تزكيةِ النفس والإيثار والكرَم وصلةِ الرحم ودفعِ الظلم ونُصرة الضَّعيف، حتّى إنّ أحدَهم ليقدّم نفسَه للقتل جزاءَ ذنبٍ اقترفَه ولم يكن يعلَم به بشر، هذا هو أثر التديُّن بالدّين الحقّ.
إنّ أيَّ حضارةٍ مِن الحضارات لن تجدَ هويّتها بين الأمم إذا كانت بلا معتقدٍ دينيّ، والذي يقرأ تأريخ الأممِ السابقة التي كانت بلا عقيدةٍ اندثرت حضارتُها في مدّةٍ قصيرة ولم تستطع البقاءَ، وتحوّلت بفضلِ التديُّن بدين الإسلام قبائلُ السّلب والنهبِ إلى دولةٍ ذات حضارة، يحكمها منهجٌ صالح لكلّ زمانٍ ومكان، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَـالِحًا مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيّبَةً) [النحل:97].
دينُ الإسلام قدّم للمؤمنين سكينةَ النّفس وطمأنينةَ القلب، حجَب عن المجتمع الانحرافَ والاضطراب والتمزّقَ والضّياع، هيّأ السَّعادةَ والحضارة الزاكيَة الحقّة، كما تُسلَبُ الطمأنينة ويضعُف الأمن في انتزاع الإنسان نفسَه من الدّين، فالدّين شفاءُ الصّدر وتِرياقٌ لأمراض القلَق والحَيرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاق طعمَ الإيمان من رضيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمّد رسولاً" أخرجه مسلم.
ومهمَا زادَت مخترعاتُ الحضارةِ والمترَفات الصناعيّة فسيبقى النّاس في حاجةٍ إلى الدّين والتديّن، الناسُ فقراءُ إلى خالقِهم وبارئهم، قال تعالى: (ياأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ) [فاطر:14]. قال أحدُ السّلف: "ليس الدّين بمجرّد تَرك المحرَّمات الظاهرةِ، بل بالقيام مع ذلك بالأوامر المحبوبةِ لله، وأكثر المتديِّنين لا يعبؤون منها إلاّ بما شاركهم فيها عمومُ النّاس، أمّا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر والنّصيحة لله ورسوله وعبادِه ونصرةُ الله ورسوله ودينه وكتابِه فهذه الواجباتُ لا تخطر ببالِهم، فضلاً عن أن يريدوا فعلَها، وفضلاً عن أن يفعَلوا، وأقلّ الناس دينًا وأمقتُهم إلى الله من تَرك هذه الواجباتِ وإن زهد في الدّنيا جميعِها، وقلّ أن ترَى منهم من يحمرّ وجهُه ويمعِّره لله ويغضَب لحرماتِه ويبذل النفيسَ في نصرةِ دينه، وأصحابُ الكبائر أحسنُ حالاً عند الله من هؤلاء" انتهى كلامه رحمه الله.
إخوةَ الإسلام، التديُّن يعني الاستقامة والطهرَ والعفاف وغضَّ البصر والبعدَ عن الفجور والخمور والمخدِّرات وأذيّة المؤمنين باللّسان واليد. التديُّن يمنَح صاحبَه عاطفة جيّاشةً تجعله نبعَ خيرٍ يتدفّق لتنميةِ المجتمع وتقويةِ أواصره. التديُّن يقذِف في قلب صاحبِه رقابةً ذاتيّة تجعله لبنةَ بناءٍ، يحرُس الفضيلة، يحافِظ على أمنِ المجتمع، يحميه من مجرمٍ رذيل أو فكرٍ دخيل. التديُّن له أثرٌ في السّلوك، يربِّي على الأوبَة الصادِقة والإنابة العاجلة، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـئِفٌ مّنَ الشَّيْطَـانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) [الأعراف:201].
أزلّ الشيطانُ آدم، وزيّن له الأكلَ من الشجرة، فعاد إلى ربِّه وصدَق في عهده، (فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة:37].
إنّ المتديّنَ ليس معصومًا، فهو كغيرِه من البَشر، قد يزلّ، وقد يغفل، فإذا تذكَّر تابَ وآب وأناب، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوبِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهّرِينَ) [البقرة:222].
التديّن ـ عبادَ الله ـ ليس مجموعةَ قيودٍ وأغلال تقضي على حريّة الإنسان كما يصوّره من لا يفقَه حقيقةَ الإسلام، إنّما هو سموٌّ بالنّفس، طهارةٌ للقلب، مكارِم أخلاق. إنّ التديُّن يجعل للحياةِ معنًى ساميًا وهدفًا عاليًا ونعيمًا لا يدانيه نعيمٌ إلاّ نعيم الجنّة.
لقد شوِّهت حقيقةُ التديُّن بممارساتِ تُجّار الدّين الذين جعلوا الدينَ شعارًا للابتزاز والتكسُّب، وهذا أصابَ الدينَ في الصّميم وصرفَ عن الدّين الحقّ، قال رجل من المسلمين لعالمٍ من التّابعين: كيف رأيتَ أصحابِي؟ قال: "أرى صلاةً كثيرة وصيامًا، ولكنّي لا أرى عليهم نورَ الإسلام"، وسأل رجلٌ الفضيلَ بن عياض: لِم كان كلام السّلف الصالح أنفعَ من كلامنا؟ قال: "لأنّهم تكلَّموا لعزِّ الإسلام ونجاةِ النفوس ورضا الرحمن، ونحن نتكلّم لعزِّ النفوس وطلب الدنيا ورضا الخلق"، حتّى الكلام دخلت عليه الصّناعة، قال عليّ بن الفضيل بن عياض رحمه الله : يا أبتِ، ما أحلى كلامَ أصحابِ محمد صلى الله عليه وسلم! قال: "يا بنيّ، أوَتَدري لِم حَلاَ؟" قال: لا يا أبت، قال: "لأنّهم أرادوا به اللهَ تبارك وتعالى".
يجِب أن تميّزَ الأمّة بين التديُّن الذي يمثِّل وسطيةَ الدين وبينَ المناهج والأفكار التي سلكت غيرَ سبيل المؤمنين كما تميّز بين الصّورة والحقيقةِ. هناك من يفهَم الدّين على أنّه مجرّدُ مظاهرَ وشكلياتٍ ومجموعة من الطّقوس، ويقيسون تديّنهم وتديُّنَ الآخرين بالحِفاظ على هذه الشّكليات، أمّا جوهرُ الدين وترجمته إلى سلوكٍ في الحياة فهذه أمورٌ لا تشغَل بالَ هؤلاء الذين جعلوا من الدّين جسدًا بلا روح ولفظًا بلا مضمون.
إنّ الدينَ الحقيقيّ لا يأبَه بالشّكليات، لا يعوِّل على المظهريّة، قال صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله لا ينظر إلى صورِكم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالِكم" أخرجه مسلم.
والتّقوى محلُّها الصّدر، وقد نظر عمر بن الخطاب إلى رجلٍ مُظهِرٍ للنّسك متماوتٍ، فضربه بدرّته قائلاً: "لا تُمِت علينا دينَنا" هذا التديُّن الصناعيّ الظاهريّ لا تنهضُ به حياةٌ ولا يرشُد به مجتَمَع.
لم تكن مهمّتُه صلى الله عليه وسلم أن يلتوَ على النّاس كتابَه فحسب، فإنّ رسالتَه يستحيل أن تتمَّ بجملةٍ من الأحكامِ والعلوم يشحن بها عقولَ السامعين، كما أنّ البشرَ لا يبلغون كمالَهم وصلاحَهم بالمعرفةِ المجرّدة، وإنّما بإقرار الفضائلِ وإطفاء الرّذائل وتربيةِ النفوس على الحقِّ والخير، وهذه تتطلّب جُهدًا ومجاهدةً وزمنًا.
شتّان ما بين تديُّن حقيقيٍّ وتديّن مظهريّ، قال صلى الله عليه وسلم:"إنّ الرجل ليعمل عملَ أهل الجنّة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإنّ الرجلَ ليعمل عملَ أهل النّار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنّة" متفق عليه. هذا الحديث يصِف ضروبًا من النّاس، تخالف ظواهرُ أحوالهم خفايا نفوسهم.
تلمحُ في أهلِ الدّنيا رجالاً تحسبُهم مغرقين في حبِّها، فإذا دقّقتَ النظرَ في طويّتهم سطعَت بحبِّ الله والشوق إلى لقائِه، وقد تلمَح في أهل الدّين رجالاً عليهم سِيما الصّالحين وإخباتُ المنيبين، فإذا رجعتَ الطّرفَ وجدتَ رغبةً في الحياة وحِرصًا على زُخرفها. إنّ هؤلاء وأولئك تناقِض ظواهرهم بواطنَهم.
إخوةَ الإسلام، يجِب أن يُغرَس التديُّن على علمٍ صحيح وفهمٍ سليم من القرآن الكريم والسنّة النبويّة لنقضيَ على المفاهيم المغلوطَة عن التديّن، خاصةَ من يزعم بلسانِ الحال أو المقال أنّ التديُّنَ عاملٌ رئيسيّ في بروز مظاهرِ الغلوّ والتطرّف. ألم يكن أنبياء الله ورسلُه في أعلى مقامات التديُّن؟! فهل نسِمُهم بالتطرّف والغلوّ أو نجعلهم سببًا في نشوئه؟! حاشا وكلا ومعاذَ الله، كبُرت كلمةً تخرج من أفواههم.
هناك فئامٌ ضلّوا الطريقَ وخرجوا عن المنهَج الوسط، هؤلاء لا يمثِّلون الأمّة وليسوا حجّةً عليها، وعلى هذا فإنّ الاصطيادَ في الماء العكِر من بعض الأقلام وتعميمَ الأحكام على كلّ مؤمنٍ تقيٍّ منكَرٌ من القول وزور. انتقاصُ العلماءِ وتشويهُ شخصيّة المتديِّن والغمز واللمزُ للهيئات الشرعيّة واللِّجان الدائمة ونسبةَ أيِّ سلوكٍ خاطئ إليها ينبِئ عن خلَلٍ في الفِكر وسوء الطويّة.
إنّ هذا العملَ الذي يسخَرُ من الإسلام ويشوّه أهلَه والممتثِلين هديَه أنشأَ أجيالاً تشكر غيرَ المسلمين وتحترمهم، وتهاجِم الإسلامَ وتحتقر أهلَه. الذين يربطون أيَّ سلوكٍ منحرفٍ بالتديّن يقلِبون المفاهيم، ويزوِّرون الحقائق، ويضلّون الأمّةَ، ويرتكبون جرمًا في حقّ الإسلام وأهلِه. ونحن أمامَ جِيل جديدٍ يتطلّب الحالُ تقويةَ صلتِه بالدّين واعتزازه بالإسلام؛ لنضمنَ له قوةً وبقاء، وللمجتمع سلامًا وأمانًا.
قال: (فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [ص:82، 83].
بارك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله على إحسانِه، والشّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانِه.
أمّا بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوَى الله.
إنّ الدينَ هو العلاج الناجعُ لمشكلاتِ الأمّة بجميع ضروبِها، قال تعالى: (وَأَنَّ هَـذَا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذالِكُمْ وَصَّـاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153].
لقد دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلامِ دينًا قِيمًا ملَّةَ إبراهيمَ حنيفًا، وما دام هذا الصراطُ مستقيمًا فإنّه لا يضلّ سالكه ولا يُهدى تاركه، إذ ليس بعد الحق إلا الضلال، وليس أمامَ تاركِ النّور إلاّ الظّلمات، (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) [يونس:32].
إنّ أعظمَ مهمّةٍ في هذا العصرِ تغذيةُ منابع التديُّن، وترسيخُ العقيدةِ والمنهَج الوسَط، فالشبابُ بلا عقيدةٍ لا تطيب لهم حياةٌ ولا تستقيم أمورُهم، بل يجترِفهم التيّار أينما سار، فهو مرّةً متشدِّدٌ، وتارةً متردِّد، وطورًا متبدِّد، قليلُ الخيرِ لنفسِه ولمجتمعِه، قال تعالى: (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَـاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا) [الأنعام:122].
ألا وصلّوا ـ عبادَ الله ـ على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلّم على عبدِك ورسولك محمّد، وارضَ اللهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين...